إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / إعداد الدولة للدفاع (الأُسُس والمفاهيم)





التنسيق بين الوزارات
التعبئة والحشد والانتشار




إعداد الدولة للدفاع

المبحث الثالث

إدارة السياسة الخارجية لصالح الدفاع عن الدولة

تُعرَّفْ السياسة على أنها "النشاط الاجتماعي، المدعوم بالقوة، المستندة إلى مفهوم ما للحق أو للعدالة، لضمان الأمن الخارجي، والسِلّمْ الاجتماعي الداخلي، للوحدة السياسية". أي أن السياسة، كنشاط إنساني، هي علاقة مع آخرين "نشاط اجتماعي"، وأنه يلزم دعمها بقوة ما. قد تكون قوة السلطة، أو النفوذ، أو المال، أو العقيدة، أو القوة المطلقة (القوة البدنية قديماً والعسكرية حديثاً)، أو قوة الفكر أحياناً. والدعم بالقوة مطلب أساسي، حتى تكون لتلك السياسة مصداقية مؤثرة، أي إن الآخرين يثقون في تنفيذها، بسبب ما تستند إليه من تلك القوى. ويشير التعريف إلى أن السياسة تستند، كذلك، إلى الحق أو العدالة بمفهوم ما (أي أن للسياسية أن تشكل مفهوم الحق والعدالة، بمنظورها الخاص). وعلى ذلك، يكون الهدف من تلك السياسة القوية ذات المفهوم الخاص، ضمان الأمن الخارجي والسلام الاجتماعي (الأمن الداخلي)، للوحدة السياسية "الدولة".

ويتصل بذلك، ما تحدده المفاهيم السياسية، مع أن السياسة "تُعني بدراسة الأفكار وتوضح المفاهيم، وتحدد الغايات والوسائل، والخيارات، ومقارنة البدائل، لذلك فهي تؤثر بشكل مباشر، أو غير مباشر، في اختيار أفضل البدائل، والحكم عليها (القرار)". وتصبح السياسة، من هذا المنطلق، هي السلسلة المتكاملة لصناعة واتخاذ القرار، لتحقيق هدفها (أي الهدف الذي سبق أن حددته السياسة) والذي يكون القصد منه، تحقيق الأمن خارجياً، وداخلياً.

وتُعَدّ إدارة السياسة الخارجية (وهي شق أساسي في السياسة)، أحد مشتملات إعداد الدولة للدفاع. ويكون ذلك بالإعداد السياسي، لتحقيق الهدف من الدفاع عن الدولة. وتصبح السياسة، بذلك، سابقة لإعداد الدولة للدفاع، بتحديدها للأهداف السياسية، ثم متضمنة لها، بما تتخذه من تدابير سياسية لتحقيق الهدف منها. وهي في مجال إعداد الدولة للدفاع، تتحول إلى أداة مساندة للإعداد العسكري والإعداد الاقتصادي، وهما من القوى التي تدعم السياسة في علاقات المجتمع بالآخرين (خارجياً)، أو بين أفراده (داخلياً). وهو تداخل شديد، يوضح مدى العلاقة الوثيقة، بين تلك العناصر الأساسية الثلاثة (سياسية واجتماعية وعسكرية) وتأثرها بعضها ببعض.

أولاً: أُسس إدارة السياسة الخارجية

تعتمد القيادة السياسية، في تحديدها لشكل سياستها الخارجية لصالح الدفاع عن الدولة، على الأسس التالية:

1. الأهداف والمصالح القومية للدولة، وإستراتيجيتها.

2. الارتباطات والاتفاقيات، السابق عقدها مع دول أخرى.

3. القدرات الذاتية، والمستوى العلمي والتقني للدولة.

4. الموقف الدولي، وتأثيره على الموقف المحلي.

5. الموقف الإقليمي، وتأثيره على الموقف المحلي.

تقود الدراسة الواعية والعميقة، لأسس الإعداد السياسي، إلى التنبؤ السليم والدقيق، بالأوضاع السياسية، والعلاقات بين القوى السياسية في العالم، التي ستسود في الحقبة المقبلة. ومن هذا التنبؤ يمكن تحديد الخيارات المناسبة للإعداد السياسي، والأدوات التي تصلح لكل منها وترتيبها في أولويات حسب أفضليتها، لتكون دليلاً للقيادة السياسية في اختيار أفضلها كقرار. وهذا هو منهج الإعداد السياسي لكسب الرأي العام العالمي، والإقليمي، لصالح الدولة من جهة، وحرمان العدو من التأييد العالمي له من جهة أخرى، إلى جانب التصدي لتحركات العدو السياسية.

    وتشتمل إدارة السياسة الخارجية، لصالح الدفاع عن الدولة، على عدة إجراءات (سياسية)، لدعم قوى الدفاع في الدولة، وهي:

1. عقد اتفاقيات (سياسية، وعسكرية، واقتصادية) مع الدول والمنظمات الأجنبية، لدعم الدولة في حالة الحرب.

2. كسب تأييد مجموعات الدول، باختلاف توجهاتها، لصالح قضايا الدولة، خاصة المتعلقة بالدفاع عن كيانها ومكاسبها.

3. ضمان حياد دولة (مجموعة دول)، خلال إدارة الصراع مع العدو.

4. الإعداد لكسب الرأي العام العالمي، سياسياً وأيديولوجياً، لصالح الدولة، وقضاياها الدفاعية.

5. إضعاف قدرات العدو، الاقتصادية والعسكرية.

6. إضعاف الموقف السياسية للعدو، عالمياً وإقليمياً.

7. الإجراءات السياسية المضادة للتحرك السياسي للعدو.

ثانياً: أدوات السياسة الخارجية

تستخدم السياسة الخارجية عدة أدوات، تنفذ بها الإجراءات التي اختارتها القيادة السياسية، واستقرت على أهميتها ومناسباتها للعمل السياسي، والنتائج المرجوة منه. وأهم هذه الأدوات:

1. البعثات الدبلوماسية

تُعد الأداة الرئيسية، والأكثر تخصصاً عن غيرها من الأدوات، لتنفيذ السياسة الخارجية في وقت السلم، وأثناء الإعداد للدفاع، وخلال إدارة الصراع. وتتولى هذه الأداة، من خلال الممثلين الدبلوماسيين للدولة في شتى أنحاء العالم، توضيح الأهداف المشروعة للدفاع، التي ترتكز عليها سياسة الدولة، وحقها في القضايا المطروحة، والأسباب الداعية لإدارتها للصراع (وتصعيده حسب الموقف) ضد أعدائها.

2. أجهزة جمع المعلومات

من الأدوات المساعدة المهمة، والضرورية، حيث توفر للقيادة السياسية، والقيادات التخصصية، قدراً من المعلومات، التي تمكنهم، من التقدير السليم للموقف، بكافة جوانبه السياسية، والاقتصادية، والعسكرية. وتُعد أجهزة الاستخبارات الشكل الرئيسي لها، بإمكانياتها وخبراتها في جمع المعلومات، وتأكيدها من مصادر مختلفة، وهي تؤدي أعمالها، عادة، بشكل غير علني.

3. الإعلام والدعاية

تُنسق القيادات السياسية، بين السياسة الخارجية والسياسية والإعلامية، بما يضمن توضيح وجهات النظر في القضايا المطروحة، والتصدي للدعاية المضادة. وكل ذلك، يهيئ الرأي العام العالمي لتقبل سياسة الدولة وتأييدها (كسب الرأي العام)، أو الوقوف ـ على الأقل ـ على الحياد في صراعها الدائر مع العدو.

4. العلاقات الاقتصادية

تستغل السياسة الخارجية، العلاقات الاقتصادية للدولة، في تحقيق أهدافها للإعداد السياسي. وقد تقترح مزيداً من العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى، أو توثيق الروابط القائمة فعلاً. وتُعد المساعدات الاقتصادية والفنية، والقروض ذات الشروط المعتدلة، والتبادل التجاري، من الصور الاقتصادية الأكثر استخداماً في مجال العلاقات الاقتصادية. والدولة بذلك تضغط على القرار السياسي، لتلك الدول لتؤثر عليه لصالح القضية التي تُدافع عنها. وقد تستخدم العلاقات الاقتصادية بالترغيب في تنميتها، مقابل نمو العلاقة السياسية في الاتجاه المطلوب (التأييد السياسي أو الحياد والبعد عن الدول المعادية). وقد تتخذ شكل الترهيب لإخضاع الإرادة السياسية والحصول على التأييد المطلوب.

5. الأعمال العسكرية

قد تلجأ السياسة الخارجية، إلى القوة العسكرية، أحياناً، لممارسة ضغط قوي على الدول الأخرى، للحصول على التأييد السياسي أو الحياد. وهي غالباً ما تكون دولاً مجاورة أو قريبة، مما يسّهل التعامل معها عسكرياً. ويعتبر العمل العسكري دائماً، أحد أدوات السياسة، التي يُلجأ إليها عندما تفشل الأدوات الأخرى. ويشترط العمل العسكري ضمان السيطرة على الموقف، والوصول للنتائج المطلوبة، وإلا انعكست الآية، وأدى استخدام القوة لعكس النتيجة المطلوبة، وهو ما يُحدث كثيراً، عندما يكون تقدير نتائج استخدام القوة المسلحة مبني على أسس ودراسات علمية محسوبة، بينما تكون الدولة الموجه ضدها العمل العسكري، في الغالب، دولة صغيرة (أو من دول العالم الثالث)، التي تكون ردود فعلها، في الغالب، غير مبنية على أي أسس علمية، وإنما خاضعة لرؤى القيادة السياسية المنحصرة في شخص رئيس الدولة فقط، أو عدد قليل من المقربين.

ثالثاً: أسلوب تنفيذ الإعداد السياسي

ينفذ الإعداد السياسي، بواسطة العمل الدبلوماسي، بأساليب متعددة، ذات هدف واحد، هو إيضاح مفهوم الدولة للقضية المثارة، وكسب التأييد لما تتخذه من إجراءات لإدارة الصراع ضد الأعداء، سواء كان ذلك بوسائل سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، أو بها جميعاً لما يمليه الموقف من تصاعد. وأهم هذه الأساليب هي:

1. الخطب السياسية لرئيس الدولة، وكبار المسؤولين بها.

2. تصريحات كبار المسؤولين في الدولة، للصحف وأجهزة الإعلام.

3. كلمة الوفود الرسمية في المحافل الدولية والإقليمية.

4. الزيارات الرسمية والمقابلات الشخصية، لرؤساء الدول.

5. المندوبون الشخصيون للرؤساء (الجوالون)، لشرح القضية المطروحة.

6. جلسات العمل، على هامش المؤتمرات الدولية والإقليمية، لرؤساء الدول، وكبار المسؤولين، ورؤساء الوفود.

7. الندوات السياسية والقانونية، والمناظرات مع مؤيدي الرأي الآخر (شرط الإعداد الجيد لها).

    ونجد ثلاثة أمثلة، في التاريخ المعاصر، على نجاح الإعداد السياسي للدولة للدفاع، في تحقيق أهدافه، وهي أمثلة إقليمية. فالمثال الأول من حرب أكتوبر 1973، حيث حققت السياسة الخارجية المصرية نجاحاً باهراً، في إعدادها لتلك الحرب. والمثال الثاني كان نجاح السياسة الخارجية السعودية في حرب الخليج الثانية. أما المثال الثالث فهو لدولة عظمى، هي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أدارت السياسة الخارجية لصالح الإعداد لحرب الخليج الثانية، واستمرت في استخدام الأدوات السياسية بنجاح خلال الحرب وما بعدها، لتحقق الهدف وتحافظ على المكاسب.

رابعاً: الإعداد السياسي المصري لحرب أكتوبر 1973

عندما تولى الرئيس المصري محمد أنور السادات، مسؤولية رئاسة الدولة، بعد انتخابه في 15 أكتوبر 1970، خلفاً للرئيس جمال عبدالناصر، كان أمامه معضلات سياسية عديدة. فقد كانت الدولة في حالة حرب منذ أكثر من ثلاث سنوات، عقب الهزيمة غير المتوقعة، في 5 يونيه 1967، وكانت مصر قد خرجت للتو من حرب أخرى، هي حرب الاستنزاف، التي توقفت في 8 أغسطس 1970، بعد قبول جمال عبدالناصر مبادرة وزير الخارجية الأمريكي وليم روجرز، أي منذ أقل من شهرين من تولي السادات الحكم، ولم تثمر المبادرة عن شيء أكثر من ذلك[1]. كل هذه العوامل وضعت السادات في مأزق واختبار حقيقي، أمام شعبه وأعدائه وحلفائه دفعة واحدة.

كان تقدير الرئيس السادات للموقف، أن كل المعضلات سياسية بالدرجة الأولى، داخلية كانت أم خارجية؛ وأنها جميعاً تصب في إناء واحد، وهو القوات المسلحة، بمعنى أنها (أي القوات المسلحة) هي المتأثر الأول أو المباشر، بما يجري في كل ميادين السياسة وأزقتها. لذلك، كان حرص الرئيس السادات على أن يهيئ للقوات المسلحة المصرية، التي كانت تستعد لخوض معركة آتية لا ريب فيها، تستعيد بها الأرض والشرف والثقة معاً، ثلاث لوازم حيوية، هي في حاجة لها: "سلاح أكثر تقدماً، وتدريب أكثر كفاءة"، وأرضية سياسية في الداخل والخارج أكثر تقبلاً للتضحيات، وأوسع كرماً في المساعدات".

كان العامل الحيوي الثالث، اللازم للقوات المسلحة، والتي يجري إعدادها تسليحاً وتدريباً (وهما العاملان الأوليان)، هو الإعداد السياسي. وقد قُدّر أن هذا الإعداد لا بد أن يغطي الشقين معاً: الداخلي والخارجي، وأن الشق الخارجي لا بد أن يشمل الجبهات المؤثرة كلها، وهي:

1. الجبهة الإسرائيلية، حيث يقف العدو الإسرائيلي، في كبرياء وغرور، على الضفة الشرقية لقناة السويس، منتظراً تداعي الأحداث على الساحة المصرية، ومقدراً، بعد رحيل جمال عبدالناصر، أن هذه الجبهة أصبحت المرشحة الأولى، للنفاذ خلالها بعد أن كانت مستعصية. وسبب ذلك في تقدير إسرائيل، يعود إلى قصور الإدارة السياسية الجديدة، عن اتخاذ قرار بالقتال، أو إدارة معركة شاملة. وكانت السياسة المصرية، حريصة على بقاء الرؤيا الإسرائيلية على ما تظنه، حتى تحين الساعة لتكتشف وهم تصورها وعكس تقديرها. وهو ما كان بالفعل.

2. الجبهة السوفيتية، وقد كان الاتحاد السوفيتي، المورد الوحيد للأسلحة الرئيسية للقوات المسلحة المصرية، والمؤيد لمصر في السياسة الدولية. إلاّ أن قياداته السياسية كانت تحاذر من مغبة مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، المساندة لإسرائيل. لذلك، كانت القيادة السوفيتية حذرة من أن يوحي سلاحها للمصريين بالثقة الزائدة، فيبادروا إلى الحرب، للخلاص من الموقف الذي طال على جانبي القناة. كما كان من المهم أن يظل التأييد السوفييتي السياسي للقضية المصرية، في المحافل الدولية إيجابياً، ومن ورائهم دول أوروبا الشيوعية، والأنظمة الشمولية في العالم. وقد استطاعت السياسة المصرية الحفاظ على ذلك القدر من التأييد السياسي. كما استطاعت الحصول على الأسلحة للقوات المصرية، بالقدر الذي أتاح لها معركة ناجحة بعد ذلك، على الرغم من حادثة استبعاد الخبراء السوفيت من مصر في 17 يوليه 1972، (وكان قد بلغ عددهم 17 ألف خبير عسكري) مع بدء التخطيط للعمليات القتالية.

3. الجبهة الأمريكية، وهي انحياز تام إلى إسرائيل، كسياسة ثابتة منذ نشأة الدولة اليهودية. وقد كانت هذه السياسة أكثر ظهوراً وفاعلية في حرب يونيه 1967، وما تلاها، حين تبنت السياسة الأمريكية، المطالب الإسرائيلية، وتمكنت من إحباط كل الجهود الدولية خارج الأمم المتحدة، أو داخلها لحل مشكلة الشرق الأوسط. وقد أدخلت الإدارة الأمريكية الجديدة، بتولي ريتشارد نيكسون السلطة في يناير 1969، مشكلة الشرق الأوسط، والصراع العربي/ الإسرائيلي، في ملف السباق بين القوى العظمى على الاستئثار بالنفوذ. وأصبحت الحلول كلها مجمدة في وعاء سياسة الوفاق الدولي، التي يجري خلالها تبادل الصفقات السياسية، على أسس من المصالح والأمن، وليدفع الآخرون الثمن. وقد استطاعت السياسة المصرية، أن تجذب انتباه الإدارة الأمريكية، وتفتح معها حواراً لم يكن موجوداً من قبل، باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر قدرة على إيجاد الحل النهائي، فحتى الانتصار في الحرب، لم يكن ليعطي سوى انفراجاً مرحلياً. وكان ذلك نجاحاً للإعداد السياسي الذي وضع تصوراً صحيحاً للمتطلبات السياسية أثناء القتال وبعده.

4. الجبهة العربية، وهي وإن كانت متماسكة ظاهراً، إلا أنها مليئة بالتناقضات باطناً. وكان الأمل معقوداً على إنشاء جبهة متماسكة في الشرق العربي الآسيوي، وأخرى في الغرب العربي الأفريقي، وأن تتعاون الجبهتان فيما بينهما، بدعم وتأييد من القوى العربية المؤثرة. وكان على السياسة المصرية، أن تعد الجبهة العربية سياسياً، وتنسّق جهودها ونشاطها لصالح الإعداد للحرب المقبلة. وقد نجحت في ذلك نجاحاً باهراً، مؤيداً من القوى العربية من أقصى الشرق العربي حيث العراق، إلى أطراف الغرب العربي، حيث المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية. وفي جنوب الوطن العربي كانت المملكة العربية السعودية، ممثلة في ملكها فيصل بن عبدالعزيز، طرفاً رئيسياً في لم الشمل وتوحيد الكلمة إزاء معركة المصير. وبذلك كانت القوى العربية المؤثرة، تقف خلف مصر وسورية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لدعمهما ومساندتهما، وهي النتيجة المطلوبة من الإعداد السياسي.

5. الجبهة الأفريقية، وهي جبهة مهمة جداً للسياسة المصرية، لمكانة مصر الرائدة في القارة، ولزيادة النشاط الإسرائيلي في أفريقيا في الآونة الأخيرة، خاصة بعد هزيمة مصر في يونيه 1967. وكان على السياسة المصرية أن تسعى إلى كسب التأييد السياسي الأفريقي، وهو قوة لا يستهان بها، لكثافته العددية، وأهميته الاقتصادية، في المجتمع الدولي. كما كان عليها في الوقت نفسه، أن تصفع السياسة الإسرائيلية في القارة الأفريقية صفعة قوية، آن وقتها، لتحرم العدو الإسرائيلي من موارد مهمة كان يستند إليها في القارة، اقتصادياً وسياسياً، مما يضعف مخططاته. وكان نجاح السياسة المصرية في تلك الجبهة مبهراً، فقد نتج عن الجهود السياسية المصرية، التي استخدمت كل الأدوات المتاحة، تأييد يرقى لمصاف الإجماع، بقطع كل الدول الأفريقية علاقتها السياسية مع إسرائيل[2]  قبل بدء الحرب في 6 أكتوبر 1973.

6. المنظمات الإقليمية، وهي جبهات مؤيدة لمصر أصلاً، لأن مصر، دولة مؤسِسَة في هذه المنظمات، وذات عضوية فعالة فيها. وهذه المنظمات هي: حركة عدم الانحياز (111 دولة)، ومنظمة المؤتمر الإسلامي (47 دولة)، إضافة إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الأفريقية. وكانت السياسية المصرية تهدف إلى، تأكيد وزيادة فاعلية تأييد هذه المنظمات للقضية المصرية، ومحاولة التأثير على علاقة إسرائيل بالدول الأعضاء في تلك المنظمات. وقد أيدت غالبية الدول وجهة النظر المصرية، وقطعت بعض الدول، الأعضاء في حركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي، علاقاتها مع إسرائيل، أو حدت من نشاطها التجاري معها، تضامناً مع مصر، وانضمت إلى الدول العربية والأفريقية، ليصبح تجمعاً ضخماً، وفعّالاً.

7. المنظمة الدولية، وهي المنظمة الأكثر أهمية في النهاية، حيث تتجمع فيها كل الجبهات السابقة. وكانت إسرائيل تسعى دائماً لكسب الأصوات فيها، وتتعاون مع الدول الغربية الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا) باستخدام حق الاعتراض (Veto)، على القرارات التي تجد أنها ستدينها. وكانت أهمية المنظمة الدولية، في صدور قرارها الرقم 242 عقب حرب يونيه 1967، الذي كانت مصر تحاول تنفيذه، بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة. وتكمن أهمية المنظمة، في تأييد دولها الأعضاء لما سيعرض عليهم من مشروعات لإيقاف إطلاق النار، أو إدانة، أو غيرهما من المشروعات لقرارات الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة، التي لا يسيطر عليها أصحاب حق الاعتراض. كانت مصر، وعدة دول أخرى من الدول المؤسسة للمنظمة الدولية عقب الحرب العالمية الثانية، قد لاحظوا سيطرة الدول الكبرى والعظمى على أعمال المنظمة وقراراتها. فاتفقوا على تجميع أصواتهم، حتى يمكنهم الحصول على قرارات منصفة لهم. وعُرف هذا التجمع (الذي ظهر اعتباراً من عام 1967) باسم مجموعة الـ77، نسبة إلى 77 دولة أفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية أعضاء فيها، وتزايد العدد فيما بعد، بتزايد أعضاء المنظمة من الدول الصغرى حتى وصل، وقت الإعداد السياسي لحرب أكتوبر 73 إلى 128 دولة. وقد نجحت السياسة المصرية في الحصول على تأييد معظم تلك الدول.

خامساً: الإعداد السياسي السعودي، في حرب الخليج الثانية

المملكة العربية السعودية، إحدى القوى الإقليمية الكبرى، في المنطقة العربية عامة والخليج خاصة، منذ قيام الدولة السعودية الثالثة في بداية القرن العشرين. وسبب ذلك ما تتمتع به من موارد طبيعية، ونفوذ سياسي وديني، إضافة إلى القوة العسكرية، التي أنشأتها وطورتها في العقود الأخيرة من القرن.

    مع بداية حرب الخليج الأولى (80 - 1988) بين العراق وإيران، تكوّن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي ضم 6 دول، على رأسها المملكة العربية السعودية. وأصبحت السياسة السعودية المعبرة عن دول المجلس الست، منذ ذلك الحين، والدائمة التنسيق فيما بينها، في كافة الأحداث العالمية والإقليمية، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن الوطني والدفاع، وهي من الأهداف الرئيسية للمجلس.

وعلى الرغم من نجاح العراق، في الخروج من حربه مع إيران، التي دامت ثمان سنوات، منتصراً ظاهرياً، إلاّ أن تلك الحرب أثقلت على اقتصاده، والذي أصبح يعاني من ضخامة الديون وخدمتها (الفوائد المترتبة على القروض)، فضلاً عن توقف معظم مشروعات التنمية خلال فترة الحرب الطويلة، واحتياج الدولة إلى إعادة إعمارها، ويتطلب ذلك ميزانية ضخمة لا تتحملها الموارد النفطية للدولة، وهي المورد الرئيسي لها.

    كذلك، احتفظ العراق بعد الحرب بقواته المسلحة، التي تنامت خلال سنوات الحرب من 180 ألف جندي، إلى أكثر من مليون مقاتل تحت السلاح بصفة دائمة (قوات نظامية)، وهي قوات ذات خبرة قتالية عالية[3]. ويفرض ذلك الموقف، إعادة التسليح وتطوير الأسلحة القديمة، وهو ما يزيد من إرهاق ميزانية الدولة إلى حد الاختناق، فالعجز فالسقوط في دوامة القروض حتى الإفلاس.

منذ مارس 1990، بدأت تظهر، اللهجة العدائية للرئيس العراقي تجاه دول الخليج العربي، وهجومه المستمر على الوجود الأمريكي في الخليج، ثم حديثه عن المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية، وتورط دول الخليج العربية فيها. وعزت الدوائر السياسية الخليجية والسعودية، تلك الظاهرة، إلى الأزمة الاقتصادية العراقية، وهو ما تأكد عندما بدأ حكام وساسة العراق، مع بداية صيف عام 1990، في التلميح بإسقاط الديون العراقية من قِبَل دول مجلس التعاون الخليجي (وكانت المملكة العربية السعودية، قد تنازلت عن ديون العراق تجاهها والتي قدرت بحوالي 25 مليار دولار، خلال زيارة الملك فهد لبغداد في إبريل 1990، بينما رفضت الكويت التسامح في مالها لدى العراق من الديون، التي بلغت عشرة مليارات من الدولارات).

وخلال قمة بغداد في 28 مايو 1990[4] فوجئ الرؤساء العرب (21 رئيس دولة) بهجوم الرئيس العراقي (في جلسة سرية اقتصرت على الرؤساء فقط بناء على طلب العراق) على دول الخليج العربية، واتهامه لهم بأنهم يخوضون حرباً اقتصادية ضد العراق، باستخراجهم نفطاً أكثر من الحصة التي حددتها لهم الأوبك، وقد حاول الملك فهد احتواء الموقف؛ إلا أن الرئيس العراقي حصر تهديداته في دولتي الإمارات العربية والكويت، التي قال إنها تسحب من حقل نفط الرميلة كميات كبيرة، بما يضر بالعراق لكون هذا الحقل مشترك بينهما (على الحدود بين الدولتين). وطالب في النهاية بإسقاط 30 مليار دولار، هي ديون الدول العربية الخليجية المستحقة على العراق، وكذلك طالبهم أن يدفعوا له 10 مليار دولار فوراً، وانتهى الاجتماع من دون التوصل لأي نتيجة[5].

قابل الملك فهد، رئيس الوزراء العراقي سعدون حمادي، في الرياض في 25 يونيه 1990، إثر جولة قام بها رئيس الوزراء في دول الخليج. ووافق الملك فهد على المطالب العراقية، بتخفيض حصص إنتاج النفط لدول الخليج حتى يرتفع سعره. إلاّ أنه أوضح عدم فائدة الاستعجال في عقد مؤتمر طارئ للأوابك (المنظمة العربية للدول المصدرة للنفط)، لأن وزراء النفط العرب سيجتمعون بعد شهر، ويمكنهم في ذلك الاجتماع طرح القضية ومناقشتها. ولكن هذا الرأي لم يرق للعراقيين.

بدأ العراق في حشد قواته على الحدود الكويتية في 17 يوليه 1990، بعد خطاب الرئيس العراقي في ذكرى الثورة العراقية، الذي ندد فيه بالدول الخليجية وتوعدها باستعادة حقوق العراق، ووضح أنه يقصد استخدام القوة العسكرية.

    عرضت المملكة العربية السعودية، عقد مؤتمر بين قادة الدولتين في جدة، لتسوية الخلاف بالمفاوضات المباشرة، ووافق الطرفان. وعقد المؤتمر في 31 يوليه بين ولي العهد الكويتي، ونائب الرئيس العراقي في حزب البعث. وقد حاول السعوديون إزالة التوتر قبل بدء التفاوض، وتركا الوفدين معاً إلاّ أن الجلسة، لم تستمر طويلاً، بسبب الخلافات التي نشبت، والحدة التي استخدمها الطرفان، وتبادل التهم والشكوك، وفشلت المفاوضات، التي انتهت في اليوم التالي (أول أغسطس)، على الرغم من محاولة الملك فهد تقريب وجهات النظر، حتى أنه عرض أن تُكمل المملكة العربية السعودية مبلغ مليار دولار، كان ولي عهد الكويت قد أسقطه من المطلب العراقي وهو 10 مليار دولار، بموافقته على منح العراق 9 مليار دولار فقط، في شكل قرض جديد. وغادر الوفدان جدة إلى بلديهما، من دون أن يتفقا على التفاصيل، بل من دون أن يصدرا بياناً مشتركاً أو حتى يودعوا مضيفيهم السعوديون. وقد استيقظ العالم فجر اليوم الثاني من أغسطس 1990 على اجتياح القوات العراقية للكويت.

    كان أمام السياسة السعودية تحدٍ جديد. فبعد أن فشلت محاولات ولاه الأمر السعوديون في تهدئة النفوس، وتهيئة الفرصة لمفاوضات مباشرة مثمرة بين طرفي الخلاف، كان عليهم السعيّ لمواجهة الخطر الجديد، بعد أن أصبح الجيش العراقي على حدودهم مباشرة، في حشود كبيرة، وأمير الكويت وأسرته ووزرائه لاجئون لديهم.

    صدرت بيانات عديدة من معظم دول العالم، تدين العدوان العراقي، وتشجبه كافة المنظمات الدولية والإقليمية، وطالب العالم كله بانسحاب القوات العراقية من الأراضي الكويتية. إلاّ أن الصلف العراقي استمر في تكريس الاحتلال، وبدأ في الإعداد للدفاع عما استولى عليه من أراضٍ، وتهديد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وبدا أن هناك معركة قادمة لتحرير الكويت، قبل أن تغزو الجيوش العراقية المملكة العربية السعودية، وهو ما يتطلب إعداد الدولة.

    بينما كانت القوات العربية والإسلامية والأجنبية، تتوافد على أرض المملكة[6] في أكبر حشد عرفه التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية، كان السعوديون يهيئون المسرح سياسياً للأحداث المقبلة، ويتأهبون لمواجهتها.

وعلى الرغم من أن الجهود السعودية السياسية، لاحتواء الأزمة، وتجنب تصعيدها، لم تكلل بالنجاح، كما كان يرتجى بسبب العناد العراقي (الذي كان قد أتخذ قرار الحرب مسبقاً)، فإن المملكة العربية السعودية لم تصدر أي بيان لإدانة الغزو (منفردة)، وعملت على عدم حدوث توتر في العلاقة بينها وبين العراق، استعداداً لدورها السياسي من جانب، وكسباً للوقت حتى تستكمل إعداد الدولة للدفاع سياسياً.

    أُستقبل نائب الرئيس العراقي ـ عزة إبراهيم ـ في المملكة العربية السعودية، في اليوم التالي للغزو مباشرة (3 أغسطس)، في إطار سياسية المملكة الرامية لعدم خلق ما يؤدي إلى توتر بينها وبين العراق في تلك الفترة. وفي الوقت نفسه عقد مجلس الوزراء السعودي، جلسة مطولة لدراسة الموقف الناشئ عن الغزو العراقي للكويت، وأيد الجهود التي يبذلها الملك فهد. كذلك، فإن أعضاء المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، والذين كانوا في هذا اليوم (3 أغسطس) في القاهرة، لحضور اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية لبحث الموقف نفسه، اجتمعوا على هامش الاجتماع، وأصدروا بياناً جماعياً، قادته المملكة والكويت، ركز على عدم الاعتراف بأي نتائج للعدوان العراقي، وطالبوا بالانسحاب الفوري غير المشروط، في أول مبادرة جماعية، وطالبوا جامعة الدول العربية باتخاذ موقف موحد إزاء الغزو العراقي للكويت.

وكان ذلك الموقف من المملكة العربية السعودية، بمثابة إعلان عن سلوكها كافة الطرق، في وقت واحد. فهي تحافظ على علاقتها بالعراق، مع أنه معتد ويهدد أمنها، كما تصر على الحفاظ على حقوق دولة الكويت.

    ومن المنطلق نفسه، نفت المملكة في السادس من أغسطس الأنباء، التي رددتها بعض وكالات الأنباء، عن إعلان المملكة التعبئة العامة لقواتها، وإرسال بعضها إلى الحدود الشمالية. وفي ذلك اليوم وصل وزير الدفاع الأمريكي إلى جدة، بينما أعلن الرئيس الأمريكي بوش إرسال قوات أمريكية إلى الخليج. وأصدر الملك فهد بياناً إلى الشعب السعودي، يعلن فيه استياء المملكة ورفضها للاعتداء العراقي على دولة عربية شقيقة، وأن الدول الصديقة والشقيقة ستشارك بقواتها لمساندة القوات السعودية في الدفاع عن المملكة، من دون أن تكون تلك المساندة، موجهة ضد أحد.

    واصل الوزراء السعوديون جهودهم، في الالتقاء بنظرائهم الخليجيين تارة والعرب تارة، وفي سعيهم في المحيط الإقليمي الخليجي والعربي، وفي أروقة المنظمات الدولية، والأوبك، والأمم المتحدة، لشرح القضية من كافة جوانبها، وكسب تأييد الدول المختلفة، لتكوين جبهة سياسية عريضة وقوية، تساند المملكة وتؤيدها عند الحاجة.

    وعلى صعيد آخر، نجحت المملكة في الحصول على تأييد مؤتمر القمة العربي الطارئ، المنعقد في القاهرة في 10 أغسطس، الذي أصدر بياناً يؤيد فيه الإجراءات السعودية، وإرسال قوات من مصر وسورية والمغرب إلى المملكة. وفي اليوم التالي (11 أغسطس)، اجتمع رؤساء أركان القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي في جدة، لبحث خطة موحدة لجيوش دولهم، وتنسيق استقبال القوات التي ستفد إلى المنطقة. وحذا حذوهم وزراء الإعلام لدول المجلس، في تنسيقهم خطة إعلامية موحدة، للتصدي للأزمة ومواجهة الحملة الإعلامية العراقية.

بدأت المملكة العربية السعودية، منذ 14 أغسطس، في اتخاذ موقف رسمي تجاه العراق، بعد أن مر على غزوه للأراضي الكويتية 12 يوماً، من دون أن تبدو بادرة مشجعة لانسحابه منها، وعدم صدور تعهد رسمي من أي مسؤول عراقي بذلك (حتى خلال زيارة نائب الرئيس العراقي إلى المملكة العربية السعودية في بداية الأزمة). وكانت أولى الخطوات التي تعلن ـ تدريجياً ـ عن انحياز المملكة جهة الإجراءات العقابية، لحمل العراق على الامتثال لما صدر من قرارات إقليمية ودولية، قفل خط أنابيب النفط العراقي المار بالأراضي السعودية، لتصدير النفط العراقي من الموانئ السعودية على البحر الأحمر. وأعقب ذلك دعوة المملكة إلى عقد مؤتمر لمنظمة الأوبك، لبحث رفع الإنتاج تعويضاً عن حصة العراق التي توقفت[7]. ثم أعلنت المملكة بعد الاجتماع ـ عن زيادة إنتاجها للنفط، حتى لا يتأثر السوق الدولي والمستوردين، جراء العقاب الموقع على العراق، في محاولة لجذب مزيد من التأييد العالمي.

بينما كان وزراء الدفاع لدول مجلس التعاون، يعقدون اجتماعاً استثنائياً في الرياض، في 22 أغسطس، لمناقشة الموقف العسكري ومتطلباته، وبحث توصيات رؤساء الأركان لدعم ومساندة الكويت والتسهيلات، التي ستمنح للقوات الأجنبية في المنطقة في إطار تحرير الكويت، كان سفير المملكة لدى واشنطن، صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، في زيارة رسمية إلى موسكو، بناء على طلب الاتحاد السوفيتي، كمبعوث شخصي، للملك فهد، لبحث العلاقات الدبلوماسية مع موسكو[8]. وبالمثل، اتصلت المملكة بالصين، وعززت علاقاتها مع كل من المملكة المتحدة وفرنسا. وبذلك، وطدت المملكة علاقاتها مع الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن، الذي كان قد بدأ يبحث الأزمة، ويصدر قراراته تباعاً، من دون عرقلة من أي من دوله دائمة العضوية، على الرغم من شدة القرارات، وعنف الإجراءات العقابية، التي تفرض فيها على العراق. ويؤكد ذلك النجاح الكامل للمملكة في إدارتها للسياسة الخارجية، قبل تلك الأزمة وأثنائها، وقد تصاعدت الأزمة بعد ذلك عسكرياً، وعرفت باسم حرب الخليج الثانية.

ظلت السياسة السعودية مواكبة للأحداث، ومتوازية مع العمل العسكري، ومدعمة له. وكان قمة النجاح، توقيع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي إعلان دمشق مع مصر وسورية للتنسيق والتعاون فيما بينهم. في 6 مارس 1991، أي بعد انتهاء الأعمال الحربية وتحرير الكويت واستئناف الحكومة الشرعية الكويتية مهامها الدستورية من عاصمتها الكويت في 8 مارس. واستمراراً في دعم الموقف السياسي، أعادت المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، بعد قطيعة دامت ثلاث سنوات، لتزيد من عزلة العراق في منطقة الخليج العربي، وحتى يجبر على الامتثال لكافة القرارات الثلاثة عشر الصادرة ضده من مجلس الأمن، لإزالة آثار عدوانه ونتائجه على الكويت.

سادساً: الإعداد السياسي الأمريكي، في حرب الخليج الثانية

منذ بداية أزمة الخليج، عمد الأمريكيون إلى التحرك على ثلاثة محاور: سياسية واقتصادية وعسكرية، لإتاحة الفرصة لكافة الخيارات المتاحة. إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تعمل بوحي من مركز القوة الذي تحتله، وفي إطار ترتيباتها للانفراد بالقمة في النظام العالمي الجديد، الذي بدأ يتشكل. لذلك، جاءت التحركات الأمريكية مزيجاً من كافة الضغوط، كسمة للإدارة الأمريكية في أزمة الخليج، التي شملت، المحاور الثلاثة.

كانت الإدارة الأمريكية، تضع في الحسبان كافة احتمالات تصعيد الأزمة، لذلك، كانت تُعِد لكافة الاحتمالات في المحاور الثلاثة، إلا أنها كانت تضع أولويات لتلك المحاور. فهي مع إعدادها العسكري وإجراءاتها الاقتصادية، تتحرك سياسياً في كافة الاتجاهات، معطية الفرصة كاملة للحل السياسي السلمي، من دون أن تغفل الاحتمالات الأخرى، التي تعتبر، في المراحل الأولى، وسائل ضغط تعاون السياسية الأمريكية في إيضاح عواقب التشدد، وعدم الإذعان للضغوط للتوصل إلى حلٍ سلمي.

من جهة أخرى، عمدت الإدارة الأمريكية إلى الاستمرار في إجراءاتها، في المجالين الاقتصادي والعسكري. وفي كل مجال اتخذت من الترتيبات والإجراءات، وكأنه المجال الوحيد المتاح لحل الأزمة.

 وكان الإعداد الأمريكي للحرب يختلف عما هو متعارف عليه. فلم يكن نمطياً، فقد كانت الدولة نفسها بعيدة عن أي أخطار أو تهديد، من جانب العراقيين، بشكل مباشر، بل أنه لم يكن متصور، في أي لحظة، إمكان شن العراق هجمات وإدارة أعمال قتال في الأراضي الأمريكية أو بالقرب منها. وإنما كان التهديد العراقي منصباً على المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الخليج، مما يؤثر على الشعب الأمريكي، ويعرض الأمريكيين في منطقة الخليج لأخطار جمة[9]. لذلك، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تُعِد منطقة الخليج العربي، هي مسرح العمليات المنتظر، ولا بد من الدفاع عنه. يشمل ذلك إدارة سياستها الخارجية في المنطقة، والإعداد لتقبل ذلك الصراع وما يسفر عنه. وكذلك، سياستها الداخلية ليتقبل المواطن الأمريكي فكرة إدارة صراع على بعد آلاف الأميال، لحماية المصالح الأمريكية الحيوية، علاوة على إعدادها الاقتصادي الذي تضمن ثلاثة أهداف، لضمان كل متطلبات الأمريكيين (مدنيين وعسكريين) خلال فترة الصراع، وإجراءات معاقبة العراق اقتصادياً تصاعدياً، وتأمين المصالح الاقتصادية الأمريكية بالمنطقة وأهمها استمرار تدفق النفط، كذلك الإعداد العسكري بما يشمله من نقل للقوات بمعداتها وتجهيز مسرح العمليات بما يلزم لإدارة صراع عسكري إذا لزم الأمر.

أدانت الولايات المتحدة الأمريكية، الغزو العراقي للكويت بشدة. وطالبت بانسحاب فوري غير مشروط. وفي الوقت نفسه، طلبت عقد جلسة طارئة وعاجلة لمجس الأمن لمناقشة الحدث. وتابعت السياسة الأمريكية ضغطها وتحركها في هذا المجال، الذي أسفر عن صدور بيان مشترك مع السوفييت، بإدانة الغزو ورفض نتائجه، وهو البيان الأكثر أهمية لدى الأمريكيين، لأنه يوضح لكافة الأطراف، اتفاق أكبر دولتين في العصر في وجهات نظرهما من هذه الأزمة. كما أسفر أيضاً عن صدور قرار مجلس الأمن الرقم 660 في 2 أغسطس 1990، الذي يطالب العراق بالانسحاب العاجل، والتفاوض مع الكويت لحل الخلافات بينهما.

بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية ، تمارس ضغوطاً اقتصادية لحرمان العراق من أي مكاسب اقتصادية، ودعوة كافة الدول إلى ذلك، كان التحرك السياسي يُعد المجتمع الدولي لتأييد الإجراءات الاقتصادية. ونتج عن ذلك صدور قرار مجلس الأمن الرقم 661، في 6 أغسطس 1990، بفرض حظر اقتصادي شامل على العراق، وهو نجاح آخر للسياسة الأمريكية تجاه الأزمة.

على الصعيد العسكري، كانت البحرية الأمريكية، تتجمع في الخليج العربي، وتطبق الحظر الاقتصادي المفروض على العراق من قبل مجلس الأمن، في حين تتصاعد أعداد القوات الأمريكية في المنطقة. وعندما وصل الرقم خلال شهر أغسطس 90 (شهر الغزو) إلى مائة ألف جندي، بدأ وزير الخارجية الأمريكي في الحديث عن الخيار العسكري، لإجبار العراق على الانسحاب من الكويت. أما عندما بلغ حجم القوات الأمريكية في المنطقة (في منتصف أكتوبر) مائتي ألف جندي، ومعهم 87 ألف من الدول المتحالفة، نادى الأمريكيون بضرورة استخدام القوة ضد العراق، إذا لم تحقق الخيارات الأخرى نجاحاً في انسحابه من الكويت. وعندما تكامل الحشد الدولي العسكري، في نهاية شهر نوفمبر 1990، استطاعت السياسة الأمريكية الحصول على قرار جديد من مجلس الأمن في المجال العسكري، حيث صدر القرار الرقم 678، في 29 نوفمبر، مبيحاً استخدام القوة بعد يوم 15 يناير 1991، لإجبار العراق على الانسحاب وكان ذلك القرار نصراً كبيراً للسياسة الأمريكية، في مراحل إعدادها مسرح العمليات، وتهيئة المجتمع الدولي والشعب الأمريكي، لتقبل الأحداث القادمة، خاصة أن قرار مجلس الأمن الأخير (678) مر بمرحلة صعبة، عندما أبدت الصين اعتراضاً عليه. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية استغلت، حاجة الصين إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية الأمريكية المفروضة عليها، منذ قمع الجيش الصيني لحركة الطلاب بالقوة في ربيع عام 1989، لتقنع الصينيين بالامتناع عن التصويت بدلاً من التصويت ضد القرار (والصين تملك حق الاعتراض المعرقل لصدور القرار، "Vito").

أصبح في حقيبة الدبلوماسية الأمريكية، ثلاثة قرارات تحظى بتأييد وإجماع دولي:

1. القرار الرقم 660، وهو قرار سياسي يطالب بانسحاب العراق من الكويت، واللجوء إلى التفاوض لتسوية الخلاف بينهما.

2. القرار الرقم 661، وهو قرار اقتصادي يفرض حظر اقتصادي على العراق، حتى لا تستفيد من نتائج الغزو، لحين الانسحاب من الكويت.

3. القرار الرقم 678، وهو قرار يتوافق مع المجال العسكري، إذ يحدد موعداً (15 يناير 1991) لإتمام الانسحاب، ويبيح استخدام القوة ضد العراق بعد هذا التاريخ إذا لم ينسحب من الكويت.

وبذلك تكون السياسة الأمريكية، نجحت في تهيئة المسرح وإعداده لتقبل أي إجراء في أي من المجالات الثلاث التي كانت الإدارة الأمريكية تتحرك في نطاقهم، إلا أن السياسة الأمريكية لم تكن حققت بعد كل أهدافها، فقد كانت هناك مراحـل للعمل السياسي لم تبدأ بعد. فبعد النجاح في الإعداد، لا بد من الاستمرار للمتابعة، والمحافظة على ما تحقق، وعندما يتقرر المجال الذي سيتم العمل من خلاله، لا بد أن تتجه السياسة الأمريكية إلى تزعمه واستثماره لصالح الدولة للخروج بالنتائج المحدد سلفاً، ومتابعة تداعيات الأحداث، للحفاظ على النتائج المحققة.

لم يقتصر التحرك السياسي الأمريكي، على البيانات الفردية، أو القرارات الصادرة عن مجلس الأمن. بل سعت الولايات المتحدة، كذلك، إلى التعاون مع خصوم الأمس، والحلفاء السابقين والحاليين، لتشديد القبضة على العراق حتى يرتدع، طالما لم تستطع قياداته السياسية تفهم الحقائق السياسية التي تهم الأمريكيين. فلم تكن مسارعتهم لحماية ناقلات النفط الكويتية في الحرب السابقة ـ حرب الخليج الأولى ـ فقط لإبعاد السوفيت عن المنطقة، بل كانت لتوضيح مدى أهمية الكويت ونفطها للمصالح الأمريكية، التي استدعت أحياناً الدخول في مواجهات مسلحة مع إيران، على صفحة مياه الخليج أكثر من مرة.

قابل وزير الخارجية الأمريكي، نظيره السوفيتي في موسكو، اليوم التالي للغزو. وأصدرا بياناً مشتركا يدين الغزو، ويطالب العراق بالانسحاب. وفي قمة هلسنكي، التي كانت مقررة من قبل (10 سبتمبر 1990) سعت الولايات المتحدة الأمريكية لصدور بيان عنها، بإدانة الممارسات العراقية لضم الكويت، ثم نسقت مع حلفائها الغربيين، ليس فقط للمعاونة في تطبيق العقوبات الموقعة من قِبَلْ مجلس الأمن، بل والمشاركة في إرسال قوات إلى منطقة الخليج، والمساندة مالياً في النفقات، ودفع الضرر عن الدول التي أضيرت من جراء الحصار الاقتصادي، أو أحداث الأزمة بصفة عامة. وقد كان للولايات المتحدة الأمريكية ما أرادت، فقد دفعت اليابان وألمانيا الغربية (وقتها) نصيباً من التكاليف الإجمالية، وشاركت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وعدة دول أوروبية أخرى، بقوات مقاتلة، أو وحدات إدارية، أو فنية، أو طبية.

وعلى الرغم من استمرار العراق في رفضه قرارات مجلس الأمن، التي توالت، مضت الإدارة الأمريكية في طريق الحل السلمي السياسي حتى أخره. ومع تأكدها من عدم تراجع العراق، اقترحت، قبل انتهاء المهلة المحددة (15 يناير 1991)، لقاء في واشنطن، بين الرئيس الأمريكي بوش، ووزير الخارجية العراقي طارق عزيز، وآخر في بغداد بين الرئيس العراقي صدام حسين، ووزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر. وانتهى الاقتراح بلقاء في جنيف، بين وزيري الخارجية، تم في 9 يناير 1991 (6 أيام قبل انتهاء المهلة) أُعلن عن فشله لاحقاً. وبذلك، أصبح الموقف أكثر تأكيداً لاستخدام القوة المسلحة، مع اقتراب الموعد المحدد، وفشل كل المبادرات، التي طُرحت، والنداءات، التي وجهت، بسبب الرفض العراقي.

في الثاني عشر من يناير، أعطى الكونجرس الأمريكي الرئيس بوش، صلاحيات واسعة لبدء الحرب، وبعدها بأربعة أيام جاء وقت "أم المعارك الكبرى"، كما سماها صدام حسين نفسه.

بدأت العمليات العسكرية بالقصف الجوي، والذي استمر طوال 36 يوماً، اعتباراً من 17 يناير 1991، أي بعد انتهاء المهلة المحددة في القرار رقم 678، بأقل من يومين، وعلى الرغم من ذلك، فإن الحل السلمي ظلت فرصه متاحة لم تنتهي. وأعلن الاتحاد السوفيتي عن مبادرة، وقامت إيران (الطرف الآخر مقابل العراق في حرب الخليج الأولى) بمساعٍ حميدة، ووافق العراق تحت وطأة القصف الجوي، الامتثال لقرار مجلس الأمن الرقم 660 (يوم 22 فبراير 1991). ولم ترى الإدارة الأمريكية العرض مشجعاً بعد أن استمرت الحملة الجوية لعاصفة الصحراء، بنجاح، وتضامن كامل للتحالف الدولي، 37 يوماً، وقد أوشكت على الانتهاء، ليتم الانتقال للمرحلة الثانية، وهي العمليات البرية[10].

  ويتنافى ذلك مع أهداف السياسية الأمريكية، التي كان من الضروري الحفاظ عليها حتى يتحقق للمصالح الأمريكية الأمن في المنطقة، بتدمير القوات المسلحة العراقية، وإضعافها حتى تصبح غير ذات خطر في المنطقة. وتحت الضغط الأمريكي استمرت الأعمال القتالية، وانتقلت للمرحلة الثانية، العمليات البرية لتحرير الكويت، وتدمير القوات المسلحة العراقية. وهكذا، تمكنت السياسة الأمريكية من الحفاظ على سير الأحداث في الاتجاه، الذي يحقق الأهداف الأمريكية، بموافقة جميع دول العالم في الهيئة الدولية، بعد أن دللت على مراوغة العراق، وضرورة العقاب الفعال، وتقليم أظافره.

  استمرت العمليات الحربية البرية، تساندها قوة جوية هائلة. حتى تحررت الكويت في 27 فبراير 1991 (بعد 4 أيام من بدء الحرب البرية). ويوجه العراق رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، يصرح فيه بامتثاله لقرارات مجلس الأمن، ويبلغه بسحب كل قواته من الكويت، بينما كانت قوات التحالف تتوغل في جنوب العراق. وهكذا يتوقف القتال في منتصف ليلة 28 فبراير / 1 مارس 1991.

  كان الرئيس الأمريكي بوش، يدفع الأحداث لتتداعى بسرعة كبيرة أمام نتائج القتال، ليستثمر نصره لأقصى حدٍ، قبل أن يبدأ المتحالفين في المطالبة بنصيبهم من النفوذ والتكلفة، أو يبدأ العراق في وضع عراقيل جديدة. لذلك، ضغطت الولايات المتحدة الأمريكية لوضع أحكام لوقف إطلاق النار (القرار الرقم 687، بتاريخ 3 أبريل 1991)، ثم مطالبة العراق بالتعويضات (القرار الرقم 688 إنشاء صندوق للتعويضات تحت إشراف الأمم المتحدة، بتاريخ 20 مايو 1991)، ثم إقرار خطة الأمين العام، لإنهاء برنامج العراق للأسلحة المحظورة (القرار الرقم 699 بتاريخ 17 يونيه 1991)، ومطالبة العراق بوقف أي نشاط نووي، والسماح لمفتشي الأمم المتحدة بالوصول للمواقع المحددة للتفتيش (القرار الرقم 707 بتاريخ 15 أغسطس 1991)، وإقرار خطة لرصد امتثال العراق لوقف إطلاق النار (القرار الرقم 715 بتاريخ 11 أكتوبر 1991)، وقرارات أخرى متتالية، أكملت الثلاثين قراراً وكان الهدف من كل هذه القرارات، إحكام القبضة على رقبة العراق، فلا هواء أو ماء إلا بموافقة الأمم المتحدة، وتحت سمع وبصر مراقبيها، الذين يتلقون توجيهات أمريكية، بجانب أوامر مجلس الأمن. وبذلك أثبتت الإدارة الأمريكية أهمية الإعداد السياسي الجيد، قبل وأثناء وبعد الحرب، أو الأزمة، أيّاً كان نوعها (اُنظر ملحق ملخص قرارات مجلس الأمن، الخاصة بحرب الخليج الثانية).

 



[1] كانت المبادرة ذات شقين، الأول، وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل على جبهة قناة السويس (وهو ما يعرف بحرب الاستنزاف، التي دامت ثلاث سنوات)، وقد نفذ على التو، اعتباراً من 8 أغسطس، ليفسح المجال أمام للشق الثاني، وهو عودة المفاوضات بين البلدين، وهو ما لم يحدث فيه أي تقدم.

[2] عدا جنوب أفريقيا، وكانت وقتها تحت الحكم العنصري، وزيمبابوي التي كانت تحت إشراف جنوب أفريقيا، سياسياً. وتؤثر هذه المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي، وتضعف من إمكانيات إسرائيل في الحصول على المواد الغذائية، التي تستورد معظمها من دول شرق أفريقيا.

[3] كان النظام الحاكم في العراق يعتز بتلك القوة التي وصفت بأنها القوة الرابعة في العالم، كما أن تفوقه العددي على كل من القوات المسلحة الإيرانية، والسورية معاً، وهما خصمان لدودان للعراق، حافزاً آخر لإبقاء تعداد جيشه في هذا المستوى المرتفع (6.25% من تعداد الدولة).

[4] عقدت هذه القمة لبحث هجرة اليهود السوفيت إلى إسرائيل بأعداد كبيرة، ودعم الموقف العراقي الذي كان يهدد بتدمير نصف إسرائيل.

[5] كان العراق يشكو من أن خفض سعر النفط دولار واحدة نتيجة الإنتاج الزائد من الدول الأخرى يكلفه خسارة مليار دولار في السنة.

[6] كانت دول الخليج العربي، الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، قد أرسلت مزيداً من قواتها لدعم قوات درع الخليج في الأيام الأولى للغزو، وهي القوات التي شكلت عام 1984 بهدف دعم أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، تتعرض لعدوان، وقد تم رفع حجم القوات بها إثر إقرار الاجتماع الطارئ لوزراء دفاع دول المجلس، وضعت تحت قيادة المملكة العربية السعودية.

[7] كانت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية، قد فرضت حصاراً بحريا اقتصادياً على العراق، ومنعت تصديره النفط من الخليج العربي. كما أقفلت تركيا خط أنابيب لنفط العراق، آتياً من كركوك في شمال العراق إلى موانئ تركيا على البحر المتوسط.

[8] اتفقت المملكة العربية السعودية والاتحاد السوفيتي على إقامة علاقات دبلوماسية بينهما وأعلن ذلك يوم 17 سبتمبر 1990.

[9] كان في منطقة الخليج نوعان من الأمريكيين، النوع الأول المدنيون العاملون في الكويت (2500) وفي العراق (700 نسمة)، إضافة إلى الموجودين في المملكة العربية السعودية، وقد يتعرضون للخطر من جراء التصرفات العراقية. والنوع الثاني العسكريون من القوات الأمريكية الموجودون في منطقة الخليج والذين سينضمون إليها، وسيتعرضون للأذى في حال وقوع اشتباكات أو أعمال قتالية بالمنطقة.

[10] كان محدداً للهجوم البري يوم 24 فبراير، أي بعد أقل من يومين من القبول العراقي لقرار صدر في بداية الأزمة، تلاه 11 قراراً آخر لم يشر إليها الموقف العراقي.