إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / القوة الرابعة، من وجهة نظر العقيدتين العسكريتين: الشرقية والغربية





شبكة مراكز العمليات
منظومة الدفاع الجوي
حالات وأوضاع الاستعداد
تنظيم التعاون بالارتفاعات والقطاعات
تنظيم التعاون بالأهداف
فكرة عمل الرادار




الاستعداد القتالي وطائرة الكرملين

سادساً: الاعتبارات المؤثرة على القرار

خاض الدفاع الجوي المصري ـ كقوة رابعة ـ حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 1973، وحقق نجاحاً أدهش الخبراء العسكريين، وما زال العالم يذكر أسبوع تساقط الفانتوم، وما سُمي بحائط الصواريخ.

وخاض الدفاع الجوي العراقي حربين، وهو أحد أفرع القوات الجوية، ولم ينجح في أيهما، رغم أنه كان يمتلك مجموعة كبيرة من الأسلحة والمعدات الحديثة.

ومع أن الاختبار العلمي، هو خير برهان على صحة أو خطأ أي من المفهومين موضوع الدراسة فإن هذا لا يعني أن الدول التي تتولى فيها القوات الجوية مسؤولية الدفاع الجوي، على خطأ. فما يصلح لدولة ما، قد لا يصلح لأخرى، وذلك بسبب مجموعة من الاعتبارات، وتشمل الآتي:

1. العقيدة العسكرية للدولة

تُركِّز الدول التي تعتنق العقيدة العسكرية الهجومية، على امتلاك قوات جوية قادرة إخراج قوات العدو الجوية، ودفاعه الجوي من القتال، من بداية الحرب إلى نهايتها. وبذلك تتمكن طائرات المهاجم من السيطرة على مسرح العمليات طوال الحرب.

وتصبح أراضي الدولة، وقواتها المسلحة غير معرضة لأي هجمات جوية مؤثرة. كما حدث في حرب تحرير الكويت، التي أوضحت أن من يملك السماء، يملك الأرض.

وفي هذه الحالة يخف العبء المُلقى على عاتق الدفاع الجوي، ولا تكون هناك حاجة ماسة إلى وجود قوات دفاع جوي كبيرة الحجم والإمكانيات، اكتفاءً بالمقاتلات الاعتراضية، وبعض أسلحة الدفاع الجوي المباشر (صواريخ ومدافع)، في كلٍ من القوات البرية والقوات البحرية، إضافة إلى عدد قليل من الأسلحة أرض/ جو ضمن تنظيم القوات الجوية.

أما إذا كانت العقيدة العسكرية للدولة دفاعية، وكان العدو المحتمل قادراً على توجيه ضربات جوية مؤثرة ضد أهدافها الحيوية، وضد قواتها المسلحة، من بداية الحرب إلى نهايتها. فإن الدفاع الجوي يجب أن يكون قادراً على صد هذه الهجمات، وأن يوفر للقوات البرية مظلة حماية تهيئ لها الظروف المناسبة للقتال، كما يجب أن يوفر حماية فعالة لكافة الأهداف الحيوية، بالدولة، حتى تتمكن من الاستمرار في الحرب.

وفي هذه الحالة، لا يمكن للمقاتلات الاعتراضية أن تتحمل العبء وحدها، أو بمشاركة محدودة من الأسلحة أرض/ جو. ولهذا يتحتم وجود مجموعات كثيرة ومتنوعة من أسلحة، ومعدات الدفاع الجوي، تتكامل في منظومة موحدة، تكون فيها الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات بمثابة عمودها الفقري، والمقاتلات ساعدها الأيمن.

ونظراً لكِبر العدد، وصعوبة المهام، والحاجة إلى جهود خارقة لإعداد هذه القوات، والسيطرة على أعمال قتالها... الخ يكون من الطبيعي أن يصبح الدفاع الجوي قوة قائمة بذاتها.

2. الموقع الجغرافي

يؤثر الموقع الجغرافي على اختيار الدولة لأي من المفهومين موضوع البحث في هذه الدراسة.

وتُعد الولايات المتحدة الأمريكية أوضح مثال على ذلك. فهي تشغل الحيز الأكبر من قارة أمريكا الشمالية، التي تبعد آلاف الأميال عن عدوها السابق (الاتحاد السوفيتي)، وعدوها الأسبق (اليابان). ولا يمكن لأي طائرة أن تصل إليها من دون التزود بالوقود جواً عِدَّة مرات، أو تُقلع من حاملة طائرات. ولم تتعرض الولايات المتحدة الأمريكية، طوال تاريخها لأي هجوم جوي، باستثناء الهجوم الياباني على قاعدتها البحرية في بيرل هاربور Pearl Harbor التي تقع في وسط المحيط الهادي، وتبعد آلاف الأميال عن القارة الأمريكية.

وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي، لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية معرضة لأي هجوم بالطائرات. وإذا حدث، فإن لديها شبكات إنذار عديدة، بالأقمار الصناعية، وبأجهزة رادار بعيدة المدى، وأجهزة رادار فوق الأفق OTH Over The Horizon، تؤمن لها إنذار كافياً جداً، لكي تُقلع المقاتلات من قواعدها الأرضية، أو من حاملات الطائرات، وتعترض موجات الهجوم مرَّات ومرَّات، من مسافات بعيدة، وتُجهض الهجوم الجوي، قبل أن يصل إلى أراضيها.

وفي هذه الحالة يكون من الطبيعي أن تتكفل القوات الجوية الأمريكية بالدفاع الجوي عن قارة أمريكا الشمالية، بما في ذلك كندا، من مركز عملياتها في كولورادو Colorado، المعروف باسم نوراد NORAD North American Airospace Defense Command. (اُنظر شكل فكرة عمل الرادار)

3. مصالح الدولة ومسارح عملياتها

عندما تنتشر مصالح الدولة في أنحاء كثيرة من الكرة الأرضية، فإن حماية هذه المصالح تحتاج إلى تدخل الدولة في الصراعات الإقليمية سياسياً، وعسكرياً.

ويحتاج التدخل العسكري إلى نقل قوات جوا بسرعة، ثم تدعيمها بقوات أخرى تُنقل بحراً. والوسيلة المُثلى للدفاع عن هذه القوات، أثناء عمليات النقل، هي المقاتلات الاعتراضية التي تصاحب هذه القوات، وتحرسها طوال الرحلة، أو في المناطق الحرجة. وتتمركز هذه المقاتلات عادة في قواعد جوية متحركة، هي حاملات الطائرات.

ومن البديهي أن العمليات العسكرية، ستكون دفاعية، في البداية، أثناء حشد القوات، لفترة محدودة، تتعاون فيها المقاتلات مع الأسلحة أرض/ جو، لتوفير الدفاع الجوي. ولكن الاعتماد الرئيسي يكون على المقاتلات. وبعدها تبدأ العمليات الهجومية بالافتتاحية التقليدية، المتمثلة في توجيه ضربات صاروخية، وجوية متتالية ضد الدفاع الجوي المُعادي لفتح طرق اقتراب آمنة للقاذفات، والمقاتلات القاذفة لقصف قواعد العدو الجوية، وإخراج قواته الجوية من المعركة منذ البداية. ويكون دور المقاتلات في هذه المرحلة هو حماية القوات الجوية الضاربة من أي تدخل جوي مُعادي محتمل.

وبعد نجاح هذه الضربات، يتقلص، أو ينعدم التهديد الجوي المعادي. وتصبح المقاتلات كافية للدفاع عن مسرح العمليات، وتعاونها وحدات الصواريخ أرض/ جو، والمدفعية المضادة للطائرات.

وما دام الاعتماد الرئيسي سيكون على المقاتلات، فليس هناك داع لأن ينفصل الدفاع الجوي عن القوات الجوية.

4. مساحة الدولة وعلاقاتها بالجوار

عندما تكون مساحة الدولة صغيرة، وتحيط بها دول معادية، فإنها تعاني من عدة مشاكل تتعلق بالدفاع الجوي، وهي:

أ. أن الزمن الذي توفره أجهزة الإنذار عن الطائرات المعادية، لا يكون كافياً لاتخاذ إجراءات الاشتباك بالأسلحة أرض/ جو، نظراً لقرب القواعد الجوية المعادية من حدود الدولة.

ب. أن المساحة الصغيرة لا تسمح بإنشاء نطاقات متتالية من الأسلحة أرض/ جو، ومن ثمّ يكون الدفاع هشاً، ويسهل تدميره.

ج. أن كثافة السكان تكون كبيرة، وبالتالي تزداد الخسائر في الأرواح، من جراء القصف الجوي، وما يعقب ذلك من ارتباك في مؤسسات الدولة.

د. وأخيراً فإن الأهداف الحيوية تكون مُكَّدسة إلى حدٍ ما، وفي مرمى طائرات العدو.

وتدرك مثل هذه الدول أن انتظار الهجوم الجوي، وصده فوق أراضي الدولة، هو خطر مؤكد. ومن ثمّ فعليها أن تنقل معركة الدفاع الجوي إلى أبعد ما يمكن، خارج مجالها الجوي. ووسيلتها في ذلك هي المقاتلات الاعتراضية، ولهذا توليها الاهتمام الأكبر، من حيث العدد، والنوع، والتسليح، ومعدات وقيادة النيران، وأجهزة الرؤية الليلية، وتوفير أكبر عدد من الطيارين الأكفاء.

أما الأسلحة أرض/ جو فتكون مهمتها اعتراض الأعداد القليلة من الطائرات، التي قد تنجح في الإفلات من المقاتلات الاعتراضية.