إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / فتح الرياض






خط السير لمعركة الرياض
طريق التحرك لفتح الرياض
فتح الرياض



خامساً: الخطة العامة للهجوم

خامساً: الخطة العامة للهجوم

تكونت خطة الهجوم من:

1. الخطة الأولية

أ. تقسيم القوات العسكرية، والمساندة الدينية، إلى:

(1) قسم الدعوة

ويتكون من رجال الدين المخلصين والمطلعين، وهم أصحاب البلاغة والقدرة على الإقناع والتأثير على الرجال، للدعوة في سبيل الله، وكسب أنصار جدد لابن سعود.

(2) قسم الاستطلاع

يعمل به عدد من أمهر الفرسان ممن عرفوا ( بالسّبور أو الظّهور أو العيون )، وهم أهل خبرة وفراسة، ويتمتعوا بالقدرة العالية على جمع المعلومات عن العدو والقبائل المناصرة له.

(3) قسم القوة الرئيسية

وتتكون من الفرسان، الراكبة على الخيل أو الإبل، والمحاربين المترجلين.

(4) قسم التموين

ويتكون من مجموعة من المحاربين، لهم خبرة ودراية في جمع الغنائم والمعدات المستولي عليها، وكذلك معرفة أفضل الأساليب للاستفادة من الموارد الطبيعية.

ب. التحرك وسير الأحداث

قسم التحرك إلى أربع مناطق، هي:

(1) منطقة تجمع أولية لحشد القوات واستعدادها، في الكويت.

(2) منطقة الخداع والتضليل لابن الرشيد.

(3) منطقة التجمع النهائي حول ( أبو جفان ) في بساتين " الشميسي " جنوب شرق الرياض.

(4) منطقة الهدف.

بعد تمام إعداد القوات في منطقة حشدها بالكويت واستعدادها للتحرك، وفي التوقيت المحدد لبدء سير الاقتراب، ومع تطبيق مبدأ السرية التامة للخطة، تحرك القائد عبدالعزيز بن سعود على رأس القوة المتقدمة، دافعاً قسم الاستطلاع أمام قواته لجلب المعلومات عن عدوه والقبائل التي تسانده، وذلك طبقاً للخطة الموضوعة للمسير، عبر الأحساء وشمال نجد، وانضمت بعض القبائل له، وتخلى بعضها عنه، فمن تخلى تمت محاربته والقضاء عليه، وشنّ غاراته على قرى ( العليا والنباج وبرقاء الوطينان ) فالقرية السفلى ـ ثم اتجه إلى الشرق فأغار على بعض القرى المعادية ـ ثم اتجه إلى الجنوب في اتجاه الصرار، حتى وصل إلى وادي المياه، ثم سار إلى ( الرمادية ومشاش الهيشرى )، ثم اتجه إلى الجنوب الشرقي إلى أن وصل جنوب ( متالع والنجبية )، وهناك أصبح معه ألف مقاتل و(400) فارس من العجمان ومطير والعوازم، وبني هاجر وسبيع، وبني مرة، ولكن ذلك لم يدم طويلاً، حيث تحركت الدولة التركية في الأحساء فبعثت إلى شيوخ وأبناء القبائل التي انضم أفرادها مع ابن سعود وهددتهم ونشرت الرعب بين صفوفهم فانفضوا من حوله ولم يبق منهم سوى عشرين رجلاً، عاهدوا ابن سعود على القيام معه إلى الرياض، فأصبح تعداد قواته ( ستون ) رجلاً فقط.

أخذ القائد عبدالعزيز الفرسان والعتاد والتموين الخفيف معه، ليسهل عبور الصحراء، وتحرك في اتجاه الجنوب حتى نزل ( العضيلية ) فتزود منها باحتياجاته من الزاد والمؤن، ثم تحرك في اتجاه الجنوب الشرقي حتى وصل ( الجافورة ) في الربع الخالي، ثم غير مساره من الشرق إلى الغرب حتى أشرف على واحة ( يَبْرَيْن )، حيث تزود منها بما يحتاج وحول اتجاهه إلى الشمال عبر وادي ( وَبْرَة ) ووادي ( العاقولة ) ثم استقر في قفاف ( صمان يَبْرَيْن ).

وفي العشرين من رمضان رحل باتجاه الشمال الغربي حتى نزل ( روضة التوضيحية )، والتي يجتمع فيها عدد من الأودية أشهرها وادي ( القبوري )، ووادي ( غضي ) ـ ثم رحل في اتجاه الغرب حتى نزل ( أبو جفان ) شمال ( وادي وسيع ) والتي تقع شرق الرياض بـ (147) كيلومتراً.

وفي ثالث أيام العيد وبينما الناس في لهو ومرح خرج الشباب المغامرون إلى جفان وعبرو ( خشم عوصاء ) ووادي السّلي حتى نزلوا ( ضلع الشعيب ) وهو التل الواقع في الجنوب الغربي من حي الربوة، وترك هناك عشرين من رفاقه ومعهم المؤن والإبل والخيل ثم تحرك منها الساعة السادسة ليلاً ومعه ( أربعين ) رجلاً، ثم دخل بستان ( الشميسي ) في الشمال الغربي من البطحاء، قرب الموقع الذي به وزارة التجارة اليوم (فيما بين عمائر الراجحي وخزان مياه الرياض الآن(انظر خريطة طريق التحرك لفتح الرياض، وخريطة خط السير لمعركة الرياض، وخريطة فتح الرياض).

وإن نجاح خطة القائد عبدالعزيز تَكْمُن في تحقيق مبدأ السرية التامة حيث روعي الآتي:

(1) لم يطلع على الخطة إلاّ قلة من أقربائه المخلصين من ذويه، وأطلع عليها فقط مضيفه مبارك بن الصباح.

(2) استغل العداء بين ابن صباح وابن الرشيد، فقد نجح القائد عبدالعزيز في إيهام خصمه بأن قواته جزء من قوات ابن صباح.

(3) كان يتحرك ليلاً ويتوقف نهاراً لإخفاء تحركه.

(4) قام القائد عبدالعزيز بعملية خداع وتضليل حيث تظاهر وأشاع بأن خلافاً دب بين قواته وتسبب في تشتيتها، وأتم خلالها تسريح القبائل على دفعات حيث عادوا إلى قبائلهم. مما جعل ابن الرشيد يصدق هذه الأخبار خاصة عندما علم يقيناً أن القبائل تخلت عن ابن سعود وعادت إلى مراعيها.

(5) أبقى القائد عبدالعزيز خطته النهائية في سرية تامة.

وبهذا انتهت الخطة الأولية، وبدأت الخطة النهائية.

2. الخطة النهائية

أ. قسّم عبدالعزيز قواته إلى المقدمة والوسط والمؤخرة. وقرر ترك عشرين رجلاً مسلحاً من جماعته في حراسة المطايا في البساتين ( وهم قوة المؤخرة )، وأبلغ جماعته الستين أن مهمته الرئيسية، هي الهجوم على قصر المصمك واحتلاله، ثم احتلال الرياض، ثم عمل على اكتمال عناصر الخطة العامة وهي:

(1) الحشد والاستعداد الأولى في الكويت، كمنطقة تجمع أولية.

(2) تحقيق السرية التامة لخططه ونواياه أثناء الاستعداد والحشد في الكويت.

(3) الاستطلاع والمناورة، أثناء التحرك من الكويت إلى واحة يَبْرَيْن.

(4) إخفاء التحرك.

(5) الخداع والتضليل لابن الرشيد في واحة يَبْرَيْن.

(6) خفة الحركة.

(7) قوة الصدمة.

(8) قوة النيران.

(9) خطة اقتحام الرياض.

ب. التقدم وطريق الاقتراب

(1) تقدم القائد عبدالعزيز ومعه الرجال الأربعون نحو الرياض، ومنهم أخوه محمد، وابن عمه عبدالله بن جلوي.

(2) استخدم ابن سعود بساتين النخيل في طريق تقدمه إلى الرياض ساتراً لإخفاء تحركه.

(3) أبلغ باقي قواته ( العشرين رجلاً ) الذين مكثوا في منطقة التجمع، بأنه إذا مرت أربع وعشرين ساعة ولم يصلهم خبر، أو يعود لهم بنفسه، فعليهم أن يذهبوا إلى الكويت ويبلغوا والده بأنه ومن معه قد قضوا نحبهم، أو أنهم أسرى لدى حاكم ابن الرشيد في الرياض.

(4) ترك في البساتين، على أبواب سور الرياض، ثلاثة وثلاثين رجلاً من قواته، وعلى رأسهم شقيقة الأمير محمد، لحماية مؤخرته، وظهره وهم ( قوة الوسط )، وتعمل كقوة للدعم واستغلال النجاح، وأمر شقيقه بالبقاء في تلك المزرعة حتى تصل إليه إشارة منه بالحركة، فإن لم تصل الإشارة قبل الصباح فعليه مغادرة المكان طلباً للنجاة.

(5) أمّا المقدمة فتتكون من سبعة من رجاله الأوفياء، بقيادته شخصياً، وهم عبدالله وعبدالعزيز وفهد أبناء جلوي بن تركي، وناصر بن سعود آل فرحان، واثنان من خدام آل سعود، وتعتبر هذه المجموعة من الأفراد المدربين الأشداء.

ج. ساعة الصفر

قرر القائد عبدالعزيز أن يكون وقت الهجوم على السور، سعت (2400) في الرابع من شوال 1319هـ.

د. مرحلة الاقتحام

(1) اتجه القائد عبدالعزيز سيراً على الأقدام، ومعه سبعة من رجاله، منهم عبدالله بن جلوي وهم (قوة المقدمة)، نحو الهدف، وهو السور الخارجي للرياض لاقتحامه، من الجهة الجنوبية الغربية.

(2) واجه القائد عبدالعزيز صعوبة في اقتحام السور الخارجي، فأمر بقطع نخلةٍ، واستعمالها سُلماً لعبور جنوده بكل حذر.

(3) اقتحم السور ودخل بيت (جويسر) المجاور لقصر المصمك، ثم تسلق جدار بيت آخر مجاور للقصر واقتحمه وتبعه كل رفاقه.

(4) أرسل بطلب أخيه محمد ومن معه للحاق به، وأتوا مسرعين من الطريق نفسه بواسطة الدليل، ومن دون أن يكتشف أمرهم أحد.

(5) كل من وجده من الرجال في المنزل أخذه واحتجزه ووضعه في معزل، من دون صوت أو حراك.

(6) اقتحم سبعة من رجاله قصر عجلان، الذي لم يكن موجوداً في ذلك الوقت، ودخلوا كل غرفه ووجدوا زوجة عجلان وأختها نائمتين، أخذهما ووضعهما في غرفة تحت الحراسة. واستجوبهما حتى عرف منهما أن عجلان نائم كعادته عند الحامية وأنه لا يحضر إلى بيته إلاّ بعد طلوع الشمس، كما عرف منهم وقت خروج عجلان من القصر الداخلي، وفي أي مكان يركب جواده.

(7) فرض السيطرة الكاملة والكتمان، على كل من في القصر.

(8) أخذ رجاله مواقعهم في القاعة الأمامية لقصر عجلان للمراقبة، باستخدام النوافذ وملاحظة ما يجري في الخارج.

(9) كان الوقت سعت (0200) في الخامس من شوال 1319هـ، حيث استراح الأمير وجنوده، وتناولوا بعض الطعام وناموا قليلاً، ثم استيقظوا وصلوا الفجر، ورفعوا الأكف بالدعاء وطلب النصر من الله.

(10) بعد أداء صلاة الفجر، بدأوا يضعون تفاصيل الخطة المستنبطة للهجوم على عجلان أولاً، ثم حُراسه. وكانت تعليمات هذه الخطة كالتالي:

(أ) أربعة من الرجال وراء النوافذ، لإطلاق النار على حرس الباب الخارجي، عند خروج ابن سعود من مكان قيادته في القصر إلى الساحة.

(ب) عند خروج ابن سعود، يخرج معه الباقون إلى الساحة لمواجهة رجال عجلان.

هـ. سير وأحداث المعركة النهائية

(1) عند حلول الوقت، الذي حصل عليه من زوجة عجلان، فُتح باب القصر، وأخرج العبيد الخيل في الشمس. وكان في وسط باب القصر الضخم خوخة ( فتحة في الباب ) تتسع لدخول رجل واحد أو رجلين فقط.

(2) خرج ابن سعود ـ دون أن يلفت النظرـ عند فتح الباب، وتبعه رجاله، وكان عجلان قد خرج من القصر في طريقه إلى قصر زوجته.

(3) هجم ابن سعود على عجلان ورجاله، فلما رآهم عجلان ظهرت عليه الدهشة والرعب وهرب مع رجاله إلى الوراء، وقد أقفل الباب ما عدا ( الخوخة )، وبينما كان رجال عجلان يتزاحمون على الخوخة، أطلق عبدالعزيز بن سعود النار من بندقيته على عجلان وأصابه في يده، وتمكن عجلان من الوصول إلى الخوخة ولكن عبدالعزيز أدركه قبل دخوله برمية رمح أخطأته، وانكسرت سن الرمح على الباب، ولكن عبدالعزيز أمسك عجلان برجليه وسحبه إلى الخارج، وتمكن عجلان من ضرب عبدالعزيز بسيفه ولكن الأمير تلقاها ببندقيته فطاحت على الأرض من يده، ثم انقض على عجلان، واشتبك الاثنان في صراع رهيب انتهى بهروب عجلان لداخل الحصن. أما جماعة عجلان، الذين سبق لهم دخول ( الخوخة )، فقد صعدوا إلى الأبراج المطلة على السوق، وأخذوا يطلقون النار على رجال ابن سعود من ( المزاغل ). فتراجع المهاجمون، إلاّ عبدالله بن جلوي حيث كان أول من دخل الحصن وراح يطارد عجلان وأطلق عليه عياراً نارياً فأرداه قتيلاً في الحال. وجاء مصرعه قاضياً على معنويات جنوده وحراسه في الحامية. ونادى الأمير ابن سعود في رجاله فهجموا على الحصن بقوة وفتكوا بحراسه، وأبقى عبدالعزيز على حياة عشرين منهم. واستسلم الحصن لعبدالعزيز ومن ثم الرياض بأكملها في ( 5 شوال 1319هـ ).

و. نتيجة المعركة

الاستيلاء على قصر المصمك، وقتل عجلان، والاستيلاء على مدينة الرياض.

ز. خسائر الطرفين

(1) خسائر ابن سعود

قتل اثنان من رجاله، وجرح أربعة.

(2) خسائر ابن الرشيد

قَتْلُ عجلان حاكم الرياض، المعين من قِبل ابن الرشيد، وقَتْلُ معظم حِراسه إلاّ عشرين منهم، فقد أعطاهم ابن سعود الأمان.