إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الأولى (1157 ـ 1233هـ) (1744 ـ 1818م)






مناطق ضرما والوشم والسر
منطقة الوشم
منطقة الأفلاج والدواسر والسليل
منطقة الحوطة
منطقة الخرج
منطقتا سدير و(الغاط والزلفي)
وادي حنيفة وروافده
الرياض وفروع وادي حنيفة
الشعيب والمحمل
حملة إبراهيم باشا
عالية نجد



الفصل السادس

الفصل السادس

ملامح نظام الحكم والإدارة، في الدولة السعودية الأولى

 

أولاً: نظام الحكم

كان نظام الحكم في الدولة السعودية الأولى، يستند إلى أحكام الشرع، الواردة في القرآن الكريم والسُّنة النبوية. وقامت بتطبيق الحدود الشرعية على المخالفين.

1. الإمام (الحاكم)

وهو في قمة النظام السياسي. وهو الرئيس الأعلى للدولة، وصاحب السلطات الفعلية فيها. ولقب الإمام يشتمل علي الزعامتَين، الدينية والسياسية. والإمامة ليست منصباً حديث العهد، بل هي سلطة سياسية دينية، جرى عليها المسلمون، منذ عهد الخلفاء الراشدين، بعد النبي ـ r. فالإمام هو القائد العام للمسلمين. وهو رئيسهم في أمورهم الدينية.

والإمام هو المشرف العام على جميع شؤون الدولة. فهو يشرف على الأمور الحربية. وبيده حق إبرام معاهدات الصلح، وإعلان الحرب ضد العدو. ويشرف على شؤون الأمن في البلاد. وتحل عنده مسائل الخلافات المعقدة. ويشرف على شؤون البلاد المالية. وهو المتصرف والمسؤول الأول عن بيت المال. ويشرف على شؤون التعليم. ويهتم بأمر الفقراء والمساكين.

ومما يدعم سلطان الإمام، اعتماد الإمامة، في حكمها، على مبادئ الشرع والدستور الإسلامي، الذي لا يجرؤ أحد على مخالفته. وهذا ما يعطي الإمام صلاحية مطلقـة في العمـل والإشراف، ما دام متماشياً مع الشرع وموافقاً لتعاليمه.

كان الإمام في الدولة السعودية الأولى، يقود الجيوش الغازية، في أكثر الأوقات، باستثناء حالات المرض أو السفر، أو الظروف التي تحول دون مشاركته في الغزو. وفي مثل هذه الحالات، كان ينوب عنه ولي عهده.

ويقيم الإمام، ويمارس مهام عمله، في الدرعية، عاصمة الدولة السعودية الأولى. وكان له ديوان في قصره، يجتمع فيه إلى مستشاريه وقضاته وأمرائه ورؤساء الأقاليم والشيوخ والعلماء.

2. ولي العهد

كانت ولاية العهد، في الدولة السعودية الأولى، وراثية. ويعهد بها الإمام الحاكم إلى أكبر أبنائه . ويذكر ابن بشر، أن "الشيخ محمد (ابن عبدالوهاب) ـ رحمه الله تعالى ـ أمر أهل بلدان نجد، وغيرهم، أن يبايعوا سعود بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ وأن يكون ولي العهد، بعد أبيه، وذلك بأمر عبدالعزيز. فبايعه جميعهم". وكان ذلك في عام 1202هـ/1787م.

وعلى المنوال نفسه، جرت البيعة لعبدالله بن سعود، ولياً للعهد، في زمن أبيه، الإمام سعود.

ومن سلطات ولي العهد وواجباته، أنه ينوب عن الإمام، في القيام بمهام الدولة، أثناء غيابه، في حالات الغزو أو المرض أو العجز. وكان الإمام يعهد إلى ولي العهد بقيادة الجيوش الغازية، ويعده القائد العام لقواته. وكثيراً ما كان يمارس ولي العهد الأمور الحربية والإدارية، أثناء عهد أبيه، وذلك من أجل تدريبه، وإعداده للمستقبل، ولكي يتعرف بالناس ومشكلاتهم.

3. أمراء الأقاليم

بعد توسع الدولة السعودية، وفرض سيطرتها على نواحي نجد، وغيرها من مناطق شبه الجزيرة، صار الإمام السعودي، يعين على أقاليم دولته أمراء، يطلق عليهم لقب أمراء الأقاليم، أو حكام الأقاليم. ولم يكن واحد منهم من أفراد الأسرة السعودية. وقد وجدت هذه المناصب العليا في المناطق، لتسد الحاجة الإدارية، بعد أن توسعت الدولة، فشملت العديد من المناطق.

وقد راعى الإمام، أن يكون حكام الأقاليم ممن التزموا بتعاليم الدعوة السلفية، وأخلصوا ولاءهم للدولة السعودية ونظامها. أضف إلى هذا، أن الإمام، كان يقدر الرؤساء المحليين، لما لهم من نفوذ قوي عند جماعتهم، وفي مناطقهم، من جهة، ولأنهم أدرى بمشكلات سكان مناطقهم من غيرهم، لأنهم على صلة قوية بهم، من جهة أخرى.

ومنصب الأمير أو حاكم الإقليم، منصب مهم وحساس؛ لأنه من أهم مراكز القيادة في الدولة. فالأمير هو الممثل الأول للإمام، في إقليمه، والمسؤول العام عن الإقليم، وهو المشرف على إدارته وماليته. وهو المسؤول الأول عن قيادة غزوه، وتجميعه عند الطلب، وتجهيز القوات. وهو المسؤول عن جمع الزكاة والأعشار، وعن توزيع ما يرسله الإمام، من عطايا، إلى إقليمه. فالأمير يتمتع بسلطات واسعة، في إقليمه.

وعلى الرغم من هذه السلطات الواسعة الممنوحة أمراء الأقاليم، إلا أن شخصيتهم، القيادية والاعتبارية، تظل في مستوى أقل بكثير من مستوى الإمام، أو ولي العهد.

ومهما يكن من نفوذ هؤلاء الأمراء (حكام الأقاليم)، إلا أن هذا لم يعصمهم من العزل أو النقل أو السجن أو المحاكمة أو النفي، في حال مخالفتهم لنظم الدولة، أو إذا ثبت تلاعبهم وغشهم في عملية جمع الزكاة. وإن فرض مثل هذا العقوبات على الأفراد وتطبيقها، يعد دلالة واضحة على مدى ما يتحلى به الإمام من سلطات قوية.

وقامت أسر معينة، في الدولة السعودية الأولى، بمد الدولة بحكام للأقاليم، مثل آل عفيصان، ومطلق المطيري.

وإلى جانب أمير الإقليم، فإن هناك قاضي الشرع، الذي يقوم بالفصل في المخاصمات بين المتنازعين، ويشرف على تطبيق أحكام الدين في المنطقة، إضافة إلى الأمور الأخرى، التي تهم الجانب الديني في الإقليم. وللقضاء كلمة مسموعة عند الحكام والناس.

وهناك، أيضاً، عمال الزكاة، ووظيفتهم جمع الزكاة من السكان، طبقاً لأحكام الشرع الإسلامي. وبعد عملية جمع الزكاة، يقوم أمير الإقليم بإرسالها إلى بيت المال، في العاصمة.

4. الشورى

بعد أن حالف الإمام محمد بن سعود الشيخ محمد بن عبدالوهاب، صار يستشيره في كل الأمور، ولا يأخذ بأمر، إلا عن إذنه. وظل الحال هكذا، في أول عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد. فكان يستشير الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كل أمور الدولة، وبخاصة القضايا الدينية منها. إلى جانب هذا، كان الإمامان يستشيران العلماء، وأصحاب الرأي في البلاد، وبخاصة أولئك الذين يقيمون بالدرعية. ولكن، بعد اتساع الدولة، وتعقد شؤونها، فوض الشيخ محمد كل الأمور، السياسية والعسكرية، إلى الإمام عبدالعزيز. وتفرغ هو للأمور الدينية.

وقد تطور أمر الشورى في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، الذي كان يستشير العلماء والأمراء، وأبناء الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وشيوخ القبائل، وأصحاب الرأي في البلاد. وعند الحرب، كان الإمام يشكل مجلس شورى الحرب، من القادة، ورؤساء القبائل، وأصحاب الخبرة العسكرية. يقول ابن بشر، في سيرة الإمام سعود بن عبدالعزيز: "وكان ذا رأي باهر، وعقل وافر. ومع ذلك، إذا أهمه أمر، وأراد إنفاذ رأي، أرسل إلى خواصه، من رؤساء البوادي، واستشارهم. فإذا أخذ رأيهم، وخرجوا من عنده، أرسل إلى خواصه، وأهل الرأي من أهل الدرعية، ثم أخذ رأيهم. فإذا خرجوا من عنده، أرسل إلى أبناء الشيخ (محمد بن عبدالوهاب)، وأهل العلم من أهل الدرعية، واستشارهم. وكان رأيه يميل إلى رأيهم، ويظهر لهم ما عنده من الرأي".

وتنقسم الشورى إلى شورى خاصة، وأخرى عامة. فالشورى الخاصة، تضم عدداً من الأفراد والقضاة والفقهاء والقادة، وبعض أفراد الأسرة السعودية. وتجتمع هذه النخبة في العاصمة، حينما يأمر الإمام باجتماعها. ويكون لها دور كبير في حالات الحرب، أو عند تعيين ولي العهد، أخذاً بمبدأ الشورى.

والشورى العامة، كانت تعقد على شكل اجتماعات عامة، وفي مناسبات معينة، لدراسة بعض المشكلات، المتعلقة بالأقاليم، أو في حالة حدوث عصيان أو تمرد، من قبل بعض المناطق في الدولة.

ثانياً: النظام الحربي

لم يكن للدولة السعودية الأولى جيش منظم، بالمفهوم الذي نعرفه عن الجيوش المنظمة، المتخصصة بالشؤون الحربية. وإنما كان لها جيش جهاد، ينعقد لواؤه، لدى أمر الإمام بذلك، ويعلن النفير العام. وكانت تعبئة جيش الجهاد، كما ذكرها ابن بشر، في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، تتم بالطرق الآتية:

1. كان الإمام يرسل رجالاً (حواويش) من عنده، إلى القرى والمدن، والقبائل الخاضعة له، يحوشون (يجمعون) رجالها للغزو. ويأمر مشايخ هذه المناطق وعمالها، بأن يعد كل منهم العدد، الذي كان الإمام يحدده لكل قرية أو قبيلة أو منطقة، ومعهم رواحلهم ومؤنهم وذخيرتهم.

2. كان الإمام يحدد للجميع ميعاداً معيناً، في مكان معين. وعادة، يكون قرب ماء معروف لدى الجميع.

3. كان الإمام يرد إلى أهل القرية أو القبيلة من يقدمونه، ويعيدهم إذا تقاعسوا عن الوفاء بالعدد المطلوب، أو كان العدد الذي قدموه ضعيفاً، أو غير مجهز باللازم من المؤن والرواحل، أو تأخر العساكر عن موعدهم المضروب لهم. وبعد الغزو يبدأ بتأديب تلك القرية أو القبيلة.

4. كان الإمام يحدد للقرية أو القبيلة، المدة التي يستغرقها الغزو؛ ليعلم الجندي مقدار ما يكفيه من الزاد والذخيرة.

5. كان الإمام يَكِلُ الأمور في الدولة، إلى ولي عهده، أو أحد أبنائه، إذا حان وقت الخروج، بعد اكتمال الجموع. وكان خروجه، غالباً ما يكون يوم الخميس أو الإثنين.

ويصف المؤرخ النجدي، عثمان بن بشر، تنظيم القوات وطريقة القتال، في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، فيقول:

"كان الإمام يرسل إلى جميع البوادي حواويش، (رجال يحوشون الناس أي يجمعونهم) من أقطار شبه الجزيرة، للغزو معه، ويواعدهم يوماً معلوماً، على ماء معلوم. فلا يتخلف أحد منهم عن ذلك اليوم، ولا لذلك الموضوع. ويواعد، أيضاً، جميع المسلمين من أهل البلدان، موضعاً معلوماً. فيسارع الجميع إليه قبله. ثم يركب من الدرعية، إما يوم الخميس أو يوم الإثنين... فإذا سار، وجد جميع المسلمين على مواعيدهم. فيسير بجميع المسلمين، الحاضر والباد. وينزل في المنزل، قبل غروب الشمس. ويرحل، قبل شروقها. ويقيل الهاجرة. ولا يرحل حتى يصلي صلاتَي الجمع، الظهر والعصر. ويجتمع الناس، للدرس عنده، بين العشاءين (أي المغرب والعشاء)، كل يوم، إلا قليلاً، وعند كل ناحية من نواحي المسلمين. ويرتب في كل ناحية إماماً، يصلي بعد الإمام الأول، الذي يصلي بالعامة. فيصلي الثاني بالمتخلفين عند المتاع، والطباخين وغيرهم، من الموكلين بإصلاح الأحوال، وذلك لئلا يصلوا فرادى. فإذا قرب من العدو نحو ثلاثة أيام بعث عيونه أمامه. ثم عـدا، فلا يلبث حتى يبغتهم، وينزل قريباً منهم..".

كان القتال يبدأ بعد صلاة الصبح. ويبدأ الأفراد قتالهم بالتكبير. وكانت الحرب تعتمد على الشجاعة والكثرة في العدد، لأن فنون الحرب ونظمها التدريبية، تكاد تكون معدومة لديهم. ولكنهم يجيدون الكر والفر، وحرب السيف، وقتال الصحراء، وتحمّل أهواله.

كانت أسلحة مقاتلي الدولة، لا تزيد على كونها أسلحة بدائية تقليدية، هي البنادق، التي تضرب بالفتيلة، والسيوف والخناجر والسهام والرماح.

كان الإمام يوزع على جيش الجهاد، الغنائم التي يحصل عليها الجيش، بعد انتصاره. فكان الإمام يأخذ خمس الغنائم لبيت المال، ثم تباع الأخماس الأربعة الباقية، وتوزع على الجند. فكانت حصة الفارس سهمَين، وحصة الرجل سهماً واحداً. وكانت القوات الغازية تظل في حالة النفير هذه، حتى يصدر الإمام أمراً بانصرافها إلى أوطانها.

وكان هناك حاميات سعودية، تدخل في عداد الجند الثابت في الوظيفة العسكرية. وظيفتها المحافظة على الأمن والنظام في البلدان. وكانت تستبدل، كل عام. وكانت توجد في الدرعية والقطيف والهفوف والبريمي ومكة والمدينة والطائف، بعد انضمام الحجاز إلى الدولة، إضافة إلى الحرس الخاص للإمام وولي عهده والأمراء الآخرين.

ولم يكن للدولة السعودية الأولى سفن حربية، تشكل أسطولاً حربياً، على الرغم من أنها كانت تسيطر على أجزاء واسعة، من منطقة الخليج العربي. وإنما كانت تستعين، عند الحاجة، بسفن الغوص، التابعة للقبائل القاطنة في الساحل، التي تعمل في صيد الأسماك واللؤلؤ.

ثالثاً: النظام القضائي

قامت الدولة السعودية الأولى على أساس ديني، وسارت وفقاً لأحكام القرآن والسُّنة، واجتهادات السلف. لذا، فإن منصب القاضي، هو من المناصب الحساسة، والمهمة، في المنطقة، لأنها على احتكاك مباشر بالناس ومصالحهم الشخصية العامة.

ويشترط في من يتولى منصب القاضي، أن يكون من علماء الشرع، الذين لهم خبرة طويلة بممارسة العلوم الشرعية، كي يستطيع الفصل في المنازعات والشكاوى والقضايا، التي تعرض عليه، في منطقة عمله. وأن يكون من المشهود لهم بالنزاهة. وكان الإمام عبدالعزيز بن محمد، هو أول من عين قضاة في أقاليم الدولة السعودية وركز، في اختياره للقضاة، في أقدرهم وأشهرهم في ممارسة القضاء، وأعدلهم في الحكم والفصل في القضايا. وكانت تصرف للقضاة رواتب سنوية، من بيت المال.

وقد وزعت الدولة القضاة على جميع الأقاليم. والقاضي يأتي في الدرجة الأولى، من حيث الرتبة، بعد أمير الإقليم. ومنصب القاضي، يكاد يكون ثابتاً. وكثير من القضاة، خدموا الدولة مدة حياتهم. ويعود ذلك إلى كون منصب القاضي منصباً دينياً، يختلف تماماً عن المناصب، السياسية والإدارية، التي تتأثر، عادة، بالتغييرات، السياسية والإدارية. ويزيد في تثبيت القاضي عدله، وقوة شخصيته، وجرأته على تنفيذ أحكام الشرع، وبُعده عن الشبهات والأمور الضارة بمنصبه.

كانت الدولة السعودية الأولى، تنفذ أحكام الشرع في المخالفين والمجرمين. وكان القاضي يأخذ بالمذهب، الذي يراه أقرب إلى الصواب، وإن خالف ذلك مذهب الإمام أحمد بن حنبل. وكان لهذا الإجراء التطبيقي، أثر كبير في تفاوت الأحكام، في الحالات المتشابهة، والمتقاربة.

وبفضل تطبيق أحكام الشرع على المجرمين والمخالفين، في كل مناطق الدولة، وعدم التساهل في موضوع الأمن، بوصفه ضرورة ملحة للمصلحة العامة ـ ساد شعور عام لدى الناس، أن تنفيذ العقاب، أمر لا تهاون فيه. فقلّت نسبة الجرائم والمخالفات، مما ساعد على استتباب الأمن والنظام، وعمت أرجاء الدولة الطمأنينة والأمن، الذي كان مفقوداً، قبيل الدولة السعودية. يقول ابن بشر: "وأما أمان الرعية … فكان الراكب والراكبان والثلاثة، يسيرون، بالأموال العظيمة، من الدرعية والوشم وغيرهما من النواحي، إلى أقصى اليمن وينبع، البر والبحر، وعُمان، وغير ذلك، لا يخشون أحداً إلا الله، لا مكابراً، ولا سارقاً".

رابعاً: النظام المالي

كان للدولة السعودية بيت مال، موارده من:

1. الزكاة

زكاة الزروع والثمار، ومقدارها عشرة في المائة، إن سقيت بغير آلة، و5%، إن سقيت بآلة. وزكاة النقدَين: الذهب والفضة، وهي ربع العشر، أو 2.5%. وزكاة السائمة، من البقر والأغنام والإبل، فيدفع من يملك خمسة جمال شاة، أو ما يقابلها نقداً. وزكاة عروض التجارة، ومقدارها ربع العشر، أو 2.5%.

يقول ابن بشر، في صدد الزكاة، التي كانت تأخذها الدولة السعودية الأولى، في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، ما يلي:

"وأما عماله، الذين يبعثهم لقبض زكاة الإبل والغنم، من بوادي شبه جزيرة العرب، مما وراء الحرمَين الشريفَين، وعُمان واليمن والعراق والشام، وما بين ذلك، من بوادي نجد ـ فذكر لي بعض خواص سعود، ممن قد صار كاتباً عنده، قال: كان يبعث إلى تلك البوادي بضعاً وسبعين عاملة، كل عاملة سبعة رجال. وهم أمير وكاتب وحافظ دفتر وقابض للدراهم، التي تباع بها إبل الزكاة والغنم، وثلاثة رجال خدام لهؤلاء الأربعة، لأوامرهم، وجمع الإبل والأغنام المقبوضة في الزكاة، وغير ذلك. وتلك من غير عمال نواحي البلدان، من الحضر، لخرص الثمار، وعمال زكاة العروض والأثمان، وغير ذلك. وأخبرني ذلك الرجل، أن سعوداً بعث عماله لبوادي الغز، المعروفين في ناحية مصر . وبعث عماله، أيضاً، لبوادي يام، في نجران. وقبضوا من الجميع الزكاة. قال: وأتوا عمال آل فدعان المعروفين، من بوادي عنزة، بزكاتهم. فبلغت أربعين ألف ريال، من غير خرج العمال، وثمان أفراس من الخيل الجياد . . . والذي يأخذه سعود على بندر اللحية، المعروفة في اليمن، مائة وخمسون ريال، وهو لا يأخذ إلا ربع العشر. ومن بندر الحديدة نحو ذلك. ويأتي من بوادي عنزة، أهل خيبر، شيء كثير. قال: والذي يحصل من بيت مال الأحساء، يقيم أثلاثاً، ثلث يدخره لثغوره وخراجاً لأهلها والمرابطة فيه، وثلث خراجاً لخيالته ونوابه، وما يخرجه لقصره وبيوت بنيه، وبيت آل الشيخ وغيرهم في الدرعية، وثلث يباع بدراهم، وتكون عند عماله، لعطاياه وولاته. قال: ويحصل بعد ذلك ثمانون ألف ريال، تظهر للدرعية. قلت وأما غير ذلك مما يجبى إلى الدرعية من الأموال، من القطيف والبحرين وعُمان واليمن وتهامة والحجاز وغير ذلك، وزكاة ثمار نجد وعروضها وأثمانها ـ لا يستطيع أحد عدّه، ولا يبلغه حصره، ولا حده وما ينقل إليها من الأخماس والغنائم أضعاف ذلك".

ويذكر بوكهارت، أن زكاة الدولة السعودية الأولى، كانت تصل إلى حوالي مليونَي ريال. وقد أورد ذلك، نقلاً عن بعض أّهالي مكة المكرمة. ويتفق ما رواه بوكهارت مع ما ذكره صاحب "لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهاب"، أن زكاة الدولة السعودية الأولى وصلت إلى أكثر من مليونَي ريال.

وهذا جدول الزكاة، في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز:

المنطقة

مقدار الزكاة بالريالات

بوادي نجد

400 ألف

بوادي اليمن وتهامة وعمان

500 ألف

الأحساء

400 ألف

القطيف

200 ألف

البحرين

40 ألفاً

الحجاز

200 ألف

رأس الخيمة

120 ألفاً

عُمان

150 ألفاً

محاصيل الأملاك في نجد والأحساء

300 ألف

الجملة

2310000

2. خمس الغنائم

والمصدر الثاني لبيت المال، ما كان يصله من خمس الغنائم. وهو يشكل نسبة كبيرة من وارداته. الجدير بالذكر، أن خمس الغنائم، كان يصل من كل أقاليم الدولة، التي تقوم فيها غزوات، ترتب عليها وجود غنائم، كثرت هذه الغنائم أو قلت. فكان على أمير الإقليم، أن يجمع خمسها، ويرسله إلى الدرعية، ليوضع في بيت المال. ويمكن تعرف أهمية هذا المورد، عند النظر إلى ازدياد الغزوات. ومن الواضح، أن حجم هذا المورد يزداد ويقلّ، تبعاً لزيادة الغزوات وقلتّها.

3. الأموال المصادرة

كان النظام السعودي، يقضي بمصادرة أموال الخارجين عن الأمن، والعابثين به، وضمها إلى بيت المال، إضافة إلى العقاب الجسماني.

وكانت الدولة السعودية، تقوم بالإنفاق من بيت المال، على الأوجه الشرعية الآتية:

·      كانت الدولة تدفع من بيت مالها إلى من لهم حق في الزكاة، من الفقراء والمساكين، بالقدر الذي يكفل الحياة.

·      كانت الدولة تخصص مبلغاً من المال، ليصرف على أبناء السبيل. فتقدم إليهم الطعام والإقامة، وبعض الأموال اللازمة لسفرهم إلى بلادهم. وقد عممت ذلك في كل أقاليمها، بتخصيص مبلغ من المال لكل إقليم، ليصرف على هذا الباب.

·      كانت الدولة تخصص مبالغ من بيت المال، لبناء المساجد، ولتصرف على حلقات الدروس فيها، وعلى علمائها وطلاب العلم، وعلى الأئمة والمؤذنين.

·      كانت الدولة تدفع من بيت المال أجور العمال، الذين يقومون بجباية الزكاة. وكانت تدفع رواتب القضاة وأمراء المناطق، وجنود الحاميات السعودية، في المناطق، الذين يؤدون مهمة الأمن والحراسة والحسبة. إلى جانب مخصصات الأمراء، الذين يقودون الجيوش في القتال، ويشاركون في إدارة شؤون الدولة وأعمالها.

·     كانت الدولة تخصص مبلغاً لمصروفات الضيافة، ولمساعدة المتضررين من جراء النكبات والكوارث، التي تحل بالبلاد، والتي تؤثر في السكان. كما خصصت الدولة مبلغاً من المال، لسد حاجات بعض الأقاليم، التي لا تكفي واردات بيت مال كلٍّ منها مصروفاته وحاجاته. إضافة إلى هذا كله، فقد خصصت الدولة مبلغاً من المال، للمشروعات الاجتماعية، والصدقات.