إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / أسماء الرسول، عليه الصلاة والسلام









1

1. علاقة الاسم بالمسمى

ترتبط الأسماء بالمسميات بعلاقة تلازم، بحيث إذا ذكر الاسم، لزم استحضار معنى المسمى، فهو يدل عليه دلالة لزوم وتعين. وتتضح هذه العلاقة اتضاحاً جلياً، من خلال بيان المطلبين التاليين:

أ. مفهوم الاسم، في اللغة

الاسم هو اللفظ الموضوع، لتعيين معنى أو تمييزه. وقد اختُلف في أصل اشتقاقه فقيل: إنه من (السِّمة)، بمعنى العلامة؛ وقيل: من (السُّمو)، وهو العلو؛ وهو الأرجح؛ لأنه في التصغير، يُردُّ إلى السمو، فيقال (سُمَيُّ)، وكذلك في جمع التكسير (أسماء).

والاسم ليس هو المُسمَّى نفسه، كما زعم بعضهم؛ فإن الاسم هو اللفظ الدال؛ والمسمى هو المعنى المدلول عليه بذلك الاسم. وليس الاسم، كذلك، التسمية نفسها، لأن التسمية فعل من أفعال المُسمِّى، ويقال: سميت ولدي محمداً، أي أنى القائم بإطلاق اسم محمد على ابني. فهناك ثلاث مستويات من الفهم، هي ، مسمِّ وهو الأب؛ ومُسمًّى، وهو الولد؛ والاسم وهو محمد.

ب. مكانة الأسماء عند العرب، ودلالة تعددها

تدل كثرة الأسماء، المشعرة بكثرة النعوت والأوصاف، على شرف المُسَمَّى؛ لأن كثرة الأسماء، هي عنوان العناية بالمسمَّى، والاحتفاء بشأنه، والتنويه بذِكْره. لذلك، حاولت العرب التمييز بين المسَّميات بالأسماء الكثيرة، الدالة على مكانتها، والناطقة بسموّها، وذلك في ضوء المناسبة بين كل اسم ومسماه.

لذلك، فإن الأسماء تُعَدّ قوالب للمعاني، تدل عليها. وقد اقتضت الحكمة، أن يكون بينهما ارتباط وتلاؤم؛، وألا يكون المعنى بمنزلة الأجنبي المحض منها، الذي لا تعلق له بها؛ فإن الواقع يشهد بخلاف ذلك؛ إذ إن للأسماء تأثيراً في المسميات، وللمسميات تأثيراً في أسمائها، في الحسن والقبح، والخفة والنقل، كما قيل:

وقلَّ أن أَبْصرتْ عيناك ذا لقبٍ                    إلاّ ومعناه، إن فكرت، في لقبه

وكان النبي r يستحب الاسم الحسن، وأمر إذا أُرسل إليه رسول، أن يكون حسن الاسم، حسن الوجه. وكان يأخذ المعاني من أسمائها، في المنام واليقظة. فقد رأى في منامه، أنه وأصحابه في دار عقبة بن رافع، فأُتُو برطب، قد طاب، فأوّله بأن لهم العاقبة في الدنيا، والرفعة في الآخرة، وأن الدِّين، الذي اختاره الله لهم، قد أرطب وطاب.

ولمَّا جاءه سهيل بن عمرو، يوم الحديبية، ليعقد معه الصُّلح، تأول الرسول ذلك سهولة الأمر.

كذلك، كان الرسول يكره الأماكن ذات الأسماء المُنكرة، ويكره المرور فيها. فقد مرّ، في إحدى غزواته، بجبلين، فسأل عن اسميهما، فقالوا: فاضح ومخز؛ فعدل عنهما، ولم يجز بينهما. وقد ثبت عنه أنه غيَّر اسم "عاصية"، وقال: أنت جميلة. وغير اسم "حزن"، جد سعيد بن المسيب، وجعله "سهلاً".

ولأجل الارتباط والتواؤم والقرابة، بين الأسماء والمسميات، بما يشبه الترابط بين الأرواح والأجساد، فإن العقل، كما يرى ابن القيم، يعبر من أحدهما إلى الآخر. كما كان إياس بن معاوية يرى الشخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت، فلا يكاد يخطئ.

لذلك، لما قدم النبي المدينة، غير اسم "يثرب"، الذي كانت تعرف به، إلى "طيبة"؛ لأنه قد زال عنها ما يقتضيه لفظ "يثرب" من التثريب، واستحقت لفظ "طيبة"، بما يعنيه من الطيب، الذي ازدادت به إلى طيبها.

يضاف إلى كل ذلك، أن الاسم هو أحد مراتب الوجود الأربعة للأشياء؛ فالشيء له وجود عيني، ووجود في الأذهان، ووجود في اللسان، ووجود في الكتب. بل إن الاسم يكون هو الملفوظ باللسان، والمكتوب في السجلات، وفي كليهما يدل على مسماه، ولا يتخلف عنه.