إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / أسماء الرسول، عليه الصلاة والسلام









2

2. وجوب معرفة أسماء الرسول r

لمّا كانت الأسماء مرتبطة بالمسميات ارتباط مصاحبة وتلازم، فإن ذلك يستوجب على المسلمين، بل على غيرهم من البشر، معرفة أسماء النبي r معرفة ترفع الجهل، وتمنع الخلط، وتحقق التفرقة بين رسول الله r، وخاتم أنبيائه، وبين غيره من الناس.

وهذه المعرفة المطلوبة، تقتضيها أمور تتعلق بالمسمَّى، وأمور تتعلق بالأسماء ذاتها. فمن الأمور التي تتعلق بالمسمَّى:

أ. أمر الله العباد أن يؤمنوا به وبرسوله ]فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[ (سورة التغابن: الآية 8). ويتطلب الإيمان بالرسول r معرفة فضله ورفعته، وهما يتجليان في أسمائه.

ب. قرن إتباعه بمحبة الله ومغفرته ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم[ (سورة آل عمران: الآية 31). وهذا يتطلب البحث عن خصائصه وأعماله المتضمنة في أسمائه.

ج. أحل الله تعالى رسوله مقاماً، لا ينبغي لأحد غيره؛ فجعل طاعته من طاعة الله ]مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ[ (سورة النساء: الآية 80). وجعل مبايعته، يوم بيعة الرضوان، مبايعة لله ]إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ[ (سورة الفتح: الآية 10).

د. أقسم بحياة رسوله ]لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ[ (سورة الحجر: الآية 72). والإقسام بحياة شخص دليل على شرف حياته وشرف أسمائه؛ لما فيها من الإكرام والبركات.

هـ. وبَّخ الله من لم يعرف الرسول ] rأَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ[ (سورة المؤمنون: الآية 69).

ومعرفة الرسول متعلقة بمعرفة أسمائه. ومن الأمور المتعلقة بالأسماء:

أ. ذِكرها في القرآن، وفي السنَّة النبوية، في غير موضع، تنبيهاً على أهميتها وضرورتها.

ب. ارتباطها بتوحيد الله وذكره وصلاته، وصلاة أنبيائه؛ فاسم النبي مرتبط بلفظ الجلالة، في شهادة التوحيد، ]إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ (سورة الأحزاب: الآية 56).

ج. اطلاع المرء على أسماء النبي، المتضمنة أوصافه وشمائله، يعطي صورة حسنة، فتطبع في القلب مع كل اسم، وفى المخيلة مع كل دلالة، فكل الإنسان يرى الحبيب المصطفى، كما قال أحد العارفين:

أخـلاي، إن شـط الحبيـب وربعـه             وعـز تلاقيـه، ونـاءت منازلــه

وفاتـكم أن تنظـروه بعينكــــم              فمـا فاتكم بالسمع، هذي شمائلــه

د. الاسم يُذكِّر بالمسمى، ويقتضي التعليق بمعناه وبخصاله. لذلك روي عن النبي قوله ]تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 4299). لأنهم أشرف الناس أخلاقا، وأصلحهم أعمالاً.

هـ. تعداد أسماء مدعاة لحصول الثواب وجزيل المثوبة، كما قـال الشاعر:

صلـوا عليـه، كلَّمـا صليتــــم               لـتروا بـه، يـوم النجـاة، نجاحـــا

صلـوا عليـه، كلمـا ذُكـر اسمـه               في كـل حـين، غـدوة ورواحــــا

فعلى الصحيـح صلاتكم فـرض، إذا               ذكـر اسمه، وسمعتمـوه صراحـــا

و. تعلق معرفة أسماء النبي بأمر الله ونهيه؛ إذ نهى الله تعالى عن نداء النبي باسمه مجرداً ]لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ (سورة النور: الآية 63).

ز. إخبار القرآن، أن الله قد أعلى من ذكر محمد r، كما ورد في سورة الانشراح[1].

ورفعة ذكر الرسول r تتضمن أمرين:

الأول: ألاّ يذكر الله سبحانه إلاّ ذكر معه، ولا تصح للأمة خطبة، ولا تشهّد، أو شهادة توحيد، حتى يشهدوا أنه عبده ورسوله. كذلك، لا يصح الأذان، وهو شعار الصلاة، عماد الدين، من دون الشهادة بأن محمداً رسول الله r.

والثاني: الاقتداء بأسلوب القرآن في انتقاء أحب الأسماء إلى النبي r ليُخاطب بها، مثل: "يا أيها الرسول"، "يا أيها المزمل"، "يا أيها المدثر"، إمعاناً في تعظيمه وتوقيره وإعلاء شأنه r.

ح. أن الله تعالى قد سمى محمداً، من السماء، ووضع له اسماً علماً، هو "أحمد"، لم يكن يناديه به قومه، وأسماء أخرى، وصفية أو وظيفية، قال تعالى ]وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ[ (سورة الصف: الآية 6).



[1] سورة الانشراح، الآيات 1-6