إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / أسماء الرسول، عليه الصلاة والسلام









7

7. شبهات حول أسماء الرسول r

زعم بعض المستشرقين، أن اسم النبي r، "أحمد"، لم يوجد في زمنه. وادعوا أن الآية الكريمة، التي جاء فيها: ]وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ[ (سورة الصف: الآية 6)، لم تكن موجودة في القرآن، زمن حياة النبي r؛ وأن المسلمين، أضافوا هذه الآية إلى القرآن، بعد سنة 135 من الهجرة النبوية. وقد رأوا ـ أو ادعوا ـ أن هذا الاسم، لم يستعمل من قبل ذلك؛ واحتجوا لذلك بالأدلة الآتية:

أ. أن ابن إسحاق، وابن هشام، قد بيّنا، في كتابيهما، أن اسم "محمنا Mohammna، باللغة السريانية، هو "محمد"، في الحقيقة؛ وهذا هو الاسم، الذي يقال له: "بيركليطس Prakletos باللغة اليونانيـة. وأن هذين المؤرخين، لم يكتبا اسم النبي "أحمد" في سيرتيهما، ولم ينقلا هذه الآية: ]وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ[ (سورة الصف: الآية6).

ب. أن النحاة، وأهل اللغة، لم يعدوا عبارة "اسمه أحمد" من اللغة الفصيحة.

ج. أن اسم "أحمد"، قد استُعمل وراج، بعد وفاة النبي r. وأن كتب القدماء، لم تستعمل هذا الاسم للنبي. وأن كتب التاريخ والسّيَر والمغازي، لم تذكر هذا الاسم؛ ولعل اسم "أحمد"، قد أخذ من أحد الأناجيل، لأنه قيل في موضع منها: He shall glorify me، ومعناه، أن الرسول r، الذي سيأتي، سيعظم اسمي ويجله. ولعل المسلمين أخذوا هذا التعريف من الإنجيل، ثم اخترعوا له اسم "أحمد". وأن ابن إسحاق، لم يرض بهذا الاسم، لأنه يشابه ما جاء في الإنجيل.

ومما يبطل هذا الإدعاء، ويكشف غلطه.

أ. أن ابن إسحاق، لم يقتبس جميع الآيات المتعلقة بالنبي r، في أبحاثه. ولم يلزم نفسه، في كتابه، أن ينقل الآيات، كما زعم المستشرق؛ فلم يكن هناك داع لنقل آيات القرآن، في كتابه "السيرة النبوية" وبعبارة صريحة واضحة، ليس تركه لهذه الآية دليلاً على انتحالها. ثم إن الأمة الإسلامية، تعرف، من قديم الزمان، هذا الاسم، ولم ينكره عالم من علمائها، ولا فرقة من فرقها، في أي من الأزمان، وأي قطر من الأقطار، بل إن المسلمين، قد أيقنوا أنه من أسماء النبي؛ لأنه ورد في القرآن؛ وأجمعت الأمة، أن القرآن لم يحذف منه حرف، ولم تبدل فيه آية، ومن ثم، نرى أن المسلمين، في العالم الإسلامي كله، يسمون أولادهم باسم "أحمد"، لشرف الانتساب إليه، كما يسمونهم "محمداً". ولم يشك في ذلك شاك، عبر القرون الطويلة إلى الآن، ولو كان الأمر كذلك، لأبرزه الزنادقة والملاحدة، في العصر العباسي؛ ولو عرفه الشعوبيون، لحملوا به على الإسلام، ولاحتجوا به على أن القرآن محرف. ولكن هذا المعنى، أو هذا الاتهام، لم يخطر ببال أحد؛ لأنه لا يقوم على أساس، كما توهّم المستشرق "منتجومري وات"؛ أمّا ابن إسحاق، فبين، في باب "صفة رسول الله من الإنجيل"، أخبار النبي، التي توجد في الإنجيل، ولم يكن هناك داع لنقل الآيات من القرآن.

ومن العجب، أن يستنتج من هذا الأمر، أن ابن إسحاق، لم يعتمد على هذه الآية؛ لأنه خالها، كما زعم هذا المستشرق، محرفة! فمن أين تسرب إليه هذا الوهم، أو هذا الزعم؟ إن نقله الآيات، لا يثبت صحتها، كما أن تركه إيّاها لا يثبت بطلانها!

ب. ومما يثير السخرية، أن يزعم أحد، أن هذه الآية، ليست بصحيحة، من جهة اللغة والنحو، فإن من له أقل إلمام باللغة العربية، لا يرى في هذه الآية ما يخالف النحو، وذلك مما يدل على أن هذا المستشرق، ليس له علم باللغة العربية؛ فكيف يتطاول، إلى أن يتهم القــرآن بالتحريف!

ج. ومن الخرافة قوله: إن المسلمين، أخذوا اسم "أحمد" من "الإنجيل"، من دون أن يعتمد في ذلك على حجة أو دليل. أمّا قوله: إن استعمال اسم "النبي" r، كان بعد وفاته، فهو، كذلك، قول يدل على الجهـل؛ لأن اسم النبي "أحمد" كان شهيراً، في زمن النبي r. وقد استعمل الشعراء هذا الاسم في أشعارهم، وذكروا "أحمد" و "محمداً" كليهما، وإن حسان بن ثابت نفسه، قد استعمل هذا الاسم مراراً؛ فكيف يدعي المستشرق (مونتجومري)، مع هذه الأدلة الواضحة، أن اسم النبي r، "أحمد"، لم يعرف في زمانه، بل سمي به، بعد وفاته!.

لقد عرف الشعراء اسم "أحمد"، وذكروه في أشعارهم، ومنها على سبيل المثال قول عطية بــن يغوث:

فوارسـنا من خير فرسان أحمـد                     لهم همة، تعلو على همم الدهر

وقول كعب بن مالك:

يرى القتل مدحاً ـ إن أصاب شهادة                   من الله يرجوها، وفوزاً بأحمد

يمكن القول، إن أسماء النبي r، تمثل معجماً لأخلاقه؛ ذلك أنها، باستثناء العلمين الوحيدين، "محمد" و"أحمد"، ما هي إلا صفات أو خصائص له. وقد تضمن ذلك المعجم العشرات من أعماله، وخصاله، ووظائفه، ومقاماته، ودرجاته، وعطاياه، وأسباب محامده وفضائله.

ولما كانت تلك الصفات أكثر من أن تحصى؛ نظراً إلى عظمة قدر صاحبها، ورفعة شأنه، فقد اجتهدت العقول في إحصائها، وتباينت معها نتائج العد والإحصاء، تبعاً لدرجة التوفيق، التي صاحبت أصحاب الكتب والمصنفات في أسماء الرسول r.

لكن، يبقى، في النهاية، أن أسماءه، ستظل دليلاً، وشاهداً على نبوّته، وكذلك، على عظمته، وعلوّ مقامه، ورفعة ذِكْره، يكفى أن اسمه الكريم، "محمداً" تردده المآذن، في كل أرجاء المعمورة، وعلى مدار اليوم والليلة. كما لا يفتأ المسلم يذكره في تشهده، في الخمس المكتوبة، والنافلة المأثورة. كما لا يفتأ المسلم، خارج صلاته، يصلى عليه، وعلى آله، كلما سمع اسمه مذكوراً في الكتاب الكريم، وفى الحديث الشريف، وعلى ألسنة العلماء والحكماء.