إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة




نملة
لوحة الألوان
وجبة طعام من الكمأة
نجم يتهاوى على نفسه
مجموعة من المجرات
نحلة
نحلة مخبرة
مدخل مسكن نمل
مجرتنا
مركز المجرة M 87
مستعمرة نمل
أغلفة القمح
أغلفة حبوب القمح
الموج الداخلي
الموج السطحي
الملكة والذكر والشغالة
البحر المسجور
البحر العميق
السحاب
الكمأة
الكمأة بحجمها الطبيعي
الكمأة كغذاء
العين
انفجار أحد النجوم
القلب من الداخل
اتصال صدوع الأرض
ثمار الزيتون
تلسكوب راديوي
بيوت النحل
بيوض النملة
تجمعات النجوم بالمجرة
بحر مشتعل
بعض أنواع العسل
ثقب أسود
خلايا سداسية
دماغ نملة
خلية من جسم إنسان
جاذبية الثقب الأسود للضوء
جبل
حبوب القمح
جبال الهيمالايا
خدعة الألوان والأشكال المتباينة
جسم النملة الصلب
رأس نملة
رجل نملة
رجل بقلب صناعي
سنبلة قمح
صورة وتد
صورة عملية زراعة قلب اصطناعي
سحابة غبار كوني
زيت زيتون
شجر زيتون
شجرة زيتون معمرة
كمأة من نوع الزبيدي
كمأة جدري الأرض
عناقيد مجرات
غواصة في أعماق البحر
غبار الطلع
عين نملة
عين مصابة بالتراكوما
عين النحلة
فم نملة
فم نحلة
فك نملة
قلب إنسان
قمة جبل أفرست
قرن استشعار نحلة
قرون استشعار نملة

من أشكال الخدع الهندسية
مثلث بانروز
مجسم لجذر جبل ممتد
مربع الألوان المتباينة
مكة والمراكز الجغرافية للعالم الجديد
مكة والحدود البعيدة للعالم الجديد
مكة والحدود القريبة للعالم الجديد
مكة مركز العالم القديم
مكة مركز العالم القديم والجديد
الموج السطحي والموج العميق
المجال المغناطيسي للقلب
امتصاص الألوان في البحر السطحي
الشكل الأصلي لخدعة المسيح
الصفيحة العربية
تأثير القلب على الدماغ
تيارات الحمل العملاقة
خداع في انحناء المستقيمات
خداع في الطول
خدعة ميلار ليار
خدعة المسيح
خدعة ثلاثية الأبعاد
خدعة ثلاثية الأبعاد مزدوجة
خدعة ثلاثية الأبعاد حلزونية
خدعة باكمان
حركة الصفائح
جذور الجبال
قياس بعد النجوم بالتزيح




المقدمة

المبحث الأول

الإعجاز العلمي والإعجاز القرآني

أولاً: الإعجاز العلمي (معناه، وتاريخه، ومزاياه):

1. معني الإعجاز العلمي

اختلفت الآراء حول تعريف الإعجاز العلمي حتى أن بعض العلماء والباحثين خلطوا بين الإعجاز العلمي والإعجاز القرآني، غير أن أقرب الآراء حول تعريفه تقول: إنه: "الحقيقة العلمية التي تم اكتشافها في هذا العصر أو الحقائق العلمية التي سوف تكتشف في المستقبل ولم تكن معروفة من قبل، وورد ذكرها في القرآن الكريم وأحاديث رسول الله e لتقوم دليلاً على أن الذي أوجد هذه الحقيقة العلمية هو الذي أنزل القرآن الكريم، وهو الذي أوحى إلى عبده ورسوله e بتلك الحقائق الواردة في أحاديثه e منذ أكثر من 1400 سنة".

ويعرفه د. زغلول النجار في كتابه بمعنى السبق والفوت وهو مصدر من (أعجز)، يقال أعجزت فلاناً أي جعلته عاجزاً عن أداء ما نافسته فيه، والمعجزة مشتقة من (الإعجاز) وهى اسم فاعل له، ولحقتها تاء التأنيث بعد نقلها من الوصفية إلى الاسمية.

لا يعتمد الإعجاز العلمي في القرآن والسنة على الفروض أو النظريات أو الغيبيات، بل يعتمد على حقائق علمية منظورة أو مرئية أو ملموسة أو خاضعة للتجارب المعملية ولا تقبل التغيير أو التبديل في المستقبل كتلك الحقيقة التي تقول بأن الشمس تشرق من الشرق وتغرب في الغرب، ويصف السيوطي الإعجاز العلمي في كتابه (الاتفاق في علوم القرآن)، بأنه أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي، سالم عن المعارضة.

ودراسة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة تهدف إلى إظهار عدم وجود تناقض بين حقائق الكون ونظامه وبين كلام الله تبارك وتعالى وأحاديث رسوله e، يقول د/ محمد شريف: "ولا غرابة في اتصال القرآن الكريم بالعلوم جميعها، فما العلوم إلا نتاج تطلب الإنسان لأسرار الفطرة، والقرآن الكريم هو كلام الله فاطر الفطرة، فلا غرو أن يتطابق القرآن والفطرة وتتجاوب كلماتهما وأن كانت الفطرة وقائع وسنن، وكلمات القرآن الكريم عبارات وآيات تتضح منها إشارات وتنبههم وفق ما اقتضته وتقتضيه حكمة الله في مخاطبة خلقه، ليأخذ كل منها على قدر ما أوتى من العلم والفهم".

هذه تعريفات فيما نظن – تهمّ القارئ لينطلق من مفاهيم سليمة وتعريفات صحيحة للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وينأى عن تلك التعريفات التي تحيّر الفكر، وتشتت الذهن.

2. تاريخه

على الرغم من أن موضوع الإعجاز العلمي لم يتناوله العلماء والباحثون إلا منذ فترة قصيرة في أواخر القرن العشرين، إلا أن إبراهيم u قد استخدمه من قبل حين تحاور مع الملك الجبار الذي حاجه في ربه، حيث قال إبراهيم u للملك الجبار: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)، قال الملك الجبار: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) متحدياً إبراهيم u ومؤكداً أنه يستطيع أن يحيى ويميت كما يفعل رب إبراهيم u وذلك بأن يحكم بالموت على أحد ثم يعفو عنه، فكأنما أحياه بعد موته.

واستخدم إبراهيم u أسلوب الإعجاز العلمي حين عرض عليه (حقيقة علمية هي شروق الشمس من المشرق) وهى حقيقة علمية لا تتبدل ولا تتغير يعرفها الملك الجبار ويعرفها غيره، فطلب إبراهيم u منه إن يأتي بها من المغرب فبهت الملك الجبار (أي أسكت بعد انقطاع حجته) قال تعالى في ذلك:) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  ((سورة البقرة: الآية 258).

فالإعجاز العلمي معروف قديما، وقد قام العلماء المسلمون في أواخر القرن العشرين بأحياء هذا العلم واستخدامه بتوسع؛ باعتباره اللغة التي يفهمها الغرب عن الإسلام والمسلمين الآن، لقد فسر المفسرون في الماضي الآيات القرآنية تفسيراً علميا محدودا لعدم وجود هذا التطور العلمي الهائل في عصرهم. كالذي نشهده الآن، وبديهي أن يتباين موقف العلماء من تلك الإشارات الكونية بتباين الأفراد وخلفياتهم الثقافية وأزمانهم، وباتساع دائرة المعرفة الإنسانية في مجال الدراسات الكونية التي تعرف اليوم باسم " دراسات العلوم البحتة والتطبيقية " تزداد رؤية العلماء لتلك الإشارات الكونية عصراً بعد عصر.

والإمام الغزالي (505هـ) هو وأول من بسط القول في ذلك في كتابيه "إحياء علوم الدين ـ وجواهر القرآن" حيث أشار إلى أن القرآن الكريم يشمل العلوم جميعاً، وأن من صور إعجاز القرآن الكريم اشتماله على كل شيء، وأن كل العلوم تشعبت من القرآن الكريم، حتى علم الهيئة (الفلك)، والنجوم، والطب.... إلى آخر ما ذكر فكلها كما يرى تشعبت منه.

وتبع الإمام الغزالي في ذلك كثيرون من أشهرهم "الإمام الفخر الرازي" (606هـ)، وفضيلة الشيخ "طنطاوي جوهر" (1359هـ)، وكثير من العلماء الأعلام المعاصرين الذين أضافوا إضافات أصيلة إلى هذا الموضوع.

ويعتبر تفسير الرازي "مفاتيح الغيب" أول تفسير يفيض في بيان المسائل العلمية والفلسفية، فقد كان على دراية بذلك، كما يعتبر تفسير الشيخ طنطاوي جوهري "الجواهر في تفسير القرآن الكريم"[1] تفسيراً يتجاوب مع روح العصر وما وصلت إليه المعرفة الإنسانية في مجال دراسات الكون وما فيه من أجرام سماوية ومن عوالم الجمادات والأحياء، ومن الظواهر الكونية التي تصاحبها، والسنن الإلهية التي تحكمها ليبرهن للقارئ أن كتاب الله الخالد قد أحاط بالكون في تفصيل، وبيان، وإيضاح، غفل عنه كثير من السابقين، وأنه بحق ينطوي على كل ما وصل وما سيصل إليه البشر من معارف.

وقد نعى الشيخ الجوهري على علماء المسلمين إهمالهم للجانب العلمي في القرآن الكريم، وتركيز جهودهم على الجوانب البيانية والفقهية فقط بقوله:" لماذا ألف علماء الإسلام عشرات الألوف من الكتب في علم الفقه، وعِلم الفقه ليس له في القرآن الكريم إلا آيات قلائل لاتصل إلى مائة وخمسين آية ؟ فلماذا كثر التأليف في علم الفقه وقل جدا في علوم الكائنات التي لا تكاد تخلو منها سورة". وقد ظهرت مؤلفات عديدة تعالج هذا الموضوع.

3. مزاياه

يمكن تلخيص مزايا الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في الآتي:

أ. لغير المسلمين

تعريفهم بهذا الدين الحنيف، وإقامة الدليل والحجة على أن الحقائق العلمية التي يكتشفونها ويعلنون عنها الآن بأنفسهم أو بغيرهم قد ورد ذكرها في القرآن الكريم وأحاديث رسول الله e والسنة منذ أكثر من 1400 سنة، فبذلك يعيدون النظر في مفهومهم ورؤيتهم لكتاب الله وأحاديث رسول الله e. فالذين لا يدينون بدين الإسلام لا يعرفون إلا لغة الأرقام، ولغة المادة، ولغة الحقائق الملموسة أو المرئية، كما أنهم لا يؤمنون بالغيبيات التي يؤمن بها المسلمون.

ويعتبر الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وسيلة وأداة عصرية مهمة يمكن من خلالها إظهار عظمة الدين الإسلامي، باشتماله على هذه العلوم الحديثة والاختراعات الجديدة، كما أن هذا الإعجاز يؤكد أن القرآن الكريم لم يحرّف، منذ أن أنزله الله على رسوله الكريم e ولن يحرّف حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ب. للمسلمين

زيادة إيمان المسلمين عندما يتأكدون أن الحقائق العلمية التي يكتشفها العلماء الآن قد ورد ذكرها في كتاب الله وفى أحاديث رسوله e منذ أكثر من 1400 سنة، برغم أنهم ليسوا في حاجة إلى ذلك لوجود إيمان راسخ عندهم بأن ما جاء في كتاب الله وفي أحاديث رسول الله e كلها من عند الله، دون حاجة إلى إقناع عن طريق الإعجاز العلمي أو غيره لقوله تعالى: ) الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)( (سورة البقرة: الآيات 1 – 5).

ثانياً: الفرق بين الإعجاز العلمي والإعجاز القرآني

يوجد خلط بين معنى الإعجاز العلمي، والإعجاز القرآني، هذا الخلط يقع فيه بعض المتحدثين، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أن هناك فرقاً كبيراً بين (الإعجاز العلمي والإعجاز القرآني)، فالإعجاز القرآني يعنى كل نواحي الإعجاز التي وردت في القرآن الكريم مثل (الإعجاز اللفظي والبياني والدلالي بما فيه من قواعد عقدية أو أوامر تعبدية، أو قيم أخلاقية، أو ضوابط سلوكية، أو أحداث تاريخية، أو إشارات علمية تشير إلى شيء من هذا الكون الفسيح وما فيه من ظواهر وسنن وكائنات. فكل تشريع وقصة وواقعة تاريخية ووسيلة تربوية، ونبؤه مستقبلية، وإشارة تنظيمية، وخطاب إلى النفس الإنسانية هو أعجاز قرآني.

ويرى بعض المتحدثين أن جمال الإعجاز القرآني في بيانه ودقة نظمه وكمال بلاغته وروعة معانيه وشمولها واتساقها ودقة صياغتها وقدرتها على مخاطبة الناس على اختلاف مداركهم وأزمانهم، وإشعاعها بجلال الربوبية في كل آية من آياته.

ورأى البعض الأخر أن أعجاز القرآن في كمال تشريعه ودقة تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله.

ومنهم من رأى الإعجاز القرآني في استعراضه الدقيق لمسيرة البشرية ولتاريخ عدد من الأمم السابقة من لدن أبينا آدم u إلى خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام.

ومنهم من رأى الإعجاز في المنهج التربوي الفريد وأُطُرِه النفسية السامية والعلمية في الوقت نفسه، والثابتة على مر الأيام، أو في إنبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات مثل هزيمة الروم، أو في إشاراته إلى العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه، مما لم يكن ممكنا لأحد من البشر أن يصل إلى معرفته وقت نزول القرآن ، ومنهم من رأى الإعجاز في صموده أمام كل محاولات التحريف التي قامت بها قوى الشر المتعددة متمثلة في الكفرة والمشركين والملاحدة والمتشككين على مدى الأربعة عشر قرنا الماضية.

·        ويمكن إجمال أوجه الإعجاز القرآني في الآتي

·   اللغوي/ البياني/ الأدبي/ البلاغي/ اللفظي/ النظمي/ الدلالي.

·       العلمي.

·   العقدي (الاعتقادي).

·   التعبدي (العبادي).

·   الأخلاقي (مواءمة الدستور الأخلاقي في القرآن للطبيعة البشرية بغير غلو ولا إقلال).

·   التشريعي.

·       التاريخي.

·       التربوي.

·       النفسي.

·   الاقتصادي.

·       الإداري.

·       الإنبائي.

·       الصوتي.

·   الرقمي/ الحسابي / الرياضي.

·   حفظه (من التحريف)

·   التحدي به.

ويعد (الإعجاز العلمي) الموضح في البند (ب) فرعاً من فروع الإعجاز القرآني، بمعنى أن الإعجاز القرآني يشمل الإعجاز العلمي المحتوي على العلوم المختلفة مثل (الطب ـ الجيولوجيا ـ الفلك ـ الزراعة/ علم الحشرات...الخ)، ولا يصح القول بأن الأعجاز العلمي هو الإعجاز القرآني فهو جزء منه وليس العكس، وما ينطبق على القرآن ينطبق على الأحاديث النبوية الشريفة، فقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة عن رسول الله e تتحدث عن الإعجاز العلمي بفروعه المختلفة منها ما يتعلق بالطب، ومنها ما يتعلق بالجيولوجيا، ومنها ما يتعلق بالفلك ومنها ما يتعلق بعلوم البحار.... الخ.

ثالثاً : الإعجاز العلمي بين المعارضين والمؤيدين:

1. المعارضون

ينادي بعض المفكرين من المسلمين بوجوب الابتعاد عن دراسة التفسير العلمي للقرآن الكريم، حتى أن بعضهم يعد ذلك بدعة، وحجتهم في ذلك أنه لا ينبغي أن نفسر الإشارات العلمية في آي القرآن الكريم على ضوء العلم الحديث، لأن القرآن أسمى من كل علومنا، ولأن علومنا مهما تقدمت فستظل قاصرة عن فهم ما في كلمات القرآن الكريم من حقائق كونية لأنه لا يحيط بعلمها إلا الله وحده، وقالوا أيضاً: قد تفسر آية تفسيراً علمياً بنظرية علمية ثم يأتي العلم بعد ذلك ويثبت خطأ النظرية فنكون بذلك قد فسرنا القرآن تفسيراً خاطئاً، أو حملنا كلمات الله ومعانيها أخطاءنا وجهلنا وأسأنا بذلك إلى القرآن الكريم، وبناء على ذلك قالوا يجب أن نغلق باب الحديث عن الإعجاز العلمي حتى يظل القرآن الكريم في موضعه وقدسيته، وتظل علومنا بعيدة عنه تتأرجح بين الخطأ والصواب دون أن تصيبه.

وأغلب الظن أن هذا الرأي ينبع من قلب غيور على القرآن، لكنه يخشى كثرة التفاسير واختلاف الآراء وبالتالي كثرة الخطأ في الفهم وتحميل القرآن ما هو بريء منه، وهو رأي مفيد لعلماء الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، لأن هذا يحتم عليهم أن ينتبهوا جيداً حين يتناولوا موضوعات الإعجاز العلمي، فلا ينبغي أن يدخل هذا الميدان إلا العالم المؤهل لذلك، ومن سواه عليه أن يكف عن ذلك ويعكف على مزيد من الدراسة والتأهيل حتى يصل إلى المستوى المطلوب ليصبح كلامه في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة كلاماً صحيحاً ومفيداً للمسلمين وغير المسلمين.

2. المؤيدون

يقول المؤيدون إن الأعجاز العلمي في القرآن والسنة هو لغة العصر التي يفهمها الغرب الآن والتي من خلالها يمكن تعريفهم بهذا الدين الإسلامي الحنيف، وبالقرآن الكريم، وبالأحاديث الصحيحة الواردة عن رسول الله e، فالحقائق العلمية الواردة في كتاب الله وأحاديث رسول الله e والتي أثبتها العلم الحديث في هذا العصر، هي خير دليل على أن الذي أوجد تلك الحقائق العلمية هو الذي أنزل هذا القرآن وهو الذي أوحى إلى عبده ورسوله e بتلك الحقائق العلمية منذ أكثر من 1400 سنة الله الذي أحاط بكل شيء علماً.

ومن خلال موضوعات الإعجاز العلمي الواردة في القرآن الكريم[2]، يمكن بيان ما يزخر به القرآن الكريم بالعديد من الآيات التي تشير إلى الكون وما به من كائنات (حية أو جمادات) وإلى نشأتها ومراحل تكونها، وإلى العديد من الظواهر الكونية التي تصاحبها، والسنن الإلهية التي تحكمها، وقد أحصى الدارسون لهذه الإشارات الكونية في كتاب الله ما يقدر بحوالي ألف آية صريحة بالإضافة إلى آيات أخرى عديدة تقرب دلالتها من الصراحة (كلها تحتوي موضوعات عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم).

ومن الموضوعات التي يرد نصها في كتاب الله قد ترتبط أيضاً بحديث من أحاديث رسول الله e، فمثلاً موضوع البحر المسجور ورد ذكره في سورة الطور وأخبر عنه رسول الله e في حديث صحيح ليكون دليلاً آخر على أن رسول الله e ما ينطق عن الهوى إنما يوحى إليه من الله I.

وبدوام اتساع دائرة المعرفة الإنسانية وتكرار تأمل المتأملين في كتاب الله، وأحاديث رسول الله e جيلاً بعد جيل. سيكتشف العلماء والمتخصصون من الحقائق الكونية الثابتة في كتاب الله ما يؤكد على تحقق وعد الله الذي يقول فيه }سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنهُ الْحَقُّ أولَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أنهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{ (سورة فصلت: الآية 53).

ويبقى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة مادة خصبة لتعريف غير المسلمين بهذا الدين الحنيف في هذا العصر عصر العلم والتكنولوجيا وفي العصور القادمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.



[1] يقع في 25 مجلدا كبيرا.

[2] مجموع آيات القرآن الكريم 6236 آية (نزلت على رسول الله e في 23 سنة)  كتبت كلها في حياة الرسول e في114 سورة، تحتوى على ما يقرب من 1000 آية صريحة تتعلق بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم.