إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة




نملة
لوحة الألوان
وجبة طعام من الكمأة
نجم يتهاوى على نفسه
مجموعة من المجرات
نحلة
نحلة مخبرة
مدخل مسكن نمل
مجرتنا
مركز المجرة M 87
مستعمرة نمل
أغلفة القمح
أغلفة حبوب القمح
الموج الداخلي
الموج السطحي
الملكة والذكر والشغالة
البحر المسجور
البحر العميق
السحاب
الكمأة
الكمأة بحجمها الطبيعي
الكمأة كغذاء
العين
انفجار أحد النجوم
القلب من الداخل
اتصال صدوع الأرض
ثمار الزيتون
تلسكوب راديوي
بيوت النحل
بيوض النملة
تجمعات النجوم بالمجرة
بحر مشتعل
بعض أنواع العسل
ثقب أسود
خلايا سداسية
دماغ نملة
خلية من جسم إنسان
جاذبية الثقب الأسود للضوء
جبل
حبوب القمح
جبال الهيمالايا
خدعة الألوان والأشكال المتباينة
جسم النملة الصلب
رأس نملة
رجل نملة
رجل بقلب صناعي
سنبلة قمح
صورة وتد
صورة عملية زراعة قلب اصطناعي
سحابة غبار كوني
زيت زيتون
شجر زيتون
شجرة زيتون معمرة
كمأة من نوع الزبيدي
كمأة جدري الأرض
عناقيد مجرات
غواصة في أعماق البحر
غبار الطلع
عين نملة
عين مصابة بالتراكوما
عين النحلة
فم نملة
فم نحلة
فك نملة
قلب إنسان
قمة جبل أفرست
قرن استشعار نحلة
قرون استشعار نملة

من أشكال الخدع الهندسية
مثلث بانروز
مجسم لجذر جبل ممتد
مربع الألوان المتباينة
مكة والمراكز الجغرافية للعالم الجديد
مكة والحدود البعيدة للعالم الجديد
مكة والحدود القريبة للعالم الجديد
مكة مركز العالم القديم
مكة مركز العالم القديم والجديد
الموج السطحي والموج العميق
المجال المغناطيسي للقلب
امتصاص الألوان في البحر السطحي
الشكل الأصلي لخدعة المسيح
الصفيحة العربية
تأثير القلب على الدماغ
تيارات الحمل العملاقة
خداع في انحناء المستقيمات
خداع في الطول
خدعة ميلار ليار
خدعة المسيح
خدعة ثلاثية الأبعاد
خدعة ثلاثية الأبعاد مزدوجة
خدعة ثلاثية الأبعاد حلزونية
خدعة باكمان
حركة الصفائح
جذور الجبال
قياس بعد النجوم بالتزيح




المقدمة

المبحث الثامن

ظلمات البحر

قال تعالى: )أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ(40)( (سورة النور: الآية 40).

أولا: تفسير الآية

1. معاني الكلمات

أ. لجي: عميق كثير الماء.

ب. يغشاه: يعلوه.

2. شرح الآية

إن أعمال الكافر كظلمات متراكبة في بحر مظلم عميق، يعلوه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، أي أن أعماله كظلمات خمس يتقلب فيها (ظلمة كلامه، وظلمة عمله، وظلمة مدخله، وظلمة مخرجه، وظلمة مصيره يوم القيامة)[1].

أشار القرآن إلى وجود ظلمات في البحر (اللجي)، ولم يشر إلى وجود ظلمات في البحر (السطحي) أي الذي نراه بالعين المجردة على الشواطئ، وقد بين أهل اللغة والتفسير معنى(لُجِّيٍّ)، فقال قتادة وصاحب تفسير الجلالين: اللجي هو العميق، وقال الزمخشري:اللجي هو العميق الكثير الماء، وظلمات البحر متراكبة من (لج البحر والأمواج والسحاب)، وقال الطبري: ونسب البحر إلى اللجة بأنه عميق كثير الماء، وقال البشيري: هو الذي لا يدرك قعره واللجة معظم الماء.

وقال الخازن: (كظلمات في بحر لجي: أي عميق كثير الماء، بمعنى أن البحر اللجي يكون قعره مظلماً جداً بسبب غمورة الماء فيه)، وقال المراغي: (فإن البحر يكون مظلم القعر جداً بسبب غور الماء).

كما ذكر القرآن أن لموج البحر العميق موجاً يعلوه. وتشير الآية إلى وجود موج آخر فوق موج البحر العميق، الذي يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ، والموج الفوقي هو الموج السطحي الذي يعلو البحر السطحي ، أي أن القرآن بدأ بالبحر العميق حين تحدث عن الظلمات، ثم صعد بنا إلى أعلى، كما أن القرآن الكريم قد بين صفة للبحر لم تكن معلومة من قبل وهي وجود (موجين اثنين في وقت واحد أحدهما فوق الآخر)، قال تعالى: )يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ(.

أي أن هناك موج يغشى البحر العميق ويغطيه، ثم يليه موج ثان يعلو البحر السطحي ويغطيه (اُنظر شكل الموج السطحي والموج العميق). قال الإمام البغوي في تفسيره لهذه الآية: "ظلمة الموج الأول على ظلمة البحر، وظلمة الموج الثاني فوق الموج الأول وظلمة السحاب على ظلمة الموج الثاني". وقال الإمام ابن الجوزي في تفسيره: "ظلمات يعني ظلمة البحر وظلمة الموج الأول، وظلمة الموج الذي فوق الموج الأول، ثم ظلمة السحاب". ومن شدة الظلمات في الأعماق فإن الإنسان إذا أخرج يده لم يكد يراها، بمعنى يكاد لا يراها. وقد ذهب بعض المفسرين، أمثال الزجّاج وأبو عبيدة والفرّاء والنيسابوري، أن الآية استعملت تعبيراً يدل على معنيين معاً، (الأول: الرؤية بصعوبة في الأعماق القريبة، والثاني عدم الرؤية تماماً في الأعماق البعيدة).

ثانياً: أوجه الأعجاز العلمي

في الوقت الذي كان العلم محدوداً عن البحار والمحيطات وتسيطر عليه الخرافات؛ جاء القرآن الكريم ليخبرنا عن وجود ظلمات في البحر العميق (اللجي)، وبرغم أن القدماء كان لديهم معلومات عن تأثير الرياح على الأمواج السطحية، إلا أنهم لم يتمكنوا برغم ذلك من معرفة شيء عن الأمواج الداخلية أو البحر العميق، ومن ناحية أخرى فإن النبي e كان يعيش في مجتمع صحراوي، بل ولم يركب البحر في حياته قط.

لقد بدأت الدراسات المتصلة بعلوم البحار وأعماقها في بداية القرن الثامن عشر عندما توفرت الأجهزة المناسبة والتقنيات الحديثة في كشف الأعماق، بدءاً من "قرص سيتشي" (The Secchi disk) وهو قرص أبيض يتم إنزاله في الماء ليسجل العمق الذي تتعذر رؤيته كنقطة قياسية، ثم ظهرت الغواصات المتطورة التي أعطت المزيد من المعلومات عن أعماق البحر بعد أن كانت تلك المعلومات غامضة. وبعد عام 1958م توصل علماء البحار إلى الحقائق التالية:

1. وجود ظلمات في البحار العميقة.

2. أن هذه الظلمات بعضها فوق بعض.

3. تزداد هذه الظلمات بالتدريج مع زيادة العمق حتى تنعدم الرؤية تماماً.

4. وجود أمواج داخلية تغشى البحر العميق.

5. تعمل الأمواج الداخلية بما عليها من الكائنات الهائمة على حجب الضوء.

ولكي ندرك مدى الإعجاز العلمي في الآية يجب أن نعرف بعض الحقائق العلمية الآتية:

·   أقسام البحر.

·   ظلمات البحر.

·   ظلمة السحاب.

·   أمواج البحر.

1. أقسام البحر

يقسم العلماء البحر إلى قسمين كبيرين:

أ. البحر السطحي: هو الذي تتخلله طاقة الشمس وأشعتها، ويعلوه موج يسمى الموج العلوي أو السطحي أو الفوقي.

ب. البحر العميق: هو الذي تتلاشى فيه طاقة الشمس وأشعتها، ويعلوه موج يسمى الموج العميق أو الموج السفلي (اُنظر شكل الموج السطحي والموج العميق).

ويختلف البحر العميق عن البحر السطحي في الخصائص التالية: (درجة الحرارة ـ الكثافة ـ الضغط ـ درجة الإضاءة الشمسية ـ الكائنات التي تعيش فيهما) فكل منها له خصائصه التي تميزه، كما يفصل بين البحر السطحي والبحر العميق موج يسمى الموج الداخلي.

2. ظلمات البحر

تتدرج ظلمة البحر كلما اتجهنا إلى الأعماق حتى يسيطر الظلام الدامس، ويشتد الظلام في البحر العميق بزيادة عمق البحر، كما يتناسب نفاذ الضوء عكسياً مع ازدياد العمق، حيث يُمتصُ الضوء تدريجياً إلى أن ينعدم تماماً على عمق 1000 م تقريباً، ومن المعروف أن الضوء يمتص حتى في المياه الصافية.

يتبين مما سبق أن مجموع الظلمات التي تراكمت في البحار العميقة عشر ظلمات وهي من أسفل إلى أعلى

أ. ظلام البحر اللجي (العميق) الكامل المطلق وهو (ظلمة واحدة) (اُنظر صورة البحر العميق)

ويظل القدر الضئيل من الضوء المرئي يتعرض للانكسار والتشتت والامتصاص حتى يتلاشى تماماً على عمق حوالي كم واحد من سطح البحر‏.‏ حيث لا يتبقى من أشعة الشمس الساقطة على ذلك السطح سوى واحد من عشرة تريليون جزء منها‏,‏ ولما كان متوسط أعماق المحيطات يقدر بنحو‏ 3795‏ م‏ً,‏ وأن أقصى عمق يتجاوز ما يقرب من أحد عشر كم بقليل ‏(11,034‏ م‏)‏ وبين هذين الحدين تراوح أعماق البحار والمحيطات بين أربعة وخمسة كم في المتوسط‏,‏ وبين ثمانية وعشرة كم في أكثرها عمقاً‏،‏ معني ذلك أن أعماق تلك المحيطات تغرق في ظلام دامس.

ب. ظلام الموج الداخلي Internal wave الذي يعلو البحر اللجي (العميق) وهو (ظلمة واحدة)

توجد أمواج داخلية تغشى البحر العميق وتغطيه (اُنظر صورة للموج الداخلي) وتعكس معظم ما بقي من الأشعة القادمة من الشمس، قد تبدأ الأمواج الداخلية من عمق 70 م إلى 240 م، وتَعلق ملايين الملايين من الكائنات الهائمة في البحار على أسطح الأمواج الداخلية، وقد تمتد الموجة الداخلية إلى سطح البحر فتبدو تلك الكائنات الهائمة كأوساخ متجمعة على سطحه، مما يجعلها تمثل مع ميل الموج الداخلي حائلاً لنفاذ الأشعة إلى البحر العميق.

إن الأمواج الداخلية تغطي البحر العميق وتمثل حداً فاصلاً بينه وبين البحر السطحي، ولم تكتشف الأمواج الداخلية إلا في عام 1904 بواسطة البحارة الإسكندنافيون، وتراوح أطوال الأمواج الداخلية ما بين عشرات إلى مئات الكيلومترات، كما يراوح ارتفاع هذه الأمواج ما بين 10 إلى 100 م تقريباً.

ولم يتمكن الإنسان من أن يعرف الظلمات إلا بعد عام 1933، حين بدأت صناعة الغواصات تظهر في العالم. (اُنظر صورة غواصة في أعماق البحر)

ج. ظلام البحر السطحي شبة الكامل (سبع ظلمات)

على الرغم من السرعة الفائقة للضوء ‏(حوالي‏300,000‏ كم/ ثانية في الفراغ‏,‏ وحوالي‏225,000‏ كم/ الثانية في الأوساط المائية‏),‏ فإنه لا يستطيع اختراق مياه البحار أو المحيطات لعمق يزيد علي الألف متر‏,‏ حيث يقول العلماء إنه بعد مائتي متر لا يتم نفاذ سوى أقل من‏0,01% من ضوء الشمس. والبحر السطحي يصل عمقه من (200 -500 م) ويكون مظلماً عند هذا العمق ولكن ليس بالظلام الحالك (اُنظر شكل امتصاص الألوان في البحر السطحي), وذلك لدخول بعض الأشعة النافذة من سطحه، ومعظم موجات الضوء المرئي تمتص على عمق مائة متر تقريباً من سطح الماء، سواء في البحار أو المحيطات‏.‏

ويقول العلماء إن شعاع الشمس يتكون من سبعة ألوان (الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، النيلي، البنفسجي، الأزرق)، ولكل لون طول موجي خاص به، تتوقف قدرة اختراق الشعاع الضوئي للماء على طول موجته، فكلما قصر طول الموجة زادت قدرة اختراق الشعاع للماء، لذلك فإن الشعاع الأحمر يُمتص على عمق 20 م تقريباً، ويختفي وجوده بعد ذلك، ويمتص الشعاع البرتقالي على عمق 30 م تقريباً، فتنشأ ظلمة أخرى تحت ظلمة اللون الأحمر هي ظلمة اللون البرتقالي، وعلى عمق 50 م تقريباً يمتص اللون الأصفر، وعلى عمق 100 م تقريباً يمتص اللون الأخضر، وعلى عمق 125 م تقريباً يمتص اللون البنفسجي والنيلي، وآخر الألوان امتصاصاً هو اللون الأزرق حيث يمتص على بعد 200 م تقريباً من سطح البحر(اُنظر شكل يبين امتصاص الألوان في البحر السطحي)، وهكذا تتكون ظلمات ألوان الطيف السبعة لشعاع الشمس تراكمياً بعضها فوق بعض.

د. ظلام الموج السطحي الواقع بين السحاب وسطح البحر (ظلمة واحدة)

يقول العلماء إن الموج السطحي يعكس الأشعة الضوئية المتبقية من أشعة الشمس النافذة من السحاب ويؤثر على كمية الضوء الساقط على البحر السطحي، حيث تمثل الأسطح المائلة للأمواج السطحية في البحار سطحاً عاكساً لأشعة الشمس يحجب نسبة من الضوء الساقط على البحر من الشمس (اُنظر صورة الموج السطحي), ويشاهد المراقب على الساحل مقدار لمعان الأشعة التي عكستها هذه الأسطح المائلة للأمواج السطحية، وبالتالي لا ينفذ من الضوء سوى الأشعة التي لا تعكسها الأسطح المائلة للأمواج.

هـ. ماذا يحدث للضوء عندما يقابل سطح البحر والأمواج السطحية؟

إن حوالي‏35‏% من الأشعة تحت الحمراء تستهلك في تبخير الماء‏ وتكوين السحب‏,‏ وعمليات التمثيل الضوئي‏‏ التي تقوم بها النباتات البحرية‏. أما ما يصل إلي سطح البحار والمحيطات من باقي الأشعة المرئية ‏(‏الضوء الأبيض‏).‏ فإن الأمواج السطحية للبحار تعكس ‏5‏% منها وهذا هو السبب في لمعان سطع البحر وبناء على ذلك يحدث قدراً آخر من الظلمة النسبية في البحار والمحيطات‏.‏

 يتعرض الجزء المرئي من أشعة الشمس الذي ينفذ إلي كتل الماء في البحار والمحيطات، لعمليات كثيرة من الانكسارات ـ والتحلل إلى الأطياف المختلفة ـ والامتصاص بواسطة (جزيئات الماء‏ وجزيئات الأملاح المذابة فيه‏,‏ والمواد الصلبة العالقة به‏,‏ ومختلف صور الأحياء‏ العائمة فيه,‏ وما تفرزه تلك الأحياء من مواد عضوية‏),‏ ولذلك يضعف الضوء المار في الماء بالتدريج كلما اتجهنا إلى العمق‏.‏

نحن أمام ثلاث ظلمات (ظلمة البحر العميق- ظلمة الموج العميق- ظلمة الموج السطحي)، بالإضافة إلى سبع ظلمات أخرى توجد في البحر السطحي هي ظلمات (ألوان الطيف السبعة) المعروفة لشعاع الشمس (اُنظر شكل يبين امتصاص الألوان في البحر السطحي)حيث يتراكم بعضها فوق بعض، وبناء على ذلك يكون إجمالي ظلمات البحر10 ظلمات، يضاف إليها ظلمة السحاب.

3. ظلمة السحاب (اُنظر صورة السحاب)

هي أعلى ظلمة فوق ظلمات البحار المذكورة، حيث تكون حائلاً نسبياً للضوء بين (الشمس والبحر) فمن المعروف أنه إذا وجد سحاب وجد له ظل أي (ظلمة)، فالسحاب يعتبر حائلا قوياً لدخول أشعة الشمس بكامل طاقتها إلى البحر.

يقول العلماء إن الشمس ترسل أشعتها المكونة من (موجات كهرومغناطيسية ـ أشعة الراديو ـ الأشعة السينية ـ الضوء المرئي ـ الأشعة تحت الحمراء ـ الأشعة فوق البنفسجية‏),‏ بالإضافة إلى بعض الجسيمات الأولية المتسارعة مثل الإلكترونات‏ وغيرها، وأغلب الأشعة فوق البنفسجية يردها نطاق الأوزون إلى الخارج في اتجاه الفضاء الخارجي.‏ وعندما تصل بقية أشعة الشمس النافذة من الغلاف الغازي للأرض فإن السحب تحجب حوالي‏49‏% منها (بالانعكاس والتشتيت والامتصاص)، وبناء عليه فإن السحاب يحدث ظلمة نسبية على الموج السطحي والبحر السطحي. وتحاول بقية أشعة الشمس القليلة النافذة عبر السحاب أن تدخل إلى البحر السطحي فيعيقها الموج السطحي ويجعلها ضعيفة.

4. أمواج البحار

أ. كيف تتكون الأمواج الداخلية

تلعب الكثافة دوراً مهماً في تكوين هذا النوع من الأمواج، حيث تختلف كثافة الماء في البحار العميقة والمحيطات باختلاف كل من (درجة حرارتها ـ نسبة الأملاح المذابة فيها‏),‏ وتلعب درجة الحرارة وكمية الأملاح المذابة ومعظمها من (كلوريد الصوديوم) دوراً مهماً في وجود هذه الأمواج الداخلية، علاوة على تأثير المد والجزر، وتأثير الرياح و تقلبات الضغط, (ويلعب المناخ دوراً مهماً في تمييز هذه الأمواج أفقياً، بينما تلعب الكثافة دورها في تمييزها رأسياً).

 فعندما تسافر الأمواج أو تتحرك في مساحات شاسعة بين خطوط عرض مختلفة فإنها تكتسب صفات طبيعية جديدة نظراً لتغير المناخ في تلك المساحة وبالتالي تكتسب درجات حرارة وملوحة جديدتين نتيجة اختلاف معدلات ارتفاع وانخفاض درجات حرارتها، ومعدلات البخر وسقوط الأمطار، وهذا يؤدي بها إلى التحرك رأسياً.

وتمايز الماء في البحار العميقة والمحيطات إلى (كتل سطحية‏,‏ وكتل متوسطة‏,‏ وكتل شبه قطبية‏,‏ وكتل حول قطبية) ينشئ أمواجاً داخلية في البحار العميقة‏,‏ ‏وتتكون الأمواج الداخلية عند الحدود الفاصلة بين كل كتلتين مائيتين مختلفتين في الكثافة‏,‏ ويقول العلماء إن الأمواج الداخلية ذات أطوال وارتفاعات تفوق أطوال وارتفاعات الأمواج السطحية بمعدلات كبيرة‏,‏ تراوح أطوالها بين عشرات ومئات الكيلومترات‏,‏ وتصل سعتها‏(أي ارتفاع موجها)‏ إلى مائتي متر‏,‏ وتصل سرعتها إلى ما بين 5 – 100‏ سم/ الثانية، لمدد تراوح ما بين أربع دقائق وخمس وعشرين ساعة، كذلك يبدأ تكون الأمواج الداخلية في المحيطات علي عمق‏40‏ م تقريباً من مستوى سطح الماء، حيث تبدأ صفات الماء فجأة في التغير من حيث الكثافة ودرجة الحرارة,‏ وقد تتكرر على أعماق أخرى كلما تكرر التباين بين كتل الماء في الكثافة‏.

ب. كيف تعمل الأمواج الداخلية كحاجز أخير للضوء

إن سطح الماء الساكن يساعد على نفاذ الأشعة الضوئية, ولكن إذا تحرك وأحدث موجاً فإنه يعوق الأشعة من الدخول والنفاذ فلا يدخل منها إلا القليل، وكذلك الأشعة النافذة عبر البحر السطحي لا يكون لها القدرة على النفاذ والدخول إلى البحر اللجي بسبب الأمواج الداخلية التي تعلو هذا البحر، والذي يكون مضطرباً اضطراباً شديداً، يضاف إلى ذلك الكميات المهولة من الأسماك والكائنات المائية الأخرى التي تعلو هذا الموج والتي تحاول النفاذ إلى البحر اللجي، وبناء على ما سبق فإن البحر اللجي تنعدم فيه أي أشعة أو ضوء ولو بمقدار 1% فيكون البحر اللُّجي بذلك يكون غارقاً في ظلام كامل. يقول الحق I }ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ( أي أنها ظلمات متعددة وليست ظلمة واحدة.

5. الخلاصة

ذكر القرآن الكريم معلومات دقيقة عن وجود ظلمات في البحار العميقة، وأشار إلى سبب تكوينها، ووصفها بأن بعضها فوق بعض، ولم يتمكن الإنسان من معرفة هذه الظلمات إلا بعد عام 1930م.

أخبر القرآن عن وجود موج داخلي في البحار لم يعرفه الإنسان إلا بعد عام 1900، كما أخبر بأن هذا الموج الداخلي يغطي البحر العميق، الأمر الذي لم يعرف إلا بعد صناعة الغواصات في الثلاثينيات من القرن العشرين (اُنظر صورة للموج الداخلي).

أخبر القرآن عن دور الموج السطحي، والموج الداخلي في تكوين ظلمات في البحار العميقة، وهو أمر لم يعرف إلا بعد أن تقدم العلم هذا التقدم المهول في القرن العشرين. بعد أن ابتكر العلماء والباحثون أجهزة للبحث العلمي تمكنهم من الوصول إلى هذه الأعماق ودراسة هذه الظواهر، لقد استغرقت بحوث العلماء فترات طويلة امتدت لثلاثة قرون من الزمن، تمكنوا خلالها من معرفة تلك الحقائق.

حين عرضت هذه الحقائق على أحد علماء الغرب البروفيسور"راو" وسُئِلَ عن تفسيره لظاهرة الأمواج الداخلية في البحار والمحيطات، وكيف علم محمد e بتلك الحقائق منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، أجاب: (من الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة العلمية كان موجوداً في ذلك الوقت منذ ألف وأربعمائة عام، ولكن بعض الآيات تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً. لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعية).

عندما تمر أشعة الشمس خلال السحاب فإن السحاب يمتص جزءاً منها وتقل الكمية النافذة من الضوء، وما أن تصطدم الأشعة بالأمواج السطحية، فإنه ينعكس منها جزء وتمتص المياه الجزء الباقي، ويصل جزء قليل بعد ذلك إلى الأمواج الداخلية، فتقوم هذه الأمواج بامتصاص القدر اليسير المتبقي وتتحول المياه أسفل هذه الأمواج إلى حالة من الظلمة المخيفة.

يبين تاريخ العلوم أن الدراسات المتصلة بعلوم البحار وأعماقها لم تبدأ إلا في بداية القرن الثامن عشر-عندما اخترعت الأجهزة المناسبة لمثل هذه الدراسات الدقيقة، ومن هذه الأجهزة التي استعملت لقياس عمق نفاذ الضوء في مياه المحيط هو "قرص سيتشي" (The Secchi disk) وهو عبارة عن قرص أبيض يتم إنزاله في الماء ليسجل العمق الذي تتعذر رؤيته كنقطة قياسية وهذا يعنى أن القرص قد وصل إلى منطقة الظلام في البحر وبالتالي يمكن قياس العمق المظلم. ومع نهاية القرن التاسع عشر وخلال الثلاثينات من القرن العشرين تم تطوير الوسائل التصويرية، حيث استعملت الخلايا الكهروضوئية.

من الإعجاز العلمي في الآية 40 من سورة النور، أن البحر اللجي يعلوه موج من فوقه موج أي هناك موجان يعلو أحدهما الآخر. فقد كان الناس يعلمون إلى وقت قريب أنه لا يوجد في البحار إلا موج واحد، لكن العلماء في هذا العصر قد أكدوا تلك الحقيقة العلمية بما أتيح لهم من وسائل علمية حديثة (معدات وآلات تصوير متقدمة تصور أعماق البحار من على سطح البحر، وأيضا وجود وسائل للتصوير في العمق بداخل الغواصات) (اُنظر صورة غواصة في أعماق البحر).

يقول العلماء إنه يوجد في كل بحر مكان عميق ولجي، بمعنى أن مياهه تزيد عن 1000م وقد تصل إلى 2000م عمقا، وأن في هذا البحر وعلى عمق 200 م إلى 500 م يوجد موج داخلي (اُنظر صورة للموج الداخلي) مثل الموج الذي نشاهده على سطح البحر تماماً.

قسم العلماء البحر إلى قسمين (سطحي وعميق) يفصل بينهما موج عميق(داخلي)، ووجدوا أن البحر اللجي يختلف عن البحر السطحي في كل شيء في (الحرارة ـ الكثافة ـ نسبة الأملاح ـ الأحياء المائية). أي بحران منفصلان تماما، فما يعيش في البحر العلوي من أحياء يختلف تماما عما يعيش في البحر العميق اللجي من أحياء.

فمن أخبر محمداً e بهذه الأسرار العجيبة الموجودة في أعماق البحار؟، في الوقت الذي كانت وسائل البحث العلمي معدومة، وتسيطر الخرافات والأساطير على عقول سكان الأرض خاصة في مجال البحار.

كيف جاء محمد e بهذا العلم الدقيق وبهذه الأسرار وهو الرجل الأمي الذي عاش في بيئة أمية وصحراوية بعيدة عن البحار والمحيطات، كيف أتى بتلك المعلومات التي أدهشت علماء الشرق والغرب على حد سواء برغم أنه لم يركب بحراً طوال حياته ؟



[1] تفسير أبن كثير.