إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة




نملة
لوحة الألوان
وجبة طعام من الكمأة
نجم يتهاوى على نفسه
مجموعة من المجرات
نحلة
نحلة مخبرة
مدخل مسكن نمل
مجرتنا
مركز المجرة M 87
مستعمرة نمل
أغلفة القمح
أغلفة حبوب القمح
الموج الداخلي
الموج السطحي
الملكة والذكر والشغالة
البحر المسجور
البحر العميق
السحاب
الكمأة
الكمأة بحجمها الطبيعي
الكمأة كغذاء
العين
انفجار أحد النجوم
القلب من الداخل
اتصال صدوع الأرض
ثمار الزيتون
تلسكوب راديوي
بيوت النحل
بيوض النملة
تجمعات النجوم بالمجرة
بحر مشتعل
بعض أنواع العسل
ثقب أسود
خلايا سداسية
دماغ نملة
خلية من جسم إنسان
جاذبية الثقب الأسود للضوء
جبل
حبوب القمح
جبال الهيمالايا
خدعة الألوان والأشكال المتباينة
جسم النملة الصلب
رأس نملة
رجل نملة
رجل بقلب صناعي
سنبلة قمح
صورة وتد
صورة عملية زراعة قلب اصطناعي
سحابة غبار كوني
زيت زيتون
شجر زيتون
شجرة زيتون معمرة
كمأة من نوع الزبيدي
كمأة جدري الأرض
عناقيد مجرات
غواصة في أعماق البحر
غبار الطلع
عين نملة
عين مصابة بالتراكوما
عين النحلة
فم نملة
فم نحلة
فك نملة
قلب إنسان
قمة جبل أفرست
قرن استشعار نحلة
قرون استشعار نملة

من أشكال الخدع الهندسية
مثلث بانروز
مجسم لجذر جبل ممتد
مربع الألوان المتباينة
مكة والمراكز الجغرافية للعالم الجديد
مكة والحدود البعيدة للعالم الجديد
مكة والحدود القريبة للعالم الجديد
مكة مركز العالم القديم
مكة مركز العالم القديم والجديد
الموج السطحي والموج العميق
المجال المغناطيسي للقلب
امتصاص الألوان في البحر السطحي
الشكل الأصلي لخدعة المسيح
الصفيحة العربية
تأثير القلب على الدماغ
تيارات الحمل العملاقة
خداع في انحناء المستقيمات
خداع في الطول
خدعة ميلار ليار
خدعة المسيح
خدعة ثلاثية الأبعاد
خدعة ثلاثية الأبعاد مزدوجة
خدعة ثلاثية الأبعاد حلزونية
خدعة باكمان
حركة الصفائح
جذور الجبال
قياس بعد النجوم بالتزيح




المقدمة

المبحث العاشر

سحروا أعين الناس

قال تعالى: )قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى( (سورة طه: الآية 66).

وقال تعالى: )قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ( (سورة الأعراف: الآية 116).

أولاً: تفسير الآيات:

·   سحروا: خيلوا لهم ما يخالف الحقيقة.

·   استرهبوهم: أرعبوهم وخوفوهم.

أمر الله I موسى u أن يذهب إلى فرعون لأنه طغى، وأرسله بآيتين هي (اليد والعصا) ليؤكد صدق ما جاء به من ربه، أعطاه الله هاتين المعجزتين قبل أن يذهب إلى فرعون حين سأل الله موسى u وهو يتلقى الرسالة بالوادي المقدس: )وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى )17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)( (سورة طه: الآيات 17 - 24).

أيد الله موسى u بتلك المعجزتين (اليد والعصا) وهاتان المعجزتان ليستا بسحر كالذي يعرفه السحرة في الأرض لأنها معجزات من عند الله I لا علاقة لها لا بالسحر ولا بالسحرة، ولما ذهب موسى u إلى فرعون وعرض عليه هاتين المعجزتين (اليد والعصا)، ظن فرعون أن معجزة العصا التي تتحول إلى ثعبان هي من أعمال السحر الذي يتقنه السحرة في مصر، فأراد فرعون أن يتحدى موسى u، فجمع السحرة الماهرين عنده ووعدهم إن تفوقوا على موسى u بسحرهم أن يكونوا من المقربين، فلما التقى السحرة بموسى u قالوا: )يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى( (سورة طه: الآية 65). قال لهم موسى u: )بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى( (سورة طه: الآية 66).

فلما ألقوا بحبالهم وعصيهم خُيِّل لموسى u من سحرهم أنها تسعى أي (تتحرك على الأرض وتتلوى)، فأوجس منهم خيفة، لكن الله I طمأنه وقال له: لا تخف إنك ستغلبهم، وأمره بإلقاء عصاه على الأرض، فلما ألقاها إذا هي ثعبان مبين يلقف ما يأفكون، لقد خيل لموسى u من سحرهم أنها تسعى بينما في الحقيقة هي ثابتة على الأرض لا تتحرك وهذا هو بيت القصيد، تلك الآيات المباركات تبين أن السحر حقيقة، لكنه خداع يصَرْفُ الشيء عن حقيقته.

ثانياً: أوجه الإعجاز العلمي

السحر له أنواع كثيرة ومتعددة، منها ما هو حقيقي ومنها ما هو تخيلي وكلاهما أقرّه القرآن الكريم وأقرته أحاديث رسول الله e، وتتعدّد الطرق والوسائل التي يستعين بها السحرة، فمنهم من يستعين بالكواكب والنجوم على حد زعمه، ومنهم من يستعين بالجن لقوله تعالى: )وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا( (سورة الجن: الآية 6)، ومنهم من يستعين بوسائل أخرى كالنفث في عقد الحبال لقوله تعالى: )وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ( (سورة الفلق: الآية 4)، ومنهم من يستعين بخفّة حركته ومهارته في خداع الآخرين، وسنركز الضوء على هذا النوع من السحر الوارد في القرآن الكريم وهو ما يسمى (بسحر التخييل).

لقد بينت الآية (سحرالتخييل) الذي أصبح علماً من العلوم المعروفة الآن، هذا النوع من السحر يظهر الأشياء بخلاف حقيقتها (نوع من أعمال الخداع)، والإسلام يقف بحسم في وجه هذا النوع من الممارسات، فقد حرّم الإسلام تعلمه وتعليمه وممارسته؛ لأنه يؤدي إلى طريق الفساد ويسبب الضرر والأذى لكثير من الناس.

ولكي نتعرف على وجه الإعجاز علينا أولا معرفة بعض الحقائق العلمية الآتية:

·   معنى السحر ومعنى التخيل، ومعنى سحر التخييل أو الخداع البصري Optical illusion.

·   أنواع الخدع البصرية.

·   عرض أمثلة بالأشكال عن بعض أنواع الخدع البصرية من خلال شرح أنواعها.

1. معنى السحر، والتخيل، وسحر التخييل (الخداع البصري Optical illusion)

أ. معنى السحر

قال الأَزهري: أَصل السِحر صَرْفُ الشيء عن حقيقته إِلى غيره فكأَنَّ الساحر لما أَرَى الباطلَ في صورة الحق وخَيَّلَ الشيءَ على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أَي صرفه إلى غيره. والسِحر عَمَلٌ تُقُرِّبَ فيه إِلى الشيطان وبمعونة منه، كل ذلك الأَمر كينونة للسحر، ومن السِحر الأُخْذَةُ التي تأْخُذُ العينَ حتى يُظَنَّ أَن الأَمْرَ كما يُرَى وليس الأَصل على ما يُرى. وكلُّ ما لَطُفَ مَأْخَذُهُ ودَقَّ فهو سِحْرٌ، وسَحَرَهُ بمعنى خدعه.

ب. معنى التخيل

خُيْلَ: بمعنى لُبِّس وشُبِّهََ ووُجِّهَ إليه الوهم.

ج. معنى سحر التخييل (الخداع البصري Optical illusion)

"سحر التخييل" هو ذلك العمل الذي يطلق عليه "الخداع البصري" أو"الوهم البصري" أو"الوهم التخيلي"، وعرّفه أبو بكر الرازي بأنه: "كل أمر خفي سببه، وتُخِيِلُ على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخُدَاع".

واصطلاحاً فإن سحر التخييل (الخداع البصري Optical illusion) هو ذلك الفعل الذي يصوّر للناظر دائماً الصورة المرئية على غير حقيقتها، حيث تكون الرؤية خادعة أو مضللة، وهذا مبنى على أن القوة الباصرة قد ترى الأشياء على خلاف حقيقتها لبعض الأسباب العارضة، والتفسير العلمي لذلك هو أن المعلومات التي تجمعها العين (اُنظر صورة العين) تعالج بواسطة الدماغ فتعطي نتيجة لا تطابق المصدر أو العنصر المرئي.

والخدع التقليدية مبنية على افتراض أن هناك أوهاماً فسيولوجية تحدث طبيعياً ومعرفياً بالإضافة إلى الأوهام التي يمكن البرهنة عليها من خلال الحيّل البصرية الخاصة، فالخدع البصرية هي صور ومشاهد مصنوعة مسبقا بطريقة مدروسة لتظهر للناظر بطريقة معيّنة بينما هي ليست كذلك بل هي ضرب من التمويه والحيلة.

حسب الموسوعة العلمية البسيكوليوجية فإن المفهوم الأساسي والتعريف المبدئي للخداع البصري (هو ذلك الفعل الذي يجعل الأشياء أو الأشكال أو الألوان ترى أو تدرك بطريقة كاذبة ومغايرة لماهيتها الأصلية، بخلاف حالتها الطبيعية). وبصيغة أخرى فإن الخداع البصري هو أنه يخيّل لك أنك تظن نفسك ترى أشياءً على حالة معيّنة بينما الحقيقية مخالفة تماما لما رأيت، وهذا يعود إلى "الخطأ التحليلي" لماهية وحقيقة الصور والمشَاهِد التي نراه، أي أنه لا يوجد توافق بين ما تمّ تحليله في الإدراك وحقيقة الشيء.

وخلاصة التعريف: الخدعة البصرية تطلق على كل فعل يخدع النظام البصري للإنسان، بدءاً من العين حتى الدماغ، ويجعل الأشياء المرئية مخالفة لحقيقتها، وقد وجد العلماء أن هناك أنواعاً متعددة للخدع البصرية أطلقوا عليها (سحر التخييل)، وتتعدد الأنواع بتعدد التقنية التي تستعمل لتحقيق الخدعة، نلخصها في الأتي:

2. أنواع الخدع البصرية

أ. خدع متعلقة بالألوان

إن العين البشرية ترى الألوان بشكل متغير، حيث إنه عند النظر إلى موضع معين نرى لون أو عدة ألوان، ولكن ليست هذه هي الحقيقة، وسنسوق خمسة أمثلة عن الخدع المتعلقة بالألوان.

(1) المثال الأول: (خدعة باكمان) Illusion of Pac man invented by "Jeremy Hinton"

(أ) الخدعة الأولى (اُنظر شكل خدعة باكمان): لو تحركت الكرة في اتجاه عقارب الساعة فسنجد أن الكرة لونها وردي، لكن لو حدّقنا في إحدى الكرات الوردية التي تتحرك، فسنشاهد بعد ثانيتين كرّة خضراء تدور بدل الكرة الوردية.

(ب) الخدعة الثانية (اُنظر شكل خدعة باكمان): الآن سنقوم بالتحديق في مركز الدائرة (في العلامة +) ثم ننتظر 4 إلى 5 ثوانٍ فسنرى أن كل الكرات الوردية قد اختفت عن أنظارنا ولم يبق إلاّ كرة خضراء.

(ج) تفسير الخدعتين: لقد قام مخترع الخدع البصرية "جيرمي هينتون" باختراع هذه الخدعة سنة 2005 ميلادي والتي أحدثت حينها رواجاً كبيراً، حيث وضعت أثنى عشر كرة وردية اللون في شكل دائري، ووضع علامة (+) في مركز الدائرة، ثم عمد المخترع أن تختفي إحدى الكرات الوردية بعد 0.1 ثانية من بدئ المشاهدة، ثم بعد 0.125 ثانية تختفي الكرة التي تليها، وفي الوقت نفسه تعود الكرة الوردية السابقة إلى الظهور، وهكذا تختفي كرة في الوقت التي تظهر فيه أخرى، وهذه التقنية خيلت للعين ما يلي:

·   أن هناك كرة وردية تدور مع عقارب الساعة غير أن الأمر ليس كذلك، فالكرة الوردية تختفي في الوقت التي تظهر فيه أخرى، وذلك وفقاً لعملية حسابية رياضية مدروسة ومحسوبة مبدئيا، وهذا هو المبدأ الذي يستخدم في التصوير السينمائي.

·   وكون كرة خضراء تدور بدل الكرة الوردية فهذا ليس صحيحا، فالكرة الخضراء ظهرت نتيجة عملية التحديق، فهذا اللون الأخضر للكرة لا يوجد أساساً بل هي لا تزال وردية، لكن النظام البصري أعطى تفسيراً خاطئاً للون الكرة نتيجة تعب الخلايا العصبية وتأخرها في إعطاء اللون الحقيقي، ولو استبدلنا الكرات الوردية في خدعة "باكمان" بكرات ذات لون أزرق وكررّنا التجربة لشاهدنا كرة صفراء بدلا من الكرة الخضراء.

·   إن كل الكرات الوردية اختفت ولم يبق سوى كرة خضراء تدور فهذا غير حقيقي، كل ما في الأمر أن العين البشرية إذا حدّقت في نقطة معينة فإن كل الصور والألوان الساكنة التي لم يشملها مجال التحديق تختفي من النظر، فنحن حين نحدّق في علامة (+) (اُنظر شكل خدعة باكمان) تختفي كل الكرات الوردية من مجال رؤيتنا، ولا يبقى سوى كرة خضراء تتحرك ظاهريا بينما هي في حقيقتها هي كرة وردية اللون وليست خضراء.

(2) المثال الثاني: خدعة لوحة الألوان

الصورة المكونة من ألوان متعددة لو نظرت إليها للوهلة الأولى فإن ألوانها لا تختفي، لكن لو نظرت وركزت النظر في النقطة السوداء الموجودة في مركز الصورة لبضع دقائق، فسوف تختفي الألوان من الصورة تماماً (اُنظر صورة خدعة لوحة الألوان).

(3) المثال الثالث: (مربع الألوان المتباينة) Scintillating Grid

الشكل التالي (اُنظر شكل مربع الألوان المتباينة) عبارة عن مربع أسود كبير، بداخله عدد من المربعات الرمادية اللون وفى تقاطعاتها نقط دائرية بيضاء، لو أردنا أن نحصي عدد النقاط السوداء الموجودة في التقاطعات لاستعصى علينا ذلك؛ لأننا سنرى أن هذه النقاط السوداء تغدو بيضاء مباشرة بعد أن ننتقل ببصرنا إلى نقطة أخرى في المربع؛ ولهذا يستحيل علينا عدها، والتفسير العلمي في ذلك هو أن النقاط السوداء لا وجود لها أساسا داخل المربع! ويمكن التأكد من صحة ذلك بتغطية أحد الأشرطة السوداء باليد فسنجد أن الدوائر الموجودة في التقاطعات كلها بيضاء، وتفسير تلك الظاهرة أن العين عاجزة عن التنقل بين لونين متعاكسين بسبب التباين الشديد بينهما، فلقد خُدعت أبصارنا من جرّاء هذا التباين وخيل لنا ما لا يوجد أساساً.

(4) المثال الرابع: (ألوان وأشكال متباينة)

الصورة التالية (اُنظر صورة خدعة الألوان والأشكال المتباينة)، تبين أعمدة بيضاء موضوعة بشكل هندسي وزخرفي بخلفية سوداء مظلمة، لو نظرت إليها لاشتبه عليك الأمر هل هم أربعة رجال (اللون الأسود)، أم هي أعمدة زخرفية من المصيص (اللون الأبيض)؟.

(5) المثال الخامس: (خدعة صورة المسيح المزعوم).

يتم اتباع الخطوات التالية (اُنظر شكل خدعة المسيح):

(أ) يحدّق في الشكل الموجود أعلى الأنف حيث يتم تركيز النظر على (4 نقاط سوداء صغيرة متراصة رأسيا فوق بعضها عند مكان الأنف) لمدة 60 ثانية.

(ب) بعد أن تنتهي المدة يجب على المشاهد أن ينظر إلى حائط خالٍ من الصور ويحدّق فيه لبضع ثوانٍ حتى تظهر له صورة لرجل بشعر طويل ولحية كثيفة، وهذا الوجه يشبه الصورة التي يرسمها النصارى وينسبونها بهتاناً وظلماً للنبي عيسى u. والحقيقة أن الذي شاهدته خدعة بصرية ليس إلاّ، فلو قمت بعكس وقلب الألوان الموجودة لظهرت لك حقيقة الشكل الأصلي (اُنظر الشكل الأصلي لخدعة المسيح) الذي حدقت فيه لمدة 60 ثانية، فاللون الأسود ينقلب أبيض واللون الأبيض يصبح أسود، خلافاً على ما كانا عليه.

ب. خدع متعلقة بالهندسة (خدعة "روجر بانروز")

رسم عالم الرياضيات "روجر بانروز" (اُنظر شكل مثلث بانروز) سمِّي بمثلث "بانروز" نسبة إليه وقد نشره في الجريدة البريطانية البسيكوليوجية عام 1958، هذا الشكل الهندسي لا يمكن تحقيقه إلاّ من طريق الرسم على الورق ببعدين هندسيين اثنين ويستحيل تجسيده في الواقع بثلاثة أبعاد، فهو شكل من أشكال الخدع الهندسية، ويوضح الشكل التالي (اُنظر شكل من أشكال الخدع الهندسية) خدعة أخرى لشكل هندسي أخر.

ج. خدع متعلقة بتحريك الصور (الخدعة الثلاثية الأبعاد ذات الصورة المتحركة)

لو قمنا بالتحديق في مركز الشكل، (اُنظر شكل خدعة ثلاثية الأبعاد) ثم قمنا بتحريك رؤوسنا إلى الأمام ثم إلى الخلف مرّات عديدة لشاهدنا الحلقتين تدوران الواحدة بعكس الأخرى، غير أن الأمر ليس كذلك فالحلقتان ساكنتان ولا تدوران بأيّ اتجاه، ويمكن التأكد من هذا بأن نعيد التجربة كاملة محدقين في الدائرتين دون المركز فسنرى أنهما في سكون تام، وتتعدد الأشكال للخدع ثلاثية الأبعاد ذات الصور المتحركة كما في الشكلين التاليين: ُنظر شكل خدعة ثلاثية الأبعاد حلزونية) فعندما يدور الشكل يخيل إليك أنك تغوص في بئر حلزوني، بينما في الحقيقة هو مجرد شكل حلزوني يدور، وهذا شكل آخر (شكل خدعة ثلاثية الأبعاد مزدوجة) عبارة عن خدعتين في وقت واحد، فالدوائر ليست حلزونية كما يخيل إليك إنما هي دوائر متكاملة تحيط كل واحدة بالأخرى، والخدعة الثانية هي أنك لو نظرت في المركز وتحركت للأمام والخلف فإن الدوائر تتحرك كلما تحركت.

د. خدع متعلقة بالأحجام والقياسات، خدعة "ميلار ليار"

(اُنظر شكل خدعة ميلار ليار) يبين إحدى الخدع التي تتعلق بالأحجام والقياسات فالسهم رقم 1 والسهم رقم 2 في الشكل تراهما غير متساويين للوهلة الأولى، غير أن الحقيقة عكس ذلك فالخطان متساويان تماماً ويمكننا التحقق من ذلك بعملية قياس فعلي لهما. إن الأسهم التي تحدّ طرفي القطعتين المستقيمتين تخيل لأعيننا أن إحدى القطعتين أطول من الأخرى، وهو تحليل خاطئ ناتج عن خداع بصري يصل إلى الدماغ فينخدع الإنسان بهذا التحليل المزيف، والخدع المتعلقة بالأحجام والقياسات كثير ومتعددة انظر أيضاً (شكل خداع في الطول) حيث يخدع الشكل العين فيخيل إليك أن المستقيمين المنتهيين بدائرتين غير متساويين في الطول بينما في الحقيقة هما متساويان، أما الشكل التالي (شكل خداع في انحناء المستقيمات فهو يخدع البصر فيخيل لك أن الخطوط الطولية ليست مستقيمة أو متوازية وأنها خطوط متعرجة منحنية وغير متوازية، بينما الحقيقة هي مستقيمات ومتوازية تماما.

3. الخلاصة

يخبرنا القرآن الكريم عن ظاهرة الخداع البصري والوهم التخيلي من خلال الخدع التي استعملها سحرة فرعون مع موسى u من قبل، حتى كشف العلم الحديث عن حقيقة تلك الظاهرة، فالعلم الحديث لم يدرك حقيقة الخداع البصري إلاّ بعدما عرف العلماء تركيب العين بواسطة الأجهزة الحديثة المتقدمة، وبعد أن عرفوا النظام البصري في الإنسان وعلاقته بالدماغ، بينما أشار القرآن الكريم إلى ذلك منذ مئات السنين من خلال قصة موسى u وسحرة فرعون، فقد ورد في القرآن الكريم عبارات، "سحر الأعين"، "خيّل إليه "...الخ، تلك العبارات القرآنية التي أصبحت الآن مصطلحات علمية يستخدمها العلماء الآن.

لقد قال الله I: )سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ( ولم يقل سحروهم أو سحروا عقولهم أو قلوبهم أو أجسادهم، أي أن الله تعالى خصّ العين دون غيرها من أعضاء جسم الإنسان الأخرى، وخصّ الجهاز البصري وحاسة البصر دون غيرها من الحواس، وهذا يوافق التعريف العلمي للخدعة البصرية، بأنها فعل يخدع كليّة النظام البصري للمشاهد بدءاً من العين حتى الدماغ، أي أن الخدعة تنطلق أولا من العين حتى تصل إلى الإدراك العقلي فيخيّل للمشاهد الأشياء، فيراها مخالفة لما هي عليه في الواقع، وقال تعالى في موضع آخر على لسان موسى u وهو يخاطب سحرة فرعون: )قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى( (سورة طه: الآية 66).

أي أن السحرة خَدعوا أولا أعين الناس بما في ذلك موسى u، حتى خيل للناس أن العصي والحبال تتحرك وتزحف كأنها حيات تسعى، أي أنهم أثروا على العين بالخداع عن طريق المشاهدة أولا، فتأثر الجهاز البصري بها، ثم انتقل الإيحاء إلى عقولهم فحدث التخيّل في الدماغ بأنها ثعابين بدلا من الحبال والعصي، فالخدعة بدأت بالبصر وانتهت بالدماغ، لقد تعلم السحرة فنّ الخداع البصري، ولقد ضربنا العديد من الأمثلة بالأشكال الخادعة للبصر، والتي تؤكد سبق القرآن لهذا العلم، المعروف بسحر التخيل كما في قوله تعالى: )فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى( (سورة طه: الآية 66).