إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / القرآن الكريم









الملحق الرقم ( 3 )

سابعاً: الفواصل ورؤوس الآيات

تميز القرآن الكريم بمنهج فريد في فواصله ورؤوس آياته.

تعني الفاصلة، الكلام المنفصل عما يأتي بعده، وقد يكون رأس آية وقد لا يكون. وتقع الفاصلة عند نهاية المقطع الخطابي. وسميت بالفاصلة، لأن الكلام ينفصل عندها.

ويعني رأس الآية نهايتها، التي توضع بعدها علامة الفصل بين آية وآية، ولهذا قالوا: "كل رأس آية فاصلة، وليس كل فاصلة رأس آية"، فالفاصلة تضم النوعين، وتجمع الضربين، لأن رأس كل آية، يفصل بينها وبين ما بعدها.

ومثل هذا قد يسمى في النثر سجعاً، على النحو المعروف في علم البديع. ولكن كثيراً من العلماء، لا يطلق هذا الوصف على القرآن الكريم، سمواً به عن كلام الأدباء، وعبارات الأنبياء، وأسلوب البلغاء. لذلك فرقوا بين الفواصل والسجع، فقالوا: الفواصل في القرآن هي التي تُبَلِّغ المعاني، ولا تكون مقصودة لذاتها.

أمّا السجع فهو الذي يقصد في نفسه، ثم يحيل المعنى عليه، لأنه إيراد الكلام على وزن واحد. ورد القاضي أبو بكر الباقلاني، على من قال بالسجع في القرآن، فقال: " وهذا الذي يزعمونه غير صحيح، ولو كان القرآن سجعاً لكان غير خارج عن أساليب كلامهم (أي العرب)، ولو كان داخلاً فيها لم يقع بذلك إعجاز، ولو جاز أن يقال: هو سجع معجز لجاز لهم أن يقولوا: شعر معجز، وكيف؟ والسجع مما كانت كهان العرب تألفه، ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر، لأن الكهانة تخالف النبوات بخلاف الشعر. وما توهموا أنه سجع باطل. لأن مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو، لأن السجع مع الكلام يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي بالسجع، وليس كذلك ما اتفق مما هو في معنى السجع من القرآن، لأن اللفظ وقع فيه تابعاً للمعنى. فرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه، التي تؤدي المعنى المقصود فيه، وبين أن يكون المعنى منتظماً دون اللفظ.

1. أنواع الفواصل

أ. فمنها الفواصل المتماثلة، كقوله تعالى ]وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ[ (سورة الطور: الآيات 1 ـ 4)، وقوله تعالى: ]وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ[ (سورة الفجر: الآيات 1 ـ 4)، وقوله تعالى: ]فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ[ (سورة التكوير: الآيات 15 ـ 18).

ب. ومنها الفواصل المتقاربة في الحروف، كقوله تعالى: ]الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[ (سورة الفاتحة: الآيتان 3، 4). للتقارب بين الميم والنون في المقطع، وقوله: ]ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ[ (سورة ق: الآيات 1 ـ 3)، بتقارب مقطعي الدال والباء.

ج. ومنها المتوازي، وهو أن تتفق الكلمتان في الوزن وحرف السجع، كقوله تعالى: ]فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ[ (سورة الغاشية: الآيتان 13، 14).

د. ومنها المتوازن، وهو أن يراعى في مقاطع الكلام الوزن فقط، كقوله تعالى: ]وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ[ (سورة الغاشية: الآيتان 15، 16).

وقد يراعى في الفواصل:

أ. زيادة حرف، كقوله تعالى: ]وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ[ (سورة الأحزاب: الآية 10)، بإلحاق ألف، لأن مقاطع فواصل هذه السورة، ألفات منقلبة عن تنوين في الوقف، فزيد على النون ألف لتساوي المقطع، وتناسُب نهايات الفواصل.

ب. حذف حرف، كقوله تعالى: ]وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ[ (سورة الفجر: الآية 4)، بحذف الياء، لأن مقاطع الفواصل السابقة واللاحقة بالراء.

ج. تأخير ما حقه التقديم لنكتة بلاغية، كتشويق النفس إلى الفاعل في قوله تعالى: ]فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى[ (سورة طه: الآية 67)، لأن الأصل في الكلام أن يتصل الفعل بفاعله ويؤخر المفعول، لكن أُخر الفاعل هنا وهو "موسى"، للنكتة البلاغية السابقة على رعاية الفاصلة.

2. الآية في القرآن الكريم (اُنظر ملحق بيانات عن سور القرآن الكريم وآياته)

الآية في اللغة لها ثلاثة معان:

الأول:     الجماعة من الناس، تقول العرب: خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم، لم يـتركوا خلفهم أحداً.

الثاني:     العجب، تقول العرب: فلان آية في العلم وفي الجمال، قال الشاعر:

آية في الجمـال ليس له فـي                           الـحسن شـبْه وماله من نظيـر

فكأن كل آية عجب في نظمها، والمعاني المودعة فيها.

الثالث: العلامة، تقول العرب: خُربت دار فلان، وما بقي فيها آية، أي علامة. فكأن كل آية في القرآن علامة، ودلالة على نبوة محمد r.

وأمّا في الاصطلاح، فحدُّ الآية: قرآن مركّب من جمل، ولو تقديراً، ذو مبدأ ومقطع مندرج في سورة.

ومن هذا يتضح أن (الآية)، قد تكون مجموعة جمل، أو جملة واحدة، أو كلمة عند بعضهم.

أ. معرفة الآية

قال بعض العلماء: الصحيح أن الآية تُعلم بتوقيف من الله، لا مجال للقياس فيه كمعرفة السّورة. "فالآية طائفة حروف من القرآن، عُلم بالتوقيف انقطاعها معنى عن الكلام، الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام، الذي قبلها في آخر القرآن، وعن الكلام، الذي قبلها، والذي بعدها في غيرهما، غير مشتمل على مثل ذلك. وبهذا القيد خرجت السورة".

قال القاضي أبو بكر بن العربي: "ذكر النبي r أن الفاتحة سبع آيات، وسورة الملك ثلاثون آية، وصحّ أنه قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران".

أمّا الكلمة، التي تعد جزءاً من الآية، فقد تكون على حرفين، مثل: (ما، لي، له، لك)، وقد تكون أكثر. وقد تكون الكلمة آية وهي في الوقت نفسه، اسم للسورة، مثل "وَالْفَجْر"، "وَالضُّحَى"، و"وَالْعَصْر"، وكذلك الحروف في أوائل السور مثل: "الم" في سورة البقرة، و"طه" في سورة طه، و"يس" في سورة يس، و"حم" في سورة غافر.

ب. ترتيب الآي في القرآن الكريم (اُنظر ملحق بيان الأحزاب والسور والآيات) و(ملحق رموز الوقف في القرآن الكريم) و(ملحق السكتات في القرآن الكريم) و(ملحق نصف القرآن الكريم)

انعقد إجماع الأمة، على أن ترتيب آيات القرآن الكريم على هذا النمط، الذي نراه اليوم بالمصاحف، كان بتوقيف من النبي r عن الله تعالى. وأنه لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، لأن جبريل u كان ينزل بالآيات على الرسول، ويرشده إلى موضع كل آية من سورتها. ثم يقرؤها النبي على أصحابه، ويأمر كُتّاب الوحي بكتابتها مُعيّناً لهم السورة، التي تكون فيها الآية، وموضع الآية من تلك السّورة.

ج. أقصر آية في القرآن

تُعد أقصر آية في القرآن، تلك التي قامت على كلمة واحدة، وهي قوله تعالى في سورة الرحمن: ]مُدْهَامَّتَانِ[ (سورة الرحمن: الآية 64).

د. أطول آية في القرآن

تُعد أطول آية في القرآن آية الدّين، وهي قوله تعالى في سورة البقرة: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[، إلى قوله تعالى: ]وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ (سورة البقرة: الآية 282).

3. السورة في القرآن الكريم

أ. تعريف السورة

اختلف العلماء في المعنى، الذي اشتقت من السّورة، فقيل من الإبانة والارتفاع قال النابغة:

ألم تر أن الله أعطاك سورة                              ترى كل ملك دونها يتذبذب

فكأنّ القارئ ينتقل بها من منزلة إلى منزلة. وقيل لشرفها وارتفاعها كسور البلدان. وقيل سميت سورة لكونها قطعة من القرآن، وجزءاً منه مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزاً، وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واواً لانضمام ما قبلها. وقيل لتمامها وكمالها، لأن العرب يسمون الناقة التامة "سورة". ويحتمل أن يكون الاسم مأخوذاً من الجمع والإحاطة لآياتها، كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره. وجمع السورة سوَر بفتح الواو وقد يجمع على سُوْرَات وسُوَرات.

والسورة قطعة مفردة من القرآن الكريم، تتكون من جمل، وهي ذات بداية ونهاية معلومتين، يفصل بينها وبين، سابقتها ولاحقتها، بالبسملة، إلاّ سورة التوبة فلا تسبقها (بسم الله الرحمن الرحيم). وتشتمل السورة على مجموعة من الآيات، وأقصر سورة لا تقل عن 3 آيات (مثل سورتي: العصر والكوثر)، وأطولها لا تتجاوز 286 آية (مثل سورة البقرة).

ولعلّ الحكمة في تقطيع السور آيات معدودات، لكل آية حد ومطلع، لتكون كل سورة، بل كل آية، فناً مستقلاً وقرآناً معتبراً. وفي تسوير كل السّورة، تحقيق لمعنى أن السورة وحدها معجزة، وآية من آيات الله تعالى. ونزول السور طوالاً وقصاراً وأوساطاً، تنبيهاً على أن الطول ليس من شرط الإعجاز. فسورتا الكوثر والعصر كل منهما ثلاث آيات، وهما معجزتان إعجاز سورة البقرة.

وتختلف سور القرآن طولاً وقصراً، ومرجع الطول والقصر والتوسط، وتحديد المطلع والمقطع، مرجعه إلى الله وحده، لحكمة سامية، علمها من علمها وجهلها من جهلها.

ب. الحكمة من تقسيم القرآن إلى سور

لعلّ الحكمة في تقسيم القرآن إلى سور، هي التيسير على الناس، وتشويقهم إلى مدارسة القرآن وحفّظه. لأنه لو كان سبيكة واحدة لا حلقات بها، لصعب عليهم حفظه وفهمه، وأعياهم أن يخوضوا عُباب هذا البحر الخضمّ، الذي لا يشاهدون فيه عن كثب، مرافئ ولا شواطئ. ولكل سورة، عادة، موضوع بارز تتحدث عنه. فسورة يوسف مثلاً تترجم عن قصته، وسورة براءة تترجم عن أحوال المنافقين، وكامن أسرارهم، وغير ذلك.

ج. أقسام السور

قسّم العلماء سور القرآن الكريم إلى أقسام أربعة، حسب عدد آيات السورة، من الطول والتوسط والقصر. فخصوا كل قسم من القرآن باسم مستمد من طبيعة سوره. وهذه الأقسام، هي: الطّوال، والمؤن، والمثاني، والمفصل.

(1) الطوال من السور

عددها سبع، هي: البقرة، وآل عمران, والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، واختلفوا في السابعة أهي: الأنفال وبراءة (التوبة) معاً، لعدم الفصل بينهما بالبسملة، أم هي: سورة يونس.

(2) المئون من السور

هي السور التي يزيد عدد آياتها عن مائة، أو يقارب المائة مثل: هود، ويوسف.

(3) المثاني من السور

هي التي تأتي بعد السور المئين في عدد الآيات، وهي سور لا تقل عدد آياتها عن مائة آية، لأنها تكرر (تُثنّى) أكثر مما تكرر الطوال والمئون، مثل: الرعد، وإبراهيم.

(4) المفصّل من السور

هو أواخر القرآن، واختلفوا في تعيين أوله، فقيل: أوله سورة (ق)، وقيل (الحجرات). وسمي "المفصل" لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة، وقيل لقلة المنسوخ منه، ولهذا يسمى (المحكم).

والمفصّل ثلاثة أقسام: طوال، وأوساط، وقصار. فطواله من أول سورة (الحجرات) إلى سورة (البروج)، وأوساطه من سورة (الطارق) إلى سورة (البينة)، وقصاره من سورة (الزلزلة) إلى آخر القرآن.

4. ترتيب السور في القرآن الكريم

اختُلف العلماء، في ترتيب السور على أقوال، أشهرها، أنّ ترتيب السور كلها توقيفي، أي ببيان من الرسول r مثله في ذلك مثل ترتيب الآيات، وأن كل سورة في مكانها، بأمر منهr . واستُدل على هذا الرأي بأنّ الصحابة أجمعوا على المصحف، الذي كُتب في عهد عثمان، ولم يخالف منهم أحد. وإجماعهم لا يتم إلاّ إذا كان الترتيب، الذي أجمعوا عليه عن توقيف من الرسول r، لأنه لو كان عن اجتهاد لتمسك أصحاب المصاحف المخالفة بمخالفتهم، لكنهم لم يتمسكوا بها، بل تخلوا عنها وعن ترتيبهم، وعدلوا عن مصاحفهم وأحرقوها، ورجعوا إلى مصحف عثمان، وترتيبه جميعاً. ثم ساقوا روايات لمذهبهم، كأدلة يستند عليها الإجماع.

ويؤيد هذا الترتيب كذلك ما رواه أبو داود، قَالَ أَوْسٌ: ]سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ r كَيْفَ يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ قَالُوا ثَلاَثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1185) فالحديث يشير إلى أن القرآن كان مرتب السور، بدليل أن العدد "ثلاث" المخالف لمعدوده ورد مذكراً في هذه الأعداد مما يدل على أن المعدود (سورة). كما أن مجموع هذه الأعداد (48) سورة، وهو يمثل عدد السور من سورة (الفاتحة) حتى سورة الفتح، وحزب المفصل يبدأ من (سورة الحجرات).