6. حكمة صلاة الجماعة

أ. لصلاة الجماعة فوائد كثيرة، وحِكم عظيمة. وإذا كانت الصلاة أعظم العبادات وأشملها وأتمّها، فإنه من الواجب أن تشيع بين المسلمين، وأن يجتمعوا لها في كل الأوقات، حتى في أحلكها. يقول r ]بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي ‏الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 474).

ب. وإذا كان في المسلمين العلماء، الذين يُقتدى بهم، فالأوفق والأصلح للمتهاونين والمتكاسلين في الصلاة، أن يحضروا إلى الجماعة للاقتداء بالأئمة، ولأداء الصلاة في وقتها. فالذي لا يؤدي الصلاة صحيحة، ينكر عليه، ويوجه إلى طريقة الصلاة الصحيحة. والمتكاسل في الصلاة، ينبّه حتى يقتدي بغيره.

ج. وصلاة الجماعة عامل فعّال من عوامل الوحدة والترابط، على أساس فاضلٍ متين، تُلغى فيه الفوارق بين الطبقات. فرجال الصّف الأول فيها، هم الذين يسارعون إليه، طمعاً في جزيل الثواب، وحرصاً على الالتزام بحضور الصلاة عند إقامتها. وفي هذا احترام للوقت، ومحافظة على النظام.

د. وصلاة الجماعة سبب للتعارف، والتآلف، والسلام، والمحبة، والتعاون بين المسلمين، ليكونوا كالجسد الواحد، وكالبنيان يشد بعضه بعضاً. والذي لا يصلي في المسجد، لا يعرفه أهل الحي، ولا من يسكنون معه في مبنى واحد، إلاّ من كان بينه وبينهم مصلحة دنيوية.

هـ. إن في أداء الصلاة مع الجماعة نشاطاً وصحة، لما يؤديه المصلي من حركة ورياضة للجسم، بكثرة المشي، ذهاباً وإياباً، لا سيّما إذا كان المسجد بعيداً عن داره، بخلاف صلاة الرجل في داره وما يصاحبها ـ في الغالب ـ من كسل وخمول.

و. إنّ في أداء الصلاة في جماعة جمعاً لقلوب المسلمين، واتحاداً لصفوفهم. يقول الفيلسوف الفرنسي رينان: "كلما رأيت صفوف المسلمين في الصلاة، أتأسف لأني لست مسلماً".

ز. وفي صلاة الجماعة، يتعلم الجاهل من العالم، ويقتدي به في جميع حركاته، ويستفيد منه في معرفة القراءة السليمة للقرآن. فالجاهل يرى العالم، فيقتدي به، والغافل يسمـع الموعظـة، فينتفع بها.

ح. وعندما يصلي المؤمن مع الجماعة، يشعر بالأمن والطمأنينة والهدوء، فيؤدي صَلاته بخشوع تام وبلا عجلة، خلافاً لتأديته لها منفرداً، إذ تثقل عليه ـ في الغالب ـ فينقرها نقر الديك، فلا ينتفع منها بشيء.

ط. يتحقق من صلاة الجماعة مبدأ المساواة والالتزام معاً، عندما يقف كبير المسلمين وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، أبيضهم وأسودهم، طويلهم وقصيرهم في صف واحدٍ منتظم، تكون الأسبقية فيه لمن يأتي مبكراً، ثم بعد ذلك لا تكون حركاتهم وسكناتهم، إلاّ وفقاً لما يفعله إمامهم.

ي. يلتزم من يأتي لصلاة الجماعة بارتداء النظيف من الملابس، مع الحرص على نظافة جسمه بالغسل والوضوء، وعلى نظافة فمه بالسواك. يقول المصطفى r ] :لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 10209) وكما ورد في القرآن الكريم: ]يَا بَنِي ءاَدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ[ (سورة الأعراف: الآية 31).