إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / صلاة الجماعة









الإمــــام

9. الإمام

أ. الإمامة

الإمامة في الصلاة، هي ارتباط صلاة المؤتم بإمامه. ولأهمية الإمام وعظم دوره في الصلاة، حدّد الإسلام شروطاً لصحة الإمامة، ونص على من لا تجوز إمامته. كل ذلك حرصاً على أداء الصلاة في جماعة، على نحو يحقق الهدف منها. وقد وضح الرسول r مهام الإمام وواجباته، حين قال: ]إِنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا. فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا. وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا. وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا. وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 648). ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ r جَالِسًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ فَالآخِرِ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ r.

ب. شروط صحة الإمامة

من شروط صحة الإمامة ما يلي:

(1) الإسلام.

(2) الذكورة

فلا تصح إمامة المرأة للرجال. فعن جابر بن عبدالله، عن النبي r قال: ]لا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً. وَلا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا. ولا يَؤُمَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إلاّ أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ، يَخَافُ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 1071).

(3) العقل

لأن العقل هو مناط التكليف، ففاقد العقل غير مكلف، فيما يخص نفسه، فكيف له أن يحمل مسؤولية غيره في إمامة الصلاة! لذلك، فلا تصح إمامة المجنون مطلقاً، ولو كان يفيق أحياناً، أو الصبي غير المميز.

(4) البلوغ

لا تصح إمامة الصبي للرجال أو النساء (أي البالغين)، في الفريضة؛ إذ المفترِض لا يصلي وراء المتنفل، والصبي صلاته نافلة، فلا تصح إمامته في الفرض. ولكن يصح للصبي أن يؤم الناس في التراويح، مثلاً، لأنها نافلة، وليس فرضاً.

(5) العلم بما لا تصح الصلاة إلاّ به

والحد الأدنى لذلك، قراءة الفاتحة وبعض من القرآن، وفقه أحكام الصلاة، مثل الإقامة، والتكبير، والركوع، والجلوس، والسجدات الواردة في القرآن، وسجدتَي السهو، وما إلى ذلك.

(6) العدالة

الإمام قدوة، لذلك ينبغي أن يكون قدوة صحيحة، في سلوكه وأخلاقه، ظاهره وباطنه. فمن عَلِمَ الناسُ غِشَّه أو فِسْقَه، لم تطمئن نفوسُهم بالصلاة خلفه.

ج. استحباب إمامة المرأة للنساء

لا يصح للمرأة أن تكون إماماً للرجل، إلاّ أنه يستحب لها أن تؤم النساء، وتقف وسطهن. فقد كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ تؤم النساء، وتقف معهن في الصف. كما أذِن الرسول r لأم ورقة بن نوفل باتخاذ مؤذن لها في بيتها، لتصلي بأهل بيتها.

د. من تُسْتَحَبُّ إمامتُه

يُستحب أن يكون الإمام سالمَ الأعضاء، عالماً ورعاً، ذا حَسَبٍ وكياسةٍ، حسن الخلق والصوت والثياب، متصفاً بكل صفة محمودة.

هـ. من تُكْرَه إمامتُه

تكره إمامة

(1) المتيمم

إذا كان المقتدي متوضئاً أو ماسحاً. إلاّ أنه ورد في كتاب "منهاج المسلم"، الصفحة 308، ما يلي: "إنه تصح إمامة المتيمم للمتوضئ، إذ صلى عمرو بن العاص بسريةٍ وهو متيمم، ومن معه متوضئون، وبلغ ذلك رسول الله r فلم ينكره"[1].

(2) الأعرابي

أي البدوي، عربياً أو أعجمياً، إذا كان المقتدي حضرياً، ولو في السفر، ولو كان الأعرابي أقرأ منه، لترك الأعرابي الجماعة والجمعة. ولذلك، يؤم صاحب الدار الضيف، لأن صاحب الدار في حكم المقيم والضيف في حكم المسافر.

(3) العبد

تكره إمامة العبد في الصلوات كلها، إلاّ في الجمعة والعيدين، فلا تصح إمامته فيهما. فعن أبي أُمامة قال: قال رسول الله r ]ثَلاثَةٌ لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمْ آذَانَهُمُ: الْعَبْدُ الآبِقُ، حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 328)

(4) وتكره إمامة المأبون بالنساء (المتشبه بهن في مشيه أو كلامه)، والأغلف (غير المختون) وولد الزنى.

(5) مجهول الحال

أي الذي يجهل حاله، من جهة دينه أو نسبه.

و. من تجوز إمامتُهُ، بلا كراهة

(1) الأعمى

لاستخلاف رسول الله r ابن أم مكتوم على المدينة، مرتين، يصلي بالناس، وهو أعمى.

(2) كما تجوز إمامة المجذوم (المريض بمرض الجذام)، إلاّ أن يشتد جذامه، ويضر بمن خلفه، لأن الجذام مرض معدٍ.

ز. الأحق بالإمامة

الإمامة شرط لازم لصلاة الجماعة. لذلك، يستحب أن يقدم للإمامة:

(1) الحاكم أو نائبه

إذا لم يطلب تقديمه، فإن طلبه، وجب تقديمه، ولو كان غيره أفقه منه.

فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله r ]يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ. فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ. فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً. فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً. فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا. وَلا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ[2] فِي بَيْتِهِ، إلاّ بإذنه[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1079).

(2) ربُّ المنزل

وهو إمام في منزله، ولو كان غيره أفقه منه، وذلك لأنه أخبر بعورة منزلـه (اُنظر الحديث السابق).

(3) المستأجر

وهو مقدم على المالك، لأنه أخبر بعورة المنزل، ولأنه مالك لمنافعه.

(4) الإمام الراتب في المسجد

أي من يشغل وظيفة الإمام، بصفة دائمة، سواء اختاره المصلّون أو عُيِّن بأجرٍ من قبل الدولة.

(5) الأقرأ لكتاب الله

فعن سعيد قال: قال رسول الله r ]إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ باِلإمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ[ (لكتاب الله) (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1077).

(6) الأعلم بالسنة (اُنظر الحديث في البند 1).

(7) الأقدم هجرة (اُنظر الحديث في البند 1).

(8) الأكبر سنّاً.

(9) ذو النسب: فآل البيت مقدمون على غيرهم.

(10) جميل الخِلْقة.

(11) حَسَنُ الخُلُقِ.

(12) حسنُ اللِّباس.

ح. ما يستحب للإمام فعله

(1) التخفيف على المأمومين

يندب للإمام أن يخفف الصلاة بالمأمومين، فلا يطوِّل في صلاته، حتى لا يشق على من خلفه، لأن فيهم المريض والكبير والضعيف. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: ]إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ. وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ، فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 9915). وقد ورد في الحديث أنَّ الرسول r نهى معاذاً عن إطالة الصلاة. ففي رواية أبو داود: ]‏كَانَ ‏مُعَاذٌ ‏يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ r‏ ‏ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّنَا ‏ ‏قَالَ ‏مَرَّةً ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي بِقَوْمِهِ ‏فَأَخَّرَ النَّبِيُّ ‏r ‏‏لَيْلَةً الصَّلاةَ ‏‏وَقَالَ ‏مَرَّةً الْعِشَاءَ ‏‏فَصَلَّى ‏‏مُعَاذٌ ‏مَعَ النَّبِيِّ r‏ ‏ثُمَّ جَاءَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فَقَرَأَ ‏الْبَقَرَةَ ‏ ‏فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ ‏‏مِنْ الْقَوْمِ فَصَلَّى فَقِيلَ نَافَقْتَ يَا فُلانُ فَقَالَ مَا نَافَقْتُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ‏‏r‏ ‏فَقَالَ إِنَّ ‏مُعَاذًا ‏‏يُصَلِّي مَعَكَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ r وَإِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابُ ‏‏نَوَاضِحَ ‏وَنَعْمَلُ بِأَيْدِينَا وَإِنَّهُ جَاءَ يَؤُمُّنَا فَقَرَأَ بِسُورَةِ ‏‏الْبَقَرَةِ ‏فَقَالَ يَا ‏مُعَاذُ ‏أَفَتَّانٌ ‏‏أَنْتَ ‏أَفَتَّانٌ ‏‏أَنْتَ اقْرَأْ بِكَذَا اقْرَأْ بِكَذَا[ (والفتان هو الذي يفتن الناس في دينهم ويصرفهم عنه) (سنن أبو داود، الحديث الرقم 671).

(2) إطالة الركعة الأولى

يشرع للإمام إطالة الركعة الأولى، انتظاراً للداخل، ليدرك فضيلة الجماعة. كما يستحب له انتظار من أحسّ به داخلاً، وهو راكع، أو أثناء الجلوس الأخير. ففي حديث أبي قتادة، أن r كان يطول في الركعة الأولى، قال: ]فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ النَّاسُ الرَّكْعَةَ الأُولَى[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 677)

(3) استقبال الإمام للمأمومين بوجهه بعد الصلاة

يُسَنّ للإمام، لدى فراغه من الصلاة، أن يقبل بوجهه على المصلين. فقد ورد عن يزيد بن الأسود قوله ]حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَصَلَّى بِنَا صَلاةَ الصُّبْحِ أَوِ الْفَجْرِ قَالَ ثُمَّ انْحَرَفَ جَالِسًا أَوِ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 16831)

(4) تسوية الصفوف

يُسن للإمام والمأمومين تسوية الصفوف وتقويمها حتى تستقيم، إذ كان الرسول r يقبل على الناس بِوَجْهِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَيَقُولُ: ]تَرَاصُّوا وَاعْتَدِلُوا[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 11807). ويقول r: ]سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 572). وقال r حينما َرَأَى رَجُلاً بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ: ]عِبَادَ اللَّهِ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 660). ويقول r: ]سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، وَحَاذُوا بَيْنَ مَنَاكِبِكُمْ، وَلِينُوا فِي أَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ بَيْنَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْحَذَفِ[ (يَعْنِي أَولادَ الضَّأْنِ الصِّغَارَ) (مسند أحمد، الحديث الرقم 21233).



[1] رواه: أبو داود

[2] التكرمة: ما يفرش لصاحب المنزل، ويبسط له خاصة.