إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الشهداء









شُبُهات

مقدمة

نفوس علت فوق شهواتها، وخرجت عن إطار ذواتها، فحقّ لها أن تكون شاهدة حال غيابها، حية بعد رحيلها، حاضرة من خلال حياة مبادئها وقِيَمها.

إن حياة المبادئ ترتبط بعطاء أصحابها، فهي تعلو بتضحياتهم، وتسري في دنيا الحقيقة بمقدار ما يبذل لها من نفوس صادقة وجهود مخلصة، ودماء ذكية متدفقة؛ ذلك لأن المبادئ والأفكار تبقى جثثاً هامدة، حتى يستشهد في سبيلها فيوهب لها الحياة؛ لتعيش تلك المبادئ في واقع الناس، تحيا بأرواح الشهداء، وتخط بدمائهم الذكية صفحات خالدة، لقيم إنسانية رائدة.

التضحية بالنفس أسمى درجات الإخلاص والتفاني في سبيل رفع راية الإسلام، وأصدق برهان على صحة الإيمان، وطريق الخلود في جنان الله والفوز برضوان الله تعالى. والأمة أو الجماعة بأمسِّ الحاجة، في كل زمان، إلى تضحيات العديد من أبنائها دفاعاً عن النفس والبلاد، وحفاظاً على المقدسات والحرمات، ولا يكتب للأمة العزة والكرامة والهيبة إلاّ بجسور من الضحايا، في سبيل تحقيق غاياتها، ودماء تضرج من أجل كرامتها ووجودها.

ولقد شيّعت الأمة الإسلامية، عبر تاريخها، آلاف الشهداء في مواكب الشرف والعزة والفخار. شيّعتهم في مواكب الفرح والسرور؛ فهم الذين أكدوا بدمائهم الذكية، استعداد الإنسان المسلم لحمل رسالة الله، بشرف، وإيمان، وبذل، وتضحية.

لهذا كتب الله الحياة والخلود للشهداء، وغفر للشهيد كل ذنوبه إلا الدَّين لتعلقه بحقوق الناس المادية، وبوأه المنزلة العالية في الجنة مع الأنبياء والمرسلين، كما دلت عليه النصوص الشرعية، فقال تعالى: ]وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا ءاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) [(سورة آل عمران: الآيات 169-171)

لقد حرص شهداء الإسلام على الشهادة أكثر من حرصهم على الحياة، فكتب لهم ربهم، بفضله، عزة الدنيا وكرامة الآخرة. فهم أحياء في العقول والقلوب؛ لذا فهم الحاضرون بعد غيابهم، تأنس بصحبتهم النفوس، ويسعد بهم الوجود. فهم نجوم التاريخ المتلألئة في سماء البشرية، وهم رمز للعطاء، وقدوة للأجيال، ومثل للوفاء. أفلحوا حين ]صدقوا ما عاهدوا الله عليه[ (سورة الأحزاب: الآية 23).