إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الشهداء









شُبُهات

ثالثا: أحكام الشهداء

1. غسل الشهيد وتكفينه

الشهيد الذي قُتل بأيدي الكفار في المعركة لا يُغسَّل، عند جمهور العلماء، وإن كان جُنباً، لأن النبي r لم يغسَّل حنظلة الراهب، وقد استشهد جُنباً. ويُكفَّن الشهيد في ثيابه الصالحة للكفن، ويُدفن في دمائه، ولا يُغسل شيء منها؛ لقول رسول الله r: ]لا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ كُلَّ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 13674)، و]أمر r بدفن شهداء أُحد في دمائهم، ولم يغسَّلوا[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 1257). وقال الشافعي: لعل ترك الغسل والصلاة لأنهم يلقون الله بكلومهم.

2. تعريف الشهيد الذي لا يُغسَّل ولا يصلى عليه

ذهب الفقهاء إلى أن: من قتله المشركون في القتال، أو وجد ميتاً في مكان المعركة وبه أثر جراحة أو دم، لا يُغسَّل لقوله r في شهداء أحد: ]زَمِّلُوهُمْ ‏بِكُلُومِهِمْ ‏‏وَدِمَائِهِمْ[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 22549). ولم ينقل خلاف في هذا.

وذهب المالكية والشافعية إلى: أن كل مسلم مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال لا يغسل، سواء قتله كافر، أو أصابه سلاح مسلم خطأ، أو عاد إليه سلاحه، أو سقط عن دابته، أو رمحته دابة فمات، أو وجد قتيلاً بعد المعركة ولم يُعلم سبب موته، سواء كان عليه أثر دم أم لا، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، والحر والعبد، والبالغ والصبي.

3. الصلاة على الشهيد

جاءت الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه لا يُصلي عليه، ومنها:

أ. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ ]كَانَ النَّبِيُّ r يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ[ (رواه البخاري، كتاب الجنائز: الحديث الرقم 1257).

ب. ]أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا وَدُفِنُوا بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ[ (سنن أبو داود، كتاب الجنائز: الحديث الرقم 2728).

وجاءت أحاديث أخرى صحيحة مصَّرحة بأن يُصلي عليه:

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ]أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ. عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ[ (سنن أبو داود، كتاب الجنائز: الحديث الرقم 2806).

وقد اختلفت آراء الفقهاء تبعاً لاختلاف هذه الأحاديث، فأخذ بعضهم بها جميعاً، ورجَّح بعضهم بعض الروايات على بعض وذلك كالتالي:

أ. فممن ذهب مذهب الأخذ بها كلها "ابن حزم"، فَجَوَّزَ الفعل والترك قال: فإن صلي عليه فحسن. وإن لم يصل عليه فحسن. وهو إحدى الروايات عن أحمد، واستصوب هذا الرأي ابن القيم فقال: والصواب في المسألة: إنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين، وهذه إحدى الروايات عن أحمد، قال: والذي يظهر من أمر شهداء أُحد: أنه لم يصل عليهم عند الدفن. وقد قُتل معه بأحُد سبعون نفساً، فلا يجوز أن تخفى الصلاة عليهم. وحديث جابر بن عبدالله في ترك الصلاة عليهم صحيح وصريح، وأبوه عبد الله أحد القتلى يومئذ. فله من الخبرة ما ليس لغيره.

ب. ويرجح أبو حنيفة والثوري والحسن وابن المسيب روايات الفعل. فقالوا: بوجوب الصلاة على الشهيد.

ج. ورجح مالك والشافعي وإسحاق وإحدى الروايات عن أحمد العكس وقالوا بأنه لا يصلى عليه. قال الشافعي في الأم: جاءت الأخبار كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبي r لم يصل على قتلى أُحد، وما روي: أنه صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح، وأما حديث عقبة بن عامر فقد وقع في نفس الحديث: أن ذلك كان بعد ثمان سنين. وكأنه r دعا لهم واستغفر لهم حين علم قرب أجله مودعاً لهم بذلك، ولا يدل على نسخ الحكم الثابت.

من جُرح في المعركة وعاش حياة مستقرة ثم مات، يُغسَّل ويُصلَّى عليه، وإن كان يعد شهيداً، فإن النبي r غسل سعد بن معاذ، وصلى عليه بعد أن مات بسبب إصابته بسهم قطع أَكحَلَهُ[1] فحُمل إلى المسجد فلبث فيه أياماً ثم انفتح جرحه فمات شهيداً.

من عاش عيشة، غير مستقرة، فتكلم، أو شرب ثم مات، فإنه لا يُغسَّل ولا يُصلَّي عليه. قال ابن قدامة في المغني، الجريح: إن رجلاً قال: أخذت ماء لعلي أسقي به ابن عمي إن وجدت به حياة. فوجدت الحارث بن هشام. فأردت أن أسقيه. فإذا رجل ينظر إليه، فأومأ لي أن أسقيه، فذهبت إليه لأسقيه، فإذا آخر ينظر إليه، فأومأ لي أن أسقيه حتى ماتوا كلهم. ولم يفرد أحد منهم بغسل ولا صلاة، وقد ماتوا بعد انقضاء الحرب.

وقيل الحكمة في ترك الصلاة عليهم:

أ. أن الصلاة تكون على الميت، أما الشهداء فهم أحياء، أو أن الصلاة شفاعة، وهم في غنى عنها لأنهم يشفعون لغيرهم.

ب. واستغنوا بكرامة الله جل وعز عن الصلاة عليهم.

ج. والتخفيف على من بقي من المسلمين لما يكون فيمن مات متأثراً بجراحه.

د. وخوف عودة العدو ورجاء طلبهم.

هـ. وهمهم بأهليهم وهم أهليهم بهم.

و. وإبقاء أثر الشهادة عليهم والتعظيم لهم، باستغنائهم عن دعاء القوم.

عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: ]لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَمَّا الأَثَرَانِ فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 1592).

وقال الحنفية: لا يغسل كل مسلم قتل بالحديد ظلماً، وهو طاهر بالغ، ولم يجب عوض مالي في قتله. فإن كان جنباً أو صبياً، أو وجب في قتله قصاص، فإنه يغسل. وإن وجد قتيلاً في مكان المعركة، فإن ظهر فيه أثر لجراحة، أو دم في موضع غير معتاد كالعين فلا يغسل.

ولو خرج الدم من موضع يخرج الدم عادة منه بغير آفة في الغالب كالأنف، والدبر والذكر فيغسل. والأصل عندهم في غسل الشهيد: أن كل من صار مقتولاً في قتال أهل الحرب أو البغاة، أو قطاع الطريق، بمعنى مضاف إلى العدو كان شهيداً، سواء بالمباشرة أو التسبب، وكل من صار مقتولاً بمعنى غير مضاف إلى العدو لا يكون شهيداً. فإن سقط من دابته من غير تنفير من العدو أو انفلتت دابة مشرك وليس عليها أحد فوطئت مسلماً، أو رمى مسلم إلى العدو فأصاب مسلماً، أو هرب المسلمون فألجأهم العدو إلى الخندق، أو نار، أو جعل المسلمون حسكاً[2] حولهم، فمشوا عليها، في فرارهم، أو هجومهم على الكفار فماتوا يغسلون، وكذا إن صعد مسلم حصناً للعدو ليفتح الباب للمسلمين، فزلت رجله فمات، يغسل.

وقال الحنابلة: لا يغسل الشهيد سواء كان مكلفاً أو غيره إلا إن كان جنباً أو امرأة حائضاً أو نفساء طهرت من حيضها، أو نفاسها، وإن سقط من دابته أو وجد ميتاً ولا أثر به، أو سقط من شاهق في القتال أو رفسته دابة فمات منها، أو عاد إليه سهمه فيها، فالصحيح في المذهب في ذلك كله أنه: يغسل، إذا لم يكن ذلك من فعل العدو، ومن قتل مظلوماً، بأي سلاح قتل، كقتيل اللصوص ونحوه يلحق بشهيد المعركة، فلا يغسل في أصح الروايتين عن أحمد.

وقال الشافعية، والمالكية: يغسل من قتله اللصوص، أو البغاة.

أما من مات في غير ما ذكر من الذين ورد فيهم أنهم شهداء: كالغريق، والمبطون، والمرأة التي ماتت في الولادة، وغير ذلك فإنهم شهداء في الآخرة، ولكنهم يغسلون باتفاق الفقهاء.

4. إزالة النجاسة عن الشهيد

ذهب الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة إلى: أنه إذا كان على الشهيد نجاسة غير دم الشهادة تغسل عنه، وإن أدى ذلك إلى إزالة دم الشهادة، لأنها ليست من أثر العبادة، وفي قول عند الشافعية، ولا تغسل النجاسة إذا كانت تؤدي إلى إزالة دم الشهادة.

5. تكفين الشهيد

ذهب الحنفية: إلى أن شهيد المعركة ـ الذي قتله المشركون، أو وجد بالمعركة جريحاً، أو قتله المسلمون ظلماً ولم يجب فيه مال ـ يكفن في ثيابه، لقوله r: ]زَمِّلُوهُمْ ‏‏فِي ثِيَابِهِمْ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 22547)، الثياب التي يكفن بها وتلبس للستر. ولأن الدفن بالسلاح وما ذكر معه كان من عادة أهل الجاهلية، فإنهم كانوا يدفنون أبطالهم بما عليهم من الأسلحة وقد نهينا عن التشبه بهم.

وعند المالكية: أن شهيد المعركة يدفن بثيابه التي مات فيها وجوباً إن كانت مباحة وإلا فلا يدفن بها، ويشترط أن تستره كله فتمنع الزيادة عليها، فإن لم تستره زيد عليها ما يستره، فإن وجد عرياناً ستر جميع جسده. ولا يدفن الشهيد بآلة حرب وهي معه كدرع وسلاح.

وقال الحنابلة: إن شهيد المعركة يجب دفنه في ثيابه التي قتل فيها، ولو كانت حريراً على ظاهر المذهب، وينزع السلاح، ولا يزاد في ثياب الشهيد ولا ينقص منها، ولو لم يحصل المسنون بها لنقصها أو زيادتها.

قال الشافعية: يكفن شهيد المعركة ندباً في ثيابه، لخبر أبي داود بإسناد حسن عن جابر، t، قال: ]رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ ‏‏أَوْ فِي حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ ‏فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ قَالَ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ rَ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 2726) والمراد ثيابه التي مات فيها واعتاد لبسها غالباً، وإن لم تكن ملطخة بالدم، ويفهم من عبارتهم أنه لا يجب تكفينه في ثيابه، التي كانت عليه وقت استشهاده، بل هو أمر مندوب إليه فيجوز أن يكفن كسائر الموتى، فإن لم يكن ما عليه سابغاً، أي ساتراً لجميع بدنه، تمم وجوباً، لأنه حق للميت، ويندب نزع آلة الحرب عنه كدرع، وكل ما لا يعتاد لبسه غالباً كجلد.

أما شهداء غير المعركة كالغريق والحريق والمبطون والمطعون فيكفنون كسائر الموتى وذلك باتفاق جميع الفقهاء.

6. دفن الشهيد

من السنة أن يدفن الشهداء في مصارعهم، ولا ينقلون إلى مكان آخر، فإن قوماً من الصحابة نقلوا قتلاهم في واقعة أحد إلى المدينة، فنادى منادي رسول الله r بالأمر برد القتلى إلى مصارعهم.

عَنْ جَابِرِ: ]فَبَيْنَمَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي وَخَالِي عَادِلَتَهُمَا عَلَى نَاضِحٍ فَدَخَلَتْ بِهِمَا الْمَدِينَةَ لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا إِذْ لَحِقَ رَجُلٌ يُنَادِي أَلا إِنَّ النبي r يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا حَيْثُ قُتِلَتْ فَرَجَعْنَا بِهِمَا فَدَفَنَّاهُمَا حَيْثُ قُتِلا[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 14743).

7. دفن أكثر من شهيد في قبر واحد

يجوز دفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد: ]كَانَ النَّبِيُّ r يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 1257).

ودفن عبدالله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد، لما كان بينهما من المحبة، إذ قال عليه الصلاة والسلام: ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد .

8. شهيد البحر

عَنْ أَبَي أُمَامَةَ َقال: ]سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ شَهِيدُ الْبَحْرِ مِثْلُ شَهِيدَيْ الْبَرِّ، وَالْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي الْبَرِّ، وَمَا بَيْنَ الْمَوْجَتَيْنِ كَقَاطِعِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِقَبْضِ الأَرْوَاحِ إِلا شَهِيدَ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ وَيَغْفِرُ لِشَهِيدِ الْبَرِّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إِلا الدَّيْنَ وَلِشَهِيدِ الْبَحْرِ الذُّنُوبَ وَالدَّيْنَ[ (رواه ابن ماجه، الحديث الرقم 2768).

إنما كان لشهيد البحر هذا الفضل العظيم. لما في ركوب البحر من مقاساة الأهوال، واقتحام الأخطار. ومن الأمثال المتداولة المشهورة "راكب البحر مفقود والناجي منه مولود". ولذلك أفتى كثير من علماء المالكية بالأندلس، بأن ركوب البحر عذر يُسقط فريضة الحج لعدم سلامة راكبه غالباً في زمانهم. وإذا كان هذا حال راكب البحر في سفر اعتيادي آمن، فكيف حال راكبه في جهاد العدو وقتاله؟ لا شك أن الخطر يتفاقم.

9. شهيد الجو

لشهيد الجو من الفضل، مثل ما لشهيد البحر، لأن في ركوب الطائرة من الأخطار، والتعرض للتميد والقيء. مثل ما في ركوب الباخرة. بل قد يكون الخطر في ركوب الطائرة أعظم، فالطائرة تقع أحياناً في مطب جوي، فترتج ارتجاجة، تنخلع لها القلوب. ومن الناس من يختار ركوب الباخرة، على ركوب الطائرة، لأن الخطر فيها أقل من الطائرة، ومن سقط من سفينة يمكنه أن يسبح، أما من سقط من طائرة فالأمر يختلف.



[1] الأكحل: عرق في اليد.

[2] الحسك: ما يعمل من الحديد على مثال الشوك ويلقى حول العسكر ويبث في ممرات الخيل فينشب في حوافرها.