إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

مقدمة

المقصود بيوم القيامة، اليوم الآخر في الإسلام له إطلاقان:

1. الإطلاق الأول

يوم القيامة هو يوم الآخرة، الذي تنتهي فيه الدنيا، وتبدل الأرض غير الأرض، والسماوات.وهذا الرأي ذهب إليه جماعة من العلماء والمفسرين. يقول الإمام الطبري في تفسيره لقوله تعالى: )وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون(، (سورة البقرة: الآية 4) "سميت آخرة لتأخرها عن الخلق، كما سميت الدنيا دنيا، لِدنوِّها من الخلق".

ويفهم من تفسير الطبري، أن المراد بالآخرة يوم القيامة وما فيه من عجائب وغرائب، وأما الذي وصف الله جل ثناؤه به المؤمنين بما أنزل إلى نبيه محمد، e وما أنزل من قبله من المرسلين من إيقانهم به من أمر الآخرة؛ فهو إيقانهم بما كان المشركون به جاحدين من البعث والنشور والثواب والعقاب والحساب والميزان، وغير ذلك مما أعد الله لخلقه يوم القيامة.

وينقل عن ابن عباس، تفسيره لقوله تعالى )وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون(، (سورة البقرة: الآية 4) أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان، أي ليس هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما كان قبلك ويكفرون بما جاءك من ربك.

والإمام الفخر الرازي، عند تفسيره لقوله تعالى: )وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ( (سورة البقرة: الآية 8)، يقول: السؤال الثالث: ما المراد باليوم الآخر؟ الجواب: يجوز أن يراد به الوقت الممدد الذي لا حد له، وهو الأبد الدائم، الذي لا ينقطع له أمد، ويجوز أن يراد به الوقت المحدود، من النشور إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، لأنه آخر الأوقات المحدودة، وما بعده فلا حد له.

واليوم الآخر هو يوم القيامة، وأوله من وقت الحشر إلى ما لا يتناهى على الصحيح، وقيل: إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النارِ النار.

يحتل يوم القيامة تلك المرتبة العليا بعد الإيمان بالله، إلى حد أننا قلما نجد سورة في التنـزيل إلا وللبعث والقيامة فيها سهم وأي سهم.

2. الإطلاق الثاني

يذهب بعض العلماء إلى أن يوم القيامة يبدأ بالموت، بالنسبة إلى الإنسان، ويستدلون بقول الرسول e )‏إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ ( (سنن ابن ماجه: الحديث الرقم 4257). وقولهم: "من مات فقد قامت قيامته".

ويقول الإمام ابن كثير في بعض الأحاديث إنه عليه السلام سئل عن الساعة فنظر إلى غلام فقال)إِنْ يَعِشْ هَذَا الْغُلامُ فَعَسَى أَنْ لا يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ ‏‏حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 5249).

ويشرح ابن كثير هذا الحديث بقوله: والمراد انحراف قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة.

ولا يتبادر إلى الأذهان أن المقصود بقول الرسول: )‏حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ( يوم القيامة على الإطلاق الأول، لأن الساعة بهذا المعنى لا يعلمها إلا الله. يقول ابن كثير: فأما الساعة العظمى، وهي وقت اجتماع الأولين والآخرين في صعيد واحد، فهذا مما استأثر الله تعالى بعلم وقته.

فمع يوم القيامة وأهواله وأحواله، تكون رحلتنا قد بدأت نستلهم العبر ونستضئ بالقرآن والسنة. فنبدأ بالاستدلال القرآني على يوم القيامة، ثم لما كانت للقيامة مقدمات وعلامات؛ كان الأولى بالبحث أن يتناول الموت وحقيقته، والبرزخ وأحكامه. ويقدم للقيامة ببيان علامات الساعة وأشراطها، ثم يأتي التفصيل عن يوم القيامة، مقصود البحث وغايته.