إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

2. البرزخ

يعرف البرزخ بأنه الحاجز بين شيئين، وما بين الموت والبعث، فمن مات فقد دخل البرزخ. وجاء، في التعريفات للسيد الجرجاني، أن البرزخ هو الحائل بين الشيئين، ويعبر عن عالم المثال. أعني الحاجز بين الأجسام الكثيفة وعالم الأرواح المجردة، أعني الدنيا والآخرة.

وقد سمى القرآن الكريم الفترة، من بعد الموت إلى البعث، بالبرزخ. يقول الله تعالى: )حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ(99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون( (سورة المؤمنون: الآيتان 99، 100).

ويعتبر عذاب البرزخ ونعيمه أول منازل الآخرة، التي يتعرض لها المؤمن وغير المؤمن، يذكر ابن القيم أن أول عذاب البرزخ ونعيمه، أول عذاب الآخرة ونعيمها، وهو مشتق منه وواصل إلى أهل البرزخ هناك، كما دلّ عليه القرآن والسنة الصحيحة الصريحة، في غير موضع دلالة، كقوله e )وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا ((مسند أحمد، الحديث الرقم 17803)، وفي الفاجر )وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا ‏ ‏وَسَمُومِهَا( (مسند أحمد، الحديث الرقم 17803)، ومعلوم قطعا أن البدن يأخذ حظه من هذا الباب، كما تأخذ الروح حظها، فإن كان يوم القيامة دخل من هذا الباب إلى مقعده، الذي هو داخله وهناك بعض الأشياء، التي تحدث للميت في أول فترة البرزخ، منها: سؤال الملكين، يقول صاحب كتاب المسايرة في علم الكلام: "سؤال منكر ونكير وعذاب القبر ونعيمه وردت بهما الأخبار وتعددت طرقهما".

أ. سؤال الملكين

وقد وردت الآيات القرآنية الدالة على سؤال الملكين وعذاب القبر ونعيمه. فما يسبق سؤال الملكين في القبر لأهل البرزخ، ومما يدل على الحياة في القبر قوله تعالى حكاية عن الكافرين: )قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيل( (سورة غافر: الآية 11)، يذكر صاحب شرح المواقف أن المراد بالإماتتين والإحياءتين في الآية، الإماتة قبل مزار القبور، ثم الإحياء في القبر، ثم الإماتة فيه بعد مساءلة منكر ونكير، ثم الإحياء للحشر.

ويقول الله تعالى: )يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ( (سورة إبراهيم: الآية 27). هذه الآية تدل على سؤال الملكين في القبر، ومما يدل، على أن هذه الآية تدل على سؤال الملكين، ما رواه البخاري بسنده عن البراء بن عازب t أن رسول الله e، قال: )الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 4330)، وأما السنة فيقول ابن القيم: "أحاديث عذاب القبر ومساءلة منكر ونكير متواترة".

ب. عذاب القبر ونعيمه

يقول الله تعالى: )فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ(45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ( (سورة غافر: الآيتان 45، 46). يقول ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور.

وينقل القرطبي إجماع الجمهور على أن العرض في الآية يدل على عذاب القبر، قال في الفتح: قال القرطبي: الجمهور على أن العرض يكون في البرزخ، وهو حجة في تثبيت عذاب القبر.

وابن القيم في كتابه الروح يذهب إلى أن الآية دالة على عذاب القبر، ولا تحتمل غير ذلك، يقول: فذكر عذاب الدارين ذكراً صحيحاً لا يحتمل غيره.

ج. ومن الأحاديث التي تثبت عذاب القبر

ما رواه البخاري بسنده، عن ابن عباس، رضي الله عنهما: مر النبي e على قبرين فقال: )إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ[1] وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 211).

وروى الإمام مسلم بسنده عن زيد بن ثابت قال: )بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ قَالَ كَذَا كَانَ يَقُولُ الْجُرَيْرِيُّ فَقَالَ مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 5112).

وروى مسلم بسنده، عن أبي هريرة t، أن النبي،e قال: )إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 924).

 



[1] في معظم الروايات لا يستبرئ من بوله.