إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

4. البعث

احتل البعث مكانا كبيراً في القرآن الكريم لدرجة "أننا قلما نجد سورة في التنـزيل إلا وللبعث واليوم الآخر فيها سهم وأي سهم" واهتمام القرآن بالبعث واليوم الآخر يهدف إلى نواح منها: عرض سورة واقعية للبعث وما يصحبه وما يقع بعده من أحداث، وهذا ما سنتعرض له في هذا المبحث، كواقعة من واقعات اليوم الآخر.

مقدمات البعث

أ. النفخ في الصور: والصور هو القرن، الذي ينفخ فيه. روى أحمد بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: قال أعرابي: يا رسول الله ما الصور؟ قال: قرن ينفخ فيه. ولقد تكرر ذكر الصور في القرآن الكريم في سور "الأنعام، المؤمنون، النمل، الزمر، ق" وغيرها.

وورد ذكره في السنة النبوية الشريفة، وقد اختلف العلماء في عدد النفخات في الصور، بعد اتفاقهم على أنه يسبق يوم القيامة والبعث، فمن العلماء من اعتبر أن عدد النفخات ثلاث، ومن هؤلاء ابن كثير في كتابه "النهاية في الفتن والملاحم" يقول: النفخات في الصور ثلاث نفخات: نفخة الفزع، ثم نفخة الصعق، ثم نفخة البعث والإمام الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: )وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ( (سورة النمل: الآية 87). يقول: اختلف أهل التأويل في قوله تعالى: )وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ(

ويذهب الإمام النسفي في تفسيره إلى أن الجمهور على أنها ثلاث: الأولى للفزع كما قال: "ونفخ في الصور ففزع" والثانية للموت، والثالثة للإعادة.

ب. البعث: عرف العلماء البعث بأنه توجه الشيء إلى ما كان عليه، والمراد هنا الرجوع إلى الوجود بعد الفناء، أو رجوع أجزاء البدن إلى الاجتماع بعد التفرق، وإلى الحياة بعد الموت، والأرواح إلى الأبدان بعد المفارقة.

يقول إمام الحرمين في الإرشاد: فإن سئلنا عن الدليل على الإعادة استقرأنا من نص الكتاب وفحوى الخطاب، وشبهنا الإعادة بالنشأة الأولى، كما قال، تعالى، ردا على منكري البعث: )وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ( (سورة يس: الآية 78).

والقرآن الكريم يصور بعث الناس وخروجهم من القبور لله رب العالمين يقول تعالى: )وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ(51) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ(52) إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ(53) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( (سورة يس: الآيات 51 - 54).

ومما اهتم به القرآن والسنة النبوية، ما يسبق البعث من أهوال، تتمثل في زلزلة الأرض، ونسف الجبال، وتكوير الشمس، وتفجير البحار، وتناثر النجوم، وتبعثر القبور، وغير ذلك من الأحداث، التي تقع يوم القيامة. يقول الله تعالى: )إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ(1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ(2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ(3) إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا(4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا(5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا(  (سورة الواقعة: الآيات: 1 - 6).

ومما تجدر الإشارة إليه إخبار رسول الله،  بما يفعله الله بالسماء والأرض. روى البخاري بسنده عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي r قال: )يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْض( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6038).

ويبلغ تصوير القيامة عند رسول الله، r مبلغه حين يشخص لنا يوم القيامة متمثلاً في بعض سور القرآن الكريم. روى الإمام أحمد بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله، r )مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَحْسَبُهُ أَنَّهُ قَالَ سُورَةَ هُودٍ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 4575)، وإن المتأمل في السور، التي ذكرها الرسول r، على أنها تعرض يوم القيامة مشهودا للناس؛ يجد حقاً أنها تصور يوم القيامة بأهواله وأحداثه ومشاهده أبلغ تصوير.

وظاهر النصوص القرآنية يفيد نسف الجبال، وغير ذلك مما يصاحب البعث والنفخ في الصور، ومن الجدير بالذكر أن رسول الله، r هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة. روى البخاري بسنده عن أبي هريرة حديثاً طويلاً، وفيه أن رسول الله، r قال: )لا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ فَلا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّه(ُ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 2234).