إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

6. صحائف الأعمال

من مشاهد يوم القيامة صحائف الأعمال؛ وهي من السمعيات، التي وردت في القرآن الكريم، وأخبر عنها رسول الله، r وصحائف الأعمال عبارة عن الكتب، التي كتبت فيها الملائكة ما فعله العباد في الدنيا. وهذه الصحف هي التي سيحاسب الإنسان على أساس ما فيها من الأعمال؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. يقول صاحب المقاصد: من السمعيات تطاير الكتب، والدليل عليها قول الله، تعالى: )وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا( (سورة الإسراء: الآية 13)، ويقول، تعالى: )فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا( (سورة الانشقاق: الآيتان 7، 8)، ويقول صاحب المواقف عن هذه الآية: "قد ثبت بها قراءة الكتب" ويذكر صاحب مطالع الأنظار أن سائر السمعيات، ومنها تطاير الكتب؛ الأصل في إثباتها أنها ممكنة في نفسها، والله تعالى قادر على كل هذه الأشياء، والصادق أخبر عن وقوعها فيكون هذا مفيداً للعلم بوجودها. ويذهب الجويني إلى أن العقول لا تحيل شيئاً من هذه السمعيات، والدلالة ثابتة على القطع بالميزان والحوض والكتب، التي يحاسب عليها الخلائق.

والقرآن الكريم يذكر الصحف، التي كتبت فيها الحسنات والسيئات للعبد في الدنيا، بقوله، تعالى: )فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ( (سورة الأنبياء: الآية 94)، أي مثبوت في صحائف أعمالهم، لا نغادر من ذلك شيئاً. وهذه الصحائف هي التي يعبر عنها القرآن، في بعض الآيات، بالكتاب، كما في قوله، تعالى: )وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا( (سورة الكهف: الآية 49) أي أن صحائف الأعمال وضعت، إما في أيدي أصحابها يمينا وشمالاً، وإما في الميزان، وهذه الصحائف لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا حوتها.ووجدوا ما عملوا حاضراً أي مسطوراً، والله لا يظلم أحداً، لأن كل إنسان سوف يلزمه كتابه يوم القيامة، وهذا الكتاب مسطور فيه كل شيء فعله الإنسان من الحسنات السيئات. يقول تعالى: )وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا(13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا( (سورة الإسراء: الآيتان 13، 14). والطائر هنا هو ما طار عنه من عمله من خير أو شر، وهو يلزم به ويجازى عليه، كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما، والمقصود من الآية أن عمل ابن آدم محفوظ عليه قليله وكثيرة، ويكتب عليه ليلاً ونهاراً صباحاً ومساء وصحف الأعمال، التي يعبر عنها القرآن الكريم بالكتاب، تسجل كل الأشياء على الإنسان؛ مصداقاً لقوله تعالى: )مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد(ٌ (سورة ق: الآية 18). ويقول تعالى: )وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ(10) كِرَامًا كَاتِبِينَ(11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ( (سورة الانفطار: الآيات 10 - 12).

وهذه الصحف يأخذها الإنسان بيمينه، إن كان من الصالحين ويحاسب على أساسها حساباً يسيرا،ً ويأخذها الطالح بشماله ويحاسب على أساسها حساباً عسيراً، ويقول تعالى: )فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا( (سورة الانشقاق: الآيتان 7، 8)، )وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ(25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ( (سورة الحاقة: الآيتان 25، 26). وهذه الصحف سوف تنشر يوم القيامة على رؤوس الأشهاد؛ مصداقاً لقوله، تعالى: )وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( (سورة التكوير: الآية 10). ويقرأ كل إنسان صحيفته يوم القيامة لا فرق بين الذي يعرف القراءة، والذي لا يعرف، ومنهم من لم يقرأ صحيفته ذهولاً ودهشة؛ لاشتمالها على القبائح. وهذه الصحف حين تنشر لا يقدر أحد أن يقدم عذراً أو يجادل عن نفسه. وروى الإمام أحمد بسنده عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله، r )يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلاثَ عَرَضَاتٍ فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الأَيْدِي فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 18883)، والمراد أن الناس يدفعون عن أنفسهم، ويقولون لم يبلغنا الأنبياء، ويحاجون الله، تعالى، ولكن عند تطاير الصحف يسكت الجميع، ويأخذ أهل السعادة صحفهم بأيمانهم وأهل الشقاوة بشمائلهم.