إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

7. الحساب

أ. تعريف الحساب

الحساب، لغة: العد. واصطلاحاً: توقيف الله الناس على أعمالهم خيراً كانت أو شراً، قولاً كانت أو فعلاً، تفصيلاً بعد أخذ كتبهم، ويكون للمؤمن والكافر، إنساً وجناً، إلا من استثني منهم.

والحساب ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، عند أهل السنة.

والمعتزلة تثبت الحساب وتستدل عليه بقول صاحب الأصول الخمسة: الحساب مما لا يجوز إنكاره، فقد قال تعالى: )فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا(8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا( (سورة الانشقاق: الآيات 7 - 9). نجد أن محاسبة الله، تعالى، إيانا لا تجري على حد ما تجري المحاسبة بين الشريكين والمتعاملين.

والقرآن الكريم يعرض الحساب ويركز على عدة حقائق منها:

(1) أن الله هو الذي يتولى الحساب

يقول الله تعالى: )لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( (سورة البقرة: الآية 284). ويقول الله، تعالى: )إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ(25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ( (سورة الغاشية: الآيتان 25، 26).

وهذه الآيات إخبار من الله، سبحانه وتعالى، بأنه سيحاسب الخلق على أعمالهم ويجازيهم بها إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهذا الحساب سوف يكون سريعاً يقول الله تعالى: )أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ( (سورة الرعد: الآية 41)، ويقول الله، تعالى: )لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ( (سورة إبراهيم: الآية 51).

(2) نفي قيام الرسول بمحاسبة الخلق يوم القيامة

القرآن الكريم، بعد أن يثبت أن الله هو الذي يتولى الحساب يوم القيامة، يثبت أن الرسول، r لا يحاسب أحدا من الخلق يوم القيامة. يقول الله، تعالى: )وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ( (سورة الأنعام: الآية 52).

(3) كيفية الحساب

يقول الله، تعالى: )فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا(8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا(9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ(10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا(11) وَيَصْلَى سَعِيرًا( (سورة الانشقاق: الآيات 7 - 12). وهذه الآية سألت عنها أم المؤمنين عائشة رسول الله، r فقد روى البخاري ومسلم ـ واللفظ لمسلم ـ عن عائشة قالت: قال رسول الله، r )مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ فَقُلْتُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا فَقَالَ لَيْسَ ذَاكِ الْحِسَابُ إِنَّمَا ذَاكِ الْعَرْضُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ( (صحيح مسلم، الحديث 5122). وروى الترمذي عن عائشة قالت: سَمِعْتُ النَّبِيَّ r )يَقُولُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ إِلَى قَوْلِهِ يَسِيرًا قَالَ ذَلِكِ الْعَرْضُ( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 3260).

ب. أهم العناصر، التي يدور حولها الحساب يوم القيامة

(1) المؤمنون

إن العناصر، التي يدور حولها الحساب يوم القيامة هي الأقوال والأفعال. أما حديث النفس والهم بالسيئات، فإن الله لا يجازي الإنسان عليها، وإن كان يثيب على الهم بالحسنة ويجازى عليها. يقول الله تعالى: )لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير(ٌ (سورة البقرة: الآية 284). وهذه الآية حين نزلت شَقَّ ذلك على الصحابة، إذ إنها تفيد أن الله يوم القيامة يحاسب الإنسان على ما أبداه وفعله، وما أخفاه ولم يفعله. وروى الإمام مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: لما أنزلت على رسول الله، r )لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( قال اشتد ذلك على أصحاب رسول الله، r فأتوا رسول الله، r ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من العمل ما نطيق؛ الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها. قال رسول الله، r أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ قالوا: )آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءامَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(، (سورة البقرة: الآية 285) فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله عز وجل: )لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا( (سورة البقرة: الآية 286) قال نعم )رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا( (سورة البقرة: الآية 286) قال نعم )رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ قال نعم وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ( (سورة البقرة: الآية 286) قال نعم.

(2) الكافرون

يسأل الله عز وجل الكافر يوم القيامة محاسباً إياه، فيتنصل الكافر من كفره ومن ذنوبه. يقول الله، تعالى: )وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ(22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ(23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ( (سورة الأنعام: الآيات 22 - 24).

وروى البخاري بسنده عن أنس بن مالك أن النبي، r كان يقول: )يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6057).

وروى الترمذي بسنده عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، r )يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا وَمَالاً وَوَلَدًا وَسَخَّرْتُ لَكَ الأنْعَامَ وَالْحَرْثَ وَتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَكُنْتَ تَظُنُّ أَنَّكَ مُلاقِي يَوْمَكَ هَذَا قَالَ فَيَقُولُ لا فَيَقُولُ لَهُ الْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2352).