إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

9. الميزان

من مشاهد يوم القيامة الميزان، ويكون بعد الحساب. يقول القرطبي في التذكرة : قال العلماء إذا انقطع الحساب، كان بعده وزن الأعمال؛ لأن الوزن للجزاء فيكون بعد المحاسبة فإن المحاسبة لتقدير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها؛ لكون الجزاء بحسبها. قال الله تعالى: )وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ( (سورة الأنبياء: الآية 47).

والميزان ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والدليل عليه قوله، تعالى: )وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ( (سورة الأعراف: الآيتان 8، 9).

وقول الرسول، r فيما رواه الإمام مسلم بسنده، عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله r )الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 328)، يقول السعد: ذهب كثير من المفسرين إلى أنه ميزان له كفتان ولسان وساقان، عملا بالحقيقة لإمكانها، وقد ورد في الحديث تفسيره بذلك.

يقول ابن تيمية، حين سئل عن الميزان: "الميزان هو ما يوزن به الأعمال، وهو غير العدل، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، مثل قول الله، تعالى: )فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُه( (سورة الأعراف: الآية 8) وقوله تعالى: )وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ( (سورة الأنبياء: الآية 47) وفي الصحيحين عن النبي، r أنه قال: )كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 5927)، والميزان كما يقول الإمام الغزالي "حق وقد دلت عليه قواطع السمع، وهو ممكن، فوجب التصديق به".

وقد وردت الآيات القرآنية بصيغة الجمع للميزان يوم القيامة، وآيات أخرى بالإفراد، ولا تعارض في ذلك؛ لأنه من الممكن أن يقال: إن لكل عاقل موازين يوزن بكل منها صنف من عمله. وجاء القرآن الكريم بالوزن، تارة في قوله تعالى: )وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( (سورة الأعراف: الآية 8) وبالموازين، تارة في قوله تعالى: )وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ( (سورة الأنبياء: الآية 47) وقيل: لفظ الجمع للتعظيم، وإنما الميزان الكبير واحد؛ إظهاراً لجلالة الأمر وعظمة المقام.

أ. كيفية الميزان

ذهب جمهور المفسرين أن الموزون الكتب، التي اشتملت على أعمال العباد، بناء على أن الحسنات مميزة بكتاب والسيئات بآخر. وقيل: بل تجعل الحسنات أجساماً نورانية والسيئات أجساماً ظلمانية.

وهناك بعض الأحاديث تبين أن الرجل يوزن مع عمله، وأخرى تفيد أن العمل نفسه هو الذي يوزن.

روى الإمام مسلم بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله، r قال )إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ اقْرَءُوا فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا. (سورة الكهف: الآية 105)( (رواه مسلم، الحديث الرقم 4991).

ب. من توزن أعمالهم يوم القيامة ؟

الميزان يكون للمؤمنين والكفار يوم القيامة، ويستثنى من المؤمنين من يدخلون الجنة بغير حساب. يقول القرطبي: "الميزان حق، ولا يكون في حق كل أحد، بدليل قوله r فيقال: )يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 287)، ويؤخذ من هذا أن الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا توزن لهم أعمال؛ لعلم الله عز وجل بصلاحهم وثقل أعمالهم، وأما ما جاء عن الكفار في قوله تعالى: )أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا( (سورة الكهف: الآية 105) يقول ابن حزم بعد أن أورد الآية السابقة: "وليس هذا على أن لا توزن أعمالهم بل توزن، لكن أعمالهم شائلة، وموازينهم خفاف، فقد نص الله، تعالى على ذلك إذ يقول: )فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ(104) أَلَمْ تَكُنْ ءَايَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ( (سورة المؤمنون: الآيات 102ـ 105).

ج. فائدة الميزان

إن وزن الأعمال يوم القيامة بالنسبة إلى المؤمنين والكفار أن تجعل علامة لأهل السعادة، إذا كانت موازينهم ثقيلة، وتكون علامة لأهل الشقاوة، الذين خفت موازينهم. وفي الميزان تعريف للعباد بما لهم وما عليهم وإقامة الحجة عليهم، وإظهار لعدل الله عز وجل يوم القيامة، وفيه بيان للطف الله ببعض الناس يوم القيامة، حين يتجاوز عن سيئاتهم ويدخلهم الجنة بفضله ورحمته.

والميزان له فائدة تتعلق بالمكلفين، هي تنبيه المكلفين إلى أداء الواجبات وترك المنكرات، إذا علموا أن أعمالهم ستعرض عليهم وتوزن على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.