إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

10. الحوض

من الأشياء، التي انفرد بها الإسلام عن النصرانية واليهودية، الحوض، الذي يشرب منه المؤمنون، الذين عملوا الصالحات، من أمة محمد r .

أ. أدلة ثبوته: والحوض ثابت بالكتاب والسنة

قال تعالى: )إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ( (سورة الكوثر: الآيتان 1، 2)، وفي سبب نزول سورة الكوثر، أورد الإمام ابن كثير حديثاً عن أنس بن مالك قال: )أَغْفَى النَّبِيُّ r إِغْفَاءةً فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا إِمَّا قَالَ لَهُمْ وَإِمَّا قَالُوا لَهُ لِمَ ضَحِكْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إِنَّهُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ r، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ حَتَّى خَتَمَهَا قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ يَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ يُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 1158).

يقول الأشعري، في الإبانة: "وأنكرت المعتزلة الحوض". وروي عن النبي، r من وجوه كثيرة، وروي عن أصحابه بلا خلاف".

والإمام الجويني في "لمع الأدلة" يذكر أن كل ما جوزه العقل وورد به الشرع، وجب القضاء بثبوته، فما ورد به الشرع الصراط والميزان والحوض.

ولقد وردت الأحاديث الصحيحة عن الحوض وعظم قدره. روى الإمام مسلم بسنده عن أبي حازم قال: سمعت رسول الله، r يقول: )أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُم( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 4243)، وفي رواية: )إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 4243).

والحديث يدل على أن رسول الله، r يقف على الحوض، وسيرد عليه أقوام من أمته ولا يستطيعون أن يقتربوا من الحوض أو يشربوا منه، فيسأل رسول الله، r عنهم، فيقال له إنهم بدلوا وغيروا بعدك؛ فيوافق رسول الله، r على بعدهم. وقد وردت أحاديث أخرى تبين عظم وقدر الحوض.

وروى الإمام مسلم بسنده عن أبي مليكة قال: قال عبدالله بن عمرو بن العاص قال رسول الله، r )حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ الْوَرِقِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلا يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 4244).

وروى الإمام البخاري، بسنده عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله، r قال: )إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنْ الْيَمَنِ وَإِنَّ فِيهِ مِنْ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6094). ويقول كمال الدين بن الهمام: "ومن السمعيات الكوثر، وهو حوض الرسول، r يكون له يوم القيامة، يرده الأخيار، ويذاد عنه الأشرار. وردت به الأخبار الصحاح، فوجب قبوله والإيمان به". وحول ورود الأحاديث الصحيحة عن الحوض، فإن ابن حجر ينقل عن القرطبي قوله: "مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به، أن الله، سبحانه وتعالى، قد خص نبينا محمداً، r بالحوض المصرح بصفته واسمه وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة، التي يحصل بمجموعها العلم القطعي"، إذ روى ذلك عن النبي، r من الصحابة ما نيف على الثلاثين، منهم في الصحيحين ما ينيف على العشرين، وفي غيرهما بقية ذلك، مما صح نقله واشتهرت رواته، ثم رواه عن الصحابة المذكورين من التابعين أمثالهم، ومن بعدهم أضعاف أضعافهم، وهلم جرا وأجمع على إثباته السلف وأهل السنة من الخلف.

ب الاختلاف في تحديد مكانه

وقد اختلف العلماء حول الحوض، هل هو قبل الصراط أو بعده؟ فيروى القرطبي في التذكرة أن الحوض قبل الصراط والميزان. وذهب آخرون إلى أنه بعد الصراط والميزان. وحجة القرطبي أن كون الحوض قبل الصراط، مما يقتضيه الموقف يوم القيامة؛ لأن الناس يخرجون عطاشاً من قبورهم.

وذهب القاضي عياض إلى أن الحوض بعد الصراط؛ لأن الشرب منه يقع بعد الحساب والنجاة من النار؛ لأن ظاهر حال من لا يظمأ ألا يعذب بالنار. ولعل الصواب أن الحوض بعد الصراط؛ لما رواه الإمام أحمد والترمذي عن أنس قال: )سَأَلْتُ نَبِيَّ اللَّهِ r أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ قَالَ أَنَا فَاعِلٌ بِهِمْ قَالَ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ قَالَ قُلْتُ فَإِذَا لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ قَالَ فَأَنَا عِنْدَ الْمِيزَانِ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ قَالَ فَأَنَا عِنْدَ الْحَوْض( (مسند أحمد، الحديث الرقم 12360)، فهذا الترتيب من النبي، r هو الذي نميل إليه؛ لأنه مادام أن الذي يشرب منه لا يظمأ أبدا فلابد أن يكون من المؤمنين الناجين من النار.