إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

12. الجنة

نتحدث عن الجنة كواقعة من واقعات يوم القيامة والنعيم، الذي يلاقيه المؤمنون فيها. والحديث عن الجنة يشمل عدة حقائق عن الجنة منها:

أنها مخلوقة ومعدة للمؤمنين:

يقول الله، تعالى: )وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ( (سورة آل عمران: الآية 133)، ويقول الله، عز وجل: )سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم(ِ (سورة الحديد: الآية 21). وهاتان الآيتان، وغيرهما في القرآن كثير، تدلان على أن الجنة مخلوقة الآن، وأنها معدة للمؤمنين، وأيضاً على سعة الجنة. والمراد من أن عرضها كعرض السماء والأرض أنها كناية عن السعة، إذ لو جعلت السماوات والأرضون طبقاً، بحيث يكون كل واحدة من تلك الطبقات سطحاً مؤلفاً من أجزاء، ثم وصل بعضها ببعض طبقاً واحداً، لكان ذلك مثل عرض الجنة، وهي غاية في السعة، وخص العرض بالذكر دون الطول لأنه إذا كان العرض على تلك السعة، فالظاهر أن الطول يكون أعظم. ونظير هذا قوله تعالى: )بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ( (سورة الرحمن: الآية 54)، فإذا كانت البطائن من إستبرق وهي عادة أقل من الظهارة ، فكيف يكون الظهارة! قال القفال: ليس المراد بالعرض هاهنا ما هو خلاف الطول، ولكن عبارة عن السعة كما تقول العرب بلاد عريضة أي واسعة عظيمة، والأصل فيها أن ما اتسع عرضه لم يضق وما ضاق عرضه دقّ.

أ. عدد الجنات ودرجاتها

الجنة: البستان، ومنه الجنات. والجنة: اسم لدار الخلد، وهي مشتملة على جنان كثيرة مرتبة حسب استحقاق العاملين، لكل طبقة منهم جنات من تلك الجنان.

وعدد الجنات، التي يتمتع فيها المؤمنون أربع، وهذا العدد هو الذي ورد في القرآن الكريم، ونطقت به السنة. يقول الله، عز وجل، في سورة الرحمن (الآيات: 46 - 76): )وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان( وعدد الله صفات هاتين الجنتين، فذكر أنهما: )ذَوَاتَا أَفْنَانٍ(48) فَبِأَيِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ(49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ(50) فَبِأَيِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ(51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ( وذكر أن المؤمنين فيها )مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ( وذكر الله، عز وجل، أن: )فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ(، وبعد أن ذكر الله هاتين الجنتين وعدد صفاتهما، قال الله، تعالى: )وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ( وعدد أوصافهما بقوله، تعالى: )مُدْهَامَّتَانِ( وقال: )فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ( وقال: )فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّان( وقال: )فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ( وقال: )حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ( وقال: )لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ( وقال: )مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَان( والجنتان الأوليان تختلفان عن الأخريين، إذ إن الله، عز وجل، قال عن الأوليين: ومن دونهما ودون تستخدم في اللغة العربية نقيض فوق، وهو تقصير عن الغاية.

ب. وصف الجنة

أما سعتها فعرض السموات والأرض، ولا عجب في هذا، فإن الآخرة بالنسبة إلى هذه الدنيا، كهذه الدنيا بالنسبة إلى بطن الأم، أما يرى الجنين بطن أمه دنياه كلها، أو ليست دار واحدة من دور الدنيا، أوسع من دنيا الجنين بآلاف المرات ؟

هذه الجنة أعدت للمتقين، ومن هم المتقون، الذين أعدت لهم وماذا كانوا يصنعون؟ لقد بين الله أن المتقين هم: )الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين(.(سورة آل عمران: الآية: 134)، )وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ( (سورة آل عمران: الآية 135). هذه بعض صفات المتقين، فمن اتصف بها، بعد تصحيح العقيدة، وصدق التوحيد، أدخله الله بكرمه ومنّه، هذه الجنة، التي أعدها الله لهم.

ج. درجات الجنة

والجنة درجات: ففيها جنة النعيم وهي التي يطمع أن ينالها كل واحد: )أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ( (سورة المعارج: الآية 38). وهي للسابقين: )أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ(11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ( (سورة الواقعة: الآيتان 11، 12).

وفيها، التي سماها الله الغرفة، ووعد الله بها عباد الله الرحمن، الذين وصفهم في سورة الفرقان؛ بأنهم الذين يجمعون صحة الاعتقاد، واستقامة السلوك، وكثرة العبادة، وعلو الأخلاق، فدل ذلك على أن الغرفة درجة عالية في الجنة وخص بها هؤلاء الذين جمعوا صفات الكمال، وصبروا على مشقة القيام بها، وصرف النفس عن رغباتها في التملص منها.

وأن فيها مكانا اسمه جنة المأوى، ومكاناً اسمه جنات عدن، وأن فيها ما دعاه بعليين؛ دل ذلك على أن نعيمها درجات وأهلها منازل.

د. أهل الجنة وأحوالهم

يجتمع أهل الجنة بإخوانهم وأهليهم: )ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُون( (سورة الزخرف: الآية 70)، و)هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ( (سورة يس: الآية 56)، )وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( (سورة الطور: الآية 21). يجتمعون على ود وصفاء: )وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون( (سورة الأعراف: الآية 43).

وتُصفُّ لهم الأسرّة والأرائك، فتكون مجالسهم عليها: )مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِين( (سورة الطور: الآية 20)، يقعدون عليها )وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِين( (سورة الحجر: الآية 47)، عليها فرش بطائنها من شيء نفيس، سماه ربنا الإستبرق، وحولهم جنتان ملتفتان، ثمارهما قريبة من أيدهم دانية منهم.

يخدمهم فيها خدم صغار: )وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ( (سورة الطور: الآية 24)، )يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ( (سورة الدخان: الآية 55)، )يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ(45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ(46) لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ( (سورة الصافات: الآيات 45 - 47).

والطعام يطاف عليهم بصحاف من ذهب، أما شرابهم فيحمل إليهم )بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِين( (سورة الواقعة: الآية 18).

يقصدون من أركان الجنة حيث شاؤوا يتقابلون فيها ويتحدثون )وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ( (سورة إبراهيم: الآية 23).