إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

13. النار

المتبادر إلى الذهن أن جهنم نار كالنار، التي نعرفها في الدنيا، لكنها أشد منها، حتى أنها لا تقاس من شدتها بها، وإن ماثلتها في نوعها، ولكن الذي يبدو لمن يمعن النظر في وصف القرآن لها أنها من نوع آخر؛ إذ لو كانت ناراً من نوع نار الدنيا، لأحرقت كل شيء فتركته فحماً. مع أن جهنم فيها شجر، وفيها ماء، وفيها ظل، وإن كان ظلها وماؤها وشجرها للتعذيب لا للنعيم. ونار الدنيا تحرق من يدخل فيها فيموت يستريح من ألمها، وجهنم ـ نعوذ بالله منها ـ ألم دائم لأهلها: )وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُور( (سورة فاطر: الآية 36).

ولا تحرق الجلود فتذهبها، ولكن تنضجها: )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا( (سورة النساء: الآية 56)، وأهلها يعيشون ويفكرون ويتذكرون ويختصمون، وفي جهنم شجرة الزقوم، التي: )إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ(64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ( (سورة الصافات: الآيتان 64، 65).

وفي جهنم طعام وأهلها يأكلون، ولكنهم آكلون من ثمر هذه الشجرة الخبيثة:  )فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ( (سورة الصافات: الآية 66)، )إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ(44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ(45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ( (سورة الدخان: الآيات 43 ـ 46). وفي جهنم شراب، فيها ماء، ولكنه ماء صديد، يسقى منه الكافر، فهو: )يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ( (سورة إبراهيم: الآية 17).

أ. دخول النار

إذا انتهى الحساب وحقت كلمة العذاب على الكافرين، يساقون إلى جهنم زمراً. فتغتاظ جهنم نفسها من كفرهم وإصرارهم وإعراضهم عن رسل الله. وخزنة جهنم لا ينقضي عجبهم من حماقتهم وعنادهم، فهم يعودون إلى سؤالهم: )تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير( (سورة الملك: الآية 8)، فلم يسعهم إلا الاعتراف: )قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ( (سورة الملك: الآية 9)، فقالت لهم الملائكة: )إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِير( (سورة الملك: الآية 9) فأقروا بأنهم كانوا صماً لا يسمعون، وكانوا قد عطلوا عقولهم فلا يفكرون، وأنهم لو كانوا سمعوا المواعظ، وفكروا في أنفسهم وفي الكون من حولهم، لاستدلوا بذلك على الله، فآمنوا به واتبعوا رسله، وما وصلوا إلى جهنم. )وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ(10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ( (سورة الملك: الآيتان 10، 11).

ب. جهنم سجن

)لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ( (سورة الحجر: الآية 44)، يوزع أهلها عليهم. )لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُوم( وهي مغلقة بمزاليج ضخمة كأنها الأعمدة: )إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ(8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَة( (سورة الهمزة: الآيتان 8، 9)، وهم يلقون فيها من مكان ضيق "مقرنين" مربوطا بعضهم ببعض، وقد أعد الله لهم: )إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا( (سورة الإنسان: الآية 4).

ج. محاولات للخروج

عمَّر الله الإنسان في الدنيا دهرا، وأعطاه الله فيها عقلا يختار به ما يريد، وإرادة ينفذ بها ما يختار، فاختار بعض الناس سلوك طريق جهنم، وعملوا ما يوصلهم إليها، فلما بلغوها، راحوا يحاولون الخروج منها، ويَعِدون أنهم، إن أعيدوا إلى الدنيا، آمنوا وعملوا الصالحات، يحسبون الأمر كامتحانات الدنيا، فمن رسب في دورة، استدرك النجاح في أخرى، لا يدرون أنه من خرج من الدنيا لا يعود إليها، ومن دخل النار لا يخرج منها، فحق عليهم قول الله، عز وجل: )وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ( (سورة الأعراف: الآيتان 52، 53)، )وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ( (سورة الشورى: الآية 44)، )وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ( (سورة فاطر: الآية 37)، فيكون الجواب الحاسم: )أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ(.

د. حوار بين أهل الجنة وأهل النار

سبق ما يشير إلى أن أهل الجنة يستطيعون أن يطلعوا على أهل النار، وفي القرآن أن هؤلاء وهؤلاء يتنادون ويتحدثون: )وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِين( (سورة الأعراف: الآية 44)، )وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ(50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ( (سورة الأعراف: الآيتان 50، 51).