إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









14

14. رؤية الله

إن أعظم درجات النعيم في الآخرة يتمثل في رؤية المؤمنين لربهم، عز وجل. وقد ثبتت رؤية الله، عز وجل، في القرآن والسنة والإجماع.

يقول الله، تعالى: )وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة(ٌ (سورة القيامة: الآيتان 22، 23)، يقول ابن كثير )وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ( من النضارة أي حسنة بهية مشرقة مسرورة )إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ( أي تراه عيانا، كما روى البخاري في صحيحة )إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6883)، وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله، عز وجل، في الدار الآخرة، في الأحاديث الصحاح، من طرق متواترة عن أئمة الحديث، ولا يمكن دفعها ولا منعها.

يقول ابن حزم: رؤية الله، عز وجل، يوم القيامة، كرامة للمؤمنين لا حرمنا الله ذلك بفضله.

والرؤية ثابتة، شرعا في الآخرة للمؤمنين، كما أطبق عليه أهل السنة، بالكتاب والسنة والإجماع.

ينقل ابن القيم الإجماع على رؤية الله، تعالى، بقوله: اتفق عليها الأنبياء والمرسلون وجميع الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام على تتابع القرون.

ويستدل ابن القيم بأدلة كثيرة من القرآن الكريم على وقوع الرؤية في الآخرة للمؤمنين؛ ومما يستدل به، قول الله، عز وجل: )لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ( (سورة ق: الآية 35)، قال الطبراني: قال علي بن أبي طالب وأنس بن مالك: هو النظر إلى وجه الله عز وجل، وقاله، من التابعين، زيد بن وهب وغيره.

ومما يستدل به على وقوع الرؤية في الآخرة من القرآن الكريم، قول الله، تعالى: )لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( (سورة يونس: الآية 26).

أ. الرؤية في السنة

عن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبره أن ناساً قالوا لرسول الله، r هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله، r )هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالُوا لا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 267).

إن الأحاديث الدالة على رؤية الله في الآخرة، قد بلغت حد التواتر، يقول ابن القيم: "وأما الأحاديث عن النبي، r وأصحابه، والدالة على الرؤية، فمتواترة وقد احتلت رؤية الله في الآخرة مكانا بارزا في الفكر الإسلامي".

يقول الإمام المحاسبي عن فرحة المؤمنين برؤية ربهم في الآخرة: "فتوهم بعقلك نور وجوههم، وما يداخلهم من السرور والفرح حين عاينوا مليكهم، وسمعوا كلام حبيبهم وأنيس قلوبهم وقرة أعينهم ورضا أفئدتهم وسكن أنفسهم، فرفعوا رؤوسهم من سجودهم، فنظروا إلى ما لا يشبهه شيء بأبصارهم، فبلغوا ذلك غاية الكرامة ومنتهى الرضا والرفعة، فما ظنك بنظرهم إلى العزيز الجليل، الذي لا تقع عليه الأوهام ولا تحيط به الأذهان ولا تكفيه الفِكَر ولا تحده الفِطَن".

ب. كيفية الرؤية

من أعظم ما قيل في الرؤية في الآخرة ما ذكره الإمام الغزالي بقوله: "إن قلت فهذه الرؤية محلها القلب أو العين في الآخرة، فاعلم أن الناس قد اختلفوا في ذلك، وأهل البصائر لا يلتفتون إلى هذا الخلاف ولا ينظرون فيه، بل العاقل يأكل البقل ولا يسأل عن المبقلة، ومن يشته رؤية معشوقه يشغله عشقه عن أن يلتفت إلى أن رؤيته تخلق في عينه أو في جبهته، بل يقصد الرؤية ولذتها سواء أكان ذلك بالعين أم بغيرها، فإن العين محل وظرف فلا نظر إليه ولا حكم له، والحق فيه أن القدرة الأزلية واسعة، فلا يجوز أن نحكم عليها بالقصور عن أحد الأمرين، هذا في حكم الجواز، فأما الواقع في الآخرة من الجائزين، فلا يدرك إلا بالسمع، والحق ما ظهر لأهل السنة والجماعة من شواهد الشرع أن ذلك يخلق في العين؛ ليكون لفظ الرؤية والنظر وسائر الألفاظ الواردة في الشرع مُجرى على ظاهره".