إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم




1. سيف الرسول
2. الفرسان
3. السيف
4. الدرع
5. المنجنيق
6. برج حصار

1. موقعة بدر
2. معركة أحد
3. معركة الخندق
4. صلح الحديبية
5. فتح خيبر
6. غزوة مؤتة
7. فتح مكة
8. غزوة الطائف
9. غزوة تبوك




2

2. معركة أُحُد[14] (شوال)

أ. خلفية تاريخية، وموقف الجانبَين، قبل المعركة

          استهدفت غزوات المسلمين وسراياهم، السابقة لمعركة أُحُد، منع القبائل المختلفة من التعرض لهم؛ على طريقَي مكة ـ الشام ومكة ـ العراق، وفرض حصار اقتصادي على قريش. لم تكن الغنائم، إذاً، هدفهم؛ لأن من يبتغيها لا يبقى يوماً واحداً في أرض المعركة، بعد حصوله عليها؛ وهم قد بقوا ثلاث ليال في ديار بني سُليم، في المرة الأولى، وشهرَين، في المرة الثانية (غزوة بحران). كما مكثوا شهراً كاملاً بديار بني ثعلبة وبني محارب. فهُم لم يعودوا إلى المدينة فور الاستيلاء على الغنائم.

          سعى المسلمون، قبل المعركة إلى السيطرة على الطرق التجارية، بين مكة والشام ومكة والعراق؛ فضاقت الأرض بتجارة قريش، لولا طريق الحبشة، وهي تجارة غير رابحة، قياساً بالتجارة إلى الشام. كما جهد المسلمون في إحكام سيطرتهم على المدينة؛ تمهيداً لانطلاق الدعوة الإسلامية منها إلى شبه الجزيرة العربية؛ إضافة إلى انطلاق الغزوات المقبلة.

  أمّا المشركون واليهود، فقد كان موقفهم، قبل الغزوة، كالآتي:

      (1) استعداد قريش العسكري لتثأر بهزيمتها في بدر، وتسترد مكانتها بين القبائل. وقد خصّ رؤساؤها معركة الثأر بأرباح قافلة أبي سفيان، التي أفلتت من موقعة بدر.

      (2) ضعف موقف المشركين في المدينة، بعد أن اعتنق معظم أهلها الإسلام، على ادعاء بعضهم به؛ فضلاً عن رهبة القبائل المجاورة قوة المسلمين، وتحالف أكثرها معهم.

      (3) إظهار اليهود المحافظة على العهود، بعد طرد بني قينقاع، وخشيتهم أن يبطش بهم المسلمون في المدينة.  

ب. أسباب المعركة

            بعد أن استعدت قريش للحرب، اندفعت إلى المدينة. وعند موقع قريب منها، يسمى الصَّمغة[15]، أطلقت إبلها وخيلها، ترعى زرع الأنصار. ثم تابعت سيرها حتى بلغت العقيق[16]، ونزلت عند سفوح من جبل أُحُد، على بعد خمسة أميال من المدينة. وكان العباس، عم الرسول، قد أرسل إلى الرسول رسالة، تفيده بوقت خروج قريش وعددها. وقد تسلَّمها وهو ماكث بمسجد قُباء[17]، فقرأها عليه أبي بن كعب؛ فأمره بكتمانها. ورجع الرسول إلى المدينة، ليستعد للهجوم المنتظر.   

ج. حجم القوات المتضادة وتشكيلات القتال

      (1) المسلمون

                   سبعمائة مقاتل (خمسون فارساً، وستمائة وخمسون رجلاً)، يقودهم رسول الله. وكان تشكيل القتال كالآتي:

               (أ) خمسون من الرماة، بإمرة عبدالله بن جبير، تمركزوا في شِعب من الجبل، هم احتياطي للقوة الرئيسية.

          (ب) القوة الرئيسية، أمام الرماة، في صفوف.

      (2) المشركون

                   ثلاثة آلاف محارب (ألفان وتسعمائة قرشي، ومواليهم من الأحابيش[18]؛ ومائة من بني ثقيف؛ بينهم سبعمائة دارع، ومائتا فرس، وثلاثة آلاف بعير) ويقودهم أبو سفيان. وكان تشكيل القتال كالآتي:

           (أ) القوة الرئيسية في صفوف، ويحمل اللواء عبد العُزَّى طلحة بن أبي طلحة.

           (ب) الميمنة، يقودها خالد بن الوليد.

           (ج) الميسرة، يقودها عِكْرِمة بن أبي جهل.

                (د) نساء قريش، يمشين خلال الصفوف، تارة في مقدمتها، وطوراً في مؤخرتها؛ يضربن الدفوف والطبول، تتقدمهن هند بنت عُتبة، زوج أبي سفيان.

د. فكرة تنفيذ العملية

      (1) المشركون

                   النزول قريباً من المدينة، لتكوين قاعدة الهجوم. ولتحقيق ذلك، تنزل قريش في بعض السفوح من جبل أُحُد، على بعد خمسة أميال من المدينة. تتقدم القوة الرئيسية، باللواء، في المواجهة، بقيادة طلحة بن أبي طلحة. ويتولى حماية الجانب الأيمن خالد بن الوليد، ويحمى الجانب الأيسر عكرمة بن أبي جهل.

                    تقاتل القوة الرئيسية بأسلوب المواجهة بالصفوف المترجلة. ويحمي أجنابها الفرسان. تضطلع النساء، خلف القوات، بمهمة تشجيع المقاتلين وإذكاء حماستهم.   

       (2) المسلمون

                    كان هناك فكرتان للعملية القتالية للمسلمين: أولاهما، اتخاذ أوضاع دفاعية داخل المدينة، وانتظار هجوم قريش؛ لتكبيدها أكبر خسائر ممكنة في أعدادها، التي تفوق عددهم. والأخرى، هي الخروج من المدينة لملاقاة قريش، وهي ما استقر عليها رأي الرسول، بعد التشاور مع الصحابة، الذين غلب على "الخروج إلى العدوّ، وملاقاته حيث نزل؛ مخافة أن تظن قريش، أن المسلمين كرهوا الخروج، وتحصنوا بالمدينة؛ جبناً عن لقائهم. ويقولون، حين يعودون إلى قومهم: نحن حصرنا محمداً في صياصي يثرب وآطامها. فتكون هذه مجرئة لهم، فيشنوا الغارات علينا، ويصيبوا من أطرافنا. ولوضعوا العيون والأرصاد على مدينتنا، ثم لقطعوا الطريق علينا".    

هـ. سير أعمال القتال

             في يوم الجمعة، بعد أن صلى الرسول بالناس، وأمرهم أن يتهيؤوا للخروج، وتقلد سيفه، وارتدى درعه، جاءه الذين اقترحوا عليه الخروج لملاقاة قريش، حاسبين أنهم قد استكرهوه على ذلك، فردّ عليهم: "ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه. انظروا ما آمركم به، فاتبعوه؛ والنصر لكم ما صبرتم".(صحيح البخاري، "الأعتصام بالكتاب والسنة" ـ باب "قوله تعالى وأمرهم شورى بينهم")

            تقدم الرسول بالمسلمين إلى أُحُد. والتقى حلفاء ابن أبي من اليهود، في الشيخَين[19]، حيث نزل، فقال: "لا يُستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك حتى يُسلموا"؛ فعادوا إلى المدينة. وتابع النبي السير في الصباح، نحو أُحُد، وجعله وراء ظهره. ثم وضع خمسين من الرماة على شِعْب في الجبل، وقال لهم: "اِحموا لنا ظهورنا، فإنا نخاف أن يجيئونا من ورائنا. وألزموا مكانكم، ولا تبرحوا منه. وإن رأيتمونا نُقتل، فلا تعينونا، ولا تدافعوا عنا؛ وإنما عليكم أن ترشقوا خيلهم بالنبل؛ فإن الخيل لا تقْدِم على النبل". ثم أخرج الرسول سيفه، وقال: "من يأخذ هذا السيف بحقه؟" (صحيح مسلم ـ 4516). فسأله أبو دجانة، سِماك بن خرشة، أخو بني سعد، وكان رجلاً شجاعاً: "وما حقه، يارسول الله؟"، وكان جواب الرسول: "أن تضرب به العدوّ حتى ينحني". (صحيح مسلم ـ 4516) فأخذ أبو دجانة السيف من رسول الله، واعتصب بعصابة حمراء، وهي علامة على أنه سيقاتل قتالاً كبيراً. وانبرى يتبختر بين الصحابة، على عادته عند قدومه على الحرب، فقال له النبي: "إنها لمشية يبغضها الله، إلا في هذا الموطن" (المنتقى شرح موطأ مالك ـ 1423) .

           وبدأت المناوشات بهجوم خمسة عشر رجلاً من الأوس، وعبيد من أهل مكة، يقودهم أبو عامر، عبد عمرو بن صيفي[20]، الأوسي، الذي نادى: "يا معشر الأوس، أنا أبو عامر"، فردّ عليه المسلمون من الأوس: "لا أنعم الله بك عليناً، يا فاسق". ونشب القتال. وحاول أبو عامر، وعِكرمة بن أبي جهل الالتفاف على أجناب المسلمين؛ لكنهما فشلا، لاستنادهم إلى هضاب أُحُد. وأذِن الرسول في القتال، فاندفع حمزة بن عبد المطلب إلى قلب جيش المشركين، هاتفاً بكلمة التعارف بين المسلمين: "أمِت، أمِت".

           وطلب طلحة بن أبي طلحة المبارزة، فخرج له علي بن أبى طالب، وقتله. وتقدم أبو دجانة، ومعه سيف رسول الله، يشق به صفوف المشركين، وعلى رأسه عصابة الموت الحمراء، فقتل  كلّ من كان في طريقه من المشركين. إلا هند بنت عتبة، التي أكرم سيف رسول الله عن قتلها.

           تلك المرأة، التي وعدت وحشياً، الحبشي، مولى جبير بن مطعم، بالخير الوفير، إن هو قتل حمزة، عم رسول الله. وقد تحقق لها ذلك، حين ترصد وحشي حمزة بن عبد المطلب، وهو يقاتل قتال الأبطال، وتمكن من قذفه بحربة، أصابت بطنه إصابة بالغة، استشهد على أثرها.

           وحمل عثمان بن أبي طلحة لواء المشركين، بعد مقتل أخيه، طلحة. وانتهى اللواء إلى أبي سعيد بن أبي طلحة بعد أن قتل حامله علي بن أبى طالب أو سعد بن أبي وقاص. وتداول المشركون لواءهم حتى قتل منهم تسعة، آخرهم صواب الحبشي، غلام بني عبد الدار. وهكذا، زحف المسلمون إلى المشركين، حتى هزموهم، وأحاطوا بنسائهم؛ وأوقعوا صنمهم، الذي يتيمنون به، من فوق الجمل، إثر الارتباك الذي اعترى صفوفهم. ثم طاردوا فلولهم، قبل أن يعودوا لجمع الغنائم. أمّا الرماة، الذين أمرهم الرسول بعدم ترك أماكنهم، فقد اختلفوا فيما بينهم، على أثر هزيمة المشركين؛ طمعاً في جمع الغنائم. ولم يتقيد بأمر الرسول إلا قائدهم، عبدالله بن جُبير، وعدد منهم دون العشرة.

           انتهز خالد بن الوليد، وكان على ميمنة فرسان مكة، وجود تلك الثغرة، التي أحدثها الرماة المسلمون، فهجم على موقعهم وأجلاهم عنه (انظر شكل معركة أحد). وهناك، صاح صيحة، علمت قريش منها أنه أصبح خلف المسلمين؛ فانتعشت، وعادت إلى القتال، لتثخن في المسلمين المنشغلين بجمع الغنائم. وقد حاولوا تدارك الأمر؛ ولكن بعد فوات الأوان، إذ تفرقت صفوفهم، وخالف الرماة نبيهم، وعمتهم الفوضى، حتى صاح صائح: "إن محمداً قد قتل"؛ فازداد ارتباكهم، حتى كان بعضهم يقتل بعضاً، وهم لا يشعرون، مثل قتل أبي حذيفة، حُسيل بن جابر.

           تدافعت قريش نحو النبي، إثر سماعها خبر موته؛ كلٌّ يريد أن يحظى بشرف قتله أو التمثيل به. غير أن المسلمين أحاطوا بنبيهم، واستماتوا في الدفاع عنه؛ بيد أنه أصيب في رباعيته، وشج وجهه، وكُلِمت شفته، ودخلت حلقتان من مغفر وجهه في وجنته؛ بل وقع في حفرة، فأخذ علي ابن أبي طالب بيده، ورفعه طلحة بن عبيدالله. صعّد المسلمون في جبل أُحُد، ناجين من عدوّهم؛ حتى إن أمّ عمارة الأنصارية، التي كانت تسقيهم الماء أثناء القتال، لم تتردد في الذود محمد بالسيف، والرمي بالقوس، حتى جرحت. وجعل أبو دجانة ظهره درعاً، تَقِي رسول الله النبال. كما وقف سعد بن أبي وقاص بجوار الرسول، يدافع دونه المشركين، وبرميهم بنباله. أمّا الرسول، فقد رمى حتى تحطمت قوسه.

           وتساقط العديد من المسلمين صرعى من حول الرسول، حتى استطاعوا شق طريق لهم، عبر صفوف قريش، إلى رابية من روابي جبل أُحُد (انظر شكل معركة أحد). وقلت هجمات المشركين عليهم، بسبب الاستماتة والمقاومة، اللتَين أبدوهما في الدفاع عن رسول الله. ونادى كعب بن مالك في المسلمين، قائلاً: "يا معشر المسلمين، ابشروا هذا رسول الله"؛ فكان لهذا النداء أثره في اشتداد عزائمهم. واندفع أبي بن خلف قائلاً: "أين محمد؟ لا نجوت إن نجا"؛ فطعنه الرسول بحربة، وهو على فرسه، فمات.

           بعد أن وصل المسلمون إلى هضبة مرتفعة بجبل أُحد، وجدوا خالد بن الوليد على مقربة منهم، بفرسانه. فشنوا هجمات مضادة، بقيادة عمر بن الخطاب، انتهت بصد قواته. وأرهقت جيش قريش مقاومة المسلمين، بعد أن التفوا حول رسول الله، وأصبحوا تحت قيادته، مرة أخرى. غير أن التعب أنهكهم، كذلك، وأخذ منهم الجهد مبلغه؛ حتى إن النبي صلى بهم الظهر قاعداً؛ متأثراً بجراحه، وصلوا خلفه قعوداً. وفشلت كلّ محاولات قريش للقضاء على المسلمين، فقررت إيقاف القتال، والعودة إلى مكة.

           وقد حسبت قريش أنها انتقمت لبدر، حتى صاح أبو سفيان: "يوم بيوم بدر. والموعد العام المقبل". ونزل قول الله في ذلك: )وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآْخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ( (آل عمران: الآية 152). وأخذت نسوة المشركين يمثلن بجثث المسلمين، ولا سيما هند بنت عُتُبة، زوجة أبي سفيان، التي جدعت الآذان والأنوف، وجعلت منها قلائد وأقراطاً؛ بل بقرت بطن حمزة وأخرجت كبده ولاكتها. وبلغ من فظاعة وشناعة ما ارتكب الرجال، كذلك، أن تبرأ أبو سفيان من تلك الأفعال جميعاً، وقال مخاطباً أحد المسلمين: "إنه قد كان في قتلاكم مَثْل. والله! ما رضيت، وما سخطت، وما نهيت، وما أمرت".

           ودفنت قريش قتلاها، وعادت أدراجها إلى مكة. ودفن المسلمون قتلاهم، وشاهد الرسول ما فُعِل بحمزة، وهو ميت، فحزن حزناً شديداً، وقال: "لن أصاب بمثلك أبداً، وما وقفت موقفاً قط أغيظ إلي من هذا". ثم قال: "والله! لئن أظهرنا الله عليهم، يوماً من الدهر، لأمثِّلنَّ بهم مُثْلة، لم يمثِّلها أحد من العرب". وفي ذلك نزل قول الله: )وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ(126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ(127) ( (النحل). فعفا الرسول، وصبر، ونهى عن المُثْلة.

و. نتائج أعمال القتال للجانبين

     (1) المشركون

                  عاد المشركون بعد أن فشلوا في القضاء على المسلمين في أُحُد، فلم يحرزوا نصراً حاسماً عليهم. وعند وصولهم إلى الروحاء[21]، سمعوا بخروج المسلمين لقتالهم، مرة أخرى. وقابلوا معن الخزاعي، المشرك، وهو قادم من ناحية محمد، فسألوه عن أخبار المسلمين، فأجابهم: "أن محمداً قد خرج في أصحابه يطلبكم، في جمع، لم أرَ مثله قط. وقد اجتمع معه من كان قد تخلف عنه، وكلّهم أشد ما يكون عليكم حنقاً، ومنكم للثأر طالباً. عندئذٍ، لجأ أبو سفيان إلى الحيلة؛ خشية أن يهزمه المسلمون، بعد أن حقق انتصاراً عليهم في أُحُد، فبعث مع ركب ذاهب إلى المدينة بشائعة، تقول: "إن أبا سفيان راجع إلى قتال المسلمين، ليستأصل بقيتهم". وسارع هو وجيشه بالعودة إلى مكة.  

     (2) المسلمون

                   قرر الرسول، بعد عودته إلى المدينة، عملاً جريئاً، يخفف وقع الهزيمة على المسلمين؛ فخرج في اليوم الثاني للمعركة (يوم الأحد، 16 شوال) لمطاردة المشركين. فلما وصل إلى حمراء الأسد[22]، بلغه أن قريش عزمت السير إليه، فقرر انتظارها وقتالها. وأنتظر ثلاثة أيام، حتى تأكد له انسحابها وعودتها إلى مكة؛ فرجع إلى المدينة، مسترداً شيئاً من مكانة المسلمين، التي فقدوها في أُحُد.  

ز. الخسائر

     (1) المسلمون

               استشهاد واحد وسبعين رجلاً.

     (2) المشركون

               مقتل اثنَين وعشرين رجلاً .

ح. الدروس المستفادة

        (1) الشورى: آثر الرسول الرأي القائل بملاقاة قريش خارج المدينة، بعد أن استشار الصحابة، واستمع إليهم على الرأي القائل بالبقاء فيها للدفاع عنها. وبعد المشورة، كذلك، قرر مطاردة المشركين، لرفع الروح المعنوية لرجاله، بعد الهزيمة.

        (2) تأمين مؤخرة القوات وأجنابها: وضع الرسول خمسين من الرماة في شعب من جبل أُحُد، لحماية ظهر القوات المسلمة.

        (3) تنفيذ أوامر القائد بكلّ دقة، وعدم ترك مواقع القتال دون أوامر من القائد: بسبب ترك الرماة موقعهم، كانت الهزيمة؛ ولو ظلوا في أماكنهم، لكان النصر حليفهم.

        (4) وجود القائد وسط جنوده في المعركة: اضطربت صفوف المسلمين، حين سمعوا بمقتل رسول الله؛ حتى إن بعضهم لاذوا بأماكن بعيدة عن القتال، فوق أُحُد. ولما علموا بوجود النبي، ارتفعت الروح المعنوية؛ ما أدى إلى نجاح عمر بن الخطاب في إحباط هجمات خالد بن الوليد على المسلمين، فوق الجبل.

        (5) شجاعة المقاتلين في المعركة: تجلت في ما أقدم عليه أبو دجانة وحمزة وسعد بن أبي وقاص وعمر بن الخطاب؛ بل في ما أظهره بعض النساء من الشجاعة والبسالة في الميدان، مثل أمّ عمارة الأنصارية، التي انبرت، إثر هزيمة المسلمين، تذود عن محمد بالسيف، وترمي بالقوس، حتى جرحت.

        (6) تأثير الشائعات، أثناء القتال، في الروح المعنوية للجنود: فاقت قريش المسلمين في هذا المجال؛ ما أثر تأثيراً بالغاً في فتور حماستهم؛ فقد أشاعت موت الرسول، وكان لتلك الشائعة تأثير سيئ في مجرى الأحداث.

        (7) الحصول على المعلومات في الوقت الملائم: كان لرسالة العباس إلى الرسول في الوقت الملائم، والتي تحتوى على معلومات مهمة جداً، فائدتها في الاستعداد للمعركة. 

 



[14] عرفت المعركة باسم الجبل الذي وقعت عنده، وهو جبل يقع في شمال المدينة، يرتفع 121م، ويبعد عن المسجد النبوي 5،5كم بدءاً من باب المجيدى أحد أبواب المسجد النبوي، ويتكون الجبل من صخور جرانيتية حمراء وله رؤوس متعددة ويقابله من الجنوب جبل صغير يسمى" عينين"، وهو المعروف بجبل الرماة نسبة إلى رماة أحد الذين أوقفهم رسول الله عليه أثناء المعركة، وبين الجبلين واد يسمى "وادي".

[15] الصمغة: أرض غرب جبل أحد من المدينة.

[16] العقيق: بناحية المدينة، والعرب تقول لكل مسيل ماء شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه عقيق، وفي بلاد العرب أربعة أعقه منها عقيق المدينة.

[17] قباء: قرية على بعد ميلين من المدينة، على يسار القاصدون مكة.

[18] الأحابيش: الجماعة أيا كانوا، وأحابيش قريش: هم بطن أختلف فيه، قال ابن قتيبة: هم بنو المصطلق والحياء بن سعد بن عمرو وبنو الهون بن خزيمة، إجتمعوا بحبش: وهو جبل بأسفل مكة، وتحالفوا بالله أن اليد على غيرهم، ماسجى الليل واوضح النهار-وقال حماد الراوية: إنما سموا بذلك لاجتماعهم لأن معنى التحابش هو التجمع- وقال الجوهري: هم بطن من قريش- وقال أبو الفداء: هم بطون من كنانة من خزيمة، ثم قال وليسوا من الحبشة كما يتوهم البعض.

[19] الشيخان: موضع كان به في الجاهلية، اطمأن فيهما شيخ أعمى وعجوز عمياء يتحدثان فسمى الشيخان لذلك.

[20] كان أبو عامر قد انتقل من المدينة إلى مكة، يحرض قريش على قتال محمداe، وكان يدَّعى انه إذا نادى أهله من المسلمين الذين يقاتلون مع محمد، إنحازوا له ونصروه، وهو من الذين لم يشهدوا بدراً.

[21] الروحاء: موضع قريب من حمراء الأسد، على طريق المدينة – مكة، وعلى بعد ثمانية أميال من المدينة.

[22] حمراء الأسد: موضع على بعد ثمانية أميال من المدينة.