إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم




1. سيف الرسول
2. الفرسان
3. السيف
4. الدرع
5. المنجنيق
6. برج حصار

1. موقعة بدر
2. معركة أحد
3. معركة الخندق
4. صلح الحديبية
5. فتح خيبر
6. غزوة مؤتة
7. فتح مكة
8. غزوة الطائف
9. غزوة تبوك




12

12. غزوة مؤتة[53] (جمادى الأولى 8هـ)

أ. أسباب الغزوة

       تأديب الأعراب، الذين قتلوا المسلمين في ذات أطلاح. وتأديب شرحبيل بن عمرو الغساني، عامل هرقل على بصرى، ومناصريه؛ لسكوتهم على اغتيال السفير[54] الذي كان يحمل رسالة النبي إلى هرقل.

ب. حجم القوات المتضادة، وتشكيلات القتال

     (1) المسلمون

               ثلاثة آلاف مسلم، يقودهم زيد بن حارثة.

     (2) المشركون

                مائة ألْف مقاتل، يقودهم شرحبيل بن عمرو؛ ويقود مثلهم هرقل، قيصر الروم، مزودين بالخيل والسلاح والديباج والحرير والذهب.

ج. فكرة تنفيذ العملية

     (1) المسلمون

                    قتال المشركين، على أن يتولى اللواء زيد بن حارثة؛ فإن استشهد، يكون صاحب اللواء جعفر بن أبي طالب؛ فإن استشهد، يدفع اللواء إلى عبدالله بن رواحة. وفي حالة تفوق المشركين ونجاحهم في المعركة، يتراجع المسلمون، بعد تشكيل مؤخرة قوية، لحماية تراجعهم، وتقليل الخسائر إلى أقلّ حد ممكن.

     (2) المشركون

                    التصدي لهجوم المسلمين. وفي حالة نجاح التصدي، يتحول الدفاع إلى هجوم، ثم مطاردتهم حتى القضاء عليهم.

د. سير أعمال القتال

           جمع الرسول ثلاثة آلاف مسلم في الجرف، قريباً من المدينة. وأمَّر عليهم زيد بن حارثة وأعطاه لواءً أبيض. وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا كلّ من كان هناك إلى الإسلام، وإلا قاتلوهم. وقال: "أمير الناس زيد بن حارثة؛ فإن قتل فجعغر بن أبي طالب؛ فإن قتل، فعبدالله بن رواحة؛ فإن قتل، فليرتضي المسلمون بينهم رجلاً، فيجعلوه عليهم". وخرج المسلمون، وودعهم الرسول، موصياً إياهم ألا يقتلوا النساء والأطفال، ولا المكفوفين؛ وألا يهدموا منزلاً، ولا يقطعوا شجرة.

           وصل المسلمون إلى معان[55]. وعلمت الروم بوصولهم، فحشدوا لهم في "مَآب"، من أرض البلقاء. ولما علم المسلمون بعديد الجيوش الجرارة، التي سيواجهونها، رأوا أن يرسلوا إلى رسول الله مستشيرين. غير أن عبدالله بن رواحة شجعهم على أن يمضوا قدماً إلى القتال[56]، فمضوا إلى مؤتة، حيث التقوا المشركين، وقاتلوهم قتالاً عنيفاً، حتى كان الأمراء يقاتلون راجِلِين. واستشهد زيد بن حارثة طعناً بالرماح؛ فتلقف اللواء جعفر بن أبي طالب، الذي عرقب فرسه الشقراء، فكانت أول فرس عُرقبت في الإسلام. وظل يقاتل حتى استشهد، بعد أن قُطع جسده نصفَين، وفيه اثنتان وسبعون ضربة سيف وطعنة رمح.

           ثم تولى اللواء عبدالله بن رواحة، فقاتل حتى استشهد. وأجمع المسلمون على خالد بن الوليد، فأخذ اللواء؛ غير أنه آثر التراجع، لأن طرفَي المعركة غير متكافئَين؛ وأن يكون التراجع ليلاً، بعد تكوين مؤخرة قوية تحميه؛ مع تكوين جبهة واسعة؛ وإحداث جلبة، لإيهام المشركين بأن هناك إمدادات إسلامية؛ وتضليلهم عن طرق تراجع المسلمين. وبهذا التخطيط الجيد، تقهقر المسلمون بأقلّ خسائر في صفوفهم. ولما وصلوا إلى المدينة، استقبلهم أهلها بالجروف، وحثوا في وجوههم التراب، قائلين: "يا فرار، أفررتم في سبيل الله!". لكن الرسول كان يقول: "إنهم ليسوا بالفرار؛ ولكنهم الكرار ـ إن شاء الله ـ".

هـ. نتائج أعمال القتال للجانبَين

     هزيمة المسلمين وتراجعهم تراجعاً تكتيكياً منظماً.

و. الخسائر

     (1) المسلمون

               استشهاد اثني عشر رجلاً.

     (2) الروم والمشركون

               خسائر جسيمة، أرغمتهم، على تفوقهم العددي والنوعي، على وقف مطاردة المسلمين.

ز. الدروس المستفادة

        (1) يُعَدّ طرفا المعركة غير متكافئَين، من الناحية العسكرية؛ غير أنها أفادت المسلمين كثيراً بمعرفة خصائص قوات الروم، والتي سيستفيدون منها كثيراً في حروبهم المقبلة مع الروم.

        (2) إن تراجع خالد بن الوليد تراجعاً تكتيكياً منظماً، وعودته بالمسلمين سالمين بأقلّ خسائر ممكنة ـ هو عمل بارع، يعرفه القادة العسكريون في كلّ بلاد العالم المتحضر؛ إذ الحرب سجال، كر وفر؛ والقائد الناجح هو الذي يعرف متى يقرر المحافظة على قواته، وكيف يؤمن ظهرها، في حالة خروجها من المعركة.

        (3) إن إصرار المسلمين على مواجهة هذا الجيش الجرار، من المشركين والروم، على الفارق الكبير بين القوتَين، في العدد والعدة ـ إنما هو شجاعة نادرة، حملت أعداءهم على عدم مطاردتهم، خشية أن يكون التراجع خدعة تكتيكية، يعقبها هجوم مضاد، يحوَّل الهزيمة إلى نصر.      

        (4) سيطرة القادة المسلمين سيطرة قوية على قواتهم؛ نتيجة تحديد النبي المهام، قبل المعركة. فلم ترتبك قوات المسلمين حين استشهد قائدهم، حامل الراية زيد بن حارثة؛ وإنما انبرى لها بعده جعفر بن أبي طالب، وواصل المعركة. وكذلك فعل عبدالله بن رواحة، ثم خالد بن الوليد. (انظر شكل غزوة مؤتة)

 



[53] مؤتة: هي قرية من قرى البلقاء في حدود الشام.

[54] بعث رسول الله "الحارث بن عمير الأزدى" إلى ملك بُصرى بكتاب، ولما نزل مؤتة قتله " شرحبيل بن عمرو الغساني"، ولم يقتل لرسول الله رسول غيره.

[55] معان: مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من ناحية البلقاء.

[56] قال عبدالله بن رواحة للمسلمين: (يا قوم. والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم له، خرجتم تطلبون الشهادة، ونحن ما نقاتل الناس بعدد، ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله تعالى به).