مقدمة

عاش الناس فيما يُعرف، اليوم، بأذربيجان، منذ عصور ما قبل التاريخ. فغزا الميديّون المنطقة في القرن الثامن قبل الميلاد؛ ثم غزاها فرس الإمبراطورية الأخمينية، في القرن السادس قبل الميلاد؛ ثم الإسكندر في القرن الرابع قبل الميلاد. ثم حكمها الفرس من سلالة الساسانيين، خلال الفترة من القرن الثالث حتى السابع الميلاديَيْن. ثم كان الفتح الإسلامي لأذربيجان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث نشر العرب المسلمون الإسلام في المنطقة. وخلال الفترة من القرن الحادي عشر حتى الثالث عشر الميلاديين، هاجرت أعداد كبيرة من القبائل التركية إلى أذربيجان، وامتزجوا مع الفرس الذين عاشوا في المنطقة. وهؤلاء هم الأجداد الأوائل للأذربيجانيين. في أوائل القرن السادس عشر الميلادي خضعت أذربيجان لسيطرة الدولة الصفوية، التي حكمت إيران؛ ثم انتقلت السيادة على أذربيجان إلى الأتراك العثمانيين، في أواخر القرن السادس عشر؛ ولكنهم لم يحتفظوا بهذه السيادة في القرن السابع عشر الميلادي.

بتعاقب الأحداث، سيطر الروس على أذربيجان وغيرها من دول المنطقة. ثم أقام القوميون في أذربيجان حكومة مستقلة في غربي أذربيجان؛ غير أن روسيا الشيوعية استعادت سيطرتها على المنطقة، عام 1920، بعد قيام الثورة البلشفية، عام 1917. وفي أوائل عام 1922، اتحدت أذربيجان وجورجيا وأرميينا، وشكلت، معاً، جمهورية ما وراء القوقاز، تحت القيادة الروسية. وبعد ذلك بعامٍ واحد، اتحدت جمهورية ما وراء القوقاز وروسيا البيضاء وروسيا وأوكرانيا، لتشكِّل، معاً، الاتحاد السوفيتي السابق. وفي عام 1936، انفصلت الوحدات الثلاث من جمهورية ما وراء القوقاز إلى ثلاث جمهوريات ضمن الاتحاد السوفيتي السابق. وسُميت أذربيجان "جمهورية أذربيجان السوفيتية الاشتراكية"، وظلت هكذا حتى استقلت عام 1991، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق.

وتعيش الجمهورية صراعاً طويلاً مع أرمينيا، بشأن إقليم ناجورنو كاراباخ؛ وهو إقليم معزول، غالبية سكانه من الأرمن، تخلت عنه موسكو لجمهورية أذربيجان السوفيتية، في العشرينيات، من القرن العشرين. وقد بدأ القتال، بين الدولتين، على هذا الإقليم، عام 1988، واشتد الصراع بينهما، بعد أن حصلتا كلتاهما على الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي (السابق)، عام 1991. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار بينهما، منذ مايو 1994، لم تصل الدولتان، بعدُ، إلى حلٍّ لهذا النزاع. وقد فقدت أذربيجان نحو 16% من أراضيها، وعليها أن تساعد نحو 800 ألف لاجئ، نزحوا من جراء الصراع.

وتعاني البلاد من سيطرة حكومة متهمة بالاستبداد والفساد، حيث عدلت الدستور وجعلت فترات الرئاسة غير محدودة، فضلاً عن أنها لم تنجز وعدها، بتحقيق الرفاهية والرخاء للشعب، جراء تطوير قطاع الطاقة المستمر. وعلى الرغم من انخفاض معدلات الفقر في السنوات الأخيرة، نتيجة زيادة إيرادات النفط، إلا أن شيئاً من الرفاهية للشعب لم يتحقق.