مقدمة

في رحلته الأولى إلى العالم الجديد، في السادس من ديسمبر 1492، نزل الرحالة كريستوفر كولمبس في جزيرة هسبانيولا، في جزر الهند الغربية، التي تمثل جمهورية الدومينيكان الحالية الثلثين الشرقيَّيْن منها، وهاييتي الثلث الغربي. أمر كولمبس ببناء حصن نافيداد، على الساحل الشمالي للجزيرة، من بقايا سفينته سانتاماريا؛ ثم عاد، إلى الجزيرة، عام 1493، ومعه نحو 1300 رجل، للبحث عن الذهب. وسرعان ما وفد آلاف المستعمرين الأسبان إلى الجزيرة، فقهروا الهنود، وأقاموا المدن على الساحل الشمالي. وفي عام 1496، أنشأوا مدينة لانوفا إيزابيلا (سانتو دومينجو، عاصمة الجمهورية الحالية). وبحلول منتصف القرن السادس عشر الميلادي، دفعت ندرة الذهب الأسبان إلى البحث عن مزيد من الأراضي الواعدة، فاتجهوا إلى كوبا والمكسيك وبيرو.

أهملت السفن التجارية الأسبانية شأن الجزيرة، حتى بدأ القراصنة والتجار، الهولنديون والإنجليز والفرنسيون، التجارة مع السكان، في الموانئ الصغيرة على الساحلين، الشمالي والغربي. وفي عام 1606، أمرت أسبانيا المستوطنين الأسبان، أن يتجهوا إلى سانتو دومينجو، لتقوية الدفاع عن المدينة، وليروجوا للتجار الأسبان هناك. وأثمرت هذه الخطة نتائج عكسية؛ إذ اتجه المستوطنون، من غير الأسبان، نحو الأراضي المهجورة، بالداخل وعلى الساحل الشمالي. وحصلت فرنسا على الثلث الغربي من الجزيرة (هاييتي حالياً)، بموجب معاهدة رايزوبيك، لعام 1697.

وازدهر القسم الفرنسي، في حين عانى القسم الأسباني (جمهورية الدومينيكان) الإهمال. وقد تمرد العبيد على الفرنسيين، وأخضعوا الجزيرة كلها لسلطانهم، عام 1801؛ بيد أن سكان هاييتي امتلكوا زمام الأمور في الجزيرة مرة أخرى، عام 1822.

ثار الدومينيكانيون ضد الهاييتيين، عام 1844، وانفصلوا بجمهوريتهم، عن هاييتي، في 27 نوفمبر 1844. ثم حكم الأسبان الجمهورية، في الفترة من 1861 إلى 1865، بطلب من الدومينيكانيين، لحمايتهم. ثم حكم جمهورية الدومينيكان الدكتاتور يوليسيس هيورو، في الفترة من 1882 إلى 1899. وقد شيد الطرق وخطا أولى الخطوات نحو التحديث؛ ولكنه اغتيل عام 1899. اضطلعت الولايات المتحدة الأمريكية بمهمة جمع الرسوم الجمركية في البلاد، بين عامي 1905 و1941، لسداد ديون الجمهورية.

وفي الفترة من 1916 إلى 1941، احتلت قوات مشاة البحرية الأمريكية جمهورية الدومينيكان، لحفظ السلام بين الجماعات السياسية المتناحرة، والميراث غير المستقر والغالب عليه حكم غير ممثل، تسلط عليه الديكتاتور رافائيل ليونيداس تروجيلو Rafael Leonidas TRIUJILLO من عام 1930 – 1961. وانتُخب جوان بوش Juan BOSCH رئيساً، عام 1962، ولكنه عُزل في انقلاب عسكري عام 1963. وفي عام 1965، قادت الولايات المتحدة الأمريكية وساطة أثناء شرارة الحرب الأهلية من طريق الدفع للحفاظ على بوش.

وفي عام 1966، هزم جواكين بالاجوير Joaquin BALAGUER الرئيس بوش في انتخابات الرئاسة. ولقد حافظ بالاجوير على السلطة بقبضة محكمة لثلاثين عاماً، حتى حدث رد فعل دولي، من جراء خلل في الانتخابات، ما أجبره على اقتطاع مدته، عام 1996.

ويمكن القول إجمالاً، إن البلاد لم تنعم باستقرار الحكم طيلة القرن العشرين، إلا في عام 1996، حين أُجريت انتخابات حرة ونزيهة، أتت بحكومة جديدة قوية. ومنذئذٍ، تُجرى انتخابات تنافسية منتظمة، فاز فيها مرشحون من المعارضة بالرئاسة. وفاز بالانتخابات الرئيس السابق (1996 – 2000) ليونيل فيرنانديز Leonel FERNANDEZ، رئيساً للمرة الثانية، عام 2004، بعد إجراء تعديل دستوري يسمح للرئيس بالخدمة أكثر من مدة رئاسية واحدة.