مقدمة

عاش الإنسان في منطقة البلطيق منذ ثمانية آلاف سنة قبل الميلاد. وفي القرن الأول الميلادي، ذكر المؤرخ الروماني تاكيتوس ـ للمرة الأولى ـ شيئاً عن سكان تلك المنطقة، بأن توحدت الأراضي اللتوانية تحت حكم مينداوجاس MINDAUGAS، في عام 1236، وعلى مدار القرن التالي, وسعت ليتوانيا أراضيها لتشمل معظم ما يسمى الآن بدولة بيلاروسيا (روسيا البيضاء) ودولة أوكرانيا, وكان ذلك من طريق التحالف أحياناً، وأحياناً أخرى من طريق الغزو. وبنهاية القرن الرابع عشر الميلادي كانت ليتوانيا أكبر دولة في أوروبا. وفي عام 1386، وقع تحالف بين بولندا وليتوانيا أدى إلى اتحادهما تحت قيادة حاكم عام مشترك. وفي عام 1569، اتحد البلدان رسمياً في دولة واحدة مزدوجة تحت مسمى الكومنولث البولندي الليتواني، وقد استمر هذا الكيان حتى العام 1795، عندما قسمت بقاياه الدول المحيطة.

ففي عام 1795، أخضع قيصر روسيا ليتوانيا لحكمه؛ بيد أن اللتوانيين لم يستسلموا، وقاموا بثورات عديدة. وفي عام 1905 طالب اللتوانيون بحكم ذاتي؛ بيد أن الروس لم يلبوا طلبهم. وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى، استقلت ليتوانيا؛ وفشل الروس في استرجاعها؛ إلا أن استقلال ليتوانيا لم يدم طويلاً؛ إذ احتلتها بولندا، عام 1920.

وفي عام 1939، اتفق الألمان والروس على منح روسيا مطلق السيادة في إقليم بحر البلطيق، فصارت ليتوانيا، منذ عام 1940، جمهورية سوفيتية، ضمن اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، السابق. وبتراجع الروس أمام الألمان في الحرب، حاول اللتوانيون الاستقلال؛ ولكن الألمان أخضعوهم لسيطرتهم، حتى عام 1944؛ حين انسحب الألمان، وعاد الروس إلى ليتوانيا، ومارسوا سياسة القمع مع السكان، وأرسلوا نحو ثلثهم إلى معسكرات العمل في سيبيريا.

كانت سياسة الانفراج، التي انتهجها الاتحاد السوفيتي، السابق، في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، سبباً في تنامي الحركات المناوئة للشيوعية، حتى تعهد برلمان ليتوانيا، عام 1989، بالمطالبة باستقلال بلاده استقلالاً تاماً، وصارت اللتوانية اللغة الرسمية للبلاد، وأُطلقت حرية الصحافة والحرية الدينية. وحاول الاتحاد السوفيتي الضغط، اقتصادياً، على ليتوانيا، فقطع عنها إمدادات النفط والأدوية وسلعاً أخرى. وفي 11 مارس 1990، أصبحت ليتوانيا أولى الجمهوريات السوفيتية السابقة، التي أعلنت استقلالها؛ بيد أن الاستقلال لم تعترف به موسكو إلا في سبتمبر عام 1991 (عقب فشل محاولة الانقلاب الشيوعي في موسكو، في أغسطس 1991). وانسحبت آخر القوات الروسية من ليتوانيا في 1993. وقد أعادت ليتوانيا هيكلة اقتصادها، لتحقق التكامل الفعلي مع المؤسسات الاقتصادية في أوروبا الغربية. وقد انضمت إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي في 2004.