إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الإعلام الحربي





نموذج بطاقة دعوة
الرسوم الكاريكاتيرية (1)
الرسوم الكاريكاتيرية (2)
بطاقة مرور أمن




الإعلام الحربي المصري وحرب أكتوبر 1973م

الإعلام الحربي المصري وحرب أكتوبر 1973م

لعب التمهيد السياسي لحرب أكتوبر 1973م، وكذا استخدام الإعلام المصري على أسس علمية سليمة، في تقبل الرأي العالمي للحرب، فكان قرار الحرب. وكان للتعاون المصري السوري لشن الهجوم في توقيت واحد.. أثره الكبير في نجاح وتطوير العمليات. وكان لاستخدام سلاح البترول دوره الفعال في تشكيل ضغط عربي كبير على الغرب بما أسهم بفاعلية في تحقيق الأهداف السياسية القومية. وخلال الفترة من عام 1967م وحتى عام 1973م..كان للإعلام الحربي المصري دوره الهام ومساهمته في إعداد الدولة للصراع المسلح المقبل، وفي تهيئة الجبهة الداخلية للوقوف بجانب القوات المسلحة استعدادا للمعركة المصيرية من أجل تحرير الأرض، وخلال هذا المبحث سنتطرق إلى دور الإعلام الحربي المصري سواء خلال فترة الإعداد أو خلال إدارة الحرب.

طبيعة التغير في دور الإعلام الحربي المصري منذ 28 سبتمبر 1970م وحتى 6 أكتوبر 1973م

من المؤكد أن الدور الذي لعبه الإعلام الحربي المصري في تلك الفترة الممتدة من وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970م، وحتى نشوب الحرب في السادس من أكتوبر 1973م، قد مثل مرحلة جديدة تختلف تماماً عن الوضع الذي كانت عليه في مرحلة النكسة وما بعدها،ويرجع هذا التغير إلى مجموعة من العوامل نذكر أهمها:

1.   تخفيف القيود التي كانت مفروضة وبشكل تدريجي على الصحافة. العمل على تصفية الأجواء المرتبطة بالصحافة باعتبارها السند الرئيسي لتهيئة الرأي العام المصري للمعركة القادمة.

2.   كان لعودة العلاقات الطبيعية بين مصر والدول العربية، وزيادة حركة ونشاط الدبلوماسية المصرية، أثره الواضح على الإعلام الحربي المصري، حيث أصبح مجالاً خصباً لكي تجد آليات تحرك الإعلام الحربي مادة هامة للكتابة والنشر يمكن أن تتحرك فيه وتدلى بدلوها.

دور الإعلام الحربي المصري في مرحلة ما قبل الحرب

تحرك الإعلام الحربي المصري ووجه نشاطه لكشف حقيقة النوايا التوسعية لإسرائيل والتي كشفت حرب يونيه 1967م عن الكثير من أطماعها.

كما استطاع الإعلام الحربي المصري من خلال برامجه في الوسائل المرئية والمقروءة والمسموعة- في ذلك الحين - أن يتجه إلى الجماهير التي تباينت خصائصها تباينا واضحاً، وفي الوقت نفسه استطاع أن يستعيد الثقة أو المصداقية التي فقدها في حرب يونيه 1967م. كما أصبح الهدف الذي يسعى الإعلام الحربي لتحقيقه واضحاً تماماً، كما أصبح مضمون الرسالة الإعلامية واضحاً لا غموض فيه، فهي موجهة أساساً ضد العدو.

فمن خلال الصحافة: بدأت تبرز المقالات التي كتبها العسكريون والسياسيون والتي توضح وقوف الجماهير المصرية خلف قواتها المسلحة للدفاع عن تراب مصر وتحرير أرضها، وإحباط المخطط الإسرائيلي لبث دعايته المضادة والتي تهدف إلى تفتيت الوحدة الوطنية وبث روح اليأس،كما بدأت المجلة الحربية تركز على إعداد القوات المسلحة والتصميم على القتال من أجل تحرير الأرض، وأنه لا بديل آخر عن خوض حرب التحرير.

ومن خلال الإذاعة والتليفزيون: بدأ الإعلام الحربي يركز على الندوات والتعليقات من القيادات السياسية والحربية، ونقل الأخبار عن إعداد القوات المسلحة وصمود الجبهة، وأهمية الدور العربي والمساندة العربية لدول المواجهة ومنها مصر. كما أبرزت بشكل واضح طبيعة الدفاعات الإسرائيلية ونواياها وأهدافها والصعوبات التي تواجه قواتنا خلال مرحلة العبور. وبمعنى آخر كانت هناك واقعية في تحليل الأحداث وتعرية إسرائيل وكشف مخططها والعمل على عزلها على الساحتين الإقليمية والعالمية. كما ركزت برامج الإعلام الحربي من خلال الإذاعة والتليفزيون على نقل صورة حية عن مناورات وتدريب القوات المسلحة وإعدادها للمعركة القادمة.

هذا وقد تميز الإعلام الحربي المصري خلال هذه المرحلة باختفاء الفجوة بين اتخاذ القرارات المتعلقة بالمنطق الإعلامي والتنفيذ، وأصبحت الرسالة الإعلامية واضحة لدى مخططيها. ولعل من أبرز ما حققه الإعلام الحربي في تلك الفترة ما يلي:

1.   استطاع الإعلام الحربي كسب تأييد الرأي العام إلى جانب إقناع الجماهير بحرية المقال والكلمة والحديث.

2.   بدأت الحركة الفكرية - خاصة في المجال الحربي- تتسع لتأخذ مكاناً على صفحات الجرائد من خلال الاختلافات في الرأي بين المفكرين والمتخصصين.

3.   نجح الإعلام الحربي من خلال وسائل الإعلام المختلفة، في تعميق مفاهيم الصمود والتحدي، وبدأت أحزان وذكريات الهزيمة تختفي تدريجياً، وكان لنشر المقالات والتحقيقات للحديث عن الشعوب التي تعرضت للمحن واستطاعت تجاوزها، أكبر الأثر في إعطاء الجماهير دفعة معنوية هائلة لمواجهة احتمالات الموقف في المستقبل القريب.

4.   تمشى المنهج الإعلامي الحربي مع سياسة القوات المسلحة وسياسة الدولة الداخلية والخارجية، فخرج معبراً عن الحقائق الحربية والسياسية.

5.   ركز الإعلام الحربي على إيضاح أن أية مواجهة قادمة مع إسرائيل، يجب أن يوضع في الاعتبار دور الولايات المتحدة المساند لإسرائيل.

6.   رغم أن الإعلام الحربي كان موجهاً لمتابعة أخبار الاستعدادات للمعركة، إلا أنه بدأ يأخذ خطاً متوازياً، حيث وزع اهتماماته بين الموقف الخارجي وموقف الجبهة الداخلية، من أجل أن يساير الإعلام الحربي من استعداد للمعركة مع التحرك المصري الخارجي ومع ما يدور من أحداث سياسية.

7.   اهتم الإعلام الحربي المصري والعربي في تلك المرحلة بنشر الدراسات الجادة عن العدو والمتعاونين معه،وشرح تحركاته واتصالاته. ونشر بعض ما كتب عنه،خاصة من الناحية الحربية، ولم تؤخذ هذه الدراسات والكتابات بلهجة الاستخفاف أو التهوين،كما لم تؤخذ بشكل مبالغ فيه، بل سلكت طريقاً متوازناً يهدف إلى توضيح صورة العدو الحقيقية.

8.   كما اهتم الإعلام الحربي بالتأكيد على أن ما حدث في يونيه 1967م كان غفلة من الزمن، وأن أبناء مصر قادرون على تصحيح الأوضاع مرة أخرى.

كما اتجهت القيادة الحربية نحو إعداد خطة إعلامية حربية متكاملة، وإعداد القوات نفسياً ومعنوياً استعداداً للحرب، وقد تجلى ذلك في كتابات كبار الكتاب على صفحات الجرائد وفي مجلة النصر وتأكيدهم بأن الحرب مع إسرائيل قادمة لا محالة. وأن استعادة التراب الوطني أمر مفروغ منه، والمسألة تتعلق بالوقت والاختيار الجيد لتوقيت التنفيذ وقد التزمت وسائل الإعلام بهذه الخطة.

الإعلام الحربي المصري خلال فترة الحرب

يمكن تقسيم إنجازات الإعلام الحربي خلال الحرب إلى قسمين:

الأول: ويختص بالتغلب على النتائج المعنوية والنفسية التي خلفتها حرب 1967م، حيث نجح بصورة كبيرة في القضاء على أسطورة التفوق الحربي الإسرائيلي الذي لا يمكن التغلب عليه، وأثبت قدرة الإنسان المصري على الوصول إلى مستوى عالٍ من التقدم واستيعاب التكنولوجياً الحديثة، وإثبات كفاءة الجندي في القتال، والقدرة على الإعداد والتخطيط لمعركة مثالية يخرج منها منتصراً.

الثاني: ويتعلق بالقدرة على نقل صورة حقيقية للخسائر الإسرائيلية في الحرب.

هذا وقد تعددت الكتابات والمقالات عن قدرة الجيش المصري على تحطيم أسطورة التفوق الحربي الإسرائيلي، واستخدم الإعلام الحربي كل الوسائل لتوضيح الحقائق المدعمة بالصور فعلى سبيل المثال:

1.   نشرت صحيفة الأهرام في عددها الصادر في 16 أكتوبر 1973م.. صورة لأعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين، وكتبت تحتها تعليقاً يقول "الأسرى الإسرائيليون جلوساً على أرض المعسكر الذي خصص لهم، والصورة تنطق بسقوط الأسطورة".

2.   استخدام الإعلام الحربي اعترافات قادة العدو أنفسهم للحديث عن هزيمتهم والقدرات الحربية المصرية، فقد نشرت صحيفة الأهرام تصريحاً على لسان الجنرال "حاييم هرتزوج" قال فيه "إن مصر تستخدم تكتيكا جديداً في الحرب يفوق أسلوب الكوماندوز" "وأن القوات المصرية الخاصة تدخل سيناء من كل مكان ومن كل اتجاه وبكل الوسائل".

3.   كما نقل الإعلام الحربي تقريراً عن مراسل جريدة التايمز اللندنية في الشرق الأوسط قال فيه:"لقد أصبح واضحاً للجيش الإسرائيلي تصميم الجنود المصريين وتزايد قدراتهم على القتال الشرس، وكما برزت قدراتهم وكفاءتهم في إدارة شبكة الصواريخ على طول القناة وداخل الضفة الشرقية من سيناء"، كما نقلت أيضاً عن الأوبزرفر البريطانية قولها: "إن أسطورة الحربية الإسرائيلية قد تحطمت هذه المرة على أيدي الجنود المصريين".

لقد كان من الواضح أن الإعلام الحربي طوال فترة الحرب، خاض حرباً خاصة، من أجل استعادة الثقة المفقودة. كما وضع عدة محددات للتعامل مع الخسائر الإسرائيلية وحجم الانتصارات المصرية ومن أهمها:

1.   أن تكون البيانات والبلاغات الحربية هي الوسيلة الإعلامية الرئيسية في إظهار الانتصارات والخسائر.

2.   أن تركز البلاغات الحربية على ذكر الخسائر الإسرائيلية، دون التعرض للخسائر المصرية، باعتبار أن ذكر الخسائر المصرية، كان من الممكن أن يؤثر على الروح المعنوية للشعب ولقواته المسلحة.

3.   استخدام الإعلام الحربي للأساليب الموضوعية لتوضيح الخسائر الإسرائيلية، من خلال عرض الصور أو اللجوء إلى اعترافات العدو، أو الاعتماد على المراسلين الأجانب بهذا الشأن.

4.   تركيز البلاغات الحربية المصرية والتي تناولتها وسائل الإعلام من خلال الإعلام الحربي على الموضوعات التي تتمثل في: " عنف المعركة - الاستبسال الذي يقاتل به الجندي المصري - خسائر الجانب الإسرائيلي".

تحليل لأداء الإعلام الحربي المصري خلال حرب أكتوبر 1973م

1. العمل الحربي المصري كان مفاجأة للإعلام الحربي المصري

كان العمل الحربي المصري في السادس من أكتوبر مفاجأة للإعلام الحربي المصري، ولعل ذلك قد جاء نتيجة لرغبة القيادة في المحافظة على سرية وقرار الحرب لأسباب إستراتيجية، وذلك نتيجة لعقدة هزيمة يونيه 1967م، ونتيجة للصدمة التي تلقاها الإعلام الحربي والإعلام المصري في تلك الحرب، ومن ثم ظل الإعلام الحربي متردداً خلال الأيام الأولى من الحرب في إظهار النتائج الضخمة التي حققتها القوات المصرية وحجم الخسائر الإسرائيلية. ومن الواضح أن هذه الحرب قد أتت بأرضية واقعية، كان الإعلام الحربي بل والإعلام الشامل في انتظارها من أجل استعادة الثقة.

2. تحرى الدقة في نقل المعلومات

لم ينقل الإعلام الحربي كثيراً من الوقائع الحقيقية والنتائج الباهرة التي حققتها القوات المصرية، ولعل أهم مثال على ذلك تقصيره في نقل البطولات المصرية العديدة أثناء القتال، ونقل الواقع الذي يجرى من خلال صورة حقيقية مباشرة ومؤثرة. فبينما كان الإعلام الإسرائيلي خلال حرب يونيه 1967م يتابع انتصاراته ويبالغ فيها ويستفيد منها، كان الإعلام الحربي والإعلام الشامل المصري حذراً في التعامل مع المعلومات برغم مصداقيتها وبرغم توفر الصور التليفزيونية العديدة والتي صورتها الكاميرات الأجنبية من أجل إثبات الواقع.

3. اعتماد الإعلام الحربي المصري على ما يردده الإعلام الأجنبي

توافرت للإعلام الحربي المصري خلال حرب أكتوبر مصادر إعلامية محلية ضخمة ذات أبعاد هائلة ومجالات لا تنتهي، ولكنه مع ذلك كان يركز اهتماماته ومصادره على نقل ما يكتبه الآخرون، ويرجع ذلك إلى اعتماد الإعلام الحربي المصري على الإعلام الأجنبي لإثبات موضوعيته وصدقه، ولكنه لم يقم في هذا المجال إلا بنقل ما يورده الإعلام الأجنبي والذي كان في كثير من المواقف حريصاً على ألا يظهر إسرائيل بمظهر الدولة المنهارة في ميادين القتال، حيث كان الغرب لا يزال متعاطفا معها، وبالتالي لم يستطع الإعلام المصري أن يستغل ما كان يحصل عليه من مادة علمية في فضح إسرائيل وبيان أكاذيبها. وكذلك لجوئه في عرض المنجزات التي تمخضت عنها الحرب مثل: سقوط أسطورة التفوق الإسرائيلي وإثبات جدارة المقاتل المصري مستشهداً بشهادات المراسلين الأجانب دون أن يجعل من هذه الأمور قضايا مؤثرة على غرار ما فعلته أجهزة الإعلام الإسرائيلية في حرب يونيه 1967م، حيث كان يقارن باستمرار بين ما كان الزعماء العرب يقولونه قبل الحرب وما حدث بالفعل أثناءها. إذا فالإعلام الحربي المصري كانت لديه فرصة كبيرة لأن يجعل من "سقوط أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.. أسلحة نفسية مؤثرة على المجتمع الإسرائيلي"، إلا أنه أفسح للإعلام الإسرائيلي مجالاً واسعاً لمعالجة الأمر بهدوء وروية والخروج من المفاجأة المذهلة التي وجد نفسه فيها عند بدء الحرب.

4. قيام الإعلام الحربي المصري بنقل مظاهر التأييد العالمي

قام الإعلام الحربي المصري بنقل مظاهر التأييد العالمي، لكنه لم يعط لهذا التأييد أبعاده الحقيقية التي توضح حقيقة الصراع الدائر في الشرق الأوسط من خلال الفهم العالمي له. كما قصرت الصحافة المصرية في شرح الدور الذي لعبته القوات العربية المصرية والسورية، ولعل ذلك كان مقصوداً حتى لا يتحول التأييد لجانب إسرائيل التي تواجه الجيوش العربية كلها، كما كانت تقول إسرائيل وتستخدم هذه النغمة في دعايتها.

5. الإعلام الحربي المصري كان موضوعياً

الواقع أن الإعلام الحربي بكل آلياته، كان موضوعياً في نقل الوقائع عن الحرب، وبالرغم من الملاحظات السلبية التي وردت في بعض وسائل الإعلام.. إلا أن الإعلام الحربي شهد خلال هذه الحرب عصراً من الرزانة والعمق والموضوعية والصدق، استطاع من خلالها أن يحقق طفرة كبيرة نحو الأمام وحاز من جديد ثقة الرأي العام المحلي.