إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / إذاعة صوت العرب




مبنى الإذاعة والتليفزيون
مبنى الإذاعة المصرية





المبحث الأول

المبحث الأول

إذاعة صوت العرب في الفترة بين 1953إلى 1967

الإذاعة وثورة 23 يوليه 1952

      مع قيام ثورة 23 يوليه، بدأت مرحلة جديدة في حياة الإذاعة المصرية. اتسمت بالتوسع والتطوير البرامجي، من ناحية، وتعدد الإشراف الإداري، من ناحية أخرى. فقد صدر المرسوم بالقانون ذي الرقم 270 لسنة 1952، في 10 نوفمبر 1952، بإنشاء وزارة للإرشاد القومي، هدفها توجيه أفراد الأمة، وإرشادهم إلى ما يرفع مستواهم المادي والأدبي، ويقوي روحهم المعنوية وشعورهم بالمسؤولية، ويحفزهم على التعاون والتضحية، ومضاعفة الجهد في خدمة الوطن، وإرشادهم إلى ما يجب لمكافحة الأوبئة والآفات الزراعية، والعادات المؤذية، وبصفة عامة ما يعين على جعلهم مواطنين صالحين. وقد نص القانون على نقل تبعية الإذاعة المصرية، من رئاسة مجلس الوزراء إلى وزارة الإرشاد القومي.

      عقب ثورة 1952، لم يكن هنالك بد من تخصيص خدمة إذاعية، تصل واضحة إلى الدول العربية. وبالفعل بدأت إذاعة صوت العرب، في 4يوليه 1953، لمدة نصف ساعة فقط في البداية. ووصلت إلى ساعة كاملة في أكتوبر من العام نفسه. وتطورت ساعات إرسال صوت العرب، وتقدمت تقدماً كبيراً، حين اتخذت هذه الخدمة الإذاعية طابعاً وطنياً، من خلال اهتمامها بالدور، الذي يجب أن تلعبه الدول العربية للتحرر. وقد تحقق لها، من خلال التركيز على قطاعات واسعة من المستمعين العرب، قاعدة جماهيرية كبيرة، مما شجعها على إنشاء إذاعة للثورة الجزائرية، منذ بدئها في أول نوفمبر 1954، حتى استقلالها سنة 1962.

النشأة والبدايات الأولى

      وفي هذا السياق السياسي والإعلامي العربي والدولي، رأت القيادة السياسية في مصر، في مايو سنة 1953، توجيه برنامج إلى الجماهير العربية، في جميع أجزاء الوطن العربي الكبير، وقد سارعت الإذاعة إلى تنفيذ هذه الرغبة، فبدأت في دراسة إمكانياتها الهندسية والفنية المختلفة، وانتهت هذه الدراسة في شهر يونيه 1953 إلى النتائج التالية:

1.   إمكان تخصيص ساعة كل يوم للبرنامج المطلوب، استقطاعاً من وقت الإرسال المخصص للبرنامج الثاني، الذي كانت تقدمه الإذاعة في ذلك الوقت، لمدة ساعة ونصف من مغرب كل يوم.

2.   ضرورة تقوية محطات الإرسال، حتى يصل البرنامج المطلوب، بوضوح، إلى المستمعين العرب، من الخليج إلى المحيط.

3.   تكليف مراقبة البرامج بإعداد هذا البرنامج وتقديمه، واختير له اسم "إذاعة صوت العرب من القاهرة".

      وقد حُددت لإذاعة صوت العرب ثلاثة أهداف، هي نفسها أهداف ثورة 23 يوليه 1952، كما وردت في كتاب "فلسفة الثورة" للرئيس جمال عبدالناصر، وهي:

1.   التعبير الصادق عن آلام الجماهير العربية وآمالها، في جميع أجزاء الوطن العربي.

2.   الدعوة إلى تحرير البلاد العربية من الاستعمار وعملائه، وتحكم الرأسمالية والإقطاع في جماهير العرب.

3.   العمل على جمع كلمة العرب، وحشد قواهم ضد أعداء العروبة، والسعي معهم لتحقيق الوحدة العربية المرجوة.

      وبعد أكثر من شهر من الدراسة والاستعداد، تقرر أن يبدأ بث الإذاعة الجديدة في الساعة السادسة، من مساء السبت، 4 يوليه 1953. واستمر الإرسال وقتئذ لمدة نصف ساعة، متضمناً الموضوعات الآتية:

1.   كلمة الإذاعة.

2.   كلمة السيد رئيس الجمهورية محمد نجيب.

3.   كلمة السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية.

4.   برنامج عن الفن في خدمة العروبة.

      ودعمت الإذاعة في أكتوبر 1953، "إذاعة صوت العرب"، ولم يكن قد مضى سوى ثلاثة أشهر على افتتاحها. وأصبح الإرسال ساعة كل يوم، وفي يناير 1954، أصبح الإرسال ساعتين يومياً، بعد أن حل صوت العرب مكان البرنامج الثاني، الذي أُلغي.

      وفي يوليه 1954، أصبح الإرسال سبع ساعات يومياً، ثم زيد حتى أصبح 22 ساعة يومياً. وزادت قوة أجهزة الإرسال، التي ربطت بين أجزاء الوطن العربي، من الخليج إلى المحيط.

أبرز اهتمامات إذاعة "صوت العرب"

      كانت أول أعمال إذاعة "صوت العرب"، بعد أكثر من شهر ونصف من بدء إرسالها، أنها شنت حملة يومية عنيفة على الاستعمار الفرنسي، بسبب خلعه سلطان المغرب، محمد الخامس. وتجاوب مع الحملة الشعب العربي، الذي هب يدافع عن كرامته، مطالباً بالاستقلال والحرية. وعاد السلطان محمد الخامس، ورُفعت الحماية الفرنسية عن المغرب.

      وقد صرح السلطان محمد الخامس في حديث له، بأن إذاعة صوت العرب من القاهرة، كانت البشير له في المنفى بالانتصار، وبأنها وقفت إلى جانب شعب المغرب، تهيب به أن يثور، حتى ثار ونال حريته واستقلاله.

      وتبنت إذاعة صوت العرب تشجيع حركات التحرير في أنحاء العالم العربي، في الجزائر وتونس، وشجعت نشاط المعارضة في جميع الدول العربية، التي كانت تحت الاستعمار، وفي اليمن، وفي العراق.

      ولم تقف إذاعة صوت العرب عند الاهتمام بالشرق الأوسط والدول العربية فحسب، بل امتد اهتمامها كذلك إلى القارة الأفريقية.

      وقد تناولت بعض الأقلام إذاعة صوت العرب، وأشارت إلى أهميتها. ففي جريدة لوموند الفرنسية مثلا، قدم الصحفي المختص بشؤون الشرق الأوسط، سلسلة من المقالات عن القومية العربية، قال في إحداها: أنا لا أعرف مطلقاً مقهى واحداً في أي بقعة من العالم العربي، لا تقدم لزبائنه البرامج، التي تبث من مصر، بأعلى درجة ممكنة من الصوت، في أثناء لعب الطاولة أو تدخين النارجيلة. كذلك فإن مؤشرات الراديو في سيارات الأجرة، في بغداد كما في دمشق وفي المدن العربية الأخرى، مثبتة على الصوت القادم من صوت العرب من القاهرة، الذي يديره أحمد سعيد. وقد يبلغ الانفعال لدى السائق أو الركاب إلى الحد الذي يهدد حياة المشاة في الشارع بالخطر، مشيراً بذلك إلى تأثير صوت العرب.

      وعن تأثير هذه الإذاعة، ذكرت الدوائر المطلعة في بيروت مثلاً، أن هجوم إذاعة صوت العرب على الأردن وأمريكا، كان السبب المباشر لمحاولة نسف السفارة الأردنية، ومكاتب الاستعلامات الأمريكية. بل رأى بعضهم أن صوت العرب، كان وراء كل الحركات التحررية، التي كانت تثور في مناطق عديدة على مستوى العالم العربي.

      كذلك، كتبت صحيفة Commentator of the people البريطانية أن إذاعة صوت العرب، دأبت على إثارة العرب في محمية عدن، وغيرها من محميات الجنوب العربي. وقالت إن هذه الإذاعة كان لها أثرها في إثارة سكان هذه المناطق، التي تعد حيوية بالنسبة إلى بريطانيا. وكانت إذاعة صوت العرب تقدم صوراً صوتية من العواصم العربية في مناسبات مختلفة، لنقل الاحتفالات بشهر رمضان وغيرها من المناسبات الدينية والاجتماعية.

      وتجدر الإشارة إلى اهتمام صوت العرب بالدول العربية، اهتماماً يتضح جلياً في إنشاء إذاعة للجزائر في القاهرة، بدأت إرسالها في 13 مايو 1967. وكانت برامج هذه الإذاعة تقدم من الساعة التاسعة والنصف مساء إلى العاشرة والنصف مساء، بتوقيت القاهرة (من 7.30 إلى 8.30 مساء بتوقيت الجزائر) وذلك على موجة قصيرة طولها 19.44 متر. وافتتحت برامجها بحديث ليوسف بن خدة، رئيس حكومة الجزائر المؤقتة، استغرق أربع دقائق، تم تسجيله في تونس، وكانت إدارة هذه الإذاعة إدارة جزائرية / مصرية مشتركة.

      كذلك، اهتمت إذاعة صوت العرب بالقضية الفلسطينية، وخصصت لها خدمة تابعة لها تحمل اسم "إذاعة فلسطين". وكان ذلك أول بث إذاعي يعبر عن فلسطين، وبدأ من القاهرة في 29 أكتوبر 1960 إلى أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس العربية، إلى جانب الشعب الفلسطيني.

وقد ساعد صوت العرب في تعبئة الشعور ضد دول الاستعمار، التي عدّت هذه الإذاعة خطراً ضدها، مما جعل الصحف الاستعمارية تطالب بتجنيد أجهزتها الإذاعية لمقاومتها، ونادت بوضع خطة للتشويش عليها، وهاجمت مذيعها أحمد سعيد هجوماً عنيفاً، بل طالبت بعض الصحف، التي تصدر في شمال أفريقيا، بالقبض على من يحاول الاستماع لصوت العرب. وكانت إذاعة "صوت العرب" تقدم، إلى جانب البرامج الإخبارية والسياسية، برامج ترويحية وتثقيفية وغيرها.

      وقد تفسّر شدة تأثيرها، ما كانت تبذله الدول الاستعمارية من محاولات للتخلص من هذا التأثير، فسلطت صفارات الإنذار، وأجهزة التشويش اللاسلكي على موجات صوت العرب. فكانت إحدى المحطات الاستعمارية تقدم على هذه الموجات ثلاث أغانٍ وصفارة مستمرة، تجعل الاستماع لصوت العرب مستحيلاً. وتزداد هذه المحطة الاستعمارية ضراوة في أوقات نشرات الأخبار والبرامج التوجيهية، التي تستهدف حشد وتعبئة الرأي العام نحو القضايا المهمة.

      أما عن هوية المحطة التي تشوش على إذاعة صوت العرب، فقد قيل إنها فرنسية، تُرسل من الجزائر، وقيل إنها أمريكية موجودة في إحدى القواعد الأمريكية. وقيل أيضاً إنها مجهولة الجنسية، وموجودة على سفينة في البحر الأبيض المتوسط.

      وكانت بريطانيا قد حاولت إنشاء إذاعة منافسة لصوت العرب، تحت اسم "ركن العرب"، ولكن محاولاتها فشلت في هذا الصدد. واعترف أعداء صوت العرب له بالانتصار. فقد ذكرت صحيفة التايمز، مثلاً، أن على بريطانيا أن تتوقع عدداً من المتاعب في الشرق الأوسط، بسبب الدعايات المستمرة من راديو القاهرة ودمشق وصوت العرب، وقالت إن إنشاء محطات إذاعة بريطانية جديدة لا يكفي.

      أما مجلة النيوزويك الأمريكية فقد نشرت، أن إذاعة صوت العرب من القاهرة أصبحت أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى، وأن الولايات المتحدة هي الهدف الرئيسي لها، وأن البرامج التي توجهها هذه الإذاعة إلى المناطق، التي يسيطر عليها الاستعمار الإنجليزي والفرنسي، في شرق إفريقيا ووسطها، أكثر من برامج الدعاية، التي توجهها فرنسا وبريطانيا مجتمعتين إلى هذه المناطق.

دور صوت العرب في الدعوة إلى القومية العربية

      يتركز دور إذاعة صوت العرب، في الدعوة إلى القومية العربية في الآتي:

1.   استثارة حماسة الجماهير في مصر والوطن العربي؛ لإحداث تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية، ونشر قيم سياسية مرتبطة بفكرة القومية انتهجتها القيادة المصرية آنذاك، مثل الحرية والاشتراكية والوحدة.

2.   بعث الشعور بين أبناء المنطقة العربية وأفريقيا، بإلغاء الحدود بين أقطارها ورفع مستوى الفكر، وربط حركات التحرر بالعاصمة المصرية.

3.   الترويج للشعارات العربية بين جماهير الوطن العربي، من بين هذه الشعارات "ارفع رأسك يا أخي فقد ذهب عهد الاستعباد". وتردد صدى هذه الكلمات من المغرب إلى العراق، على موجات إذاعة صوت العرب.

4.   كوّنت البرامج الإذاعية لإذاعة صوت العرب رأياً عاماً، لم يكن موجوداً من قبل، خاصة بين الأميين وأنصاف الأميين، على امتداد الوطن العربي، وكانت فكرة القومية العربية هي محور هذا الرأي.

5.   تعميق فكرة القومية العربية، حيث بدأ صوت العرب منذ عامه الثاني في تقديم سلسلة من الأحاديث عن القومية العربية، وتاريخ نشوء مقوماتها، وتطورها حتى تبلورت في الحركة العربية المتحررة المعاصرة.

6.   تلبية مطالب الشعوب العربية من خلال إذاعة التمثيليات والأغاني والموسيقى، التي تتفق والاحتياجات الإعلامية، كما تستهدف تحقيق الرغبات السياسية للحكومة المصرية، برامج صوت العرب نوعاً جديداً من الأغاني الشعبية، ذات الطابع السياسي.

7.   إبراز قضايا الدول العربية والتعليق عليها، وما تقوله الصحف عن هذه القضايا، وكذلك إبراز أمجاد الوطن العربي وقادته، الذين ناضلوا في سبيل هذه القضايا.

8.   إبراز الحقوق العربية، وتركز هذا بصفة أساسية في حق الاستقلال، الذي سلبه الاستعمار.

9.   إبراز حقيقة علاقة مصر بالعالم العربي، وكيف أن هذه العلاقة هي علاقات دم وأخوة ودين، وطبيعة هذه العلاقات من حيث كونها علاقات عاطفية جياشة، وأن المصريين جزء لا يتجزأ من الأمة العربية.

10. إبراز العلاقة الإيجابية القوية بين الدين والقومية، وكيف أن الدين الإسلامي يمثل إحدى الدعائم الأساسية للقومية العربية، من خلال تقديم التمثيليات، التي تتناول حياة رواد الحرية والعدالة في التاريخ الإسلامي الطويل.

11. التركيز على البعدين الاجتماعي والتاريخي للقومية العربية، مثل: وحدة الميول والعادات، وأسلوب التفكير، والتكوين الحسي المشترك، ومحاولة خلق وحدة في الفكر الاجتماعي.

      وركزت برامج صوت العرب أيضاً على البعد التاريخي، أي وحدة الأحداث والأجواء التاريخية، التي عاش فيها أبناء القومية العربية، مثل وحدة التضحيات المشتركة، والذكريات الوطنية. ففي عامه الأول قدمت إذاعة صوت العرب سلسلة من الأحاديث العامة تحت عنوان من أعياد العرب، واستعرض فيها تاريخ العرب الحضاري.

      يتضح من العناصر السابقة طبيعة الدور، الذي لعبته إذاعة صوت العرب، في الدعوة إلى القومية العربية، خلال الخمسينيات والستينيات، وكانت هذه القضية محل اهتمام الكثيرين، حيث يقول الكاتب الأمريكي ألفن توفلر[1] Alvin Toffler في كتابه "صدمة المستقبل": كان للانتشار السريع لأجهزة الراديو والترانزستور دور مهم في إحياء القومية العربية. والرأي نفسه يذهب إليه المسؤولون الفرنسيون، حيث يؤكدون أن الحملات الإعلامية الإذاعية كانت وراء نجاح فكرة القومية.

      وجاء في تقرير قدمه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، عن دور إذاعة القاهرة في الحرب ضد الإمبريالية، أن إذاعة القاهرة هي المنافس الخطير للراديو الأمريكي. وفي جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية، قدمت ثلاث دراسات في معهد دراسات الشرق الأوسط، عن راديو القاهرة، تناولت عمق تأثيره في المنطقة العربية والأفريقية. ووصل الأمر في محاربة الولايات المتحدة لراديو القاهرة، أن اعتمد الكونجرس الأمريكي مبلغ 40 مليون دولار؛ لتقوية إذاعة صوت أمريكا سنة 1959، في الشرق الأوسط وأفريقيا، بل إن الولايات المتحدة ربطت صادراتها إلى مصر بوقف الحملات الإذاعية، التي يشنها ضدها صوت العرب.

      وعلى النقيض من وجهة النظر، التي تؤكد نجاح إذاعة صوت العرب، في بلورة وتجسيد فكرة القومية العربية، نجد المحلل السياسي البريطاني سير هيوجرين يقول: لقد بالغ الكثيرون في وصف قوة الإذاعة بأنها سلاح في يد عبدالناصر، وكل ما وصل إليه صوت القاهرة، إنما كان عن طريق استغلال العاطفة والشعارات المحببة، مثل: العروبة ومناهضة بريطانيا وفرنسا والاستعمار عامة، وهي مشاعر كامنة فعلاً في الدول العربية، ولم يخلقها صوت العرب.

      وهناك الانتقاد الذي يوجهه البعض إلى صوت العرب في الخمسينيات، هذا الانتقاد، الذي يتجسد في أن برامج صوت العرب اعتمدت على إثارة المشاعر، من دون وجود فكرة واضحة لكيفية توجيهها. ويفسر بعض الباحثين نجاح إذاعة صوت العرب في الدعوة إلى القومية العربية بالعديد من الأسباب، بعضها يتعلق بالواقع العربي، وبعضها يتعلق بالاتجاه العربي للثورة المصرية، والبعض الآخر بالمحددات الذاتية لإذاعة صوت العرب.

      كما عملت برامجها على العزف على وتر التعصب للعروبة، ضد الاستعمار والصهيونية، وغيرهما من الأخطار الخارجية، من خلال تقديم التمثيليات، التي تتناول تاريخ العرب وأمجادهم وكفاحهم ضد الاستعمار.

      وقد اعتمدت إذاعة صوت العرب على الكلمة المسموعة، في الاتصال بالجماهير العربية، وعملت على زيادة تأثير هذه الكلمة في هذه الجماهير من خلال استخدام الأصوات الجهورية، التي تدعم الحملات الإذاعية، وقد واكب ذلك ظهور الوعي العربي الحقيقي وتثبيت ثقة العرب في أنفسهم.

      كما تمثلت القوة الذاتية لإذاعة صوت العرب، في الأجهزة الهندسية القومية العملاقة، القادرة على إرسال الإشارات إلى كل أرجاء العالم العربي، مما جعلها من أشد الإذاعات وضوحاً، وأسهلها استقبالاً، في المنطقة، أو تمثلت في الإمكانيات البشرية من مواهب فنية وغيرها، مما أدى إلى ثراء الرسالة الإعلامية وتنوعها في صوت العرب، وبالتالي جذبت اهتمام الجماهير العربية في كل مكان، بما في ذلك العرب المقيمون خارج حدود الوطن العرب، حيث كان هؤلاء العرب مستهدفين من قبل إذاعة صوت العرب.



[1] ألفن توفلر ، كاتب ومفكر أمريكي معاصر، قام خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية، ومن خلال ثلاثة كتب هي `صدمة المستقبل`، و`الموجة الثالثة`، وثم `تحول السلطة`، بمحاولة وصف الثورة العلمية والتقنية في الربع الأخير من القرن العشرين وتأثيراتها الراهنة وتداعياتها المستقبلية، هادفاً على حد تعبيره، إلى اكتشاف معنى للتغيرات ذات الاتساع المدهش، التي يعلن بها القرن الحادي والعشرون عن وصوله.