إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / إذاعة صوت العرب




مبنى الإذاعة والتليفزيون
مبنى الإذاعة المصرية





المبحث الثاني

المبحث الثاني

إذاعة صوت العرب في الفترة ما بين (1967ـ1977)

صوت العرب.. وحرب يونيه 1967

     على الرغم من نجاح إذاعة صوت العرب خلال الخمسينيات في تحقيق الأهداف، التي وضعت له من قبل القيادة المصرية، فإن الأسلوب الخطابي والنبرة الانفعالية والخطابية، وتركيزه على استثارة عواطف ومشاعر الجماهير العربية، والذي استمر استخدامه خلال الستينيات، بلغ ذروته خلال حرب يونيه 1967، بحيث يعده عدد من المحللين من بين أسباب الهزيمة.

     ففي الساعات الأولى لحرب يونيه 1967، أذاعت أجهزة الإعلام المصرية شعارات مع أناشيد وموسيقى حربية وخطب حماسية، عن أخبار النصر وتباشير الفوز، وأخذت تعلن، في بيانات رسمية، أن مصر أسقطت 250 طائرة إسرائيلية. وأخذت تذيع أخباراً عن هزائم عسكرية مني بها الجيش الإسرائيلي، وأنه أخذ في الانسحاب أمام القوات العسكرية المصرية، بل الأغرب من ذلك أنها، بعد ما بشرت به من نهاية لإسرائيل وتدميرها، أذاعت خبراً مهماً كما قالت، بأن أم كلثوم وافقت على أن تقيم حفلتها القادمة في تل أبيب بعد أسبوع.

     وهكذا عاش الشعب العربي كله، في الساعات الأولى من الحرب، وفي أيام معدودة، في موجة عارمة من الآمال غير الحقيقية؛ نتيجة هذه الأخبار. ولكن فجأة، وعلى نقيض هذه النغمة تماماً، سمع الشعب الحقائق، وأعلنت أجهزة الإعلام المصرية أنباء رسمية، تحمل الحقيقة، وتشير إلى الهزيمة، وتؤكد أن كل ما أذيع غير صحيح. وهكذا ضاعت الآمال العريضة، ونتج عن ذلك كله زلزال نفسي خطير للشعب المصري والعربي، نتيجة لكل ما قيل من أكاذيب، طوال أيام حرب يونيه 1967. واستغلت أجهزة الدعاية الإسرائيلية هذا الموقف، وأخذت تذيع وترد على الأخبار والبيانات، التي أذاعتها الإذاعة والإعلام المصري، فقالت إن المغنية أم كلثوم، ستكون موضع ترحيب في حفلاتها القادمة في تل أبيب. وأخذت الإذاعة الإسرائيلية تردد ما سبق أن قالته الإذاعة والإعلام المصري، بأن، وزير الدفاع الإسرائيلي موشى ديان، فقد في الحرب، وتعلق عليه بأن ديان معنا الآن، وأنه يتحدث، فيقول ديان، بغطرسة وتكبر، في الإذاعة الإسرائيلية، إن جيش إسرائيل لا يهزم ولن يقهر، وأنه انتصر في ثلاثة حروب مع العرب: حرب 1948، وحرب الأيام الستة في سنة 1967، وحرب السويس 1956.

     وبعد هزيمة يونيه 1967، أُقيل أحمد سعيد من إدارة صوت العرب، وعُين بدلاً منه يحيى أبو بكر، لفترة قصيرة. وفي سنة 1968، تولى الإذاعة محمد عروق، وهو أحد المقربين لوزير الداخلية شعراوي جمعة. ولما وقعت أحداث 15مايو1971، تولى إدارة الإذاعة سعد زغلول نصار، لتبدأ مرحلة جديدة بتوجهات مختلفة.

إضافة إلى الأهداف السابقة والمحددة لإذاعة صوت العرب، وضع صوت العرب أهدافاً أخرى له، بعد هزيمة يونيه 1967منها :

1.   منع النفس العربية من التردي في بحار اليأس والتمزق، وحمايتها من التفكك.

2.   التأكيد على قومية المعركة، واستنفار الجماهير العربية لها، وإيقاظ المسؤولية العربية، وضرورة اشتراك العرب جميعهم في معركة المصير.

3.   التركيز على ضرورة نبذ الخلاقات العربية جانباً.

إذاعة صوت العرب في عهد الرئيس السادات

      وفي 28 سبتمبر سنة 1970، رحل الرئيس جمال عبدالناصر وتولى نائبه محمد أنور السادات رئاسة الجمهورية.

      وفي 11 سبتمبر 1971، صدر الدستور المصري الدائم ونصت مادته السابعة والأربعون على أن حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير في حدود القانون، وأن النقد الذاتي والنقد البناء ضمان سلامة البناء الوطني، ونصت مادته الثامنة والأربعون على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز استثناء في حالة الطوارئ أو في زمن الحرب، أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو لأغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقا للقانون.

      وقد تأثرت وسائل الإعلام ومن بينها الإذاعة والتليفزيون بالتغييرات حيث تم تعيين وزير جديد للإعلام هو الدكتور محمد عبدالقادر حاتم خلفا لمحمد فائق، وتم إقصاء رئيس الإذاعة محمد أمين حماد وندب عبدالرحيم سرور رئيسا للإذاعة، وكذلك أُقيل محمد عروق[1] مدير إذاعة صوت العرب، وعين بدلا منه الإذاعي سعد زغلول نصار كمدير لصوت العرب الذي استمر في هذا المنصب حتى عام 1977.

      ويؤكد الدكتور محمد عبدالقادر حاتم نائب رئيس الوزراء المصري خلال حرب أكتوبر 1973، والمسؤول عن الإعلام خلال حرب أكتوبر 1973، أن تأثير ما حدث في يونيه 1967 كان عميقا على المصريين والعرب، وكان أحد الأسباب الرئيسية لذلك ما أذاعته أجهزة الإعلام المصرية من بيانات وأخبار وكذلك نشر التصريحات اللامسؤولة قبل حرب يونيه 1967، بأننا نملك الصواريخ التي ستدمر إسرائيل في ساعات محدودة وإننا نملك أقوى عسكرية في الشرق الأوسط، وأخذت أجهزة الإعلام في تهويل قوة قواتنا والتهوين من قدرة قوات إسرائيل.

      وذهب الباحث الأمريكي المتخصص في الاتصال السياسي جوليان هيل، إلى أنه في أكتوبر 1973، استطاع صوت العرب أن يضع جانبا تجربة 1967، إذ إنه تجنب اللجوء إلى الأسلوب الهستيري وتميزت أساليبه بالنضج.

      وبذلك ساهم صوت العرب خلال حرب أكتوبر 1973 في تنفيذ الخطة الإعلامية المصرية التي قامت على مبادئ أساسية من أهمها:

1.   حق المواطن في أن يعلم وهو حق قرره الإعلام العالمي لحقوق الإنسان، فطبقا لهذا الإعلان ينبغي احترام حق المواطن في أن يعلم، وتعتبر الأجهزة الإعلامية مسؤولة عن أن يقف المواطن على الأخبار والبيانات والمعلومات منها قبل أن يستمع إليها من أجهزة إعلامية أخرى.

2.   إطلاق حرية الصحافة ورفع الرقابة عنها لتصبح أداة فعالة في خدمة الشعب.

3.   حق المواطن في أن يعرف عدوه، وعلى ذلك كان من أهم ما راعته الخطة الإعلامية هو الإفراج عن الكتب الخاصة بإسرائيل تحت شعار أعرف عدوك، وتم ترجمتها ونشر طبعات شعبية منها.

4.   العمل على ترسيخ العقيدة كدافع مؤثر في سلوك الفرد والجماعات سواء كانت عقيدة دينية أو وطنية، ففي العقيدة الدينية تمجيد للقتال والاستشهاد، وفي تحقيق ذلك كله ابتعد الإعلام عن الحملات الانفعالية والتزم بالموضوعية التامة.

5.   تقديم المعلومات والحقائق للجماهير والشعب أولا بأول وفي أسرع وقت فذلك هو السبيل العلمي للقضاء على الشائعات التي تشكل خطرا على الجبهة الداخلية.

زيادة ساعات الإرسال

      دخلت إذاعة صوت العرب مرحلة جديدة منذ أوائل السبعينيات من القرن العشرين وتوسعت قدراتها. (انظر جدول  متوسط عدد ساعات البث الإذاعي لصوت العرب، منذ سنه 1971 وحتى سنة 1987).

      وتشير بيانات الجدول أن إرسال إذاعة صوت العرب في بداية السبعينيات يستغرق عدداً أكبر من الساعات التي تبث بها حالياً، فقد كانت 22 ساعة في نهاية الستينيات، ثم وصلت إلى أكثر من 25 ساعة عام 1971، ثم زادت في العام التالي، حتى وصلت عام 1973 إلى أكثر من 31 ساعة يومياً، ثم انخفضت انخفاضاً ملحوظاً بعد سنة الحرب والسنوات التالية لها.

      والجدير بالذكر أن إذاعة صوت العرب تتفاعل مع الأحداث والمناسبات الوطنية، فيزداد عدد ساعات إرسالها، إذا تطلب الأمر ذلك، والمثال على ذلك أنها قدمت برامج مستمرة لمدة 20 ساعة ونصف الساعة، من الخامسة صباحاً وحتى الواحدة والنصف بعد منتصف ليل يوم 20 فبراير 1959، بمناسبة أعياد الوحدة.

مرحلة عصر الشبكات الإذاعية

      بدأت مرحلة جديدة في عمر الإذاعة المصرية بدءاً من أول شهر أبريل عام 1981، حيث تم تطبيق نظام فني متخصص عرف بنظام الشبكات الإذاعية.

      وبلغ عدد ساعات إرسال الشبكات الإذاعية السبع، التي تتكون منها الإذاعة المصرية، خلال عام 85/1986، وفقاً لتقرير إحصائي صادر عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون، حوالي 86023 ساعة بمتوسط يومي 235 ساعة و41 دقيقة، موزعة على الشبكة الرئيسية (10.18%)، الشبكة الإقليمية (23.89%)، الشبكة الثقافية (14.40%). الشبكة الدينية (8.34%)، الشبكة التجارية (6.35%)، الشبكة العربية (25.97)، والشبكة الموجهة (10.87%).

      ويتوزع إجمالي ساعات إرسال الشبكات الإذاعية السبع، خلال عام 85/1986، على البرامج الترفيهية (35.62%)، البرامج الثقافية (21.31%)، البرامج الدينية (19.57%)، البرامج الإعلامية (15.86%)، برامج الفئات (3.69%). الخدمات الموجهة (2.48%)، الإعلانات التجارية (1.22%)، والبرامج التعليمية (0.25%). أي أن إرسال صوت العرب في هذه المرحلة أصبح في إطار الشبكة العربية.

      وخلال هذه الفترة كانت الشبكة العربية تبث برامجها على 8 موجات متوسطة وقصيرة، وكانت تضم ثلاث إذاعات هي: إذاعة صوت العرب وفلسطين ووادي النيل، وبلغ إجمالي ساعات إرسالها خلال عام 85/1986 حوالي 9348 ساعة، بمتوسط يومي 25 ساعة و37 دقيقة، بنسبة 10.87% من إجمالي ساعات إرسال الشبكات الإذاعية السبع، وبنسبة 14.68% من إجمالي ساعات إرسال الشبكات الإذاعية الست بعد استبعاد الشبكة السابعة (الموجهة)، ويتوزع إرسال الشبكة العربية على إذاعات: صوت العرب (64.86%)، فلسطين (19.52%)، ووادي النيل (15.62%)

      وقد كانت إذاعة صوت العرب، داخل الشبكة العربية، تستهدف تعميق الشعور القومي العربي وإبراز الروابط العميقة، التي تجعل من الوطن العربي أسرة واحدة ذات مصير واحد، وإلقاء الضوء على إمكانات الأمة العربية، ومجالات العمل العربي المشترك، والتعبير عن وجهة نظر مصر في الشؤون العربية، وإبراز دورها العربي، وكان إرسالها في بداية بثها في 4 يوليه عام 1953 نصف ساعة، وفي أكتوبر، من العام نفسه، أصبح الإرسال ساعة كاملة، وفي يناير عام 1954 ألغي البرنامج الثاني، وحل مكانه صوت العرب، بإرسال يومي لمدة ساعتين، وصلت في يونيه عام 1954 إلى سبع ساعات، وفي عام 1962بلغ عدد ساعات الإرسال 22ساعة و15 دقيقة، وصلت عام 70/1971إلى 24ساعة يومياً، ثم انخفضت عام 1978إلى 18ساعة و32 دقيقة، وعام 1979إلى 18ساعة و36 دقيقة.

      وبلغ إجمالي ساعات إرسال إذاعة صوت العرب عام 85/1986 حوالي 6063 ساعة تتوزع على: البرامج الترفيهية (51.04%)، البرامج الثقافية (17.20%) البرامج الإعلامية (16.31%)، البرامج الدينية (13.35%)، برامج الطوائف (1.15%) والخدمات الموجهة (0.95%).



[1] كان محمد عروق من الإعلاميين المقربين من شعراوي جمعة، وزير الداخلية المصري، وقد عين عام 1968 كثالث مدير لإذاعة صوت العرب بعد يحيى أبو بكر الذي تولى مهمة إدارة صوت العرب عام 1967، خلفا لأحمد سعيد الذي تولى إدارة صوت العرب منذ إنشائه وحتى أحداث 5 يونيه 1967.