إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الصحافة









الملحق الرقم (14)

ملحق

مسؤولية الصحافة

أبرزت تجربة الصحافة مع الحرية المطلقة، الكثير من الأخطاء، حيث ظهر أن بعض الصحف قد دأبت على نشر أخبار الجريمة، والأخبار التافهة وأخبار الفضائح، على حساب الأخبار الجادة، كما أن بعض الصحف تخلت عن مبادئ الدقة والصدق، فيما تقدمه من أخبار، وتلاعب بعض الصحفيين بالأخبار لخدمة أغراضهم الخاصة. واستخدمت الصحف للتشهير بالأفراد، والمسؤولين، بعيداً عن مجال مسؤولياتهم، وتعرضت الصحف لخصوصيات الأفـراد.

ومن ثم جاءت الدعوة إلى أن حرية الصحافة لابد أن يصاحبها التزامات. والصحافة، التي تتمتع ببعض المزايا، بمقتضى الدستور تجد نفسها مضطرة لتحمل مسؤولياتها، إزاء المجتمع المعاصر.

وهكذا يتضح أن مبدأ "الحرية المسؤولة" هو الحل الوحيد للمعادلة الصعبة، التي تتمثل في النتائج السلبية، المترتبة على تقييد حرية الصحافة، أو إطلاقها من دون قيود، وحق الصحافة الكامل في التمتع بالحرية، بشرط أن تلتزم بالمسؤولية الاجتماعية، وصالح المجتمع، وبحيث لا يُساء استغلال الحرية، من قبل صحف، تحركها مآرب خاصة، على أن توجد في المجتمع ضمانات كافية تجعل هذا الالتزام حقيقـة واقعـة.

ويحدد دينى إليوت أنماط المسؤولية الصحفية، تبعاً للهيئة المسؤولة أمامها، على النحو التالي:

1.   مسؤولية الصحافة تجاه المجتمع: فالصحيفة، كغيرها من وسائل الإعلام، عليها واجبات في إمداد الجماهير بالمعلومات، وبذل الجهد لعدم الإساءة للأفراد.

2.   مسؤولية الصحافة، تجاه المجتمع المحلي: بتحديد السياسات، التي تحكم السلوك، لجعل المعلنين والجمهور على علم بما يتوقعونه منها.

3.   المسؤولية أمام النفس: لأن الصحفيين مسؤولون أخلاقياً، عن أفعالهم وأقوالهم، فعبارات مثل"رئيس التحرير أمرني بذلك"، أو "كل الصحفيين يفعلون ذلك"، لا تصلح كمبرر، أما النقد الذاتي فهو ضروري لاستقامة العمل في أي مهنـة.

مسؤوليات المضمون الصحفي

إن الأداة الرئيسية التي تؤثر الصحافة، من خلالها، في الرأي العام هي المضمون، من خلال أشكال تحريرية، أو لغة مكتوبة، يصاحبهما صور أو رسوم أو كلاهما معاً. ومن ثم يعد المضمون الصحفي هو المحك الأساسي، للتعرف على مدى التزام الصحافة بمسؤولياتها. ويقسم لويس هودجز المضمون، الذي يُقدم عبر وسيلة الإعلام (خاصة الصحافـة) إلى ثلاثة مستويات للمسؤولية:

المستوى الأول

مستوى الوظائف، التي يقوم بها، والأدوار الاجتماعية التي يلعبها، والصحافة تؤدي ـ من وجهة نظره ـ عدة وظائف أساسية، هي:

1. الوظيفة السياسية

إعلام المواطنين بما تفعله الحكومة، والقوى السياسية الأخرى، بحيث تغدو جزءاً متكاملاً من العملية السياسية، وهي الوظيفة التي تسمى بوظيفة الرقابة (أو وظيفة كلب الحراسة Watchdog في التعبير، أو المفهوم الأمريكي الشهير).

2. الوظيفة التعليمية

أ. إتاحة الفرصة لعرض الأفكار والآراء، ومناقشتها لتكون منتدى للأفكار.

ب. تقديم المعلومات المتوازنة الدقيقة.

3. الوظيفة الثقافية

كمرآة للمجتمع والتأكيد على قيمه.

4. الوظيفة الاقتصادية

تعريف الناس بالسلع والخدمات.

5. وظيفة حفظ إيقاع الحياة للفرد

ويذكر النقاد البريطانيون وظائف، ومسؤوليات أخرى للصحافة، بجانب وظيفة الإمداد بالمعلومات وهي: إثارة الاهتمام بالقضايا العالمية، كالبيئة، والموارد، والسكان، ومشكلات التصحر، وتجريف التربة، وطبقة الأوزون، والتصدي للأفكار الشيوعية، والنعرات القومية، التي تهدد بالحروب وعدم الاستقرار في العلاقات الدولية.

المستوى الثاني

مستوى المعايير، وهنا يلخص كل من آجى والت، وايميرى، القانون الأخلاقي للصحافة، في خمس دوائر متداخلة، وهذه الدوائر من الداخل إلى الخارج كالتالي:

الدائرة الأولى: الداخلية الأصغر، تمثل المعايير المهنية والممارسات الأخلاقية للأفراد، إضافة لحراس البوابة (مسؤولي المؤسسات الصحفية من رؤساء ومديري تحرير ورؤساء الأقسام) الذين يحددون ماذا نقرأ ونسمع ونرى؟

الدائرة الثانية: تمثل معايير الوسيلة الإعلانية، ومواثيقها الداخلية، سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة، ولا بد أن يستجيب الأفراد، في الدائرة الأولى، لمعايير المؤسسة في الدائرة الثانية.

الدائرة الثالثة: تتضمن المعايير المهنية، التي تضعها الهيئات الصحفية المسؤولة عن تنظيم عمل وسائل الإعلام المختلفة، وضبطه، مثل جمعيات واتحادات الصحفيين والناشرين.

الدائرة الرابعة: تمثل الفلسفات الإعلامية الأساسية، وقوانين الحكومات، في النظريات المختلفة السلطوية، السوفيتية أو الشيوعية، الليبرالية، والمسؤولية الاجتماعية، ويندرج تحتها واجبات الملاك والمديرين.

الدائرة الخامسة: وتمثل الحدود، التي يضعها المجتمع، ويسمح بها الناس، في مجالات النشاط الإنساني، والتي لا تتخطاها الهيئات والأفراد.

المستوى الثالث

مستوى القيم المهنية، وتشمل معايير جمع الأخبار: كاحترام الخصوصية، وتجنب خداع المصادر، وصراع المصالح، ومعايير كتابة الأخبار: مثل الدقة، والموضوعية، والتوازن، والشمول.

التزامات الصحفيين وواجباتهم

إلى جانب ما يتمتع به الصحفيون، من حقوق وضمانات، عليهم أن يلتزموا، في المقابل، بمجموعة من المسؤوليات والواجبات، إزاء مهنتهم، وتتمثل تلك الالتزامات والمسؤوليات في أربعة أنواع هي:

1. الالتزامات والمسؤوليات المهنية

أي الالتزامات الخاصة بطبيعة مهنة الصحافة، وأسلوب أدائها، وتشمل:

أ. نقل الأنباء بدقة من دون تحريف أو تشويه، وذكر الحقيقة، من غير مراوغة، أو تستر، لا مبرر له.

ب. الالتزام ـ قدر الإمكان ـ بالموضوعية والصدق.

ج. عدم الخلط، بين الرأي والخبر.

د. الحرص على العمل من أجل التدفق الحر والمتوازن للإعلام.

هـ. احترام أسرار المهنـة.

وهناك التزامات خاصة بالمراسلين، الذين يعملون في بلاد أجنبية، بأن تكون كتاباتهم، عن تلك البلاد، دقيقة وعادلـة.

وهناك بعض الالتزامات المهنية الإضافية، يفرضها التطور التكنولوجي، وتتمثل في بعض القواعد التي ينبغي أن يلتزم بها العاملون، في بنوك المعلومات، مثل:

أ. الحفاظ على أسرار المهنة، والالتزام بعدم التصريح لأحد بالإطلاع على معلومات معينة، إلا للمصرح لهم بذلك فقط.

ب. الحصول على موافقة الشخص، الذي يتم تحرير معلومات عنه، عدا الحالات التي ترتبط بإجراءات قانونية، أو تتصل بالأمن القومي.

2. الالتزامات والمسؤوليات الأخلاقية

أي المسؤوليات المتعلقة بمدى الالتزام بأخلاقيات المهنة، مثل:

أ. التزام الصحفي بمستوى أخلاقي عال، بحيث يتمتع بالنزاهة، ويمتنع عن كل ما يسيء لمهنته، كأن يكون دافعه للكتابة مصلحة شخصية، على حساب الصالح العام، أو من أجل منفعة ماديـة.

ب. الامتناع عن العمل، مع أجهزة الاستخبارات، لتزويدها بالمعلومات، أو القيام بأعمال تجسس لحسابها تحت ستار الواجبات المهنية. وقد عدت اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الاتصال (1978) هذه العمالة للاستخبارات أمراً بغيضاً، يمكن أن يقوض المهنة تماماً، وأعلنت اتحادات الصحفيين، مراراً، أن قيام أعضائها من الصحفيين بأداء خدمات، أو قبول مكافآت من أي مصدر، غير جهة العمل المعروفة، هو تصرف غير أخلاقي.

ج. احترام كرامة البشر وسمعتهم.

د. عدم التعرض للحياة الخاصة للأفراد، وعدم إفشاء أسرارها.

3. الالتزامات القانونية

وهي مجموعة الالتزامات، التي يفرضها القانون على العاملين في مهنة الصحافة، ويعاقبهم، جنائياً، في حالة مخالفتها، ويمكن إجمالها على النحو التالي:

أ. الالتزام بأحكام القانون.

ب. الامتناع عن التشهير أو الاتهام بالباطل، والقذف والسب.

ج. عدم انتحال آراء الغير، ونسبتها إلى نفسه.

د. عدم التحريض على أي عمل، غير قانوني، ضد أي شخص، أو مجموعة من الأشخاص.

هـ. عدم نشر أمور، من شأنها التأثير في سير العدالة، حتى تتوافر الضمانات للمهنيين والمتقاضين، في محاكمة عادلة، أمام قاضيهم الطبيعي؛ فلا يجوز محاكمتهم على صفحات الصحف قبل حكم القضاء.

و. الامتناع عن نشر أنباء جلسات المحاكم السرية.

4. الالتزامات والمسؤوليات الاجتماعية

وهي المسؤوليات، التي يقبل الصحفي، طواعية، الالتزام بها لإحساسه بمسؤوليته الاجتماعية، وتتمثل في الآتي:

أ. التصرف بشكل مسؤول اجتماعياً، وإحترام مسؤوليته ازاء الرأي العام وحقوقـه ومصالحه.

ب. احترام حقوق الإنسان ومبادئ التعاون، بين الشعوب، والمشاركة في الكفاح من أجل هذه الحقوق.

ج. عدم الدعاية للحرب أو الحض على الكراهية القومية، أو العرقية، أو الدينية، والتي تشكل تحريضاً على العنف.

د. الامتناع عن نشر الموضوعات الخليعة، والتي تحرض على الإجرام، والانحرافات الجنسية، وتحبذ المخدرات وما إلى ذلك.

هـ. الالتزام بالقيم الثقافية المقبولـة للمجتمع.

و. مراعاة الصحفي لمسؤوليته، تجاه المجتمع الدولي، فيما يتعلق باحترام القيم التي اتفق عليها المجتمع الدولي.

وفي هذا الإطار ثمة ثلاث نقاط رئيسية تضمها قوائم المحظورات على الصحفيين، وإن اختلفت درجة الحظر هذه من بلد إلى آخر، ومن فترة لأخرى، فقد تضيق هذه المحظورات، أو تتسع، حسب ظروف كل بلد، وحجم الحرية المتاحة، والمسموح بها في هذا البلد، وهذه القوائم تضم:

أولاً: الامتناع عن نشر المعلومات المناهضة للمصلحة الوطنية، ويدخل في هذا، الأمور الخاصة بالأمن القومي، والأسرار الرسمية، التي تحظر كل الدول ـ مهما كان نظامها السياسي ـ إفشائها.

ثانياً: الامتناع عن نشر المعلومات التي قد يضر نشرها بالحياة الاجتماعية.

ثالثاً: الامتناع عن المعلومات التي تسيء للحياة الخاصة للأفراد.

وفي بعض الحالات، قد تتسع هذه المحظورات لتشمل التحريض على الشغب، أو الاستهانة بالدستور، إهانة رئيس الدولة، الإضرار بالعلاقات مع الدول الأجنبية، نشر الأخبار الزائفة أو المغرضة، الدعاية لتحبيذ الحرب.

وتأخذ القيود والالتزامات، التي قد تفرض على الصحافة، عدة أشكال، هي:

1. الالتزامات القانونية

وهذه الالتزامات القانونية سواء أخذت شكل الوقاية، أو الردع، ترد في قوانين المطبوعات أو الصحافة، وقوانين العقوبات وغيرها من التشريعات، التي تنظم عمل وسائل الاتصال:

وتأخذ هذه القيود أشكالاً منها:

أ.  قوانين الرقابة، وتأخذ هذه الرقابة، صوراً متعددة:رقابة سابقة على النشر. ورقابة بعد النشر، وقبل التوزيع، وهذان الشكلان يهدفان إلى الوقاية أو المنع،و رقابة بعد التوزيع، وهذه تهدف إلى الردع أو التجريم.

ب. منع نشر المداولات القضائية، أو بعضها، وحماية حرية القاضي، وعدم التأثير على سيره. وتغالي بعض الدول، في تطبيق مبدأ انتهاك حرمة المحكمة، إذ تستبعد بعض الصحفيين (أو غيرهم من الإعلاميين)، من حضور المحاكمات السياسية الحساسة، من دون مبرر، مستغلة هذا المبدأ.

ج. بعض القيود لحماية الأخلاق العامة، والأسرة، والعلاقات الاجتماعية، وهو ما يسمى (بحرمة الآداب وحسن الأخلاق).

د. قيود على النشر، في القضايا الخاصة، بالأحداث (صغار السن)، وكذلك فرض نوع من الرقابة على برامج الأطفال، ومطبوعاتهم.

هـ. منع نشر المطبوعات، أو المواد الإعلامية، التي تدعو إلى التمييز العنصري أو العقائدي. ويدخل في هذا، القيود التي قد تفرض في بعض البلاد، على المطبوعات، أو المواد الإعلامية، التي تشكل عدواناً على الأديان.

و. بعض القيود على الإعلانات الخاصة بالطب، والمنتجات الدوائية، والخمور، والمخدرات، والسجائر، والمراهنات، واليانصيب، والمضاربات المالية.

ز. قيود على التحريض على ارتكاب الجرائم، أو العنف.

ح. تجريم القذف والسب. وهو أمر ضروري، إلاّ أنه أحياناً، يستخدم لحرمان الجمهور من بعض المعلومات المطلوبة، كما قد يستغل من جانب السلطات لفرض عقوبات مالية تعوق مطبوعات الأقليـة.

ط. فرض الرقابة باستخدام مسميات وتعبيرات مثل (وقاية النظام الاجتماعي) أو (حماية النظام العام) أو (الأمن القومي). وهذه الأمور قد تجبر الصحفي على أن يطبق قيود الرقابة الذاتية على نفسه.

ى. فرض قيود على النشر، أو الأمور الماسة بأمن الدولة، أو إذاعة أسرارها.

ك. تجريم الأخبار الكاذبـة.

ل. تتيح ظروف الطوارئ للحكومات أن تفرض رقابة سياسية على الصحافة، إلا أن هذه الرقابة قد تمتد إلى غير ما يتصل بالسلامة العامة، أو أغراض الأمن القومي، مثل منع النقد عن الأجهزة المسؤولة، أو عن الأشخاص ذوي الصفة العامة، أو حتى لحماية غايات أخرى غير السلامة العامة أو الأمن القومي.

م. قد تُفرض بعض القيود والعقوبات على نشر ما يسيء إلى الحكومات الصديقة.

ن. إلى جانب هذه الالتزامات السابقة، هناك بعض القضايا القانونية الخاصة بالإعلام والاتصال مثل القوانين التي تنظم حقوق النشر والتأليف، حق الأداء العلني، التشريعات العمالية، الضرائب، التزامات الاتصال بمبادئ القانون الدولي.

2. القيود الإدارية أو الإجرائية

هي الإجراءات الإدارية، الدائمة أو المؤقتة، التي قد تتخذها بعض الحكومات، مثل:

أ.  عوائق بيروقراطية: مثل فرض تأمين نقدي ضخم على إصدار المطبوعات، أو التوسع في الإجراءات الإدارية، التي يتطلبها إصدار الصحف؛ فبينما يُكتفي، في بعض الدول، بمجرد الأخطار الذي يبلغ إلى الجهة الإدارية المختصة، قد يحتاج الأمر في دول أخرى إلى الحصول على ترخيص سابق.

ب. حظر تداول بعض المطبوعات والمواد الإعلامية، التي تصدر، في الداخل، أو المطبوعات، والمواد الإعلامية الأجنبية، مثل حظر الكتب، أو حظر بث برامج معينة أو أفلام معينة، أو حذف أجزاء منها، أو حظر توزيع المطبوعات غير اللائقة، أو التي تصف العنف أو تنشر معلومات طبية عن الأدوية، أو حظر استيراد نوعيات معينة من الأفلام والمطبوعات والتسجيلات والبرامج التليفزيونية، بغرض حماية القيم الثقافية.

ج. جواز تعطيل بعض المطبوعات (صحف أو كتب)، أو مصادرتها بدعوى المحافظة على النظام أو الدين أو الآداب.

د. جواز إنذار الصحف، أو وقفها، أو إلغائها، بالطريق الإداري على الرغم من أن هذا المبدأ أصبح نصاً مهجوراً تماماً، في كافة الدساتير المتقدمة، منذ ما يقرب من مائة عام.