إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو الفني





مفهوم الشخصية
بناء وخلق الشخصية
حل العقدة




الفصل الأول

المبحث الثاني

التكوين الشكلي للسيناريو

يبدأ تكوين السيناريو بالتحديد الدقيق لفكرته الرئيسية، التي يتم تطويرها خلال عدة مراحل وفقاً لطبيعة، أو نوع الفيلم، تسجيلي، أو يغلب عليه الطابع الذاتي والجمالي، أو الروائي.

وبينما يكون التركيز في السيناريو التسجيلي موجهاً أساساً، إلى الترتيب المنطقي لسرد مفردات مجموعة حقائق، أو مفردات مادة عملية، فإن السيناريو ذو الصبغة الذاتية أو الجمالية يركز أساساً على تكوين الصورة، وعلاقة الصور ببعضها ببعض، ثم تفاعلها مع عنصر الصوت.

أما في السيناريو الروائي، فإن التركيز يوجه في المقام الأول إلى الحدث، أو الموقف الرئيسي والمواقف المحتملة، حتى يصل في النهاية إلى خاتمة مقنعة.

ويمر تطوير الفكرة الرئيسية لسيناريو ما، عادة، بمراحل ثلاث هي:

  • ملخص أو إطار الفكرة الرئيسية Synopsis.
  • المعالجة السينمائية  Treatment.
  • السيناريو (الشكل السينمائي) Script.

وعند تطبيق هذه المراحل، على السيناريو الروائي، فإن المراحل الثلاث تتم كآلاتي:

1. كتابة ملخص الفكرة الرئيسية:

ينبغي لملخص الفكرة الرئيسية للسيناريو الروائي، أن يحدد بوضوح الموقف الرئيسي، الذي سيتولد منه، أو يبنى عليه تسلسل أحداث الفيلم، ثم تطوره في خط متصل إلي ذورة الأحداث، ثم إلى الختام.

ولضمان تحقيق ذلك، فيسُتحسن دائماً أن يُكتب الملخص في ثلاثة أقسام، هي:

أ.  الموقف Situation:

وفي هذا القسم يتم تأسيس الخطوط العريضة لمشكلة، أو قضية ما، أو وضع معين، أي تحديد الموقف الرئيسي، الذي يحتم انطلاق الأحداث منه، أو يفجَّر عنصر الحركة، التي ستمثل قوة الدفع للبناء السينمائي ككل، مع تحديد الشخصية أو الشخصيات الرئيسية فقط، التي تتأثر بالموقف مباشرة، أو تؤثر فيه.

ب. التطوير (النمو) Development:  

أي تطوير الموقف الرئيسي، من خلال التركيز على الأحداث المهمة، التي تنبع منه أو تترتب عليه. ويشترط في تسلسل هذه الأحداث أن تبدو منطقية، أو محتملة الحدوث، من حيث ارتباطها بالموقف الرئيسي  أولاً؛ ثم ببعضها ثانياً، بمعنى أن كل واحدة منها تأتى نتيجة لما يسبقها، ثم تقود بالاحتمال أو الضرورة لما يليها، أو تجمع بين كونها نتيجة منطقية لما يسبقها، ثم تقوده في الوقت نفسه إلى الحدث التالي.

وأخيراً، فإن هذا التسلسل المنطقي للأحداث لابد أن يصل إلى ذروة رئيسية، أو قمة رئيسية لتصاعد هذه الأحداث، بحيث تمهد مباشرة إلى ختام السّياق الروائي.

ج. الختام (الحل)  Resolution:

ويقصد به الختام المنطقي للموقف الرئيسي، الذي تم تأسيسه في بداية الملخص، وكما يبرره تطور الأحداث، التي قادت إلى الذروة.

قد ينتهي الختام إلى نهاية محدودة (سعيدة أو مأساوية)، أو تكون نهاية "مفتوحة" بمعنى أن ينتهي السيناريو بوضع احتمالين، أو أكثر، للقيمة المعروضة، أو يثير في داخل المشاهد تساؤلاً جدلياً عن الموقف ككل، أو ليجعل من النهاية نقطة انطلاق، نحو إثارة قضية عامة.

2. المعالجة Treatment:

وهي عبارة عن سرد موسع لملخص الفكرة الرئيسية. وفي هذه المرحلة فإن السرد يضيف إلى الأحداث الرئيسية، التي وردت في الملخص أحداثاً تكميلية أو فرعية، لتعميق الخط الأصلي للأحداث، وجعل تسلسله منطقياً. ومن الناحية الأخرى، فإن المعالجة تضيف ـ من ثم ـ الشخصيات الثانوية، التي تخدم علاقاتها بالأحداث وبالشخصيات الرئيسية.

وعموماً، فإن المعالجة تتضمن كل العناصر، التي من شأنها التأثير في تطور الأحداث وتبريرها، وتعمل على توازن بناء الموضوع ككل.

وتكتب المعالجة دون حوار، بل يُكتفي بكتابة مضمونه العام كلما لزم الأمر، كما قد تُكتب بعض الجمل الحوارية المحدودة في حالة الضرورة، كأن يكون ذلك لتوضيح نقطة ما، أو لتفسير صفة إحدى الشخصيات.

ومن الناحية الأخرى، فإن المعالجة يمكنها أن تتضمن بعض الأوصاف والعبارات الأدبية، كنوع من الإيجاز أو التوضيح، ذلك أن مرحلة كتابتها لا تعني أنها تُكتب بلغة سينمائية كاملة.

3. السيناريو Script:

وأخيراً تحوّل المعالجة إلى شكل سيناريو، مع كتابته بلغة سينمائية خالصة، أي كتابته في هيئة مشاهد أو لقطات، تقول بالصورة والصوت ما يمكن رؤيته أو سمعه فقط. فالسيناريو هنا يعنى بالطبع، الشكل السينمائي المبدئي، الذي سيقوم المخرج بتجسيده ليصبح فيلم المستقبل.

ويأخذ السيناريو منذ كتابته أشكالا مختلفة، ترجع إلى الأسلوب، الذي يختاره كاتبه. واختلاف الشكل هنا قد يرجع، من ناحية، إلى شكل العلاقة بين الصورة والصوت، ومن ناحية أخرى، إلى مدى تفصيل السيناريو وإعداده للتنفيذ، وذلك كما يلي:

أ.  شكل العلاقة بين الصورة والصوت:

قد يأخذ السيناريو أحد شكلين رئيسيين، فيما يختص بعلاقة الصورة والصوت، فهو إما أن يكتب بطريقة الشكل المتوازي"Parallel Form" أو يكتب بطريقة الشكل المتقاطع "Cross Form" كالآتي:

(1) الشكل المتوازي:

كتابة السيناريو في شكل متوازي يعنى تقسيم صفحة السيناريو عمودياً إلى قسمين، يخصص الجانب الأيمن منها لكتابة تفاصيل الصورة، ويخصص الجانب الأيسر لكتابة مكونات عنصر الصوت، من حوار ومؤثرات صوتية وإشارات عامة لألوان الموسيقى المطلوبة.

وهذا الشكل في كتابة السيناريو (وهو الشكل الشائع في مصر)، يقصد به محاكاة شريط الفيلم النهائي فيما يتعلق بتوازي الصورة والصوت.

إلاّ أن هذا التشابه، الذي يبدو منطقياً للوهلة الأولى، ليس إلا تشابهاً شكلياً أو نظرياً أكثر من كونه تشابهاً واقعياً . وذلك لأنه بينما تعمل حاستي البصر والسمع في امتزاج كامل أثناء مشاهدة الفيلم السينمائي، ويكون الإحساس بتأليف الصورة والصوت إحساساً موحداً، فإن قراءة السيناريو المتوازي لا تعطى تخيلاً صادقاً لهذا التآلف، لأن القراءة والكتابة تتم بالانتقال المستمر ما  بين عنصري الصورة والصوت كل على حدة، الأمر الذي يختلف عن واقع امتزاج العنصرين، ووجوب الإحساس بتآلفهما.

ولكن هذا العيب للشكل المتوازي، يقابله مميزات عملية أخرى، قد تكون هي الدافع الرئيسي وراء استخدامه، وهي تتركز في إمكانية حصر العنصر الصوتي أثناء تنفيذ الفيلم، ويسهل ـ تبعاً لذلك ـ إعداد الممثليين لحفظ الحوار، كما يمكن تحديد أجزاء الحوار، التي سيتم تركيبها بطريقة الدوبلاج، هذا إضافة إلى إمكان تحديد المؤثرات الصوتية، التي يلزم إضافتها أثناء عمل مونتاج الفيلم.

(2) الشكل المتقاطع:

أما في حالة استخدام أسلوب الشكل المتقاطع، فإن كتابة عنصري الصورة والصوت يتم في تقاطع متسلسل دون تقسيم الصفحة. وعلى ذلك فإن تفاصيل الصورة تكتب بعرض الصفحة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بينما يكتب العنصر الصوتي المصاحب للصورة في الثلث الأوسط فقط من الصفحة. هذا ويُشار خلال كتابة العنصر الصوتي إلى الصورة السريعة، التي تحدث ملازمة لقول جملة حوارية: مثلاً كتابتها بين قوسين خلال الحوار بهدف تحقيق أكبر قدر من التداخل، بين عنصري الصورة والصوت.

وتتركز الميزة الرئيسية لهذا الأسلوب في توفير إحساس أكثر صدقاً، بتأليف عنصري الصورة والصوت، بخلاف ما يحدث في حالة الشكل المتوازي، كما أنها قد تعطى الكاتب سيطرة أكبر على كتابة مادته، حيث يكتب بإحساس الامتزاج الكامل بين الصورة والصوت، لكن هذه الميزة الرئيسية للكتابة بأسلوب الشكل المتقاطع، يقابلها ـ بالطبع ـ افتقاد الميزات الخاصة بالشكل المتوازي السابق ذكرها.

ب. كتابة السيناريو وإعداده للتنفيذ:

قد يكتفي السيناريست بكتابة السيناريو، في هيئة مشاهد عامة، دون محاولة تقسيمها إلى لقطات، ويترك هذا الإجراء لمخرج الفيلم، ويطلق على هذا الأسلوب من الكتابة: سيناريو المشهد العام "Marter-scenescript ". وكتابة السيناريو بهذا الأسلوب قد يكون مرجعه إلى أي من الأسباب الآتية:

(1)  أن تكون كفاءة كاتب السيناريو محدودة بهذا الشكل من الكتابة.

(2)  أن تطالب جهة الإنتاج أو المخرج من كاتب السيناريو إلا يتعدى هذا الشكل من الكتابة.

(3)  أن يختار كاتب السيناريو لنفسه عدم تجاوز هذا الشكل، فلا يُكتب السيناريو في شكل لقطات، لتوقعه أو علمه مسبقاً بأن المخرج لن يأخذ بها، وأنه سوف يعيد تقطيع المشهد إلى لقطات، من صنعه هو وفقاً لإحساسه.

    أما إذا أتيح لكاتب السيناريو أو طُلب منه أن يكتب السيناريو في شكل لقطات، فإنه في هذه الحالة ينتقل إلى مرحلة متقدمة، تُصبح أقرب إلى ما سيتم تنفيذه عند تصوير الفيلم، ويطلق على السيناريو المقسم إلى لقطات "سيناريو التنفيذ". وعلى هذا فإن بدايات ونهايات مشاهد السيناريو، قد تأخذ في اتصالها ببعضها أحد شكلين:

فإما أن ننتقل بعد نهاية كل مشهد إلى صفحة جديدة، مهما كانت مساحة المشهد، وذلك لنبدأ المشهد الجديد على صفحة جديدة،

أو أن ترد بداية المشهد الجديد على الصفحة نفسها، بعد نهاية المشهد السابق، مما قد يعطى إحساساً أصدق باتصال المشاهد. وتتميز الطريقة الأولى في ذلك على الطريقة الثانية، باعتبار أن كتابة المشهد الجديد على صفحة جديدة، يسهَّل من عملية تفريغ السيناريو وإعداده للتنفيذ، فيُصبح من السهل تجميع المشاهد، التي تحدث في موقع تصوير واحد، وحصرها معاً للتنفيذ.