إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو الفني





مفهوم الشخصية
بناء وخلق الشخصية
حل العقدة




الفصل الأول

المبحث الرابع

مبادئ عامة للبناء الدرامي

أولاً: الصراع:

يُعد الصراع أهم العناصر التي يتركز عليها البناء الدرامي. ويعني الصراع وجود قوتين رئيسيتين متضادتين، ينتج عن تقابلهما أو التحامهما، ما يدفع الحدث إلى الأمام من موقف إلى آخر؛ في حركة مستمرة تقود البناء الدرامي نحو ذروة رئيسية للأحداث، ومنها إلى نهاية، أو ختام محدد أو مفتوح.

وقد اصطُلح على تعريف هاتين القوتين باصطلاحات مختلفة، منها:

  • الفعل ورد الفعل.
  • الهجوم والهجوم المضاد.

    ومن الناحية الأخرى، فإن فكرة الصراع، وما يقترن بها من تفاعل وحركة، تقوم في تكوينها على افتراض أن التحام هاتين القوتين ينتج عنه تغير في الموقف الأساسي لهما، أو وضع جديد يؤدى إلى حدوث تغيير في الموقف.

1. أشكال الصراع: يتنوع الصراع في شكله العام، إلى نوعين رئيسيين، هما:

أ. الصراع الخارجي: ويقصد به صراع الإنسان ضد قوة خارجية، مثل:

(1)   صراع إنسان ضد أخيه الإنسان، وقد يتمثل في صورة شخص ضد آخر، أو شخص ضد مجموعة أشخاص.

(2)   صراع الإنسان ضد ظروف البيئة الطبيعية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو السياسية، للتغلب على العقبات التي تعترض أو تؤرق حياته، ولمحاولته تحقيق قدر أكبر من النجاح، أو حياة أفضل.

    ب. الصراع الداخلي: ويقصد به صراع الإنسان ضد نفسه، أي مع قوة داخلية مثل:

(1)  الآلام النفسية، أو الصراع النفسي الناشئ عن مرض نفسي.

(2)  الآلام العضوية، أو صراع الإنسان مع المرض العضوي أو الخلقي، في محاولة للشفاء منه.

2. العناصر الواجب توافرها في الصراع:

مع التسليم بأن وجود البناء الدرامي، يرتكز أساساً على وجود صراع يوجد عنصر الحركة و التطور فيه، فإن ذلك في حد ذاته لا يكفي للتأثير في المتلقي. فالصراع لكي يكون مؤثراً، يجب أن تتوافر فيه بعض العناصر الأساسية، التي تتمثل في:

أ. إمكانية تصديق، أو احتمال، حدوث الصراع.

ب. أن يكون لموضوع الصراع صدى في نفوس أكبر عدد ممكن من الناس، سواء بتناوله شيئاً يمس حياتهم أو أحاسيسهم أو معتقداتهم، أو بتقديمه نوعاً من المعرفة أو القيم الفكرية، أو وجهة نظر تتصل بقضية أو مشكلة ما.

ج. أن يتحقق في موضوع الصراع إمكانية تجاوب المشاهدين معه، بأحد طريقتين:

        (1) الامتزاج الوجداني: Dramatic Empathy

بمعنى أن تكون هناك قابلية تخيل المشاهد لنفسه في ذات الموقف، أو رؤيته من خلال الشخصيات.

(2) المشاركة الوجدانية: Dramatic Sympathy

بمعنى أن يكون في الصراع إمكانية مشاركة المشاهد لمشاعر الشخصيات، أي يحزن لأحزانهم ويتخيل نفسه في ذات موقفهم.

ثانيا: مقومات التكوين الدرامي:

1. التكوين العام:

يأخذ التكوين العام للبناء الدرامي أحد شكلين: الشكل الروائي التقليدي، أو الشكل الروائي التحليلي. ويعنى الشكل الروائي التقليدي: " أن الأولوية في تكوينه تصبح في تطور الرواية، من بداية إلى وسط إلى نهاية، وعلى ذلك فإن المضمون الرئيسي للبناء، وما يتعلق به من مضامين مكملة أو فرعية، يتم إيصالها إلى المشاهد من خلال خط قصصي يتم التركيز عليه".

أما الشكل الروائي التحليلي، فيعني أن الأولوية في تكوينه تصبح لمادته الموضوعية ومضمونها الرئيسي، بحيث لا يشترط أن تأخذ أحداث التكوين شكلاً قصصياً، بل تهدف أساساً إلى تحليل موضوع التكوين أو فلسفته، وما يتفرع منها من معان مكملة، بدرجة تبدو فيها الأحداث مفتقدة للتطور القصصي، حيث إن الارتباط بينها هو ارتباط موضوعي، يكاد يتخذ شكل التداعي الحر، وليس الشكل الروائي.

ولكن سواء أخذ تكوين السينما شكلاً روائيا أو شكلاً تحليلياً، فإن أي من الشكلين ينبغي أن يقوم أولاً على عنصر أساسي، يحدد المضمون الرئيسي للتكوين. وهذا يتمثل في العرض أو المقدمة المنطقية. فالعرض أو المقدمة المنطقية، تصبح بمثابة النظرية، التي يقوم عليها البناء، ثم تتم برهنتها من خلال السيناريو، أو تعد بمثابة واقع أو وجهة نظر إزاء قضية ما، أو موضوع ما، تم تأكيده أو رفضه من خلال السيناريو.

ويتميز الشكل الروائي التقليدي، عن الشكل الروائي التحليلي، في أنه يخضع في تكوينه لأسس البناء الدرامي التقليدي، من حيث ارتكازه على أركان رئيسية هي:

أ. الكشف أو العرض:

ويقصد به أساساً مقدمه البناء، التي ينبغي أن تحتوي على الموقف الرئيسي موضوع الصراع، ونقطة الهجوم أو الانطلاق المتعلقة به، والتي تنطلق منها الحركة الرئيسية للبناء ككل. ومع عرض الموقف الرئيسي فإنه ينبغي أن تكشف مقدمة البناء أيضاً، عن أكبر قدر ممكن من أبعاد الشخصيات الرئيسية موضوع الصراع.

ب. الأزمة: Crisis

ويقصد بها ما يتولد عن موضوع الصراع من أزمة رئيسية، تواجهها الشخصية أو الشخصيات، وتدفعها إلى التصرف والحركة، سواء لمقاومة خطر ما، أو السّعي نحو تحقيق هدف معين.

والواقع أن تحرك الشخصية أو الشخصيات ـ بفعل الأزمة الرئيسية ـ يقوم على سلسلة من الأزمات والعقبات المتفرعة عنها، حتى تصل بالبناء إلى قمة الصَّراع، أو النقطة التي ينبغي أن تتمخض عنها الأحداث، في شئ حاسم أو مهم.

ج. الذروة: Climax   

ويقصد بها تلك النقطة التي تمثل قمة الذروة في الصراع، وعندها يصبح تحديد المصير النهائي للأحداث والشخصيات وشيكاً، أو واجباً على الفور.

د. الختام أو الحل: Resolution

ويقصد به ما يعقب الذروة من نتيجة تمثل نهاية الصراع، وختام البناء الدرامي ككل ويتخذ ختام الصراع أحد أشكال ثلاثة، هي: النهاية السعيدة، أو نهاية حزينة، أو مأسوية، أو نهاية مفتوحة. وتعني النهاية المفتوحة إنهاء السيناريو عند نقطة تدفع إلى الجدل بالنسبة للقضية، أو المشكلة المعروضة، أو تدفع السيناريو عند نقطة تدفع المشاهدين إلى عمل شئ ما، نحو إدارة قضية عامة في مجتمعهم.

وعموماً فإن أخذ الشكل الروائي لهذا التسلسل: العرض والأزمة والذروة والختام، يُسمى السرد الطولي أو المستقيم؛ لكن من ناحية أخرى، قد يبدأ السرد بالأزمة أو الذروة مباشرة، مع تعمد إخفاء أكبر قدر من المعلومات المهمة عن الشخصيات، وعن موضوع الصراع، حيث تُصبح معرفة هذه المعلومات هي المحرك الرئيسي للأحداث في الرواية. وهذا هو الشكل الغالب للسرد في روايات الجريمة أو المطاردة، أو محاولة الكشف عن أسباب عقدة نفسية للشخصية الرئيسية. وقد يُفضل هذا الشكل حتى في الروايات التقليدية، كما يحدث في السينما الحديثة، وذلك بهدف إيجاد أكبر قدر من التشويق في البناء الروائي. وفي هذه الحالة فإن مثل هذا الأسلوب يُسمى "السرد العكسي".

2. الشخصية:

يقوم البناء الدرامي السليم على شخصيات رئيسية، ذات أبعاد محددة، تُعطى تبريراً منطقياً لتصرفاتها في ظل الأحداث التي تمر بها. ولكي يضمن كاتب السيناريو منطقية تصرف الشخصيات، بما يُقنع المشاهد بها، فإنه يبنيها من خلال أبعاد ثلاثة هي:

أ. البعد المادي أو الجسماني:

ويقصد به تحديد العناصر الجسمية، والمادية الظاهرية، والصفات، التي تتميز بها الشخصية مثل: "السن والقامة، والوجه، والشعر، والعينين، والمهارات الجسمانية أو الحركية، والمظهر العام، وأي أمراض عضوية، أو عاهات جسمانية إن وجدت".

ب. البعد الاجتماعي:

ويقصد به تحديد مواصفات البيئة، التي نشأت فيها الشخصية، أو البيئة التي تعيش فيها وقت أحداث الرواية. بالإضافة إلى كافة الظروف الاجتماعية المحيطة بها، مثل: "مكان الميلاد، والأبوين والأخوات، ومستوى المعيشة، وطبيعة العمل أو الوظيفة، والدرجة العلمية والثقافة العامة، وعلاقته ونشاطه واهتماماته الاجتماعية".

ج. البعد النفسي:

وهو محصلة البعدين الجسمي والاجتماعي، ويقصد به تحديد المميزات النفسية للشخصية مثل: "ما يحبه وما يكرهه، وانطوائي أو انبساطي، وقيادي أو تابع، وخيالي أو واقعي، وعصبي أو هادئ، ومتفائل أم متشائم، ومتعقل أم مندفع، وجسور أم متردد".

إنّ اكتمال رسم الشخصية من خلال هذه الأبعاد الثلاثة، هو الذي يمنحها سمات العمق. فالأبعاد الثلاثة للشخصية، يمكن تشبيبها بالأبعاد الثلاثة للمنظور في الرسم والتصوير: أي الطول والعرض والعمق. وعلى ذلك فعندما ينجح كاتب السيناريو في رسم الشخصية، من خلال هذه الأبعاد، فإن تصرفاتها تصبح منطقية، مادامت تستند إلى الصفات المحددة مقدماً.

وعلى الرغم من أن كاتب السيناريو، يعتمد في رسم الشخصيات الرئيسية على هذه الأبعاد الثلاثة، فإنه قد لا يُعطي كلاً منها أهمية مساوية للآخرين، لأن الدقة في رسم الشخصية الرئيسية تتأثر، غالباً، بطبيعة موضوع الصراع. فالرواية التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي، تختلف عن تلك، التي تأخذ الشكل البوليسي.

ومن الناحية الأخرى، فإن الاهتمام النسبي بكل بعد من الأبعاد الثلاثة، قد يتأثر بحجم السيناريو، أو بتعدد الشخصيات الرئيسية بدرجة ملحوظة. فالسيناريو الذي يحتوى على شخصيات رئيسية كثيرة، قد لا يسمح بالتسلل إلى كل أبعاد الشخصيات الرئيسية، ومن ثم يُكتفى بالتركيز على أهم الأبعاد والصفات فقط.

وعموماً، فإن الاهتمام برسم الشخصيات من خلال الأبعاد الثلاث، يقصد به أساساً الشخصيات الرئيسية، أما الشخصيات الثانوية فلا يُركّز عليها إلا من خلال صفات محددة فقط، بينما الشخصيات النمطية "Stryotype" فالاهتمام الأساسي بها يتركز على صفاتها الخارجية.

3. توازن الشخصية:

عندما يرسم كاتب السيناريو شخصياته الرئيسية، فإنه يميز كل منها بصفة عامة تغلب على صفاتها الأخرى، كأن تتميز الشخصية بأنها شريرة أو خيرة، مسالمة أو انطوائية، رومانسية أو واقعية... وهكذا.

لكن تميز الشخصية بصفتها العامة، لا يعنى أن تصبح كل تصرفاتها  بهذه الصفة فقط، حتى لا تبدو الشخصية مبالغاً فيها، أو غير مقنعة. بمعنى أن الشخصية الشريرة تكون أكثر إقناعاً لو صدرت عنها بعض اللمسات الإنسانية، على الرغم من عنصر الشر الذي يسيطر عليها، أو الشخصية المسالمة لن تكون مقنعة إذا ظلت مسالمة في كل مواقعها بل، تكون أكثر إقناعا لو اكتسبت بعض الظلال من صفة مضادة.

ويقوم مبدأ توازن الشخصية، على فكرة أن الشخصية الدرامية ينبغي إلاّ تكون سوداء تماماً أو بيضاء تماماً، بل يجب أن تكتسب بعض الظلال من الأسود في اتجاه الأبيض، أو من الأبيض في اتجاه الأسود.

    توازن (تنوع) الشخصيات:

إضافة إلى مبدأ توازن الشخصية الواحدة، فإن شخصيات البناء الدرامي السليم يجب أن تتنوع وتتوازن في مواجهة بعضها، من ناحية، كما تتنوع وتتوازن شخصيات الفصيلة الواحدة، التي تجمعها صفات مشتركة، من الناحية الأخرى. فالشخصية الشريرة تتوازن مع الشخصية الخيرة، والمسالمة تتوازن مع الشخصية الجسورة. وعلى ذلك فإن شخصيات الفصيلة الواحدة، التي تجمعها صفة الشر أو صفة الخير، مثلاً، لا ينبغي أن تكون مطبوعة بصورة واحدة، بل ينبغي أن يكون بينها بعض الاختلافات الطفيفة، التي تكسبها شكل التنوع، على الرغم من صفتها العامة المشتركة.

4. المؤثرات الفنية للبناء الدرامي:

يتطلب البناء الدرامي، حتى يكون مؤثراً من الوجهة الفنية، أن تتوافر فيه بعض المؤثرات الفنية التي تضمن له التدفق والحيوية. ويمكن التعرف على أهم هذه المؤشرات من خلال دراسة ثلاثة مؤثرات رئيسية هي: "الحركة أو التطور، والتشويق، والتنوع أو التباين" ونوضحها في الأتي:

أ. الحركة أو التطور:

إن عناصر الحركة في البناء الدرامي تعني تغيراً وتطوراً في الأحداث والشخصيات، من موقف إلى آخر، وفقاً لمبدأ الاحتمال والضرورة، أي احتمال أو حتمية حدوث التغير، إلى وضع جديد في شكل الأحداث المعروضة. والحركة بهذا المعنى تمثل ضرورة فنية للسيطرة على انتباه المتفرج، حتى لا يشعر أن الصراع أصبح ساكناً أو جامداً، أي فقد خاصية الحركة.

ويقوم عنصر الحركة في البناء الدرامي على علاقة دياليتكية، بين الشخصيات في مواجهة الأحداث، من ناحية، وبين الشخصيات في مواجهة بعضها بعضاً، من ناحية أخرى. فالحدث يجب أن يتطور إلى شئ جديد، كي يدفع الشخصية إلى التصرف. والشخصية يجب أن تقدم شئ ما إزاء الموقف الجديد، كي تدفع الحدث إلى الأمام، وتوجد خلق موقفاً جديداً آخر.

وعلى هذا فإنّ توقف تطور الحدث، أو جمود الشخصية، أو ترددها الزائد، أمام الموقف الجديد، يعني أن يتعثر عنصر الحركة، ويتسم الموقف بالجمود. وإذا ما امتد ذلك إلى الجزء الأكبر من البناء، فإن الصراع يفقد فاعليته، ويتحول إلى ما يسمى "الصراع الساكن أو الجامد". ويعني الصراع الساكن أنه على الرغم من توافر القوتين المتضادتين اللازمتين له، فإنهما لا يلتحمان ولا يتصارعان بما يكفي لحدوث الصراع، ويفقد البناء ـ من ثم ـ أهم ما يجب أن يقوم عليه.

ب. التشويق:

يعد عنصر التشويق أحد الدعائم الرئيسية، التي يرتكز عليها البناء الدرامي، للاستحواذ على انتباه المتفرج، واندماجه مع الأحداث والشخصيات، ثم تأثره بها. وهناك فارق كبير بين وضع المشاهد، وهو يعلم أو يتوقع مقدما تطورات الأحداث وتصرفات الشخصيات، وبين أن يكون في وضع المتشوق للمعرفة.

فالتشويق هو فن إيجاد الرغبة المستمرة لدى المشاهد، لمعرفة ما سوف يحدث. ولكي يستمر عنصر التشويق فعالاً، فإنه يرتبط بفكرة المفاجأة، أو الصدمة. فجزئيات الخط الروائي، يجب أن تنقل المشاهد من مفاجأة إلى أخرى،عند نقاط معقولة من السّياق. فالإيحاء للمتفرج بحدوث شئ ما، ثم عدم وقوعه، أو أن هذا الشيء سيحدث بطريقة معينة، ثم يقع بشكل آخر، أو أن يتوقع المشاهد أن نتيجة معينة سوف تترتب على وقوع الحدث، ولكن النتيجة تأتى بشيء مغاير، أو يصبح المشاهد أمام أكثر من احتمال لما سينتهي إليه موقف ما، دون القدرة على القطع بواحد منها، فكل تلك الاستخدامات تزيد من شوق المتفرج للمتابعة، وترفع درجة الترقب والانتظار والقلق لديه، بحيث يظل مشدوداً لمتابعة تطور البناء الدرامي حتى نهايته.

ج. التنوع أو التباين:

يُعد التنوع مبدأً فنياً مهماً تأخذ به كل الفنون، فهو يمثَّل التباين بين جزئيات العمل الفني ومؤثراته، بحيث لا تنطبع كلها، أو معناها بصورة واحدة أو شكل واحد. فالتنوع ضرورة فنيه يترتب على إغفالها احتمال اختلال البناء ككل، وانصراف المشاهد عنه.

والواقع أن تحقيق مبدأ التنوع، يتحقق في أنواع متعددة في البناء الدرامي، أهمها:

(1)  التنوع في تكوين أجزاء السيناريو ومشاهده، فلا تكون معظمها، أو جزء كبير منها، على وتيرة واحدة، حتى لا يفقد البناء الحيوية والفاعلية اللازمين للسيطرة على انتباه المتفرج.

(2)  التنوع في الإيقاع: فالطابع العام لإيقاع البناء ككل، بما تحدده طبيعة الصراع، لا يعنى بقاءه خاضعاً لنموذج واحد من البداية للنهاية. فإذا كان الإيقاع البطيء هو السّمة العامة للبناء، فينبغي تدعيمه بلمسات من إيقاع سريع بين الحين والآخر، حتى لا يتسرب الملل إلى سياق البناء، والعكس صحيح. فالإيقاع السريع كطابع عام ينبغي أن يتضمن لحظات من الإيقاع البطيء، بين الحين والآخر، حتى لا يلهث المتفرج في متابعة أحداثه ويشعر بالإرهاق، الذي لا يمكنه من ملاحقة تطورها، فيفقد بالتالي متعة المشاهدة.

(3)    التنوع في المزاج النفسي: أي الجو النفسي الذي يمثل الطابع العام للبناء ككل، فالطابع الحزين، أو المأساوي، لا يعنى أن يسود كل العمل، بل نبغي تلطيفه بلحظات مرحة أو خفيفة بين وقت وآخر، للتخفيف عن المشاهد، والعكس صحيح، فإذا كان الطابع العام للمزاج النفسي مرحاً، فإن ذلك لا يعنى أن يظل المشاهد غارقاً في موجة من الضحك، من البداية للنهاية، دون توقف.

(4)  التنوع في الشخصيات، أي توازن الشخصيات في مواجهة بعضها من ناحية، وداخل فصيلة النوع الواحد، (كما سبق الإشارة إليه)، من ناحية أخرى.

(5)  التباين بين المعاني الدرامية الرئيسية داخل البناء، لتأكيدها وتقوية تأثيرها. فالمبدأ هنا هو أن تأكيد أية قيمة فنية، أو معنى درامي، يكون أكثر فاعلية، وأقوى تأثيراً، عندما تتم موازنته وتباينه مع قيمة، أو معنى مضاد.