إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو الفني





مفهوم الشخصية
بناء وخلق الشخصية
حل العقدة




الفصل الأول

المبحث الثالث عشر

المعالجة الدرامية

أولاً: مفهوم المعالجة الدرامية:

المعالجة هي بناء أولى (شبه درامي) للسيناريو، بمعنى أنه توسيع وتطوير للتقديم. كما تعني المعالجة: التطوير القوى لقصة واحدة، لها محور رئيسي واحد قوى، وإن كان من الممكن تقديم قضايا جانبية وحكايات فرعية، إلا أنها تبقى تابعة للخطة الرئيسية، وخاضعة لها.

وللمعالجة ثلاث مهام: المزيد من تحديد البؤرة المقترحة للسيناريو، وتجسيد القصة، وإضفاء الإحساس العاطفي على تناول القصة. ويسير التجسيد مع زيادة تحديد البؤرة جنباً إلى جنب، والغرض من ذلك أن تُدوّن القصة بالقدر الكافي من التفاصيل، بحيث يجري الكشف عن العيوب ونقط الضعف، ويتم علاجها. أما الجانب الخاص بإضفاء الإحساس العاطفي، فهذا أمر مختلف إلى حد ما، فهو يعتمد على حاجة المعالجة إلى خلق جو من الإثارة، والمحافظة على بقائه، بأمل أن يشعر به المشاهدون، عندما يشاهدون النسخة النهائية للفيلم.

والسيناريو في أغلب مراحله هو خطة عمل في جوهره، مجموعة من التعليمات للممثلين ولطاقم الفنيين، تأتي بلغة وتناول واقعي، ويسمح باندفاع العاطفة وتدفقها، لأن هذه العاطفة هي بمثابة القلب النابض للفيلم، في صورته النهائية. أما المعالجة فهي، على النقيض، تمنح الفرصة لتدوين كل هذه الأمور، حيث تُسجل الحالة النفسية، وتُجرب التأثيرات العاطفية، وتلعب بالأحاسيس، ومن الضروري أن توصّل الحالة النفسية والعاطفة والإحساس إلى شخصين بصفة خاصة، أولهما المنتج، وينبغي أن يكون مدركاً لروح العمل، إذا كان عليه أن يصدر حُكماً سليماً عليه. أما الشخص الثاني فهو كاتب السيناريو، الذي عليه إدخال المضمون العاطفي.

ثانياً: خطوات المعالجة الدرامية:

1. وضع الخطوط الأساسية لخلفية الأحداث:

كل قصة لها جذور في الماضي، لأن الأشخاص المرتبطين بأحداثها، على الأقل، لهم ماضٍ. وبناء على هذا إذا لمعت سكين، يموت شخص، ولكن هذا هو نهاية الحدث بالمعنى الحقيقي تماماً، وليس بدايته. فمعرفة لماذا يستخدم شخص السكين في تعامله مع شخص آخر أمر حيوي، لأي فهم حقيقي للحدث. وغنى عن الذكر أن هذا النوع من متابعة الماضي يمكن أن يستمر بلا حدود، كما يمكن أن يصطدم بالأرض، إلا أنه بلا قدر من المتابعة ولو قليل، فإن فجوات الحبكة سوف تتفتح وتتسع في السيناريو، مثل التصدعات العميقة في جبل الجليد العائم. ومن ثم فهناك الفرصة لعدم التعرض لهذا الموقف، خاصة عندما يكون في قدرة الكاتب أن يحل كل المشاكل بسهولة، من خلال التفكير والتأمل.

2. أسس عناصر القصة:

من الناحية السينمائية، تعنى أن تُوضح عنصراً ما، أو مظهراً ما من الفيلم، بحيث يسهل التعرف عليه وتمييزه في عيون المتفرجين. وعلى هذا، تقدم لقطة تأسيسي أو لإعادة التأسيس، بحيث توضح العلاقة بين الأشخاص والخلفية. وتختلف الأمور إلى حد ما في معالجة القصة، التي تقوم عناصرها على الشخصيات والمواقف والأماكن وما إلى ذلك:

أ. الشخصيات:

حيث لا يتم تأسيس الشخصيات في وجودها الجسماني، ولكنها تؤسس أيضاً صفاتها المميزة، وعلاقاتها وردود أفعالها بالنسبة لبعضها بعضاً، والانطباعات المطلوب تركها على المتفرجين.

ب. المواقف:

هي أوضاع الأمور التي تجد فيها الشخصيات نفسها، في علاقة مع الفكرة الأساسية، وأحياناً تشكل هذه الأوضاع مأزق وورطات، أي مواقف تثير عواطف غير سارة، عند بعض الشخصيات، وفي أحيان أخرى لا تفعل هذا. وأياَّ كان الموقف، في وقت محدد وفي مكان محدد، فمن الضروري معالجته بوضوح قاطع.

ج. الأماكن:

من الواضح أن كل قصة تُمثل أحادثها في مكان واحد أو أكثر، وقد يفوت الكاتب أحياناً أن يدرك أن لهذه الأماكن سماتها الشخصية، مثلما هو الحال مع الشخصيات. وعلى ذلك ينبغي تحديد هذه السمات على الورق عند معالجة القصة، بوصف مناسب موجزٍ، مع تسجيل روح البيئة.

د. الحالة النفسية:

تختلف الحالة النفسية من فيلم إلى آخر، بل ومن جزء داخل الفيلم إلى آخر. ومعالجة القصة التي لا توضح هذا العنصر الحيوي، لا تؤدى مهمتها بالكامل. ولا يكفي التصنيف فقط، كأن نقول: "أنه يوم سيئ بالنسبة لسوزان"، بل يجب تجسيد هذه الحال بأن نقول: "يبدو أنها لا تلقى إلا العبوس والتقطيب في كل مكان، إن الرياح تدفع الأمطار نحوها في قسوة، وحتى السيارات التي تمر بجوارها تجعل الماء يتناثر عليها بغزارة"، وبذلك نكون قد رسمنا الصورة وخلقنا الإحساس، وساعدنا على إحياء القصة في أذهان أولئك، الذين سيقرأون المعالجة.

 3. بداية المعالجة:

لكي يكتسب الفيلم بداية جيدة، يلزم تحقيق شيئين، هما الرباط والإصرار، ولكل منهما أهميته القصوى ويتضح ذلك في الأتي:

أ. الرباط (أو المصيدة):

يبدأ الفيلم ـ غالباً ـ بمحاولة للاستحواذ على اهتمام المتفرج، ويتم ذلك من خلال استخدام الظهور التدريجي للحدث، أو الحركة، من أجل إثارة حب الاستطلاع، أو أي إحساس آخر، وبقدر كاف لدى المتفجرين لإغرائهم على الاندماج في القصة، وهي تنمو وتتطور. ويُسمى هذا الرباط في التليفزيون (المثير)، الذي يقوم بعرض أي شئ، من انفجار قنبلة، إلى قطرات المطر، التي تنزلق على زجاج إحدى النوافذ، ومن تصادم سيارة، إلى ضحكات طفل، وغالباً ما يتم عرضه قبل، أو أثناء، ظهور عناوين الفيلم. وكل ما يُهم أن ما يظهر يلزم أن تكون له إمكانات حدوث عواقب مؤلمة، أو مثيرة، لشخص ما، على أحد المستويات، بحيث يظل المتفرجون في توقع للتطور الدرامي، الذي سيحدث أمامهم.

ومن المهم أيضاً، عدم المبالغة، بمعنى عدم إنشاء رباط من القوة، وعنف الإصابة، وإثارة الاهتمام، وتحريك العاطفة، أكثر مما يمكن لباقي القصة أن تسايره، وبذا يتم خلق مضاد للذروة، ومن ثم يتحقق ذلك بإحساس مناسب، من أجل الحصول على أفضل النتائج.

ب. الإصرار:

يلزم أن يكون لكل شخصية رئيسية في أي قصة هدف، تهتم بأن تحققه داخل إطار الموضوع أو الفكرة الأساسية. وتبدأ القصة، عندما تتعهد الشخصية بتحقيق الهدف، وتصر على ذلك. وعندئذ يكون البدء في تأسيس وإرساء سؤال القصة الموحَّد لها: هل ستنجح الشخصية في جهودها لإحراز الهدف أم لا؟ وهل سيحصل الفتى على الفتاة أم لا؟ وهل سيفوز المتهم بالحرية أم لا ؟ وهل ستحصل ألام على الطفل أم لا؟.

وإذا كان هذا التناول البسيط يبدو غريباً لأول وهلة، إلاّ أنه صالح للعمل، وإذا تم استخدامه بحذق ومهارة، فلن يبدو أنه خالٍ من الفن، من دونه لن تضيف المكونات الأخرى إلا القليل.

ونجد في السيناريوهات الضعيفة، أن كل الخطوات التمهيدية قد سبقت لحظة التعهد والإصرار. فقد تتحرك الشخصية الرئيسية خلال هذا المشهد وذاك، وخلال أحداث متنوعة هنا وهناك، وكلها بلا قصد واضح وبلا هدف، ولا يصح أن تُبنى قصة لا يكون للشخصية الرئيسية فيها هدف واضح.

ومن جهة أخرى، فمن المهم عدم الدخول في الموضوع قفزاً، إذا كان الحكم المتأني في صالح الدخول الهادئ. ومن الحكمة أن يبنى كل شئ تبعاً لإصرار الشخصية، فمثلاً، قد نبدأ بتوضيح الموقف، والكشف أن الشخصية يمكنها أن تتخذ اتجاهين أو أكثر، وقد يبدو للشخصية أنه ضرب من الجنون أن تختار طريق الكفاح والنضال، ولكن المتفرجين يتوقعون أن تسلك هذا الطريق. ويتبع ذلك أن الشخصية عندما تقرر أن تخوض المعركة – على الرغم من كل المصاعب - فإن رضاء المتفجرين يصل إلى قمته.

كما يلاحظ أن الشخصية أحياناً تكافح لكي تحتفظ بشيء، وليس لتحصل عليه. فقد تناضل فتاة من أجل حقها في البقاء دون زواج، وقد يكافح رجل من أجل الاحتفاظ بوظيفته، كل هذا يؤكد الهدف والإصرار لدى الشخصية.

وقد لا يكون هدف البطل، عندما يبدأ الفيلم، هو الهدف الذي تتناوله القصة، فقد يمر البطل، مروراً عابراً، كما يقول كاتب السيناريو ويليام باورز "William Powers" عندما يقطع عليه موقف القصة طريقه، ويجعله ينخرط في مغامرات لا علاقة لها بكل ما كان يتوقعه من قبل.

4. قمم المعالجة:

وكما أن القصة تبدأ عندما تلتزم الشخصية الرئيسية بهدف مُحدد، فإنها تنتهي عندما تنجح الشخصية، أو تفشل، في تحقيق هدفها.

وبين البداية والنهاية تكافح الشخصية ضد المصاعب والمشاكل، لكي تصل إلى هدفها، في سلسلة من المواجهات المتتالية. وتعني المواجهة، وحدة الصراع، التي تُعرف أحياناً باسم "المشهد الدرامي"، وأنها الأساس الذي تعتمد عليه أي قصة في تطورها وتقدمها. وهذه الوحدات وفواصل الانتقال، التي يتم الربط بينها، هي التي تشكِّل جسم الفيلم.

ولتخطيط المعالجة ينبغي أن تُفهم أمور ثلاثة مهمة:

أ.  تجنب ما يمكن توقعه مقدماً:

يجب أن يكون الهدف في تخطيط الفيلم، هو تحديد سلسلة من التطورات المنطقية غير المتوقعة، تثير الاهتمام بالقدر الكافي الذي يشد المتفرجين إلى القصة. وإن كانت التجربة تدلهم على أن البطل سوف ينتصر حتماً، إلا أن الطريقة التي سينتصر بها ينبغي أن تكون مفاجأة سارة، ومثيرة لهم.

وينطبق هذا المبدأ نفسه في كل مرحلة. ولنسلم جدلاً أن المتفرجين يعرفون أن شيئاً ما سوف يحدث عند لحظة معينة، فإذا عرفوا هذا الشيء، قبل موعده، فعلى مخطط الفيلم ألاّ يلوم إلاّ نفسه.

ولكي يُتجنب ما يمكن توقعه مقدماً، فمن المهم أن يضع الكاتب نفسه في مكان المتفرجين، وأن يتصور ما يمكن أن يتوقعوه من أحداث، ومن ثم يجب تدوين قائمة بالتطورات البديلة المحتملة، واختيار ما يمكن أن يكون أكثراً وقعاً. وفي اللحظة المناسبة في السيناريو، يتم إدخال العناصر أو الأشياء أو الأحداث، التي يمكن أن تكون ضرورية لتقديم التغيير المفاجئ، الذي سبق اختياره.

ب. إبراز السلبيات:

سيزداد الجمهور تمتعاً، كلما ازداد البطل توغلاً في المشاكل، مع تقدم الفيلم. وبمعنى آخر، كل جهود البطل لتحسين الموقف، تنتهي به إلى موقف أسوأ من ذي قبل. وقد يكون ذلك نوع من المبالغة في الميلودراما، ولكن في واقع الأمر فإنّ الجمهور يجب أن يشاهد هذه السلبيات، وهذه الأحداث الدرامية.

ج. أهمية الفصل بين الأزمات:

من الضروري في التخطيط أن يُقرر أي الأحداث ستكون الكبيرة والمهمة والحاسمة، وبعد الاستقرار عليها يُفصل بينها، بحيث تكون هناك فرصة أمام المتفرجين لكي يستعيدوا أنفاسهم من تلقي إحداها، قبل أن يغمرهم الحدث التالي. فلو وجدت، على سبيل المثال، ثمانية أزمات، بعضها رئيسي وبعضها ثانوي، فمن المعتاد أن يجري ترتيبهم بشكل يُسمى "الأحداث المتصاعدة"، أي القوة المتزايدة، مع خلق التوتر من البداية إلى النهاية. وعلى أية حال فلا يمكن للتوتر وحده أن يبني شيئا، ومن ثم فمن المهم إدخال أجزاء هادئة لتتوازن مع أجزاء التوتر، ويتم إعداد ذلك كله في مرحلة معالجة القصة، على الرغم من التعرض لها بمزيد من التفاصيل في مراحل تالية.

5. إيجاد حل للقضية:

لكي تُنهى التوترات، التي تضمنت الرغبة والخطر، فهناك أمران يتعلقان بهذا الموضوع، هما:

أ. إنهاء التوترات الناشئة، عن الموضوع:

وهي تلك التوترات، التي تعتمد على أمور آلية، مثل: كيف تنقذ البطلة من المنزل المحترق ؟ أو كيف تحل الشفرة؟.

ومن الممكن أن يكّون هذا الأمر مشكلة، فعندما يصل العمل في بناء القصة إلى حد الذروة، فغالباً ما تكون هناك حالة من التشابك بين الأمور. والواقع أن الإجراءات، التي تُستخدم لحل الألغاز، هي نفسها المستخدمة عند ابتكار التعقيدات والأزمات المنطقية، التي لا يمكن توقعها، أو التنبؤ بها مقدماً.

وفي هذه الحالة يكون التناول من خلال إيجاد الحلول، بدلاً من التعقيد، وفي الوقت نفسه توقع ما يمكن أن يصل إليه المشاهد، وتدبير بديلٍ مختلفٍ.

ب. إنهاء التوترات الناشئة عن الشخصيات:

لن ينتهي التوتر تماماً لدى المتفرجين، إلاّ إذا رضوا عن الطريقة التي انتهت إليها الأمور بالنسبة للشخصيات، ذلك أن حل المشاكل الصعبة وحدها لا يكفي في هذه الحالة.

وعلى أية حال، تُمنح الشخصية ما تستحقه على أساس الكفاءة والسلوك. فالكفاءة على سبيل المثال هي إلا تجعل لاعب الجولف المبتدئ، يفوز بالبطولة ضد اللاعب المحترف. أما السلوك فهو أمر مختلف، وهو يعني أنه إذا سلكت الشخصية سلوكاً يعتقد المتفرجون، أنه كان يجب عليها أن تسلكه فإنها تنتصر، وإن لم تسلكه فإنها تفشل. والمشكلة هنا أن الأخلاقيات تتغير، خاصة لصغار السن، الذين هم الغالبية الساحقة من متفرجي السينما، وتحل محلها تدريجياً أخلاقيات الموقف، ويُصبح تحديد ما هو خطأ، يتم على أساس الظروف المحيطة، وليس على أساس أحكام مطلقة.

والواقع أن التغير الذي حدث في البيئة الاجتماعية، أثر على المواقف السينمائية، كما تغيرت، أيضاً وبشكل أكثر ضرراً، النظرة إلى الجريمة، خاصة الاعتداء على ممتلكات الغير، واعتماداً على نظرية تقُّبل الانحراف كطريق للحياة، اندفع المتفرجون نحو أفلام ترحب بمبررات المحتالين، وتؤيد السرقة الناجحة لأحد البنوك. ولا يعنى هذا أن الجريمة ضد الإفراد قد احتجبت، بل على العكس، فهناك معالجات عديدة تؤيد مواجهة هذه الجرائم.

ويعني كل ذلك أن جدارة الشخصية الرئيسية وهي تواجه شراً أو معارضة متخفية، أصبحت اليوم مقبولة لتبرير اعتداءات ممكنة، على ما كان يُعد بالأمس من المبادئ الأولية للأخلاقيات. وإذا اندمج المتفرجون عاطفياً مع الشخصية بالقدر الكافي، فإنهم يرحبون تماماً بكل ما تفعله من السلبيات، أو قد يغضون النظر عنها.

ومن المهم فهم الموقف، وأن جذور الموضوع قابلة لكل الاحتمالات، أن الأخلاقيات تتغير، لأن العالم يتغير. ومادامت الأمور تسير على هذا الحال، فيجب أن يستمر كاتب السيناريو متيقظاً، ومُدركاً لجمهوره وتفكيره وأحاسيسه. إن كاتب السيناريو لا يستطيع الآن توقيع العقوبات، أو منح الجوائز لشخصيات، بلا وعي، أو وفق المعايير القديمة، وإلا فقد اتصاله، ومصداقية ما يقدمه، وهو لا يحتاج ـ بل ولا يجب ـ أن يتخلى عن معاييره الشخصية لكي يجارى الوضع الجديد، فمازال يمكنه أن يخاطب مختلف أنواع المتفرجين، ما دام يتناول شخصياته بصدق مع مراعاة وجهة نظر هؤلاء المتفرجين.

ثانياً: تحذيرات خاصة بالمعالجة الدرامية:

1. الحذر من الحبكة البلهاء:

ينبغي الحذر من، الحبكة البلهاء التي تتضمن شخصية أو اثنتين من الشخصيات الرئيسية، التي تتصرف كما يتصرف البلهاء، حتى يمكن للقصة أن تكتمل. وهذه هي القصص التي تتضمن أبطالا يتحدون القتلة المجرمين، والبطلات اللاتي يتفقن على موعد لمقابلة القتلة في أبراج القصور المنعزلة، والأشرار، الذين يعتقدون أن مخبر الشرطة قد أصبح في جانبهم فجأة.

ولتجنب مثل هذه البلاهة، لا بد أن تكون هناك تساؤلات حول تصرف هذه الشخصيات بهذا الأسلوب، وهل هناك ضغط كبير عليها، بحيث يمكن، في مثل هذه الظروف، أن يتصرف شخص عادى – غير متخلف عقلياً – مثل هذا التصرف؟

2. احذر المواقف الجامدة:

الفيلم ينبغي أن يتحرك، وأن يروى قصته بالحركة، وإلا فإنه لا يستفيد من ميزة إمكانات وسيلة التعبير السينمائي.

ولسوء الحظ، كثيراً ما يحدث أن يُكتب السيناريو عن أشخاص يتحدثون عن الماضي والحاضر والمستقبل، وما هو أسوأ أنهم يختارون موضوعات لا تمنح فرصة لشيء أن يحدث، إلا أقل القليل.

وقد أنجزت أفلام جيدة، ومازال هذا ممكناً، بأماكن قليلة جداً وحركة محدودة تماماً، ولكن لهذا النوع من الأفلام له مشاكله الخاصة، حيث من المهم التأكد أولا من إمكانية مواجهة هذه المشاكل.

3. الحذر من المعارضة المتفرقة:

قد تعارض جميع العناصر الأخرى الشخصية الرئيسية، وهي تتحرك خلال القصة تجاه هدفها، ولكن يجب أن يبرز أحد العناصر كطرف رئيسي في مقاومة الشخصية الرئيسية، وكلما تم هذا بسرعة، كان أفضل، حتى يكون للبطل شخص، أو شئ محدد، عليه أن يهزمه أو ينهزم منه، عند الذروة، وفي أوج الصراع لتحقيق الهدف. ومن ثم يُعد هذا أمراً مهماً. فمن دون مثل هذا العنصر المعارض الرئيسي، سيكون من الصعب، وربما من المستحيل، الوصول بالذروة إلى بؤرة محددة لها أثرها، ولن تكون هناك طريقة لتوضيح ما إذا كان البطل انتصر أم انهزم، وإذا كانت الذروة لا ترتكز على مثل هذا التوضيح، فإنها ستكون مبهمة وضعيفة، ويتبع ذلك فشل في جعل المتفرجين يتخلصون من التوتر المكبوت لديهم.

4. الحذر من تعدد الشخصيات، أكثر مما يلزم:

من الممكن ألاّ تُلقي بالاً لعدد الشخصيات، في مرحلة التسوية الأولى للمعالجة، ولكن في الجولة الثانية يختصر عدد الشخصيات إلى النصف، وفي المحاولة الثالثة تُختصر إلى الحد الأدنى.

فالمزيد من الممثلين يكلف الشركة المنتجة مزيداً من التكلفة، كما أن القائمة الطويلة من الممثلين تربك المتفجرين. وأكثر من هذا، فقلما يكون لهذا العدد الكبير من الممثلين أهمية حيوية. إن الأشخاص الذين يحتاج إليهم، هم أولئك الذين تقوم عليهم القصة، ويطورون الصراع ويقفون مع البطل أو ضده، في كفاحه للوصول إلى هدفه، ومن ثم يجري مراجعة قائمة الممثلين بعد ذلك من أجل إدماج أثنين منهما في شخص واحد، أو ربما استبعاد بعض الأجزاء أو الأحداث، لكي نتخلص من عدد آخر من الأشخاص.

5. الحذر من الفكرة والرمزية:

من المستحيل أن يُكتب سيناريو، أو يصنع فيلم دون فكرة. كما لا يمكن إعداد فيلم دون استخدام الرموز. فالرمز شئ يمثل شيئاً آخر، على أساس من العلاقة أو الارتباط أو العرف أو ما إليها. فالاسم يرمز إلى شئ محدد، والعلم يرمز إلى الدولة، ويتبع ذلك أهمية معرفة الرموز ذات المعنى والقواعد الإجرائية، أي معرفة ما المفترض أن يمثله كل رمز، حتى يكون هناك معنى لكل ما يُعرض في شكل رمز.

وعندما يقرر الكاتب أن يدخل رموزاً معينة في السيناريو، فإنه يخاطر مخاطرة كبيرة، لأن الحيلة التي تبدو واضحة وقاطعة، قد تفقد وقعها تماماً على المتفرجين. ومن الحكمة أن يتجاهل كاتب السيناريو هذا الجانب كلية، لأن الرموز ستظل موجودة، وليترك للمشاهدين معرفة ماذا يعني كل منها. وأفضل من هذا، أن يستخدم كاتب السيناريو رموزاً رئيسية واضحة في عمله يعرفها الناس، مثل "رمز الصرصار"، كإشارة إلى الفساد السياسي، ولينظر كيف سيفسره المشاهدون، والنقاد على السواء، عندما يشاهدونه على الشاشة.

ثالثاً: كتابة المعالجة:

إنّ الفيلم الجيد هو ـ غالباً ـ إحساس في المقام الأول، ومهمة كاتب السيناريو في مرحلة المعالجة، أن يسجل هذا الإحساس على الورق. فيبدأ بالتأكيد، بكل وضوح، أن الدافع لكتابة شيء ما، يعني في أغلب الحالات، أن الموضوع يتضمن عنصراً مثيراً للاهتمام. ويُطبق هذا المقياس لتحقيق الإثارة، لكل مشهد من المعالجة التي تكتب، مع ضرورة تجاهل خطوط الحبكة وحيل الوصل. ويجري التساؤل ـ عادة ـ: ما هو الذي يملكه الكاتب عن كل شخص ومكان وحدث، في كل جزء من الحوار؟

وفي ضوء ذلك تدون اللمسات المثيرة على الورق، ومنها تُكتب المعالجة، ويُسجل الإحساس التي تثار أثناء تنفيذ العمل، كما تُسجل الأفكار بالفعل المضارع، وليس الماضي، ويُبحث عن الكلمات والعبارات التي تُساعد القراء، كما تُساعد أيضاً على الإحساس، لا بالحقائق الجامدة لما يحدث فقط، بل أيضاً بالحالة النفسية واللون والتوتر والروح والنغمة. ومن المهم أيضا استخدام أفعال الحركة إلى أقصى حد، وكذا الأسماء التصويرية.

والواقع أن الهدف من المعالجة هو الإقناع، وبوجه خاص إقناع الإداريين الرئيسيين الذين يقرأون هذا الجهد، بأن القصة قوية ومحبوكة، وأن هذا هو النوع الذي يشد المتفرجين ويملأ بهم دور العرض. ومن المهم أيضاً ألاّ تكون هناك ثغرات، أو عيوب في الجانب السينمائي العملي للقصة.

وتوجد طرق لا حصر لها لتناول المعالجة. فهناك من يُفضِّل تناول المعالجة بشكل تفصيلي، وهناك من يُفضل أن تكون مضغوطة، وأيا كانت الطريقة التي تُختار، فالأمر الذي له أهميته القصوى، هو ألاّ ننسى فن الإبداع والبناء وعبور المواجهات.