إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو الفني





مفهوم الشخصية
بناء وخلق الشخصية
حل العقدة




الفصل الأول

المبحث الثاني والعشرون

الصوت في لغة السينما

يُغطي الحوار ـ غالباً ـ على أهمية الصوت، مع أنه ينطوي على دلالة عظيمة، لهذا يطلق، غالباً، على السيناريو اسم "الاستمرارية الحوارية". وعلى الرغم من ذلك، فعلى كاتب السيناريو أن يُعطى إلى الصوت، درجة اهتمامه نفسها بالصور. وهذا يعني التساؤل عن الأصوات، التي ستُرفق بكل ما كتب من شخصيات وديكورات وزمن وغيرها.

المعايير (الثوابت) الصوتية:

1. الأجواء العامة:

مهما كان الحوار طاغياً، فإن الأجواء العامة تحتل، من الناحية الكمية، مكانة أهم من تلك التي يحتلها الحوار: إذ لا وجود للقطة مرئية، في غياب الجو الصوتي العام.

2. الموسيقى:

هناك مسألة نظرية هيمنت على قضية الموسيقى في السينما، وهي: هل من الضروري التعليل لظهور الموسيقى في الشريط الصوتي، أم يمكن إدخال عناصر موسيقية لقيمتها الانفعالية فقط، دون أن يكون لأصل هذه الموسيقى مبرر سيناريو[1].

إن القضية المثارة تتعلق بطبيعة الموسيقى، ونمط العلاقة التي يُراد لها أن تقيمها مع الصورة. وسواء استخدمت الموسيقى في الشريط الصوتي بشكل واسع أم لا، فيجب أن تكون موضع اهتمام حاد من قبل كاتب السيناريو، الذي لا يمكن أن تقوده إلاّ ثقافة موسيقية حقيقية.

وللموسيقى العديد من الوظائف، مثل: إضفاء الجو المناسب أو المزاج النفسي، وإعطاء اللمسة الواقعية، والتأثير الإيجابي على الشخصية، إضافة إلى التعبير عن الانفعال والأزمة. كما يمكن أن تأتي الموسيقى كعلامة مميزة، أو مصاحبة، أو أن تلعب دوراً في الأحداث، أو أن تكون هي لب العمل ومحوره الرئيسي.

3. الموسيقى التصويرية:

وتعني الموسيقى المضافة إلى العمل من خارجه، مثل الغناء أو أصوات الكورال. وعلى الرغم من ذلك، فهي تُعد عنصراً من أهم عناصر العمل، واستخدامها فيه هو القاعدة، والاستثناء عدم استخدامها اكتفاء بالموسيقى المباشرة، أو المؤثرات الصوتية. وهناك الموسيقى الوصفية، التي تحكى قصة، أو تصور أفكاراً، أو تهدف إلى إثارة صورة مرئية. وهناك الموسيقى الارتباطية، التي تصاحب الغناء، أو يصاحبها الغناء.

والموسيقى المصاحبة لدراما الشاشة هي موسيقى ارتباطية، حيث تعطيها الصورة ارتباطا وتحديداً يكسبها معنى خاصاً، ومن ثم تسفر عن معنى جديد بمركب الصورة والصوت، وتسهم إيجابياً في معطيات دراما الشاشة.

وتؤدي الموسيقى هنا إلى تحقيق هدف مهم، وهو الإدراك الفعلي والتأثير الوجداني، كما تقوم ببعض الوظائف، مثل:

أ. وصف المكان: مثل تصوير مكانٍ خلويٍ، أو منزلٍ مهجورٍ، حيث يمكن للموسيقى مع الصورة والمؤثرات الصوتية أن توحي بالمكان، بما لا تستطيع الكلمات أن تصفه أو تعبر عنه.

ب. الإرهاص بأحداث قادمة: فإذا كان المشاهد يعلم، مثلاً، أن الشخصية مطاردة وهي تدخل إلى أحد الأماكن، التي يُحتمل أن يصل إليها مطاردوها، ويسمع المشاهد موسيقى تُرهص بالشر، ومن ثم يحدث التوقع عند المشاهد، في الطريق الصحيح.

ج. تأكيد الانفعال: فقد تؤكد الموسيقى ـ مثلاً ـ انفعال الأم اليائس الحزين، وهي تبحث عن ابنتها في يأس، فالموسيقى هنا تؤكد، هذا الانفعال. ومن الأفضل أن تنوع الانفعالات، حيث تصاحبها الموسيقى تارة، ويصاحبها الحوار والمؤثرات الصوتية تارة أخرى.

د. تأكيد الفعل: وهو من الاستخدامات التقليدية للموسيقى، خاصة في المعارك والمطاردات.

هـ. إضفاء المزاج النفسي: حيث تُعطي الموسيقى هنا طابعاً عاماً، ينسجم مع العمل في مجموعة، ويظهر هذا في الموسيقى الافتتاحية، التي تُصاحب العناوين.

و. الربط بين المشاهد: حيث تلعب الموسيقى دوراً مهماً لتحقيق الترابط، بمعطياته العاطفية أو الفكرية بين المشاهد، بصرف النظر عن استمرار الزمان أو المكان.

 4. المؤثرات Effects:

قد تنتمي هذه المؤثرات إلى الجو العام Ambiance، بحيث تأتى لتُشكل فيه حالة خاصة كاللقطة القريبة. ففي الريف، عند نباح الكلب، وصوت المنادى، وضجة المحرك، ينطوي دور المؤثرات على الإشارة إلى مظهر خاص، وإضفاء تلوين عاطفي، وإيقاع صوتي. وهي ترافق سير الصورة وتحددها تبعاً لسلسلة غنية جداً، وعلى كاتب السيناريو أن يأخذ من هذه الصورة عدداً كبيراً من المؤثرات.

وغني عن القول مثل هذه العناصر الصوتية، تسمح بتضمين دلالة إيجابية في داخل المرحلة نفسها، المرئية والصوتية، للأزمنة المختلفة، أو أنها توحي بأعماق الشخصية، وما إلى ذلك.

وللمؤثرات الصوتية عدة أنواع:

أ. الصوت الواقعي: إذا سقط شخص على الأرض، وسُمع الصوت المعتاد للسقوط، فهو صوت واقعي. أما إذا سُمع بدلا من ذلك صوت انهيار إحدى العمارات، فهو، بالطبع، صوت غير واقعي.

ب. أن يكون الصوت متوافقاً أو متوازياً: وقد يكون متبايناً أو مضاداً، فمثلاً ينفخ حكم المباراة في صفارته، فيُسمع صوتها المعتاد، فهو من ثم صوت متوافق أو مواز لصورته، أما إذا سُمع بدلاً من ذلك صوت صفارة إنذار، فهو صوت غير متوافق أو صوت متباين.

ج. أن يكون الصوت متزامناً أو غير متزامن: ومعنى التزامن أن تُرى الصورة ويُسمع ما فيها من أصوات في الوقت نفسه. أما أن تُرى صورة ويُسمع صوتً آخر، فهو صوت غير متزامن. فمثلاً عندما نرى البحر ونسمع صوت الأمواج، فهو متزامن، ولكن أن نكون داخل حجرة دون أن نسمع صوت الأمواج، فهو صوت غير متزامن.

د. أن يكون الصوت نابعاً من عالم الفيلم: أو مسرح أحداثه، أو أن يكون من خارج هذا العالم، أي صوتاً مستعاراً.

هـ. أن يكون الصوت ذاتياً: أي يُسمع من إحدى الشخصيات، ولكنه يعبر عن دلالة خاصة بهذه الشخصية. فمثلاً نسمع صوت أقدام الرجل وكأنها ضربات مطارق، تعبيراً عن توجه الشديد، وعزمه وتصميمه.

و. كما يمكن أن تتراكب الأصوات مع بعضها، أو ينوّع في طرق استخدامها، أو طريقة تسجيلها وإنتاجها.



[1]  أي موسيقى غير سردية Non -Diegetique .