إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / أقاليم وظواهر جغرافية / قناة السويس




القناة عند الإسماعيلية
بنيامين دزرائيلي
رحيل القوات البريطانية
قناة السويس
قناة السويس بالقمر الصناعي
قاعدة تمثال دي لسبس


قناة السويس



الفصل الثالث

تأسيس الشركة:

          إن تلك اللائحة ـ لائحة الشركة الملحقة بفرمان 5 يناير 1856م، والتي صدق عليها محمد سعيد باشا ـ التي أسلفنا الكلام عنها، لم تكن من عصارة تفكير فرديناند دي لسبس وحده، ولم يشترك فيها الجانب المصري بقليل أو كثير، بل قدمت إلى الوالي فوقعها دون تدبر أو استشارة.

          أما الجبابرة الدهاة الذين صاغتها أقلامهم فهم فرنسيون، كانوا قد لاذوا بفرديناند دي لسبس، وإنا لنورد أسماءهم للذكرى والتاريخ، ذكرى شبح مخيف، قضى على حياة أجيال بأسرها.

          هؤلاء هم المسيو دي شانسل (De chancel) وكان يشغل وظيفة مدير الحركة في سكك حديد أورليانز، ومُوثق العقود الفرنسي (موكار Moquard)، وصديق دي لسبس كان محامياً لدى محكمة السين وهو (دينورماندي Denormandia) أولئك الذين قضوا أكثر من سنة منذ صدور الفرمان الأول حتى وضعوا الفرمان الثاني واللائحة، وكانوا يجتمعون في المنازل بمعدل مرتين على الأقل في كل أسبوع، فقدموا للاستعمار أجل خدمة، وعرفوا كيف يوضع الخنجر في قلب مصر".

          "وقد اعترف المحامي (ديتورماندي) أنه على الرغم من أن مركز الشركة الرئيسي بالإسكندرية، افتعلوا ما أسموه بالمحل المختار أو الإداري في باريس ابتغاء تخليصها من سلطان القانون المصري ورقابة المحاكم المصرية، وأن (دي لسبس) قد ظفر من سعيد باشا في عقود الامتياز بمغانم كثيرة، ومع ذلك أهملوا مصالح مصر عامدين، بل صاغوا الشروط كلها ضدها".

          "ولقد أبى دي لسبس أن يعطي البنوك ما طلبت من العمولة، فاتخذ مكتباً صغيراً في ميدان (فاندوم Vendôm) ومنه طرح الأسهم في الاكتتاب العام في 5 نوفمبر سنة 1858م بمبلغ 200 مليون فرنك (أي بما يوازي7.7 مليون جنيه مصري)، مقسمة علي 400 ألف سهم قيمة كل منها 500 فرنك".

          وتلك قائمة المكتتبين حسب الدول التي ينتمون إليها:

فرنسا                        111 207 سهم

بلجيكا                       324 سهم

الدانمارك                              7 سهم

نابولي                       97 سهم

الإمبراطورية العثمانية                     517 96 سهم

برشلونه (أسبانيا)                     046 4 سهم

روما                        54 سهم

الأراضي المنخفضة                              615 2 سهم

البرتغال                     5  أسهم

بروسيا                      15 سهم

تونس                        714 1 سهم

بيمونت                      353 1 سهم

سويسرا                      460  سهم

توسكانيا                     176 سهم

          ومن تلك القائمة يبدو جلياً أن الفرنسيون كانوا أكثر إقبالاً على الاكتتاب من غيرهم، وذلك بفضل المزايا والشروط المغرية والهائلة التي حصل عليها دي لسبس في فرماني الامتياز، وبفضل المبالغ الطائلة التي حصل عليها من الخزانة المصرية لينفق على الأبحاث والدراسات والتنقلات وبدعوى حاجته لرشوة بطانة الإمبراطور نابليون الثالث على أن دي لسبس احتفظ بنصيب من الأسهم قدرة (85.506 سهم) ليعطيه لرعايا إنجلترا والنمسا، وروسيا والولايات المتحدة ليضمن تأييد تلك الدول، ولم يدخل في حسابه أن يعطي مصر شيئاً ولكن الدول المذكورة رفضت الاكتتاب وأهملت دعوة دي لسبس وبارت تلك الكمية الكبيرة من الأسهم، فتوجه إلى صديقه سعيد باشا وباعها كلها له وعلى ذلك اشترت مصر من الأسهم 85.506 سهم، وذلك علاوة على ما اشترته لجزء من بلاد الدولة العثمانية وأصبحت مصر تملك من أسهم شركة القناة 91096 سهم، بما يوازي 44% من المجموع البالغ 400.000 سهم.

          وغطى الاكتتاب في 30 نوفمبر 1858م، ، وعاد دي لسبس من باريس، في ربيع 1859م، ومعه عشرون رجل، وتوجهوا إلى برزخ السويس وجمعوا بعض الفلاحين، وذلك للبدء في حفر القناة، إلا انه فاجأهم ضابط تركي على رأس خمسين تركيا ومعهم جماعة من البدو المسلحين وأطلقوا عليهم الرصاص.

بدء الحفر في قناة السويس

          في يوم الاثنين 25 أبريل عام 1859م، يوم شم النسيم، أقام دي لسبس حفلاً بسيطاً في مناسبة بدء العمل في حفر قناة السويس، وضرب بنفسه أول معول في أرض مصر. وحضر الحفل، إضافة إلى المقاول الفرنسي ومستخدمي الشركة، عدد 100 عامل مصري تم إحضارهم من محافظة دمياط المجاورة لموقع القناة من جهة الشمال. ولكن هذه البداية أثارت أوروبا، وضغطت بريطانيا على فرنسا، حتى أن المدرعات الحربية البريطانية وصلت إلى الإسكندرية، بموافقة السلطان العثماني، للقبض على محمد سعيد، مما دفعه أن يرسل ناظر خارجيته إلى دي لسبس في 9 يونيو 1859م ليوقف الحفر، حتى يحصل على موافقة الباب العالي، ويبلغ دي لسبس بأنه لم يأذن له إلا بإجراء الأبحاث فقط. لم يعبأ دي لسبس بذلك، واستمر في أعمال الحفر مستعيناً ببعض العمال العريقين في الإجرام، الذين أتى بهم من جزر البحر الأبيض المتوسط، وكانوا يدخلون البلاد دون إذن من الدولة، اعتماداً علي الامتيازات الأجنبية. وتأزمت الأمور بين محمد سعيد باشا ودي لسبس، وأرسل محمد سعيد اعتذار إلى الباب العالي بخصوص موافقته على مشروع القناة دون موافقة الباب العالي.

          ودبر دي لسبس حيلة للضغط بها على محمد سعيد باشا، إذ تمكن دي لسبس من مقابلته، وأبلغه أن الإمبراطور نابليون الثالث يهمه أن يتعلم طوسون، الابن الأصغر لمحمد سعيد في باريس. ففرح محمد سعيد بذلك، وأرسل ابنه إلى باريس، وعندما وصل إلى باريس، أبلغ دي لسبس محمد سعيد باشا أن ابنه رهينة إذا عارض المشروع، أو منع العمال من التوجه إلى منطقه الحفر.

          وفي أخر ديسمبر 1859م، وصل عدد العمال بالمشروع إلي 330 عامل من محافظات دمياط، والدقهلية، والإسكندرية، والقاهرة. وكان العمال يضربون الأرض بفئوسهم لانتزاع الطين من القاع، ثم يأخذ العمال الطين بأيديهم، ويتم مناولته للعمال على جانبي القناة ثم يتم مناولة الطين للآخرين باليد، حتى يتم وضع الطين على جانبي القناة، وكانت هذه الأعمال تتم في ظروف شديدة القسوة.

          وتطور عدد العمال من 1700 عامل في أواخر 1860 م إلى 667 14 عامل في شهر ديسمبر 1860م. وكان العدد بعد ذلك يزيد بمعدل 25 ألف عامل شهرياً. وتعرض العمال خلال فترة عملهم في القناة للجوع والعطش والضرب بالسياط والقيد بالسلاسل والأغلال، فتساقط منهم آلاف العمال وخيم الحداد على بيوت مصر.

          ويقال أن المؤامرة التي دبرها دي لسبس والمتعلقة بأخذ ابن محمد سعيد رهينة في باريس قد أثرت على محمد سعيد وكانت السبب في وفاته، وهو في سن الأربعين، فمات في 18 يناير 1863م في الإسكندرية.

قناة السويس في عهد إسماعيل

          تولى إسماعيل باشا الحكم في يناير 1863م، وفي بادئ الأمر أظهر إسماعيل باشا والي مصر بأنه أكثر الناس تحمساً للمشروع، إلا أنه استاء من تصرفات دي لسبس وغروره، ودب الخلاف بينهما. وكان إسماعيل يعلم أن بريطانيا تعارض المشروع أساساً، كما كان يعلم أن نوبار نوباريان الأرمني الجنسية، هو أحد رجال بريطانيا، فعينه إسماعيل وزيراً فسعى إلى اتخاذ إجراءيْن لعرقلة المشروع يتلخصان في الآتي:

1. تحريم السخرة، حتى لا يجد دي لسبس العدد الكافي من العمال، للاستمرار في الحفر.

2. انتزاع الترعة الحلوة من فرمان الامتياز، لحرمان منطقة الحفر من المياه العذبة.

          حاول إسماعيل باشا أن ينهي عقد الالتزام، ويتعهد بحفر القناة على نفقة الخزانة المصرية، مقابل أن يدفع تعويضاً مناسباً للشركة. ولكن طلبه رًفض.

          في 18مارس 1863م، تمكن إسماعيل باشا من عقد اتفاق مع الشركة، وانتزع بمقتضاه من يدها مشروع الترعة الحلوة، لتحل محلها الحكومة المصرية، ومنع نزع ملكية أراضى الأهالي، التي كانت مخصصة لحفر هذه الترعة. وبعد ذلك تراخى، في تنفيذ حفر الترعة ليعوق حفر القناة.

          يُروى أن إسماعيل استطاع بذكائه وعبقريته الدبلوماسية أن يضرب عصفورين بحجر واحد في مسألة السخرة فيقضي بمنعها إنقاذاً لمواطنيه من ظلم قديم، ويحرم شركة القناة من الانتفاع بهذا الظلم، وقد رأت أنه لا سبيل لمباشرة أعمال القناة إلا بالسخرة، وكان أمر إسماعيل عاماً وشاملاً وهذا نصه (قضت إرادتنا بإتباع الأصول المرعية قديماً في قضاء الأعمال العامة والخاصة المعتاد إجرائها في كل عام في مصلحة ري الأراضي، وباستخدام العمال الذين ينبغي تشغيلهم في سائر الأعمال والعمارات الأميرية بالأجرة المقررة بين الناس، أو إجراء أمثال تلك الأعمال على طريقة المقاولة. وقصارى القول، تقضي رغبتنا السامية بعدم استخدام فرد واحد من الناس في شئ من الأعمال الأميرية والخارجية بعد ذلك على سبيل السخرة – فلينفذ أمرنا هذا على الوجه المذكور)".

          وقد استنكرت إنجلترا أعمال السخرة لحاجة في نفسها، أما نابليون الثالث إمبراطور الفرنسيين الذين اشتهروا بثورتهم على المظالم، وإعلانهم لمبادئ حقوق الإنسان، فكان راضياً كل الرضا على استمرار السخرة في مصر، بل تدخل بصورة علنية مطالباً باستمرار السخرة بعد أن حرمها إسماعيل، وهذا ثابت في كتاب بعث به إسماعيل إلى الباب العالي. وحاول إسماعيل أن يقصي الشركة، ويقوم هو على نفقة مصر بشق القناة، وذلك ليجعل القناة لمصر، ولكنه لم يستطيع لأن الدبلوماسية الأوربية بأجمعها آزرت فرديناند دي لسبس.

          وفي الوقت الذي كانت المعاول تدق قلب مصر لشق القناة، كان إسماعيل باشا قد حمل في يده معولاً ليدق به أغلالاً خمسة خلفتها تصرفات سلفه سعيد باشا، أما الأغلال الخمسة فهي:

1. التزام الحكومة المصرية بتقديم أربعة أخماس العمال للشركة، ولو بلغ عددهم عشرون ألف، ومحاولة الشركة أن تطالب الحكومة المصرية بالتعويض إذا لم تنفذ هذا الالتزام.

2. تملك الشركة لترعه الري والملاحة النبيلة.

3. تملك الشركة ملكية مطلقة، وبالمجان ومن دون دفع أموال أميرية لجميع الأراضي غير المملوكة للآحاد والتي تحتاج إليها الشركة في شق الترعة البحرية والترعة النيلية، وتملك الشركة المطلق للأراضي التي قد تريدها وتفلحها وليس عليها أكثر من دفع أموال أميرية بعد مضي عشر سنوات على جعلها صالحة للزراعة.

4. سلطة الشركة التامة على الترعة البحرية وضفتيها، وتصرفها دون سواها، في توسيعها كما تريد، وفي إقامة المباني كما تريد، والحكومة المصرية كانت ممنوعة منعاً باتاً من إقامة حصون على ضفاف الترعة، ولم يكن لها أن تنفرد بالنظر في أمر من يعملون في ورش الشركة ومعاملها، ويقيمون في برزخ السويس، ولو كانوا مصريين.

5. التزام الحكومة المصرية بنزع ملكية الأفراد كلما احتاجت الشركة إليها، لنفاذ أعمالها، واستغلال امتيازها.

          ولما بدأ إسماعيل يضرب على هذه القيود ليحطمها اتهموه بأنه عدو للحضارة والعمران. واستطاع إسماعيل بعد توليه الحكم بشهريين اثنين، أن يبرم مع الشركة اتفاقاً في 18 مارس 1863، ينتزع من يدها بموجبه حقاً كان فرمان 5 يناير سنة 1856م قد خولها إياه، ألا وهو إنشاء الترعة الحلوة وبيع مياهها للفلاحين الذين تلزمهم هذه المياه لري أراضيهم.

          وقد بذل إسماعيل لدى الباب العالي منذ بداية حكمه جهوداً غير عادية كان يرمي بها للتوسع في سلطانه حتى تتحرر مصر من قيد الأتراك، وتصبح لها شخصية قائمة بذاتها في نطاق المعاملات الدولية.

          كما يقول د./مصطفى الحفناوي في ص432 من الجزء الأول من قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة

"وإني لأتحدى كتاب التاريخ، وعلماء السياسة أن يأتوني بسيرة ملك ضحى بعرشه في سبيل أمته كما فعل إسماعيل !! أتحداهم أن يأتوني بأي رأس متوج وقف وحده وبمفرده في الذود عن بلاده سنوات متصله كما وقف إسماعيل أو ناضل مثل نضاله الذي كتب له الخلود والمجد إلى يوم الدين".

          وقد أوضح الدكتور مصطفى الحفناوي في الجزء الأول تفصيلاً وجه نظره في إسماعيل باشا وأنه كان يعمل دائماً من أجل مصر ولكن سوء حظه العاثر هو الذي أوقعه في المحيطين به مثل نوبار باشا، وكذلك المؤامرات التي كانت تدبرها له الدول الأوربية ونضاله معهم جميعاً وأن المحور الذي دارت حوله المعارك معهم كانت قناة السويس وذنب إسماعيل في نظرهم أنه أراد القناة لمصر ولم يشأ أن تكون مصر للقناة.

          وفي نهاية الأمر تكالب عليه الجميع حتى عزل إسماعيل ورحل خارج البلاد.

          بعد موت اللورد بلمرستون (Palmerston)[8] رئيس حكومة بريطانيا، رأت الحكومة الجديدة أن تعدل موقفها من معارضة المشروع، وتتركه يتم ثم تستولي عليه بعد إتمامه. فأوزعت إلى نوبار باشا ليغير خطته المعارضة للمشروع ويوحي إلى إسماعيل باشا بأن يحتكم لإمبراطور فرنسا فيما نشأ من خلاف بسبب تحريم السخرة وسلب ترعة المياه الحلوة، وأوهمه أن الإمبراطور سيسانده في هذه القضية، انخدع إسماعيل باشا بذلك ولجأ إلي نابليون الثالث، الذي حكم بإلزام مصر أن تدفع لشركة قناة السويس مبلغ ثلاثة ملايين وثلاثمائة ستين ألف جنيها، منهم مليون وخمسمائة وعشرون ألف جنيه مقابل تحريم أعمال السخرة وضرب السياط، ومبلغ ستمائة وأربعون ألف مقابل تنازل الشركة عن ترعة المياه العذبة، ومليون ومائتي ألف جنيه مقابل تنازل الشركة عن ادعائها بملكية الأراضي التي لا تلزم لمشروع القناة. واعتبر دي لسبس هذا الحكم بمثابة السند الأساسي للشركة، ووثيقة الكفالة والاطمئنان.

          عاد نوبار إلى مصر في أكتوبر 1864م، بعد أن أصبح حليفاً لدي لسبس وشريكاً له في إتمام المؤامرة. وجرت مفاوضات سرية بين فرنسا وبريطانيا في باريس، وتعهدت بريطانيا بان تحصل بنفسها على موافقة السلطان العثماني على حفر القناة. وفى سنة 1865م، تغيرت سياسة إسماعيل باشا إلى النقيض، وعادت أعمال السخرة على أوسع نطاق، وهوت السياط على ظهور المصريين الذين سيقوا إلى منطقه الحفر بالآلاف وفى أيديهم السلاسل والأغلال، وكانت مناطق الحفر أشبه بأودية الموت، وانتشر وباء الكوليرا، وتساقط الموتى بالآلاف، وزاد عددهم على 120 ألف استشهدوا في أسوأ الظروف وأقساها. واستمرت أعمال الحفر بأموال المصريين وأيديهم، وكل ما قام به إسماعيل باشا هو تعديل الاتفاقيات لتكون الشركة (شركة مساهمة مصرية)، وتخضع للقوانين المصرية، ولسلطان المحاكم المصرية، واشترت الحكومة تفتيش الوادي سعيد باشا، فكان من حسناته وهباته التي أعطاها لدي لسبس أن تنازل عن التفتيش في سنة 1861 لقمة سهلة ولقاء ثمن بخس، بضع فرنكات لكل فدان. وبيت دي لسبس نية خبيثة بهذا التملك إذ أراد أن يجعل من التفتيش نواة لمستعمرة فرنسية توسع في صحراء الشرقية ويكون بذلك بمثابة نقطة ارتكاز للسيطرة التامة على القناة، الذي كان دي لسبس قد حصل عليه من (سعيد باشا) هدية ولقمة سائغة، فاستعادته مصر منه[9].

          وفى أثناء حفر القناة ظهرت مادة طينيه سائلة تحتوى على فسفور حارق للأبدان، فجند دي لسبس جميع الصيادين الذين كانوا يعملون في شمال الدلتا وفى المنزلة، وحشدهم لانتزاع هذه الطبقة الطينية، التي تسببت في فنائهم جميعاً. وفي 18 نوفمبر 1862م وصل الحفر إلى بحيرة التمساح، واتصلت مياه البحر المتوسط بمياهها. وفي 18 مارس 1869م، تدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط إلى البحيرات المرة.

          وفي يوم 15 أغسطس 1869م، ضربت الفأس الأخيرة في إنشاء القناة، حيث تم اتصال البحر المتوسط بالبحر الأحمر في منطقة الشلوفة. وقد تم استخراج 74 مليون متر مكعب من الرمال. وبلغ مجموع تكاليف حفر قناة السويس مبلغ 369 مليون فرنك فرنسي أي 14.234 مليون جنيه مصري وهو ضعف المبلغ الذي كان مقررا لإنشائها.




[1] وهو مهندس فرنسي، يعمل رئيس مهندسي الطرق والكباري، وكان من ضمن المهندسين الذين رافقوا بونابرت أثناء حملته على مصر عام 1798م.

[2] في 16 مارس 1807م استطاع ضابطان بريطانيان رشوة محافظ الثغر – وهو تركي يسمى ( أمين أغا) – فسمح لهم بالنزول إلى البر من غير مقاومة، ودخلوا الإسكندرية في 21 مارس دون أن تطلق رصاصة واحدة، وأخذوا أمين أغا أسيراً صورياً.

[3] وهي بلدة عند مدخل وادي طوميلان ( بمحافظة الشرقية حالياً غرب قناة السويس).

[4] وهي بلدة في ( محافظة الشرقية) غرب قناة السويس.

[5] وهو حفيد محمد علي باشا وابن طوسون، وولد في عام 1813م، وتوفى والده بعد ولادته بقليل، ونشأ في القاهرة، فحباه جده محمد علي باشا بعنايته وأعده لمنصب ولاية مصر في المستقبل باعتباره أكبر أفراد أسرة محمد على سناً وأحقهم بولاية الحكم بعد إبراهيم باشا إبن محمد علي باشا، وتولى حكم مصر في 10 نوفمبر 1848م، بعد وفاة عمه إبراهيم باشا، عاش بمعزل عن الناس حياة رغد وبذخ، وفي خلال حكمه سادت الفوضى، وفسد النظام، أغلقت المدارس والمعاهد التعليمية، وظل في الحكم لمدة 5 سنوات، حتى قتل في قصره ببنها في 13 يوليو 1854م.

[6] وهي أوجيني دي منتيجو، التي تزوجت الإمبراطور نابليون الثالث في أواخر يناير 1853م وأمها هي الكونتيسة دي منتيجو.

[7] بيوس التاسع ( 1792 ـ 1878م) تم تعينه بابا للكنيسة الرومانية الكاثوليكية عام 1846، وتمتع بأطول فترة حكم في التاريخ البابوي، وولد بيوس في سينياليا في إيطاليا، وكان اسمه الأصلي جيوفاني ماريا ماستاي فيريتي، وتم تعينه كاهناً عام 1819، وأقام أبرشية عام 1827، وأصبح كاردينالاً عام 1840م.

[8] كان وزيراً للحربية الإنجليزية، ثم بعد ذلك رئيس لوزراء بريطانيا، وكان شديد الاهتمام بمشروع إنشاء خط سكك حديد بين البسفور والخليج الفارسي، باعتباره مشروعاً تجارياً، وكانت إحدى الشركات الإنجليزية قد تعهدت بإنشائه،كما كان يعارض مشروع قناة السويس، وكان يؤمن بتفوق إنجلترا، كما كان من أكبر دعاة الإمبراطورية، والمنادين بضرورة حماية مواصلاتها.

[9] اُنظر في الملاحق، اتفاقية 22 فبراير 1866، وكذلك اتفاقية 30 يناير 1866.

[10] وهو أمير جزائري حارب فرنسا في الجزائر وقد استقدمه دي لسبس وهيأ له محل إقامة في صميم تفتيش الوادي وضعاً تحت تصرفه ما يقرب من ستمائة فدان، ولما احتدم الصراع بينه وبين إسماعيل روجت معامل الدعاية أن عبد القادر هو الذي نِيط به استلام الأراضي تنفيذاً لحكم نابليون الثالث، وذلك نيابة عن الشركة، وقصد الدعاة أن يقولوا أن هذا أمير عربي تستطيع فرنسا أن تضعه على عرش مصر، ولم يفطن لمناورات دي لسبس ومؤامراته، ولذلك لما ظهر استياء إسماعيل من وجود عبد القادر هذا، سافر الرجل إلى سوريا.

[11] طريقة مورسوم Moorsom وهو نظام قياس إنجليزي، وطبق في فرنسا اعتباراً من 24 ديسمبر 1872م، و(مورسوم) هو ضابط بحري إنجليزي، رأى أن الحمولة تشمل القياس الدقيق لكل الفراغات الداخلية في السفينة سواء تحت السطح أو فوقه، واستبعد كل اهتمام بالوزن

[12] بنيامين دزرائيلي سياسي بريطاني، زعيم حزب المحافظين، رئيس وزراء بريطانيا ( 1874 ـ 1880م). ولد في لندن عام 1814 لأب يهودي إيطالي، واختلف والده مع الجماعة اليهودية السفاردية في لندن حول مقدار الضرائب المقررة عليه فاعتنق المسيحية عام 1817 عندما كان ابنه بنيامين في الثالثة عشر من عمره، فتلقى ابنه بنيامين نشأة مسيحية إلا أن أصوله اليهودية تركت أثرها على شخصيته وتفكيره، وكان دزرائيلي وكان في مستهل حياته معيناً ببلاد الشرق، فزار منطقة الشرق الأوسط، ويقال أنه زار محمد على الكبير في قصره بشبرا، وكان تشوقه الدائم لأورشليم ( القدس ) التي حارب اليهود من أجلها كثيراً، فزار فلسطين مما ترك أثراً كبيراً في مواقفه السياسية وأطماعه الاستعمارية. ويقال أنه عرض خدماته على الباب العالي وطلب أن يُوظف في إحدى بلاد الإمبراطورية العثمانية، ولما عين رئيساً لحكومة إنجلترا أُغرم بقناة السويس وأراد أن يجعل منها مفتاح إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس، ولذلك قرر أن تشتري حكومة إنجلترا شركة قناة السويس، وقد تمكن دزرائيلي بدعم من آل روتشيلد الأثرياء اليهود من شراء أسهم إسماعيل في شركة قناة السويس عام 1875، وتوفى دزرائيلي عام 1881.

[13] قائد الثورة العرابية التي كانت تهدف إلى صالح الشعب والحرص على استقلال البلاد بجرأة منقطعة النظير. ولد أحمد عرابي في 31 مارس 1841 في قرية ( هرية رزنة) بمحافظة الشرقية من عائلة بدوية، ودرس في الأزهر عام 1849، لمدة أربعة سنوات، ودخل الجندية عام 1854 وتدرج في رتب الجيش إلى أن رقي لرتبة العقيد عام 1860، كان يصحب الوالي سعيد باشا في كثير من رحلاته وحفلاته. وفي عهد إسماعيل باشا شعر عرابي بكثير من الظلم في الجيش وخارجه، وأحس أحمد عرابي بالعنصرية في الجيش لأن السيادة كانت للأتراك والشراكسة، دون الفلاحين ضباطاً وجنوداً وعندما أبدى أحمد عرابي اعتراضه على هذه الأوضاع، حوكم بوحي من وزير الحربية، وطرد من الجيش، ثم أعيد للخدمة بالجيش بعد ثلاث سنوات. أخذ يدعو الضباط إلى الالتفاف حوله، وفي عام 1875 بدأت دعوة عرابي الوطنية، وتكون تنظيم الضباط الأحرار، وفي 9 سبتمبر 1881 تزعم أحمد عرابي عدداً كبيراً من الضباط في مظاهرة عسكرية إلى الخديوي وتقدم له بطلبات الأمة، وهي عزل رياض باشا رئيس الوزراء، وتشكيل مجلس الشورى، وزيادة عدد أفراد الجيش، فرد الخديوي توفيق بأنه الخديوي ويفعل ما يشاء وقال لعرابي: ` ما أنتم إلا عبيد إحساناتنا` فرد عليه عرابي بحزم رده المشهور: ` نحن لسنا عبيداً فقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً، ولن نورث ولا نورث بعد اليوم`، فأثار الرعب في نفس الخديوي وأجاب عرابي لطلباته، وتشكلت وزارة شريف باشا وتدخل عرابي في تشكيلها. وعندما هاجمت بريطانيا مصر وتصدى لهم أحمد عرابي بقواته في التل الكبير عام 1882، ولما هُزم عرابي، تم القبض عليه وحكم عليه بالنفي هو سبعة من زملائه إلى جزيرة سيلان في 27 ديسمبر 1882، وقضى في المنفى تسعة عشر عاماً، ثم عاد للوطن في أكتوبر 1901، وتوفى أحمد عرابي في أكتوبر 1911م.

[14] ولد بطرس غالي في 12 مايو 1846، في محافظة بني سويف، تعلم في مصر وأكمل تعليمه في أوربا، شغل عدة مناصب، ففي عام 1881 عُين في منصب وكيل وزارة الحقانية ( العدل)، ثم سكرتير مجلس الوزراء، وفي عام 1883 أشرف على المحاكم الأهلية، وعين وزيراً للمالية عام 1893، ثم وزيراً للخارجية في أبريل 1894 في وزارة نوبار باشا، واستمر في منصبه حتى عام 1908، وفي خلال هذه الفترة وقع على اتفاقية السودان في يناير 1899، التي أخضعت السودان للسيطرة البريطانية باسم الحكم المصري الإنجليزي. رأس المحكمة التي حاكمت الفلاحين المصريين في حادثة دنشواي عام 1906، رأس الوزارة في نوفمبر 1908، وقيد حرية النشر وتصدى للحركات الوطنية. وفي يوم 20 فبراير عام 1910م، قام شاب من صعيد مصر اسمه ( إبراهيم ناصف الورداني) باغتيال بطرس غالي رئيس وزراء مصر أثناء خروجه من مكتبه برئاسة الوزراء، وذلك بإطلاق الرصاص عليه.

[15] سعد باشا زغلول زعيم مصري، ولد في محافظة كفر الشيخ في يوليو 1857، درس في الأزهر، أسهم في تحرير جريدة الوقائع المصرية، واشترك في الثورة العرابية، فصل من وظيفته فعمل في المحاماة، ثم انخرط في سلك القضاء حتى عام 1906، وفي هذه الأثناء حصل على ليسانس الحقوق من فرنسا عام 1897، وشغل منصب وزير المعارف، ثم وزيراً للحقانية ( العدل ) عام 1910، انتخب رئيساً للجمعية التشريعية عام 1914، كان بيته مقصد كل المصريين الوطنيين المطالبين باستقلال البلاد، وسماه الشعب المصري بيت الأمة، ومازال هذا البيت قائماً حتى اليوم. رأس الوفد المصري في 11 نوفمبر 1918 للمطالبة باستقلال مصر، نفي خارج البلاد، فقامت ثورة 1919م التي عمت جميع البلاد واشترك فيها جميع فئات الشعب ضد الاستعمار البريطاني وأعوانه، ثم عاد سعد زغلول لمصر عام 1921، فاستقبلته الأمة المصرية. رأس الوزارة في يناير 1924 وكان من ضمن ما يطالب به تنازل بريطانيا عن دعواها في حماية قناة السويس. وتوفى سعد زغلول في 23 أغسطس 1927م.

[16] علي شعراوي، و عبد العزيز فهمي كانا من الوطنيين الثوريين برفقة سعد زغلول أثناء الثورة مطالبين بما يطالب به سعد زغلول.

[17] الدكتور مصطفى الحفناوي كان يشغل منصب عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس بعد التأميم، ومستشاراً قانونياً لهيئة قناة السويس. ألف العديد من الكتب والمراجع عن قناة السويس.

[18] مساحة قطاع القناة وهو ( عرض القناة عند سطح الماء + عرض القناة عند قاع القناة ÷ 2 × عمق القناة).