إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / أقاليم وظواهر جغرافية / قناة السويس




القناة عند الإسماعيلية
بنيامين دزرائيلي
رحيل القوات البريطانية
قناة السويس
قناة السويس بالقمر الصناعي
قاعدة تمثال دي لسبس


قناة السويس



الفصل السابع

الفصل السابع

قناة السويس من التأميم إلي الآن

مشروع ناصر لتطوير وتحسين الملاحة

          وضعت هيئة قناة السويس مشروع ناصر لتطوير وتحسين القناة، على أن يتم تنفيذ هذا المشروع على عدة مراحل لتواكب التطور المستقبلي لحركة الملاحة العالمية، ومواجهة الازدياد المستمر في أحجام ناقلات البترول والسفن التجارية. بدأت الهيئة المرحلة الأولى، الفترة من عام 1958م إلى 1963م، في توسيع وتعميق المجرى المائي لعبور الناقلات ذات حمولة 60 ألف طن، أي بزيادة (100 ) عما كانت عليه في عام 1956م. واستمرت في إتمام المرحلة الثانية لتسمح بعبور السفن بغاطس 40 قدماً، إلاّ أن القناة أغلقت في يونيو عام 1967م بسبب الحرب بين مصر وإسرائيل. واستمر الإغلاق لمدة 8 سنوات، حتى 5 يونيو 1975م، حين أعاد الرئيس محمد أنور السادات افتتاحها.

تعطيل الملاحة في القناة

          أوضحت سجلات القناة بعض التقديرات للخسارة اليومية نتيجة تعطيل الملاحة، فقدرت الخسائر قبل التأميم بمبلغ من 30 إلى 50 ألف جنية في اليوم الواحد، وبعد التأميم بلغت 100 ألف جنية في اليوم، أما في عام 1981م، فالخسائر اليومية تقدر بمبلغ 3 مليون دولار.

وتعطيل الملاحة بالقناة ليس بالضرورة بسبب الحروب أو الأزمات السياسية فقط، بل كان قبل إتمام مشروع تطوير القناة توجد بعض الحوادث التي قد تؤدي إلى تعطيل الملاحة، مثل (جنوح) سفينة أو ناقلة أو بسبب العوامل الجوية مثل (الشبورة والعواصف)، ولكن بعد إتمام مشروع التطوير الأول عام 1980 ازدادت السيطرة على القناة وأصبح المرور أكثر أماناً.

وتعطلت الملاحة ثماني مرات كما يلي:

          المرة الأولى، عام 1882م، حين تعطلت الملاحة بالقناة لمدة يومين اثنين بسبب الغزو البريطاني لمصر.

          والمرة الثانية، في 10 يونيو 1885م، عندما اصطدمت الكراكة 16 مع السفينة (كوماس ملثيل)، وأدى ذلك إلى غرق الكراكة وتعطلت الملاحة لمدة 11 يوماً.

          والمرة الثالثة، في 2 سبتمبر 1905م، عند الكيلو 18، حيث كانت السفينة (جاتام) المحملة بشحنة تزن 80 طن من المفرقعات، وبها قوالب من زهر وفحم كوك وسوبر فوسفات، واصطدمت هذه السفينة بالسفينة (كالان كينج) التي كانت قادمة من الجنوب، وأدى ذلك لاشتعال النار في السفينة (جاتام)، ولم تنفجر الشحنة حتى الساعة 6 صباحاً، وخفت حدة النيران وغرقت السفينة (جاتام) بحمولتها وبها المتفجرات في القناة، وكانت هذه الحادثة خطيرة جدا، نظرا لخطورة شحنة السفينة وما ترتب عليه من تفاعلات كيميائية أدت إلى صعوبة رفع أنقاض السفينة، أو انتشال صناديق الديناميت، لأن أي صدمة قد تؤدي إلى تفجير السفينة، وبالتالي قتل كل من يقوم بهذه العملية، وكان موقع غرق السفينة قريباً من الشاطئ الغربي للقناة، وفي حالة تفجير السفينة سيؤثر الانفجار على الشاطئ وعلى ترعة المياه العذبة التي تغذي بورسعيد. وقد اتخذت جميع الاحتياطات لحماية الممتلكات والأفراد، وتم تفجير السفينة في الساعة التاسعة وخمسة وأربعون دقيقة يوم 28 سبتمبر عام 1905م، وأحدثت فجوة طولها 120 متر وعرضها 3.5 متر في الضفة الشرقية، وتناثرت أجزاء من السفينة في اتجاهات مختلفة في دائرة قطرها 700 متر، ولم تؤثر على الضفة الغربية، وتسبب هذا الحادث في تعطيل الملاحة لمدة عشرة أيام.

          وفي فبراير 1908م، انحرفت مقدمة السفينة (فليول) ودخلت في مؤخرة الكراكة (19) وغرقت الكراكة ولكن الملاحة لم تتوقف.

          والمرة الرابعة، في فبراير عام 1915م، توقفت الملاحة في القناة بسبب الحرب العالمية الأولى، وغرق عدد من السفن في بوغاز بورسعيد بواسطة الغواصات.

          والمرة الخامسة، في أثناء الحرب العالمية الثانية، الفترة من 28 أغسطس 1940م إلى 27 يوليو 1942م. فقد أغارت الطائرات الألمانية والإيطالية، 64 غارة جوية علي منطقة قناة السويس، ونتج من ذلك غرق وإصابة 9 سفن ووحدات بحرية أخرى في قناة السويس، وبعض الوحدات في بوغاز بورسعيد. توقفت الملاحة لمدة 76 يوماً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

          والمرة السادسة، عندما غرقت إحدى السفن عند الكيلو 8.5 في القطاع الشمالي، بالقرب من مدينة بورسعيد في سبتمبر عام 1952م.

          والمرة السابعة، عندما حدث العدوان الثلاثي على مصر، في أكتوبر 1956م، حين أُغرق داخلها 48 سفينة وقاطرة وقطعة بحرية، وأصيب كوبري الفردان، وعدد 15 وحدة صغيرة من معدات أجهزة هيئة قناة السويس، إضافة إلى وجود 16 سفينة دخلت مجرى القناة ولم تستطع الخروج منها. وبعد انتهاء العدوان وانسحاب القوات المعتدية تم تطهير القناة وبلغت نفقات تطهيرها (8.376.42) دولار.

          أما المرة الثامنة والأخيرة، فكانت اكبر كارثة حلت بقناة السويس، في 5 يونيو 1967، بسبب حرب يونيو 19867، حين تعطلت الملاحة ولمدة 8 سنوات.

          والجدير بالذكر أن هناك فارق بين تعطل الملاحة والتي غالبا ما تكون بسبب حادثة أو حرب مثلا، ولا يتمكن القائمون علي القناة من تشغيلها، إلاّ بعد إزالة السبب الذي أدي لتعطلها، بعكس توقف الملاحة التي ما تكون غالبا برغبة القائمين على القناة وإرادتهم، لأسباب سياسية أو عسكرية.

تطهير القناة وإعادة افتتاحها في يوم 5 يونيو عام 1975م

          نتج من الحرب التي دارت بين مصر وإسرائيل _ والتي استمرت من 5 يونيو عام 1967م حتى وقف إطلاق النار بعد حرب أكتوبر عام 1973م، _ وجود كثير من العوائق تم إزالتها، منها عدد (10) عوائق كبيرة وهي: (السفينة الإسماعيلية، والسفينة مكة، والكراكة 23، والكراكة ناصر، والكراكة 15 سبتمبر، والكراكة 22، والقاطرة منجد، والقاطرة بارع، والناقلة مجد، والقيسون الخرساني)، بالإضافة إلي وجود (120) قطعة أخرى تمثل عوائق متوسطة، (500) عائق صغير. داخل المجري الملاحي للقناة وفي خليج السويس.

          بالإضافة إلى سد الدفرسوار الخرساني الذي أقامته إسرائيل ليربط الشاطئ الشرقي بالشاطئ الغرب للقناة ويعلوه طريق مرصوف بعرض 20 متر لعبور قواتها من والى الثغرة ، وبلغت الكميات المستخرجة من هذا السد 6500 متر مكعب من الأحجار الكبيرة، 17100متر مكعب من الكتل الخرسانية، 120000 متر مكعب من الرمال والدبش والأتربة بالإضافة إلي 27 وحدة من الصالات الحديدية المحملة بالأحجار.

          وكذلك تم إزالة الحواجز والسواتر الرملية، ومنها خط بارليف، التي أقامتها إسرائيل على الضفة الشرقية للقناة بعد حرب 1967م.

          إضافة إلى إزالة 686000 لغم من على ضفتي القناة، و 41500 لغم وصاروخ وقذيفة وقنبلة وعبوة ناسفة و 62 قنبلة طائرات و175 طن ذخيرة و567 صندوق ذخيرة من قاع القناة، وذلك حتى 21 ديسمبر 1974م.

          وكانت خسائر هيئة قناة السويس من الوحدات العائمة خلال المدة من 1967م إلي 1973م، عدد 154 وحدة عائمة، إلى جانب مباني، ووحدات الهيئة من مستشفيات، ووحدات كهرباء، ومكاتب، ومعامل، وطرق، والانهيارات التي حدثت على جانبي القناة. كما تم العثور على 3 طائرات، و 3 سفن متفجرات غارقة في غاطس السويس.

الاحتفال بافتتاح قناة السويس في 5 يونيو 1975:

          يُعَدّ إعادة افتتاح القناة للملاحة في عام 1975م هو الافتتاح الثاني للقناة، واختار الرئيس محمد أنور السادات يوم 5 يونيو ليكون يوم النصر في قناة السويس، بعد أن كان ذكرى الهزيمة وإغلاق القناة، وبدأ الاحتفال بكلمة للرئيس محمد أنور السادات، ثم تقدم الفريق أول (محمد عبد الغني الجمسي) نائب رئيس الوزراء ووزير الحربية المصرية والقائد العام للقوات المسلحة، بوثيقة تسليم القناة من الإدارة العسكرية إلى الإدارة المدنية للسيد الرئيس أنور السادات، الذي وقع عليها وسلمها للمهندس مشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس، وبعد ذلك صعد الرئيس أنور السادات على ظهر المدمرة (6أكتوبر) ليبدأ بها أول رحلة بحرية تعبر القناة بعد إعادة فتحها للملاحة، وكانت قافلة إعادة فتح القناة تبدأ من بورسعيد بكاسحتي ألغام، ثم المدمرة (6أكتوبر)، ثم اليخت (الحرية) – الذي سبق أن اشترك في افتتاح القناة لأول مرة في 16 نوفمبر عام 1869م، وكان اسمها السفينة ايجل، وسيأتي فيما بعد وصفها -، ثم سفينة القيادة (ليتل روك) من الأسطول السادس الأمريكي الذي ساهم في تطهير القناة من الألغام والعوائق، ثم السفينتان المصريتان (سوريا) و(عايدة) من سفن الركاب، ثم لنشين عسكريين، ثم القاطرة (مارد)، وفي نهاية القافلة 3 سفن حربية مصرية، فالسفينة القطرية (غزال)، وتحركت القافلة من بورسعيد ووصلت إلى الإسماعيلية وسط مظاهر الفخر والاعتزاز.

السفينة إيجل أول سفينة عبرت قناة السويس:

          السفينة (إيجل) هي أول يخت بني في العالم، وقامت بصنعه شركة (سامودا) البريطانية في لندن عام 1865م، بناءاً على تكليف من الخديوي إسماعيل، ويتكون اليخت من 6 طوابق، منها 3 طوابق تحت سطح الماء، وتضم غرف اليخت تابلوهاً فنياً رائعاً للحياة الفرعونية والحياة المصرية الحديثة، وكل الديكورات على الحوائط والجدران حفرت باليد لفنانين عالمين، وفي أحد جوانب البهو الفرعوني في اليخت يوجد بيانو نادر أهدته الملكة (أوجيني) ملكة فرنسا للخديوي إسماعيل، بمناسبة دعوتها لافتتاح قناة السويس، وتوجد باليخت غرفة للطعام نقش على جوانبها نقوش فرعونية مرصعة بالفضة والذهب والتيجان الملكية، وصالة لسماع الموسيقى على الطراز العربي والإسلامي.

وكان هذا اليخت هو أول سفينة تمر بقناة السويس عند افتتاحها، وشهد هذا اليخت عزل الخديوي إسماعيل، والملك فاروق حيث أقل كلا منهما إلى المنفى في إيطاليا، وكان اسم اليخت (المحروسة)، ثم تغير اسمه بعد قيام الثورة في 23 يوليو 1952م وأصبح اسمه (الحرية)، واشترك في حفل افتتاح القناة في يوم 5 يونيو 1975م، بعد تطهيرها من مخلفات حرب أكتوبر، مرافقا للرئيس محمد أنور السادات، ثم تحول بعد ذلك إلى متحف عالمي للتراث البحري المصري، حيث تم افتتاحه بمناسبة عيد البحرية المصرية في يوم 23 أكتوبر 1986م.

الافتتاح الثالث للقناة:

          وتم الافتتاح الثالث للقناة يوم 16 ديسمبر عام 1980م، حيث تم الانتهاء من تنفيذ جميع مشروعات المرحلة الأولى للتطوير وانتهت من تشغيل التفريعات الثلاثة التي تضيف إلى ازدواج القناة مسافة 68 كيلومتر تمكن السفن من خلالها العبور في الاتجاهين، واعتبر السادات أن هذا النجاح الذي حققته مصر لا بد أن يسجل في التاريخ في افتتاح ثالث لأن حجم الإنجاز يزيد مرة ونصف عن كل ما تحقق في القناة في أكثر من 110 أعوام متصلة.

مشروعات التطوير:

مشروع عام 1966م:

خُطط هذا المشروع لينفذ على مرحلتين:

المرحلة الأولى: كانت تهدف إلى زيادة القطاع المائي ليصبح 2400 متر مربع، والغاطس 48 قدماً، والحمولات حتى 110 ألف طن تعبر بكامل الحمولة، وحتى 150 ألف طن تعبر بحمولة جزئية، 200 ألف فأكثر تعبر فارغة، وعلى أن تنتهي هذه المرحلة في عام 1972م.

المرحلة الثانية: فتهدف إلى زيادة القطاع المائي ليصبح 3600 متر مربع، والغاطس 58 قدماً، والحمولات حتى 200 ألف طن تعبر بكامل الحمولة، وحتى 325 ألف طن تعبر بحمولة جزئية، وما زاد على ذلك تعبر فارغة على أن تنتهي عام 1975م.

وبدأ تنفيذ المرحلة الأولي من المشروع في 22 فبراير عام 1967م، بأعمال الحفر على الناشف[1] ثم توقف المشروع بسبب معركة 5 يونيو 1967م وإغلاق القناة.

مشروع عام 1974م :

          وضع هذا المشروع ليسمح بعبور الناقلات الضخمة حمولة 260 ألف طن، وغاطس 67 قدم. وكانت الأرباح المتوقعة من هذا التطوير تراوح بين 30% و40% سنوياً. على أن يتم المشروع على مرحلتين كالآتي:

المرحلة الأولى:

تهدف إلى أن يصبح القطاع المائي 3300/3700 متر مربع، والغاطس 53 قدماً، والحمولات حتى 150 ألف طن تعبر كاملة، وحتى 370 ألف طن تعبر فارغة، على أن تنتهي في النصف الثاني من عام 1980م، وقد نفذت هذه المرحلة بنجاح، وكان قد بدأ تنفيذها بعد استئناف الملاحة في نهاية عام 1975م، وبلغت تكاليف هذا المشروع 1287.5 مليون دولار أمريكي، منها ما يوازي 742.5 مليون دولار بالعملة الصعبة، وبلغت أعمال التطهير بالكراكات في هذه المرحلة 556 مليون متر من ناتج الحفر من الأعماق إلى جانب 100 مليون أخرى من على الضفة الشرقية،

شملت هذه المرحلة (4) إنجازات كبرى أهمها:

الإنجاز الأول: ازدواج المجرى الملاحي للقناة: استطاعت هيئة قناة السويس أن تنفذ (35%) على الأقل من مشروع ازدواج المجرى الملاحي في إطار خطة تستهدف تحقيق الازدواج الكامل على مدى 20 عاماً. وقد تم تحقيق الازدواج من خلال ثلاث تفريعات رئيسية، وقد أصبحت هذه التفريعات حقيقة واقعة، جعلت القناة قادرة على استقبال 120 سفينة وناقلة يومياً بزيادة 100% عن طاقة القناة قبل التأميم، والتفريعات الثلاثة هي:

1. تفريعة بورسعيد وهي بطول 36.5 كيلو متر، وتحقق هذه التفريعة دخول وخروج السفن والناقلات الضخمة من وإلى القناة من دون إعاقة الحركة بميناء بورسعيد وتم افتتاحها في 19 مارس 1980م.

2. التفريعة الثانية وهي تفريعة التمساح بالإسماعيلية بطول 5.1 كيلو متر، وتحقق العبور المستقيم داخل المجرى الملاحي بدلاً من الدوران حول البحيرة، وتعطي مرونة أكثر في عبور الناقلات، وتم افتتاحها في 22 نوفمبر 1979م.

3. التفريعة الثالثة، وهي تفريعة الدفرسوار بطول 9 كيلو مترات، وتم افتتاحها في 10 مايو 1980

   وقد حققت هذه التفريعات ازدواج المجرى الملاحي في مسافة 68 كيلو متر من طول المجرى الملاحي البالغ 179 كيلو متر، من بورسعيد حتى بورتوفيق في السويس.

والإنجاز الثاني: هو إحداث قفزة هائلة في نظام إرشاد السفن بالقناة، من خلال بناء أحدث شبكة إلكترونية للإشراف على تمرير وعبور السفن والناقلات (شبكة المراقبة الإلكترونية)، تمكنت الإدارة المصرية من تنفيذ هذه الشبكة في نهاية النصف الأول من عام 1981م، وبلغت نفقاته 20 مليون دولار.

ويتكون المشروع من الشبكة الرادارية، وشبكة لاسلكية لتحديد المواقع من طراز لوران، وشبكة من أجهزة الحواسب الإلكترونية، ومجموعة شبكات للاتصال اللاسلكي.

وبدأت الهيئة في تركيب الأجهزة بمراكز الحركة ومواقع المحطات بمنطقة القناة منذ 15 أكتوبر عام 1979م، واستطاعت أن تبدأ العمل على هذه الشبكة في سبتمبر 1981م.

والإنجاز الثالث: هو إنشاء مركز شامل للبحث العلمي في الشئون البحرية داخل جهاز هيئة القناة الرئيسي، لكي تستكمل الإدارة المصرية العجز الفادح في مجالات الأبحاث الخاصة بتطوير القناة وكل ما يتصل بالأعمال البحرية الأخرى التي تحتاجها قناة السويس، لكي تواجه عمليات التطوير المستمر وتواجه متطلبات العصر. ويضم المركز عدداً من الأقسام العلمية منها قسم الهيدروليكا، وقسم أبحاث المواد، وقسم أبحاث التربة، وقسم أبحاث الأجهزة، وقسم الأرصاد الجوية، وقسم الخدمات، الذي يضم المكتبة العلمية. وقد استطاع مركز أبحاث قناة السويس القيام بإعداد دراسات تطوير القناة، واختيار أنسب أنواع التكسيات لجوانب القناة، وإجراء تجارب على عمليات التوقف المفاجئ للناقلات العملاقة في القناة، وعمل دراسات الجدوى الاقتصادية لمشروعات الهيئة، ودراسات رسوم المرور في القناة، وإعداد دراسات تحديد التلوث ومقاومته في القناة والمواني، إلى جانب عمل الدراسات لمختلف قطاعات الدولة.

والإنجاز الرابع : هو تطوير وتجديد أجهزة هيئة القناة (المعدات) بأنواعها المختلفة، لتساير مرحلة التطوير الشامل واحتياجات السفن الضخمة والناقلات العملاقة.

المرحلة الثانية:

          وتشمل تعميق القطاع المائي للقناة (المجرى الملاحي) للوصول بالغاطس إلى 67 قدماً، والقطاع المائي من 4700 إلى 5200 متر مربع، بحيث يصبح من الممكن لناقلات البترول العملاقة أن تعبر القناة من الاتجاهين بحمولة كاملة 260 ألف طن وحمولة مخففة 320 ألف طن، وفارغة حتى نصف مليون طن، وقد بدأ تنفيذ هذه المرحلة من التطوير اعتباراً من النصف الثاني من عام 1982م.

          واستطاعت مصر نتيجة عمليات تطوير القناة المستمرة ورفع كفاءتها أن تصل بمعدلات الإيرادات من 35 مليون جنية عام 1956م إلى 1000 مليون جنية عام 1982م، ووصل إلي 1110 مليون دولار عام 1985م، كما وصل في شهر أغسطس عام 1997م مبلغ 148 مليون دولار.

ودفعت مصر 1200 مليون دولار لتطوير قناة السويس خلال المدة من عام 1975 – 1980

          أعلن الفريق أحمد فاضل رئيس هيئة قناة السويس بأن متوسط الدخل السنوي لقناة السويس بلغ 2 مليار دولار، وهذا الدخل يتأثر نتيجة تغيير أساليب وأنماط التجارة وأوضاعها واتجاهاتها في العالم. كما قال "إن أعمال التطوير والتوسيع والتعميق مستمرة لتصل بعمق القناة إلى 62 قدم عام 1999م، ثم إلى 66 قدم عام 2004، ثم إلى 72 قدم عام 2010م، والتي تسمح لجميع السفن بالعبور في قناة السويس".

الناقلات العملاقة والمرحلة الثانية:

          وطبقاً لدراسة جدوى تنفيذ المرحلة الثانية التي أعلنت في أكتوبر عام 1981م، يؤكد الخبراء أن قناة السويس تستطيع بعد تنفيذ المرحلة الثانية أن تستوعب (98%)  من جميع الناقلات حتى حمولة 260 ألف طن كاملة الحمولة، و(60%) من الناقلات ذات الحمولات ما بين 260 إلى 270 ألف طن، و(26%) من الناقلات ذات الحمولات ما بين 270 إلى 280 ألف طن، - وفعلا في أول إبريل 1996: بدء عبور السفن والناقلات العملاقة بغاطس 58 قدم بعد تعميق المجرى الملاحي ليسمح بعبور الناقلات والسفن حتى حمولة 190 ألف طن بكامل حمولتها وحتى حمولة 300 ألف طن بحمولة جزئية وأكبر من ذلك فارغة مهما كانت حمولتها.

          وفي نفس الدراسة أيضاً يرى خبراء القناة أن الطلب على بناء الناقلات الجديدة فيما بين عام 1982م إلى عام 1985م، سيرتكز على بناء الناقلات في شريحة خاصة تتراوح ما بين 150 إلى 350 ألف طن بينما يبدأ الطلب على بناء الناقلات الجديدة في عام 1986م، عندما يتوازن العرض والطلب على سوق الناقلات. وسوف تظل الناقلات ذات الحمولات ما بين 150 إلى 270 ألف طن هي الأحجام المثالية بالنسبة لجميع مواني العالم، ومن هنا فإن المرحلة الثانية من مشروع التطوير وكما سبق تجعل القناة قادرة على أن تستوعب الأسطول العالمي للناقلات. فيما عدا عدداً من الناقلات العملاقة حمولة نصف مليون طن وهي قليلة ويمكنها العبور فارغة، وقد تم في يوم 29 يناير 1995: عبور اضخم ناقلة بترول في العالم في قناة السويس وهى الناقلة النرويجية فوق العملاقة ( جاهري فايلنج ) وحمولتها القصوى 565 ألف طن. ويطلق عليه الخبراء العبور الاقتصادي في القناة.

جدوى بناء الناقلات العملاقة:

          فقد أثبتت الدراسات، التي أجرتها هيئة قناة السويس، أن تكاليف نقل الطن من البترول من الخليج العربي إلى أوروبا بواسطة ناقلات مختلفة تنخفض انخفاضاً ملحوظاً مع ازدياد حمولة الناقلة. حتى تصل هذه الحمولة إلى حوالي 250-270 ألف طن، وبعدها يكون الانخفاض معدوماً. بل تزيد تكلفة نقل الطن مما لا يشجع على بناء ناقلات حمولتها تزيد على هذا الحد بجانب الصعوبات التي تواجه هذه الأحجام من الناقلات منها ما يلي:

أولاً: إن بناء ناقلة تزيد حمولتها على 250 ألف طن، يتطلب رأس مال ضخم، بجانب الأخطار التي تتعرض لها الشحنة الضخمة من البترول المحملة بهذه الناقلات في حالة تعرض الناقلة لأي خطر أو حادث.

ثانياً: إن شركات التأمين قد وجدت نفسها بعد حوادث غرق بعض الناقلات الجبارة مطالبة بدفع مبالغ ضخمة لأصحاب السفن، مما دفعها إلى إعادة النظر في قيمة التأمين على مثل هذه الناقلات الجبارة، وبالفعل فقد قررت اللجنة الممثلة لشركات التأمين في إنجلترا مضاعفة نسبة التأمين على الناقلات الضخمة وزيادته من (1%) إلى (2%) من قيمة الناقلة، وتتوقع الدوائر الملاحية أن تعاود شركات التأمين المطالبة بزيادة هذه النسبة.

ثالثاً: معظم المواني البحرية في العالم لا تستطيع استقبال الناقلات العملاقة، ويحتاج تطوير مثل هذه المواني وتعميقها لتلائم هذا الحجم من الناقلات، إلى وقت طويل وتكاليف باهظة. وسوف يترتب على ذلك زيادة رسوم هذه المواني، ولا ينتظر أن يغطي العائد أو الربح الناتج عن ذلك قيمة التكاليف العالية اللازمة لها.

رابعاً: وجد أن معظم المواني العالمية وخاصة مواني استقبال البترول، محدودة المساحة، وقيمة مسطح أرضها مرتفعة، وبناء على ذلك فزيادة مسطح أراضي هذه المواني لبناء خزانات بترولية إضافية لاستيعاب الحمولات الضخمة التي تنقلها الناقلات العملاقة يتطلب مبالغ باهظة.

          وهناك بعد ذلك حقيقة أخرى واضحة، وهي أن القنوات والممرات الملاحية العالمية الأخرى بخلاف قناة السويس، مثل مجرى (دوفر) ومجرى (بحر الشمال) وممر (مالاكا) تشكل عقبة في سبيل بناء ناقلات بأحجام أكبر من الحجم المثالي وذلك في الوقت الحالي والمستقبل.

          ولا شك أن هذه العوامل سوف تحد كثيراً من التفكير في بناء ناقلات عملاقة أكبر من الحجم المثالي، ويؤيد ذلك ما تدل عليه إحصائيات تعاقدات بناء الناقلات الجديدة.

الأهمية الاقتصادية لقناة السويس:

  1. طريق قناة السويس بعيد عن أخطار العواصف والأنواء البحرية والتيارات بعكس طريق رأس الرجاء الصالح الذي تشتد فيه العواصف في معظم فصول العام.
  2. تتوفر في طريق قناة السويس الخدمات البحرية، مثل التزود بالوقود والتموين وخدمات الصيانة.
  3. طريق قناة السويس به عدة مناطق ذات نشاط تجاري وإنتاجي.
  4. تدر قناة السويس علي مصر دخلاً، يُعد من الموارد الرئيسية للعملة الصعبة.
  5. ازدادت أهمية القناة بزيادة بترول دول الخليج، وحاجة هذه الدول للمنتجات الأوربية، والتبادل التجاري، وقد عملت مصر ومازالت تعمل على تطوير القناة لاستيعاب الناقلات العملاقة، حتى تساير التطور المستمر في وسائل النقل البحري.
  6. وجود قناة السويس خلق مجتمعات عمرانية علي جانبي القناة، مما ساعد علي النمو الاقتصادي والصناعي والتجاري والزراعي، كما ازداد النشاط السياحي.

الأهمية العسكرية لقناة السويس:

          تعتبر قناة السويس مانع مائي أمام تقدم أي قوات من جهة الشرق، كما حدث في عام 1956م، وعام 1967م، فلم تتمكن القوات الإسرائيلية من اجتيازه والتقدم إلى جهة الغرب.

كما أنه يمثل عائقاً ضد تحركات القوات المصرية في اتجاه الشرق عبوراً للقناة، كما حدث في حرب أكتوبر 1973م، لولا التدريب الجيد، والخطة المحكمة للعبور والتي نفذتها القوات المصرية.

قناة السويس وتحديات المستقبل

التحولات الاقتصادية العالمية والإقليمية وانعكاساتها على قناة السويس:

          يشهد العالم تغيرات اقتصادية متسارعة ومتشعبة الاتجاه، بدأت من منتصف الثمانينيات ، وقد اتسمت تلك التغيرات بتزايد درجة الاعتماد المتبادل بين الدول، واتجاه الصناعة إلى العالمية، وتدويل العملية الإنتاجية، وظهور نمط جديد لتقسيم العمل الدولي، وكذلك تزايد أهمية الشركات متعددة الجنسيات في الإنتاج والتجارة، بما يتجاوز حدود السياسات القومية. كل هذه التطورات أدت في النهاية إلى زيادة الاهتمام بتحرير التجارة سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى الدولي.

اتفاقية الجـات وحرية التجارة والتحولات الاقتصادية العالمية :

          بدأت مفاوضات تحرير التجارة الدولية منذ 1947م ، فَعُقِدت الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات الجمركية "الجات" (GATT) وهي اتفاقية متعددة الأطراف لم تصل في ذلك الحين إلى وضع المنظمة الدولية ، وقد استهدفت تحقيق حرية التجارة وانسياب السلع والخدمات ورؤوس الأموال بين الدول بدون عوائق أو قيود للمزايا النسبية ، بما يحقق مبدأ التخصص وارتفاع العائد للدول المشاركة ، بحيث تستطيع كل دولة أن تتخصص في إنتاج السلعة التي تتمتع في إنتاجها بميزة نسبية أفضل وبتكلفة نسبية أقل. وتتلخص مـبـادئ وأهـــداف الجــات في :

‌أ. تحرير التجارة الدولية مع تبني سياسات تستهدف:

(1) إلغاء القيود الكمية ونظام الحصص الذي كان سائداً.

(2) الخفض المتبادل للتعريفات الجمركية ، وتطبيق شرط الدولة الأولى بالرعاية.

(3) تبسيط إجراءات التصدير والإستيراد.

(4) عدم السماح بمنح إعانات للصادرات بما يضر بمنتجات الدول الأخرى.

ب. عدم التمييز في المعاملة بين الدول في التجارة الدولية، كوسيلة مطروحة تعمل على تحقيق تكامل اقتصاديات أعضائها، وإزالة العقبات التي تعترض التجارة القائمة بينهم، وفي مقدمتها القيود الجمركية وغير الجمركية، وكذلك العقبات التي تعرقل انسياب حركات رؤوس الأموال، وانتقال العمالة بين الدول الأعضاء.

التكتلات الإقتصادية:

          تكونت التجمعات الاقتصادية الدولية التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، والتي يمكن تحديد معالمها في تجمع أسيوي تتزعمه الولايات المتحدة واليابان، وتشارك فيه معظم النمور الصاعدة في جنوب شرق أسيا. وتجمع أوروبي تقوده تجربة الاتحاد الأوروبي في الاندماج الاقتصادي والسياسي. وتجمع في الامريكتين بقيادة الولايات المتحدة في إطار "النافتا".

          وتتطلع هذه التجمعات إلي هدف تحرير التجارة، في إطار منظمة التجارة العالمية. وتجد قناة السويس نفسها أمام تحد كبير للمحافظة على نصيبها من التجارة العابرة دولياً، ومحاولة تنميته بصورة تتناسب مع سمعتها وموقعها وإمكانياتها.

الانخفاض في عدد السفن العابرة لقناة السويس:

يمكن إرجاع الانخفاض الكبير في عدد السفن العابرة للقناة خلال التسعينات إلي الأسباب الآتية.

أ. انخفاض الخام المنقول من مناطق الاتحاد السوفيتي السابق إلي آسيا.

ب. الكساد في سوق الناقلات.

ج. استخدام الناقلات العملاقة عبر رأس الرجاء الصالح لنقل خام الشرق الأوسط إلي أوروبا والولايات المتحدة.

د. تطوير مصادر أخرى للطاقة.

هـ. إمداد خطوط أنابيب لنقل الخام بصورة متزايدة.

و. انخفاض صادرات السيارات الآسيوية إلي أوروبا نتيجة لنقل بعض مصانع السيارات اليابانية من آسيا إلي أوروبا.

ز. استخدام ميناء إيلات الإسرائيلي لتفريغ السيارات المصدرة من آسيا إلى أوروبا ونقلها إلى القارة الأوروبية عن طريق البر.

التحديات التي تواجهها قناة السويس:

يمكن تحديد التحديات التي تواجه قناة السويس خلال المرحلة القادمة في الآتي:

  1. الكيانات والتكتلات الاقتصادية الجديدة.
  2. زيادة اعتماد الدول الأوروبية على بترول وغاز دول الاتحاد السوفيتي السابق وزيادة حركة التجارة بينهما مما أثر على حركة التجارة بين الشرق والغرب عبر القناة.
  3. زيادة التوسع في بناء مصانع السيارات اليابانية في الولايات المتحدة وأوروبا نظراً لرخص الأيدي العاملة بها مقارنة باليابان مما سيؤدي إلى نقص حركة نقل السيارات عبر قناة السويس.
  4. طرق النقل البديلة والمؤثرة على القناة.
  5. ما تواجهه القناة من وجود مراكز التجارة الحرة وما يتبعها من إنشاء موانئ محورية تستخدم في التوزيع العالمي بما يؤثر على استخدامات القناة في ظل التغيرات المتوقعة في حركة التجارة العالمية.
  6.  مصالح وأطماع القوى الكبرى وتتلخص في:

أ. تَوَجه الدول الفاعلة الكبرى لبناء خطط عسكرية استراتيجية جديدة، بهدف سرعة التدخل في منطقة الخليج العربي أو البحر الأحمر، اعتمدت على بناء قوات انتشار سريع تنقل في أوقات وأزمنة قصيرة إلي تلك المناطق، يدعمها تواجد ثابت في تسهيلات بحرية دائمة في الموانئ المطلة على المناطق. ويتطلب بالضرورة المرور بقناة السويس وضمان حركة الملاحة بها، مع إقامة تدريبات بحرية عسكرية مشتركة مع دول الخليج، تحت دعوى تحقيق الأمن لهذه الدول. وهي كلها توجهات تهدد أمن القناة من منظور الصراع التنافسي الدولي على تأمين مصالحها بالمنطقة عسكرياً.

ب. قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء قيادة الأسطول الخامس الأمريكي في منطقة المحيط الهندي والخليج العربي، بعد تطوير قوات الانتشار السريع الأمريكية في تلك المناطق (القيادة المركزية سابقاً) كي تتعاون مع الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط شمالاً، يجعلها تحكم السيطرة على المناطق البحرية المحيطة بقناة السويس، ويهدد أمن مصر القومي مستقبلاً من منظور تحقيق أهداف تلك القوات .

ج. وتريد الدول الكبرى التي لها مصالح رئيسية في مناطق الخليج ضمان استمرار حركة الملاحة بالقناة، وقد تفرض هذه الدول ضغوطا سياسية على مصر لتسهيل هذا الدور، وخاصة فيما يختص بتزايد حركة مرور القطع البحرية العسكرية الكبيرة (النووية - حاملات الطائرات)، أو إعادة تمركزها داخل المياه الإقليمية المصرية بالبحر الأحمر أو قريبا منها.

  1.  في ظل تطور العمليات الإرهابية وانتشارها الجغرافي عالمياً وخاصة في منطقة الشرق الأوسط سواء في إطارها السياسي أو الديني، وسواء الموجه نحو النظم الحاكمة أو التواجد العسكري الأجنبي في بعض الدول القريبة من مصر، فإنه قد ينتظر القيام بأعمال تخريبية تهدد قناة السويس وأمن مصر، مثل إلقاء المتفجرات والألغام البحرية بالممر الملاحي للقناة أو على مداخلها ومخارجها.
  2. مصالح وأطماع إسرائيل
  3. إلقاء السفن للمخلفات والملوثات بأنواعها في الممر الملاحي لقناة السويس، يؤدي بدوره إلى وصولها إلى شواطئ مدن القناة، ونقل الأمراض والأوبئة والإصابات إلى سكان تلك المدن، إضافة إلى التأثير على الثروة السمكية والبيئية بمنطقة قناة السويس.

 



[1] وهو الحفر في الأراضي التي فوق مستوي سطح الماء والذي تقوم به بعض المعدات منها البلدوزر.