إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / أقاليم وظواهر جغرافية / الشرق الأوسط









أولاً: الرؤية العربية

أولاً: الرؤية العربية

    واجهت حركة القومية العربية الحديثة، على امتداد ما يزيد على ربع قرن أحداثاً وهزات عاصفة، كان أشدها صدمتي هزيمة يونيه 1967، والغزو العراقي للكويت 1990، وتداعياتهما، وعلى طول هذه الفترة، تعددت اجتهادات فحص  هذه الأيديولوجيا ونقدها وحركتها الحديثة، بغرض بلورة رؤى جديدة، ومنهجية واقعية، تقود إلى مشروعات سياسية، تملك آليات مرنة وفاعلة، ففي المجال الفكري السياسي المعاصر للكتلة العربية، واجهت المفكرين معضلات شائكة ومزمنة، أثرت على إيجاد وتبلور رؤية محددة وواضحة إزاء مصطلح الشرق الأوسط، والشرق الأوسط الجديد، في مواجهة الرؤى الإقليمية والدولية، ومن أبرز هذه المعضلات، ما يسمى بدولة الوحدة التاريخية، وإعادة بنائها في العصر الحديث، ومما يعطي لهذه المعضلة أهمية، ذلك الفشل، الذي منيت به جميع المحاولات، التي بذلت بدوافع وأساليب مختلفة، من أجل بناء دولة الوحدة العربية، أو على الأقل الأجزاء المحورية منها، مثل: مصر ـ سوريا، مصر ـ سوريا ـ العراق، سوريا ـ العراق، مصر ـ ليبيا، تونس ـ ليبيا، المغرب ـ ليبيا ـ مصر ـ السودان، السودان ـ ليبيا، وأخيرًا العراق ـ الكويت، من خلال الاجتياح العسكري 1990، غير أن هناك ـ مع ذلك ـ استثناءات وحدوية محدودة، ويلفت النظر في هذه الاستثناءات، أنها جميعاً، تمت أو ماتزال تتبلور في منطقة الخليج العربي، وتنحصر في قيام وحدة دولة الإمارات العربية المتحدة 1971م، وذلك من خلال التفاوض السلمي بين مجموعة الإمارات الصغيرة السبع، بزعامة الشيخ زايد آل نهيان، أمير أبو ظبي، كذلك وحدة اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، التي تمت عام 1990، وتسعى بجهد للوصول إلى صياغة سياسية ـ اجتماعية مستقرة. وإن كانت هاتان الوحدتان قد تمتا في عهد الاستقلال الوطني، فإن ثمة وحدة أخرى هامة، سبقتهما في شبه الجزيرة العربية، وذلك من خلال الحركة التوحيدية والتحديثية، التي قادها، في العشرينيات، الملك عبد العزيز آل سعود، والتي جمعت شتات العديد من الإمارات والولايات والقبائل، في دولة وطنية موحدة، ذات قطر موحد لأقاليم الحجاز، ونجد، والأحساء، وعسير. وقد نجت هذه الوحدات العربية الثلاث من الفشل، وتحققت في دول، وحدت بين أقاليم متعددة، مزقتها عوامل الانفصال لفترات طويلة، كما تمت ـ بصورة عامة ـ خارج منظور أيديولوجية الوحدة العربية الحديثة وحركتها، التي تبلورت في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين.

    إن القول بإعادة بناء دولة الوحدة العربية، في مواجهة المشروعات الإقليمية، ومن بينها مشروع الشرق الأوسط والشرق الأوسط الجديد، تدعمه القرائن التاريخية، بوجود مثل هذه الدولة في عدد من الحقب الزمنية، من تاريخ الكتلة العربية، مثل دولة الخلافة نسبة إلى الخلفاء الراشدين، أو الدولة الأموية، والدولة العباسية، والدولة الفاطمية، وكذلك الإمبراطورية العثمانية، وهذه الدول أصبحت المثال القومي لدى أيديولوجية الوحدة العربية.

    جاءت قرارات القمة العربية، التي عقدت في القاهرة، في 21 يونيه 1996م داعمة لاتجاه إحياء التعاون الاقتصادي العربي، بصفة خاصة، فقد جاء الشق الاقتصادي لبيان القمة العربية، مؤكداً ضرورة قيام منطقة تجارة حرة عربية، وفقاً لبرنامج عمل وجدول زمني، وذلك تأكيداً للإجماع الشعبي والرسمي، على ضرورة دعم العمل الاقتصادي العربي المشترك. فإذا كان التعاون الإقليمي، في إطار الشرق الأوسط الجديد، خياراً يفرضه المجتمع الدولي، فإن هذا التعاون مشروط بالتقدم السياسي في التوصل إلى السلام الشامل والعادل، بما في ذلك المرحلة النهائية للمفاوضات، التي تشمل مدينة القدس، وتسوية قضية اللاجئين، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، والشرعية الدولية، وعدم السماح بالتفوق العسكري الإسرائيلي، ونزع السلاح النووي الإسرائيلي. وعلى هذا فإن الدول العربية يلزمها، قبل الدخول في ترتيبات التعاون الإقليمي، العديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعدم التقليل من جدوى التعاون العربي ـ العربي، في هذه الفترة، فضلاً عن أن فكرة عقد مؤتمرات لرجال الأعمال، على غرار المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليست بجديدة في إطار العمل الاقتصادي العربي المشترك، وترويج المشروعات العربية، ومناقشة مشكلات رجال الأعمال، فيما يتعلق بمجالي التجارة والاستثمار في المنطقة العربية، إلى جانب التنسيق العربي، فيما يتعلق بالتعاون الإقليمي، أي أنه يجب تدعيم النظام الإقليمي العربي، القائم على الهوية العربية الإسلامية، ودخول الدول العربية، مجتمعة، إلى أي شكل من الترتيبات الإقليمية الجديدة، بصفتها وحدة واحدة، تنطلق من منطقة تجارة حرة عربية كبيرة.