إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / أقاليم وظواهر جغرافية / شبه جزيرة سيناء




أثر النبي صالح
محمية سانت كاترين
نخيل شاطئ العريش
مسجد وكنيسة داخل الدير
نقوش معبد سرابيط الخادم
الشعب المرجانية
دير سانت كاترين
فندق طابا
قلعة صلاح الدين
قاع البحر


المدن في سيناء
التقسيم الإداري لسيناء
استراتيجية سيناء العسكرية
توزيع القوات المصرية
تضاريس سيناء



الملحق الرقم (د)

ملحق

طابـا

خلفية تاريخية

          للحديث عن هذه البقعة من الوجهة التاريخية فإننا سنقتبس بعض الفقرات من كتاب " طابا قضية العصر" للدكتور يونان لبيب رزق، وهو أحد أعضاء الفريق المصري للدفاع عن طابا. "حاولت الدولة العثمانية بعد وفاة الخديوي توفيق في سنة 1892، الاستيلاء على هذه المنطقة وحرمان مصر من أي وجود على خليج العقبة، مما أثار قضية مشهورة في التاريخ المصري باسم "قضية الفرمان" والتي انتهت بتراجع الباب العالي وباتفاق على تعيين حدود مصر الشرقية من نقطة تقع شرق العريش،"رفح"  إلى نقطة تقع على رأس خليج العقبة "طابا".

          وفي عام 1906، وقعت أزمة أخرى اشتهرت في التاريخ المصري الحديث باسم (حادثة طابا) وانتهت باستجابة تركيا لتشكيل لجنة مصرية عثمانية لرسم الحدود المصرية مع الدولة العثمانية والتي أقرت بتبعية شبه جزيرة سيناء التي يحدها في الشرق خط رفح ـ طابا لمصر، وكان هذا العام هو عام تعليم الحدود. وفي ما بين عام ترسيم حدود مصر الشرقية 1906 وعام 1922 والذي أعلن فيه قيام دولة ذات سيادة في مصر وأيضاً إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين، حدثت اضطرابات سياسية واشتباكات عسكرية في المنطقة مما أحدث كثيراً من التضارب في التقارير والخرائط بين إنجلترا وتركيا وألمانيا خاصة مع قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914وخلال تلك الفترة.

          ثم تأتي فترة الانتداب البريطاني على فلسطين من ( 1922 ـ 1948 ) وهي الفترة التي اتفق الطرفان في  مشارطة التحكيم في قضية طابا على الأخذ بخط الحدود الذي كان قائماً من قبل.

          وخلال الاحتلال الإسرائيلي لسيناء في عام 1967 بقيت حدود مصر الشرقية على حالها كما ظلت طابا النقطة الأمامية في هذه الحدود.

          أما بداية القضية والخلاف فقد نشأ أثناء تحديد مواقع علامات الحدود بين مصر وفلسطين، ففي عام 1981 وبعد تحديد العلامات رقم 88 و 89 و 90 بدأت الادعاءات الإسرائيلية خلال تحديد آخر علامة وهي العلامة رقم 91 الشهيرة وأرادت إسرائيل تحريك موقع العلامة إلى بطن وادي طابا بدلاً من سلسلة الجبال المطلة على هذا الوادي. ومنذ 1982 وعلى مدى سبع سنوات خاضت مصر صراعاً سلمياً ومفاوضات مضنية وتم الاتفاق على مبدأ التحكيم.

          شكلت المحكمة في جنيف من خمسة أعضاء، وفي يوم 30 سبتمبر1988 صدر قرار التحكيم لصالح مصر بأغلبية أربعة أصوات في مقابل صوت واحد هو صوت القاضية الإسرائيلية، وبذلك  صدر الحكم بالإجماع حيث أن العبرة هنا بالقضاة المحايدين، وفي 19 مارس1989 تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي من  طابا، ومن ثم بدأت ملحمة البناء والتعمير في طابا المصرية.

أهمية طابا استراتيجياً وجغرافياً وسياحياً

          يشير علماء الجغرافيا  الطبيعية إلى حقيقة ذات أهمية بالغة في النظرة الإسرائيلية لطابا، وهي أن "أم الرشراش" التي أصبحت في ما بعد "إيلات" والتي تتميز بمياه صافية، هي من أكثر المناطق صعوبة في الملاحة أو في إقامة المشاريع السياحية، بحكم أن حيوان المرجان الذي يكون الشعاب المعروفة باسمه، يعيش أساساً في هذه المياه.

          لكن الأمر يختلف بالنسبة لطابا حيث أنها في حقيقة الأمر دلتا غرينية للوادي المعروف بنفس الاسم والذي كونته مياه الأمطار المحملة بالغرين في جريانها من قمم الجبال المحيطة نزولاً إلى وادي طابا ومن ثم إلى مياه الخليج، مما يترتب عليه تعكر هذه المياه، الأمرالذي لا يوفر البيئة المناسبة لحياة حيوان المرجان. وترتب على هذا خلو مياه شاطئ طابا من تلك الشعاب التي أدت إلى صعوبة الملاحة أو السباحة، ومن ثم فإن اختيار جانب من هذا الشاطئ لإقامة فندق أو قرية سياحية علية لم يأت من فراغ، وهو ما فعلته إسرائيل ببناء الفندق الشهير في هذه المنطقة والذي قامت مصر بشرائه في ما بعد.

          أضف إلى ذلك أيضاً وجود طابا بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة ومياه خليج العقبة من جهة أخرى وفر لها الحماية الطبيعية من الرياح، فضلاً عن توافر مياه الآبار والمياه الصافية التي تجذب هواة التزحلق على الماء والغطس.

          ومناخ طابا معتدل صيفاً وشتاء ودرجة حرارة المياه الدافئة والمستقرة مما سمح باجتذاب الزائرين لها طوال العام.

          وتقع طابا على بعد 400 كيلومتر من القاهرة، 240 كيلومتراً من شرم الشيخ، وتمثل المنطقة الواقعة بين طابا شمالاً وشرم الشيخ جنوباً أهم مناطق الجذب والتنمية السياحية الواعدة على ساحل خليج العقبة والتي تجمع ما بين التراث التاريخي والجمال الطبيعي والمناخ المعتدل.

آفاق المستقبل في طابا

          بعودة طابا إلى السيادة المصرية انتهت واحدة من أهم ملاحم الكفاح المصري البطولي، وبدأت ملحمة جديدة لانهاية لها هي ملحمة البناء والتعمير، ملحمة تحويل سيناء أرض الرسالات السماوية ـ صاحبة أطول سجل عسكري معروف في التاريخ ـ إلى أرض للسلام والتنمية والاستقرار للملايين من شباب مصر، لتعميرها والاستقرار فيها إلى الأبد من أجل هدف سام وهو: إنهاء عزلة سيناء عن وادي النيل.

          وفي إطار المشروع القومي لتنمية وتعمير سيناء ( 1994 - 2017 ) الذي تبلغ تكاليفه 75 مليار جنية مصري، ويرتكز أساساً على دمج سيناء في الكيان الاقتصادي والاجتماعي لمصر، كان لطابا نصيب من الإنجازات والمشروعات الحيوية باعتبارها بوابة الحدود المصرية الشرقية على خليج العقبة.

          ومن أهم هذه المشروعات هو مد خطوط كهرباء جهد 500 ألف كيلو فولت من السويس إلى طابا  والتي تتكامل مع محور آخر يربط القنطرة بالعريش، مما يجعل خطوط الكهرباء في شبة جزيرة سيناء حلقة واحدة ومتكاملة ويربطها بالشبكة الكهربائية الموحدة للجمهورية وذلك لأول مرة في تاريخ سيناء.

          وتعتبر المشروعات الكهربائية أحد المداخل الحضارية وعصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية سواء للتنمية الزراعية، أو التوسع العمراني أو المشروعات السياحية والصناعية، كما تم في عام 1997 تنفيذ كابل ـ قطعة واحدة بطول  12 كيلومتراً ـ بحيث يمر عند 850 متراً من الأراضي المصرية عبر خليج العقبة إلى محطة العقبة الأردنية وتتكامل هذه الخطوط مع خطط  الربط الكهربائي بين الشبكة الأردنية والسورية بطول 100 كيلومتر والتي سيتم الانتهاء منها عام 1998 لتبدأ بعد ذلك مرحلة  الربط الكهربائي مع العراق وتركيا. كذلك تم إنشاء منفذ بري جديد لطابا على أحدث النظم، حيث يتم استخدام الحاسبات الآلية بالمنفذ لتحقيق سرعة ودقة وسيولة الإجراءات سواء للمصريين أو للسائحين القادمين أو المغادرين لمصر. وبالنسبة للطيران فيعتبر مطار رأس النقب القريب من طابا هو مطار المستقبل بسيناء نظراً لقربة من السعودية والأردن، مما يزيد من أهميته لمواكبة التوسعات السياحية بالمنطقة، وقد تمت إعادة رصف ممراته وإنارتها، وتجهيز مبان للركاب قابلة للامتداد مستقبلاً لاستيعاب أية زيادة متوقعه في اعداد المسافرين واستقبال كافة أنواع الطائرات. أما الخدمات البحرية فقد تم اعتباراً من يونيو 1995 تشغيل العبارة البحرية السريعة (الطائرة) التي تقطع المسافة من ميناء نويبع المصري حتى العقبة الأردني في أقل من ساعة واحدة، وهي بذلك أسرع وسيلة تربط مصر بالشرق العربي.

          وتحت الإنشاء حالياً محطة تحلية مياه بسعة 2000 متر مكعب يومياً  لخدمة طابا، ومحطة محولات كهربائية جهد 66 ألف فولت لخدمة التوسع السياحي. ومن إجمالي 4567 حجرة موزعة على 22 فندقاً و26 قرية سياحية، يبلغ نصيب طابا من الطاقة الفندقية لسيناء حوالي 426 حجرة  وذلك وفقاً للتقديرات المذكورة في إطار المشروع القومي لتنمية سيناء.

          وبذلك تتكامل وتترابط حلقات التخطيط الوطني الفعال، لربط ودمج سيناء في الكيان العضوي لمصر، ولتنتهي إلى الأبد عزلة سيناء عن الوطن الأم.  

متحف آثار طابا

          وتحقيقاً لتكامل عناصر الجذب السياحي والثقافي، فقد افتتح في 25 أبريل1994 "متحف آثار طابا" الذي أقيم على مساحة 240 متراً مربعاً ويضم 3 قاعات تحتوي على مجموعات أثرية تروي التاريخ المصري على مر العصور الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، كما يضم المتحف قاعة الوثائق الدبلوماسية التي ساهمت في استعادة طابا للسيادة المصرية، كما يضم أيضاً آثار  سيناء التي استعادتها مصر من إسرائيل، ومجموعات مختارة من المتحف المصري بالقاهرة.

جزيرة فرعون وقلعة صلاح الدين

          لا يكتمل الحديث عن طابا إلا بالتطرق إلى أحد المعالم السياحية والتاريخية الهامة التي تبعد عن  طابا بحوالي 8 كيلومترات ألا وهي جزيرة فرعون وهي الجزيرة الوحيدة في خليج العقبة بأكمله (باستثناء تيران وصنا فير في مدخل الخليج)، وتقع الجزيرة على بعد 250 متراً فقط من الشاطئ ولذلك يسهل الوصول إليها، وتضم هذه الجزيرة الأطلال الباقية من قلعة صلاح الدين الأيوبي التي بناها عام 566 هجرية واستخدمت كمركز حربي متقدم في عدة عصور، كما لعبت دوراً بالغ الأهمية في الحروب الصليبية فكانت نقطة دفاع وإنذار أمامية لحماية السواحل ودرء الأخطار. وحيث كانت مصر مسئولة عن حماية درب الحجيج الذي يخترق سيناء ليصل إلى الحجاز فقد وجدت الحاجة لبناء هذه القلعة لحماية ركب الحجاج. وقد قامت هيئةالآثارالمصرية منذ 9 سنوات بترميم القلعة وكتابة لوحات توضيحية للأماكن التي تتكون منها وأهمها غرفة القيادة الرئيسية بالقلعة، وغرف إعاشة الجنود، وبرج الحمام الزاجل، وأبراج المراقبة، ومخازن المؤن، وصهاريج المياه العذبة، إضافة إلى فتحات لمراقبة حركة السفن حيث تشرف القلعة على المدخل الشمالي لخليج العقبة ويشاهد منها الزائر السواحل السعودية والأردنية بوضوح.

          ويكتمل هذا المكون التاريخي الأثري بمكونات طبيعية رائعة الجمال، حيث توجد على مقربة من جزيرة فرعون مجموعة من الأزقة البحرية، أو ما يطلق عليه "فيورد fiord" حيث تتداخل مساحات من الأراضي داخل مياه الخليج لتشكل لوحات رائعة مع الجبال المحيطة التي ترفع في أحيان كثيرة ارتفاعاً فجائياً، فيطول الاستمتاع بالمنظر الخلاب الذي تتبدل فيه ألوان البحر مع ظلال الجبال المحيطة، وهي مثل من الأمثلة على أماكن الجمال وسحر الطبيعة، وهي تضع أمام الزائر مقياساً رفيعاً لإبداع الطبيعة الذي ينطبع في الذاكرة للأماكن، فالجمال في هذه المنطقة أكثر من أن يحيط به وصف، ويعتبرها البعض أجمل بقعة يمكن أن نراها في سيناء كلها.

          لقد أثبتت قضية استعادة طابا عظمة الأداء المصري في السلام، وسوف تجسد الإنجازات الهائلة التي تنفذها مصر في سيناء كل الآمال المنتظرة من هذه البقعة، ولقد حان الوقت الذي سترتبط فيه سيناء بوادي النيل ربطاً أبدياً، وليستقر الشباب في ربوعها لتصبح أرضاً مأهولة بالخير والبشر، وليست معبراً للغزاة والطامعين.