إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / أقاليم وظواهر جغرافية / شبه جزيرة سيناء




أثر النبي صالح
محمية سانت كاترين
نخيل شاطئ العريش
مسجد وكنيسة داخل الدير
نقوش معبد سرابيط الخادم
الشعب المرجانية
دير سانت كاترين
فندق طابا
قلعة صلاح الدين
قاع البحر


المدن في سيناء
التقسيم الإداري لسيناء
استراتيجية سيناء العسكرية
توزيع القوات المصرية
تضاريس سيناء



خطوط الدفاع الإستراتيجية

خطوط الدفاع الإستراتيجية

          هناك ثلاثة خطوط دفاعية أساسية محددة بوضوح كامل، تتعاقب من الشرق إلى الغرب، أي من حدود مصر الشرقية حتى قناة السويس على الترتيب، (كما توضح خريطة استراتيجية سيناء العسكرية).

  1. الخط الأول قرب الحدود ويكاد يوازيها.
  2. خط المضايق من السويس إلى البردويل.
  3. خط قناة السويس نفسها.

          ويُعد كل خط من هذه الخطوط بمثابة "خط حياة" لمصر، لذا يحتاج إلى نظرة فاحصة عليه أولاً، ثم بعد ذلك إلى نظرة متكاملة في إطار الشبكة الدفاعية كلها.

          ويقع خط الدفاع الأول، قرب الحدود السياسية بدرجة كبيرة، ويمتد أساساً من رأس خليج العقبة حتى زاوية أو كوع البحر المتوسط في منطقة العريش. يبدأ الخط بطابا ورأس النقب على الخليج في منطقة حرجة استراتيجياً، إذ تتقارب في دائرة صغيرة حدود أربع دول : مصر، وفلسطين المحتلة، (إسرائيل حالياً)، والأردن، والسعودية. وتمثل رأس النقب مجمع مروحة الطرق الطبيعية والأودية التي تبدأ من العريش ومن رفح ومن جنوب فلسطين. ثم يمتد الخط إلى الكونتيلا، التي تقع على هضبة عالية مشرفة على المنخفضات والطرق والأودية المحيطة. وهي بهذا نقطة حصينة للغاية، كما تمتلك مصادر المياه الوحيدة في منطقتها. وبعد الكونتيلا يستمر الخط نحو الشمال الغربي حتى يصل إلى القصيمة إلى الداخل قليلاً من حدود مصر السياسية. ومنها يتتبع جزر وادي العريش ماراً بأبو عجيلة، وبعدها يحفه جبل لبنى من الغرب، ثم يمر ببئر لحفن التي يصل بعدها مباشرة إلى مدينة العريش. والقطاع الأخير يراوح ارتفاعه بين متوسط إلى منخفض، ويبدو كالعنق أو الرقبة العريضة بين سلسلة مرتفعات وهضاب الضهرة الداخلية وبين البحر المتوسط، ومن ثم يمثل الممر الطبيعي بين سهول سيناء وسهل فلسطين.

          والجزء الأكبر منه  يخترق نطاق الكثبان الرملية، مما يحدد مسارات الحركة بشدة ويحصرها في خطوط ضيقة على الساحل أو في الداخل.

          وعلى الرغم من أن هذا القطاع الشمالي المنخفض لا يتجاوز أكثر من ثلث الخط الدفاعي كله، فإنه يعد بصورة مطلقة مركز الثقل والخطر فيه، لأن نهايات محاور سيناء الاستراتيجية الثلاثة تجتمع عنده: رفح على المحور الشمالي، أبوعجيلة على المحور الأوسط، القصيمة على المحور الجنوبي. فهو بمثابة يد مروحة المحاور، أو ربطة الحزمة، أو "زر" سيناء الاستراتيجي. ولم يكن غريباً لذلك أن يعتبره بعض العسكريين القاعدة الاستراتيجية الحقيقية للدفاع عن مصر.

          بعيداً إلى الداخل، وعلى بعد بين 32 : 75 كم من قناة  السويس، يقوم خط الدفاع الثاني والأوسط عن سيناء. ويمتد محوره في قلبها من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، وقطباه الطاغيان هما ممر متلا في الجنوب ومضيق الجفجافة في الشمال. أما بقيته فليست أكثر من امتداد لهما على الجانبين حتى البحر شمالاً والخليج جنوباً. إنه أساساً خط المضايق أو الممرات ، ومن هذه  الصفة ـ تحديداً ـ يستمد أهميته الفائقة.

          يبدأ الخط من دائرة رأس خليج السويس، ويشمل منطقة مدينة السويس نفسها، والكوبري والشط، ثم عيون موسى من حولها شمالاً وجنوباً، وربما امتد إلى سدر. ثم يرتبط بمجموعة الأودية الصحراوية المحلية حتى يصل إلى الحاجز الجبلي الأشم والأصم الذي يقف كالحائط المرتفع، جبل الراحة في الجنوب وجبل حيطان في الوسط، ثم جبل أم خشيب فالختمية شمالاً.

          وواضح أن الخط جبلي للغاية وبالغ الوعورة والمنعة في القطاع الجنوبي، بينما يتحول إلى بحر من الرمال المفككة والمستنقعات السبخة في قطاعه الشمالي.

          وهو من ثم بكامله غير صالح لاختراق أو عبور القوات الميكانيكية على الإطلاق، إلا من خلال فتحاته المحددة بصرامة. وبهذا تحكمه تلك الفتحات الجبلية تماماً، فيحكم هو بدوره حركة أو تقدم الجيوش أو الغزاة، وسواء من شرق سيناء إلى غربها، أو من غربها إلى شرقها.

          وهو بهذا الوضع يناظر بين خطوط الدفاع الطولية الثلاثة المحور الأوسط بين محاور الحركة العرضية الثلاثة، كلاهما الأوسط ويتوسط قلب المسرح العسكري الأساسي في سيناء. وعند تقاطعهما بالفعل يتحدد واحد من أخطر مواقع سيناء الاستراتيجية، وهو مضيق الجفجافة. والواقع أن مضيق الجفجافة في جانب، وممر متلا في الجانب الآخر، وما بينهما من ممرات ثانوية، تؤلف في مجموعها منطقة المضايق التي تمثل بغير جدال المفاتيح الاستراتيجية الحاكمة لسيناء كلها.

          لهذا كله يُعد هذا الخط بالإجماع الخط الدفاعي الحاكم والفاصل بين الخطوط الثلاثة. فالسيطرة علية تحدد وتحسم المعركة، سواء عن يمينه أو يساره .

          فمن يسيطر عليه، يجد الطريق مفتوحاً بلا عقبات تذكر إلى قناة السويس. كما يجد أن المعركة إلى الشرق منه إنما هي بقايا مقاومة لا تلبث أن تكتسح حتى الحدود.

          أما من يخسره فعليه أن يتوقع الهجوم فوراً على قناة السويس غرباً، أو الاكتساح والارتداد إلى الحدود شرقاً .

          أما خط الدفاع الثالث. والأخير أيضاً، فهو قناة السويس، ومنطقة البرزخ بصفة عامة قديماً قبل شق القناة. هي "خاصرة " مصر الاستراتيجية كلها بلا استثناء، حيث يتقارب بحراها أشد التقارب. فهي عنق الزجاجة، وعلى جانبها تبدو سيناء كحجرة أمامية للقاعة الكبرى مصر النيلية. بينما هي نفسها تُعد العتبة أو الباب الداخلي بينهما. والبرزخ يعد من الواجهة الفيزوغرافية استمراراً لسهول شمال سيناء بشقها الشمالي المنخفض والجنوبي المرتفع. وهو يربط في تدرج بين سيناء والدلتا، ممتداً ما بين المنزلة المسطحة في الشمال وخليج القلزم أو السويس في الجنوب. وكان يتوسط هذا البرزخ مجموعات البحيرات الداخلية المغلقة، التمساح والمرة. وإلى الشمال منها كان الفرع البيلوزي القديم  يخترق البرزخ إلى نهايته عند بيلوزيوم (الفرما) على البحر. وكانت القنطرة على النهاية الجنوبية للبحيرة هي نقطة عبور الفرع.

          وإلى جانب هذه الموانع الطبيعية الجزئية، كثيراً ما أقامت مصر الفرعونية والعربية خطاً محصناً يتألف من سلسلة من المخافر والقلاع والمواقع الأمامية ... الخ .

كان آخر وأحدث هذه الخطوط خط بارليف وملحقاته، الذي سحقته مصر في 6 أكتوبر إلى الأبد.

          وفيما عدا هذا، كانت مهمة الدفاع عن منطقة البرزخ، تُستقطب نهائياً في نقطتين استراتيجيتين على طرفيه:

  • في الجنوب السويس، وكانت بصيغة أو بأخرى ذات صبغة عسكرية عبر التاريخ دائماً، منذ كليزما (أو كلوزوما ، وتعني نهاية الطريق) البطلمية، إلى القلزم الإسلامية حتى السويس الحديثة.
  • في الشمال فهناك بيلوزيوم القديمة، أو الفرما العربية التي كانت قلعة دائماً ومسرح كثير من المواقع العسكرية الفاصلة في تاريخ مصر، مناظرة في ذلك لرفح والعريش على الطرف المقابل لسيناء. فقد حاصرها عمرو بن العاص عند فتح مصر طويلاً قبل أن تسقط، ثم دمر قلعتها ليؤمن مؤخرته قبل أن يغادرها إلى داخل الوادي.

          ومنذ أن شُقت قناة السويس تغيرت الخريطة الطبيعية للمنطقة، ومعها تغيرت الخريطة الجيوستراتيجية. فبعد شق القناة تحول البرزخ الطبيعي إلى مضيق صناعي، وصرفت البحيرات الداخلية إلى البحر ولم تعد مغلقة.

         أما إستراتيجياً فقد أصبحت القناة مانعاً مائياً صناعياً وهي في حكم المانع الطبيعي، لاسيما بعد  توسيعها المطرد. أصبحت خندقاً مائياً بالغ الطول، وفيه تصب نهايات محاور سيناء الاستراتيجية الثلاثة عند نهايتها ومنتصفها، أي أمام  السويس والإسماعيلية والقنطرة على الترتيب.