إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









4

4. إقليم المناخ البارد

يمتد نطاقه بين خطَّي العرض 50 وز55 درجة شمالاً في نصف الكرة الشمالي، وخطَّي العرض 50 و65 درجة جنوباً في نصفها الجنوبي، حيث تزداد مساحة المسطحات المائية (انظر شكل سيادة المناخ البارد). تحدّه، من ناحية القطبَين، منطقة التندرا؛ ومن ناحية خط الاستواء، نطاق المناخ المعتدل البارد. والمدى السنوي لدرجة الحرارة، في هذا الإقليم المناخي، أكبر منه في أيٍّ من المناخات الأخرى.

ومتوسط الحرارة، أحر شهور السنة، في هذا الإقليم، لا يقل عن عشر درجات مئوية، ولا يزيد متوسطها الشهري، لستة أشهر، على ست درجات مئوية (انظر جدول المتوسط الشهري لدرجات الحرارة، في عَيِّنات من المناخ البارد). ويمثل خط الحرارة عشر درجات مئوية، في أحر شهور السنة، حد نموّ الأشجار وانتشارها، حيث تسود الغابات الصنوبرية، إلى جنوبه، وحشائش التندرا، إلى شماله، في نصف الكرة الشمالي، والعكس صحيح في نصفها الجنوبي. ولا يبدأ نموّ معظم النباتات ونشاطها، إلاّ حينما تبلغ درجة الحرارة الشهرية ست درجات مئوية، والتي تعرف بصفر النمو النباتي.

ولا يتأثر نطاق المناخ البارد بالرياح الغربية تأثُّر إقليم المناخ المعتدل البارد بها، ولذلك تتشابه الخصائص المناخية، في كلٍّ من أجزاء الأول الساحلية، ومناطق الثاني البحرية. وبالابتعاد عن السواحل، تبدأ صفة القارية بالازدياد، حيث يرتفع المدى الحراري، السنوي واليومي؛ وتقلّ كمية الأمطار السنوية؛ وتتركز النهاية القصوى للأمطار في فصل الصيف، بدلاً من الشتاء، في الأجزاء الساحلية (انظر جدول متوسط الأمطار الشهري، في عَيِّنات من المناخ البارد).

ويشغل المناخ البارد، في نصف الكرة الشمالي، الجزء الأكبر من مساحة شبه جزيرة إسكندنافيا (النرويج والسويد)، في أوروبا، وشمالي روسيا في آسيا، وشمالي أمريكا الشمالية، من ألاسكا الأمريكية في الغرب إلى خليج هدسون في شرقي كندا. ولا يظهر، في نصف الكرة الجنوبي، ظهوراً واضحاً، إلاّ في أجزاء قليلة، في الطرف الجنوبي من أمريكا الجنوبية.

وينقسم المناخ البارد إلى ثلاثة أقاليم مناخية فرعية، هي: إقليم المناخ البارد، في السواحل الغربية للقارات؛ وإقليم المناخ البارد القاري، في وسطها؛ وإقليم المناخ البارد الموسمي، في السواحل الشرقية لقارة آسيا.

أ.  إقليم المناخ البارد، في السواحل الغربية

يتمثل هذا الإقليم المناخي تمثلاً واضحاً في المناطق الساحلية من النرويج، المطلة على المحيط الأطلسي؛ والأجزاء الساحلية من ولاية ألاسكا الأمريكية وغربي كندا، المشرفة على المحيط الهادي.

(1) الحرارة

يتميز المناخ البارد، في السواحل الغربية للقارات، بشتاء معتدل، مقارنة بشتاء الإقليم المناخي نفسه، في المناطق القارية؛ وذلك راجع إلى تأثير التيارات المحيطية الدافئة، الآتية من المناطق الاستوائية، والتي تخفف من حدّة برودة ذلك الفصل، كما هو واضح في السواحل النرويجية الخالية من الجليد، طوال العام؛ على وقوعها شمال الدائرة القطبية؛ ولذلك لا تتوقف الملاحة فيها، في أيٍّ من شهور السنة.

إلاّ أن ظاهرة الدفء النسبي، تنحصر في شريط ساحلي ضيق، سرعان ما تضمحل بالابتعاد قليلاً عن التأثير البحري؛ إن الحرارة في رؤوس الخلجان، يراوح انخفاضها بين درجتَين و5 درجات مئوية، عنها في مداخل الخلجان نفسها؛ ما يجمد الماء في تلك الرؤوس، ويبقيه سائلاً في المداخل الآنفة. وفي هذا الإقليم المناخي، تتأخر نهايتا الحرارة: الصغرى والعظمى فتواطئان  يناير، وأغسطس.

ويقلّ متوسط الحرارة، في يوليه، عن 15.6 درجة مئوية، في الأجزاء الجنوبية من هذا الإقليم البارد البحري؛ ويقلّ نحو عشر درجات مئوية، في الأجزاء الشمالية. وعلى الرغم من أن هذه الحرارة، لا تكفي لنضج الكثير من المحاصيل الزراعية، إلاّ أن طول أيام الصيف، يعوض عن ذلك؛ ففي المناطق الشمالية، تطلع الشمس، ولا تختفي خلف الأفق، في الفترة الممتدة بين 12 مايو و19 يوليه.

 (2) الأمطار

تكاد أمطار المناخ البارد، في السواحل الغربية للقارات، تتوزَّع على جميع شهور السنة؛ إلاّ أنها تزداد في الخريف والشتاء، بسبب ازدياد نشاط المنخفضات الجوية، في هذيَن الفصلَين. كما أن الرياح الغربية، التي تمر فوق التيارات البحرية الدافئة، في المحيطَين: الأطلسي والهادي تشكل مصدراً آخر للأمطار في هذا الإقليم. ويوضح (جدول كمية التساقط السنوية وفصليتها، في عَيِّنات من المناخ البارد، على السواحل الغربية للقارات) كميتها وفصليتها، في بعض أجزائه. وتساعد برودة فصل الشتاء على تساقط الأمطار ثلوجاً، تتراكم على الجبال والمنحدرات، ليبدأ ذوبانها في فصلَي الربيع والصيف.

ب. إقليم المناخ البارد القاري

يتمثل هذا النوع القاري، من المناخ البارد، في المناطق البعيدة عن التأثيرات البحرية، مثل: شمالي كندا، وشمالي أوراسيا، وخاصة في سيبيريا. أمّا في نصف الكرة الجنوبي، حيث تنحسر اليابسة انحساراً كبيراً عند هذه العروض، فلا وجود لهذا النوع القاري من المناخ البارد.

(1) الحرارة

يكون الشتاء، في الأقاليم القارية من المناخ البارد، بارداً وطويلاً، وينجم عن البرودة الشديدة تكوُّن ضغط مرتفع على المناطق القارية، يحول دون توغل المؤثرات البحرية في الداخل. أمّا الصيف، في تلك الأقاليم القارية، فيكون قصيراً؛ ما يجعل التطرف الحراري السنوي كبيراً جداً. ويكون التطرف الحراري، في أوراسيا، أشد منه في كندا؛ لاتساع الأُولى، وضيق الثانية نسبياً. ويزداد التطرف الحراري بازدياد الإيغال في اليابسة؛ وتوضح ذلك مقارنة درجة الحرارة، في شهر يناير، في عدة أماكن تكاد تقع كلها على خط عرض واحد. وهي تزداد لابتعادها عن التأثير البحري، فمتوسط الحرارة، في يناير في مدينة برغن، درجة مئوية واحدة ونصف الدرجة، وفي أوسلو 4.5 درجات مئوية تحت الصفر، وفي هلسنكي 7 درجات مئوية تحت الصفر، وفي لينينجراد 9.5 درجات تحت الصفر المئوي، وفي توبولسك 19 درجة مئوية تحت الصفر، وأخيراً في أولكمنسك، الأبعد عن التأثيرات البحرية، 32 درجة مئوية تحت الصفر.

أمّا فصل الصيف، القصير، فهو دافئ؛ إذ متوسط الحرارة، في توبولسك، 15 درجة مئوية، في يونيه، و18 درجة مئوية، في يوليه؛ وقد تفوق درجة الحرارة العظمى 33 درجة مئوية. ويكون النهار طويلاً جداً، في فصل الصيف،؛ إذ يناهز طوله، في شهر يونيه، 17.3 ساعة، عند درجة العرض 55 شمالاً؛ و18.8 ساعة، عند درجة العرض 60 شمالاً؛ و23.1 ساعة، عند درجة العرض 65 شمالاً. وتكون الشمس قريبة من الأفق، حتى إن ميلها لا يتجاوز 18 درجة.

(2) التساقط

يتساقط معظم الأمطار، في الأقاليم القارية من المناخ البارد، إبّان فصل الصيف؛ ولكن فصل الشتاء، ليس جافاً تماماً. ويرجع ذلك إلى عوامل عدة، أهمها:

(أ) انخفاض الرطوبة النوعية، أو كمية بخار الماء الموجود في الهواء، انخفاضاً كبيراً، في المناطق القارية، في فصل الشتاء؛ بينما تبلغ ذروتها في فصل الصيف الدافئ نسبياً.

(ب) هبوط الهواء، في فصل الشتاء، بسبب سيطرة الضغوط الجوية المرتفعة ـ يُحْدِث انقلاباً حرارياً، يزيد حالة الثبات في الكتل الهوائية، فيحول دون آليات التساقط.

(ج) عجز المنخفضات الجوية عن التغلغل في الأقاليم القارية، خلال فصل الشتاء، بسبب سيطرة الضغوط الجوية القارية المرتفعة.

(د) تقلُّب حالة الهواء، الذي يعلو السطح مباشرة، في أشهر الصيف الحارة نسبياً؛ ما يتسبب بتساقط أمطار من النوع الحملاني؛ بينما يحدث العكس تماماً، خلال فصل الشتاء.

ويندر أن تزيد كمية التساقط السنوي، في الأقاليم القارية من المناخ البارد، على 75 سنتيمتراً؛ بل تَقِلّ في معظم الجهات عن 50 سنتيمتراً. وتتناقص كلّما اتجهت نحو الشرق، بسبب تناقص المطر، الجبهي والإعصاري والتضاريسي، على الرغم من تزايد المطر الحملاني. ويوضح (توزُّع الأمطار السنوية على فصول السنة، في عَيِّنات قارية من المناخ البارد) توزُّع الأمطار السنوية على فصول السنة، في أماكن مختارة من تلك الأقاليم.