إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

أولاً: الغابات Forests

يطلق اسم الغابات على الغطاء النباتي، الذي تسوده النباتات الخشبية؛ وتُعَد الأشجار هي المخلوق الأكثر تطوراً في هذه البيئة. وتعرَّف الغابة، عادة، بأنها تجمّع شجري متقارب، حتى إن تيجان الأشجار تتشابك، في الأعلى، مكونة طبقة، تظلل سطح الأرض.

ويمكن تقسيم الغابات من عدة منطلقات؛ فثمة غابات استوائية مطيرة، مثلاً، وغابات نفضية عريضة الأوراق، وغابات صنوبرية. ويركز هذا التقسيم في الاختلاف الواضح بين الأشجار النفضية، مثلاً، التي تسقط جميع أوراقها، في أحد فصول السنة، والأشجار دائمة الخضرة، التي يتساقط بعض أوراقها، طوال العام. ويمكن التمييز بين أشجار الغابات من شكل الأوراق، التي قد تكون عريضة أو إبرية رفيعة. ويكون خشب الأشجار ذات الأوراق العريضة صلباً، في حين يكون خشب الأشجار ذات الأوراق الإبرية ليناً.

وخير تصنيف للغابات، من وجهة النظر الجغرافية، هو القائم على توزُّعها المكاني، ومواقعها من دوائر العرض خاصة؛ حيث تمتد الأقاليم الحياتية، بموازاتها امتداداً طولياً، بين الشرق والغرب. ويمكن التمييز بين الغابات المدارية المطيرة، وغابات العروض الوسطى، وغابات العروض العليا.

1. الغابات المدارية المطيرة

يمكن تقسيم الغابات المدارية المطيرة Tropical rain forests إلى أربع مجموعات، هي:

أ. الغابات الاستوائية المطيرة.

ب. الغابات المدارية.

ج. الغابات الموسمية.

د. الغابات الشوكية.

أ. الغابات الاستوائية المطيرة Equatorial rain forests

(1) الرقعة المكانية

تغطي الغابات الاستوائية المطيرة المناطق الممتدة، قرب خط الاستواء، المقدَّرة مساحتها، عالمياً، بنحو 8.5 ملايين كيلومتر مربع. ففي تلك المناطق، يصل فصل النمو إلى 365 يوماً في السنة؛ إذ لا تنخفض الحرارة عن درجة حرارة صفر النمو[1] (انظر شكل الرقعة المكانية).

(2) الغطاء النباتي

الغابات الاستوائية المطيرة، هي أكثر بقع الأرض كثافة وتنوعاً حيوياً، ليس في أشجارها فحسب، بل في الأحياء الأخرى كذلك، من حيوانات وحشرات، ومخلوقات دقيقة. وتُعزى كثرة تنوُّعها إلى سيادة ظروف الدفء والرطوبة، طول العام، وعدم وجود تقلبات فصلية ملحوظة؛ ما جعل ملاءمة الظروف البيئية للأنواع الموجودة من المخلوقات متساوية؛ فلم تتح فرصة لأيّ نوع لفرض سيادته، بشكل واضح، على الرقعة، التي تغطيها هذه الغابات.

ويمكن حصر أهم الخواص المميزة للغطاء النباتي، في الغابات الاستوائية المطيرة، في ما يأتي:

(أ) التنوع الوافر في الأشجار والنباتات. ونظراً إلى الكثافة الشديدة للغطاء النباتي، التي تجعل اختراقه أمراً، يكاد يكون مستحيلاً؛ فإنه يصعب حصر الأنواع النباتية، بل التكهن بأعدادها، في الغابات الاستوائية؛ ولكن بعض الباحثين، يقدرونها بنحو 3 آلاف نوع، في بضعة كيلومترات مربعة. وهذا القدر من التنوع، يجعل النوع مشتتاً، تفصل بين أشتاته عدة أنواع. ونتيجة لذلك، يتطلب الاستغلال التجاري لأنواع محددة من الأشجار عملاً مضنياً، ويداً عاملة إضافية، لتحديد مواقع الأشجار من النوع المطلوب، وقطعها وتجميعها من أماكنها المتباعدة. يصعب، إذاً، استغلال أشجار الخشب الثمين، والموجودة في هذه الغابات، مثل: الأكاجو Acajou، والبوسي Bosse، والسيبو Sipo، والأوكومي Okomee.

(ب) التطبق النباتي: ويقصد بالتطبق النباتي اختلاف ارتفاعات الأشجار؛ إذ إنه نتيجة للتنوع النباتي العديد، في الغابات الاستوائية المطيرة؛ ولأن لكلِّ صنف ارتفاعاً معيناً، يصل إليه، وكمية معينة من الضوء اللازم له؛ وجد في الغابة عدة مستويات أو طبقات، يعلو بعضها على بعض (انظر شكل التطبق النباتي). ويرتفع بعض أشجار الغابة إلى ما بين ثلاثين وخمسين متراً، وتتشابك أغصانها في الأعلى، مكونة مظلة شجرية Canopy trees، وخاصة أن أوراقها عريضة، بيضية الشكل. وتليها مظلة شجرية أخرى، تكوّنها أشجار أقصر. وهكذا، تتوالى مستويات الظل تترى، فلا يصل إلى أرض الغابة إلا ضوء قليل جداً، لا يكفي لنمو النباتات غير الشجرية، القصيرة. ولا يبدد الظلمة الموحشة، والراتبة، للغابات الاستوائية، إلا ضوء الشمس، الذي يصل إلى الأرض، حول مجاري الأنهار، أو في المناطق، التي قطعت غاباتها، لتصبح صالحة للزراعة. وفي تلك الأراضي، ينمو بعض النباتات غير الشجرية، بين الأشجار.

وتقوم أشجار الغابة الاستوائية العالية، على جذوع مستقيمة، لها أكتاف مجنحة تدعمها. وعروقها، في الغالب، سطحية، أو هوائية طائرة، تمدها نحو التربة؛ وتسمى العروق العكازية، مثل عروق أشجار الكادي Pandanus. وظاهرة ازهرار الأغصان والجذوع منتشرة جداً، كما هي الحال في دوحات الفيكوسي[2] Ficus: الإفريقي، والماليزي، والأسترالي، وأشجار الكاكاو Cacaoyer، والجاكا Jaquier.

(ج) تنتشر في الغابات الاستوائية، بشكل مميز عن الغابات الأخرى، أعداد كبيرة من النباتات المتسلقة والطفيلية:

* المتسلقات: وهي نباتات معظمها من الليفيات. تلتف عروقها القوية، ذات الأقطار الكبيرة، حول جذوع الأشجار، متسلقة إلى أعلى حتى تصل إلى القمة، حيث تتعرض أوراقها العريضة للضوء. وقد يصل طولها إلى مائتي متر. وقد يتدلى بعض أجزائها من أغصان الأشجار؛ ما يزيد من تشابك النطاق العلوي من الأشجار، في الغابة الاستوائية (انظر شكل التطبق النباتي).

* الطفيليات: وهي نباتات تتطفل على نباتات أخرى. وتختلف في حاجتها إلى الضوء؛. فما يتطلب كمية كبيرة منه، يتركز عند قمم الأشجار؛ ومنها أنواع ظلية، تقنع بالقليل منه. وبعضها له خصائص مميزة؛ إذ قد يتمكن من الحصول على حاجته، من المياه والرطوبة، من الهواء، مثل: ذوات الأوراق الشبيهة بالأبواق، أو ذوات العروق الهوائية.

وبشكل عام، يبدو امتداد: المتسلقات والطفيليات، وكأنه حبال غليظة، تربط الأغصان بعضها ببعض؛ حتى إن بعض الأشجار، قد تبقى معلقة في الهواء، لا تسقط إلى الأرض، لو قطعت من الأسفل.

لقد أدى عدم وجود تمايز فصلي، في الأقاليم الاستوائية المطيرة، من حيث التغير في درجات الحرارة، ومعدلات التساقط المطري، وطول النهار؛ إلى جانب التنوع العديد في الغابات الاستوائية، إلى النمو المستمر لأشجار تلك الغابات. إذ إن أوراقها العريضة، دائمة الخضرة، لا يتوقف نموها؛ ولذلك، فإن بعضها يكون مزهراً، وبعضها يحمل ثماراً غير ناضجة، وبعضها يحمل ثماراً ناضجة، في الوقت نفسه.

وقد يزيد قطر الجذع، في أشجار الغابة الاستوائية، على ستة أقدام. ويراوح متوسط طولها بين 30 و50 متراً؛ وقد يفوق طول بعضها 100 متر. وقد تعرضت الغابات الاستوائية، في كثير من مناطق العالم، للتقطيع؛ في سبيل استغلال أراضيها في زراعة محاصيل مدارية، ذات مردود نقدي عالٍ، كالمطاط، والكاكاو، وجوز الهند.

تتغير طبيعة الغطاء النباتي الاستوائي المطير، في المناطق الجبلية المرتفعة، في الأقاليم الاستوائية؛ إذ يسفر انخفاض درجات الحرارة عن تقزم الأشجار، التي تنمو عليها، كذلك، أنواع من الطحالب؛ فالأشجار، هنا، أقصر وأقلّ كثافة منها في الغابات الاستوائية المطيرة. ويطل على هذه الغابات، أحياناً، غابات أشجار الجان Elfin Wood. وينتشر هذا النوع من الغابات في الجبال الاستوائية العالية، في إفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وغينيا الجديدة؛ ويكوِّن جزراً في الأقاليم الاستوائية، حيث الجبال العالية، التي يرتفع معدل أمطارها التضاريسية، وتنخفض فيها درجات الحرارة. ويمتد نطاق هذا النوع من الغابات على سفوح الجبال، حيث تراوح الارتفاعات بين ألف وألفَي متر. ويقلّ طول الأشجار مع ازدياد الارتفاع.

كما تتغير طبيعة الغطاء النباتي للغابات الاستوائية المطيرة، على السواحل، حيث تنتشر تشكيلات نباتية، تعرف بالمانجروف Mangrove. وهي غابات من أشجار قصيرة، يراوح ارتفاعها بين 10 أمتار و15 متراً. ويرتبط انتشار هذا النوع من النباتات بنسبة الأملاح، وهدوء الموج. وتمتاز نباتات المانجروف Avicennia Marina بجذورها الهوائية. وهي تشكل شبكة متداخلة من عروق منتشرة أفقياً. وينمو بعض البذور، وهي محمولة على النبات الأمّ، في ظاهرة تعرف بالولودية النباتية Vivii Parite؛ ما يضمن لهذه الأنواع البقاء، في بيئة مغمورة بالمياه البحرية المالحة باستمرار. وتمد النبتة الصغيرة جذورها في الوحل؛ ما يقوِّيه ويثبته. ويعيش في هذه البيئات بعض أنواع السرطانات Crabs، والمحار Oysters، وبعض أنواع الطيور.

(3) التربة

معظم ترب الغابات الاستوائية، هي من النوع، الذي تتراكم فيه أكاسيد المعادن، ويطلق عليه أوكسيسولز Oxisols. وهي ترب مر عليها زمن طويل، تحت ظروف: مناخية وبيئية، رطبة، ودافئة؛ تعرضت، خلال عمرها الطويل، الذي قد يصل إلى آلاف السنين، لعمليات تجوية شديدة. وتتراكم أكاسيد المعادن في أفق تحت سطحي سميك، في التربة.

(4) الحياة الحيوانية

يوفر التنوع العديد في الأنواع النباتية، في الغابات الاستوائية، تنوعاً في المصادر الغذائية، التي تمد أعداداً وافرة، ومتنوعة، من الحيوانات، بحاجاتها الغذائية. وتتخذ تلك الأنواع الحيوانية أنماطاً حياتية مختلفة. وتكثر بعامة عند قمم الأشجار، حيث يتوافر الضوء. وتشمل الطيور، والثدييات، والجرابيات، والثعابين، والحرباوات، والحشرات، والبكتيريا.

فإلى جانب الطيور الآكلة للبذور والفواكه، مثل: الببغاوات وطائر الفردوس، والطوكان Toucans، توجد أنواع من الثدييات، مثل: قردة الشمبانزي، في إفريقيا؛ والسناجب، والكسول، في أمريكا الجنوبية. كما يوجد في هذا المستوى الكثير من الحشرات العاشبة، مثل: الفراشات، وأنواع عديدة من النحل، التي اتخذت من الأغصان مساكن لها.

ب. الغابات المدارية Tropical rain forests

(1) الرقعة المكانية

تمتد نُطُق هذه الغابات على حافات الغابات الاستوائية، مما يلي المدارَين، بين دائرتَي العرض 10ْ و20ْ شمالاً، وجنوب خط الاستواء. وتمتاز مناطق امتدادها بفصل جاف قصير خلال السنة، تفقد خلاله الأشجار أوراقها؛ ولكنه ليس شديداً بما يكفي لتجفيف التربة. لذا، فهذه الغابات شبيهة جداً بالغابات الاستوائية المطيرة، إلا أن غطاءها النباتي أقلّ كثافة. وهي تمتد على السواحل المواجهة للرياح التجارية[3] Trade-Wind.

يغطي هذا النوع من الغابات، في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، السواحل الشرقية للبرازيل، حتى 25ْ جنوب خط الاستواء، وسواحل غرب مدغشقر، والسواحل الشمالية الشرقية لأستراليا. ولهذا الغطاء النباتي أهمية خاصة، على طول السواحل الشرقية لأمريكا الوسطى، وينتشر كذلك في جزر الهند الغربية، وعلى السواحل الشمالية لأمريكا الجنوبية. كما يغطي السواحل الشرقية لإفريقيا، جنوب خط الاستواء، والسفوح المنخفضة لهضبة الحبشة (انظر شكل الرقعة المكانية للغابات المدارية).

(2) الغطاء النباتي

تعد الغابات المدارية نوعاً انتقالياً من الغابات المدارية المطيرة، يمتد في الأقاليم الأقل مطراً. وتخالف الغابات الاستوائية المطيرة في ثلاث صفات، هي:

(أ) أشجارها، بشكل عام، أقصر طولاً، وأصغر حجماً، ونموها النباتي أقلّ غنى وكثافة من الغابات الاستوائية المطيرة.

(ب) كثير من أشجارها، تنفض أوراقها، خلال فصل الجفاف القصير.

(ج) سيادة بعض أنواع من الأشجار، وتركزها في مساحات معينة، على نطاق واسع؛ ما يسهل عمليات استغلالها التجاري، كما هي حال الخيزران والساج، في مناطق انتشارهما في قارة آسيا.

(3) التربة

تسود، تحت الظروف: النباتية والرطوبية، في الغابات المدارية، ترب الغابات الحمضية، غير المشبعة بالقواعد، والتي يطلق عليها ألتيسولز  Ultisols. وتتداخل مع ترب الغابات الاستوائية المطيرة، أوكسيسولز، الأقدم منها. وكان يطلق عليها ترب البدزول. وهي تعكس طبيعة الغطاء النباتي الأقل كثافة، والتساقط المطري، الذي يشهد فصل جفاف قصير.

(4) الحياة الحيوانية

ساعد تناقص كثافة الغطاء الشجري، في هذا النوع من الغابات، على انتشار آكلات الأعشاب الضخمة فيها، مثل: الفيلة والجواميس ووحيدات القرن؛ لأن تباعد الأشجار، يتيح لها مجالاً للتحرك، كما أنه يسمح بقدر كافٍ من الضوء، يدعم نمو غطاء عشبي وشجيرات صغيرة.

وتنتشر، كذلك، الحيوانات آكلة اللحوم، مثل: الأسود، التي تتغذى ببعض أنواع العاشبات.

ج. الغابات الموسمية Monsoon forests.

(1) الرقعة المكانية

ينمو هذا النوع من الغابات حيث يتعاقب فصل طويل دفئ، غزير المطر، وآخر قصير، معتدل، جاف، ولا سيما في آسيا الموسمية: بورما، وتايلاند، وكمبوديا؛ إضافة إلى انتشارها في جنوب وسط إفريقيا، وفي أمريكا الوسطى، وأمريكا الجنوبية، على حافات الغابات الاستوائية المطيرة، والغابات المدارية المطيرة (انظر شكل الرقعة المكانية للغابات الموسمية).

(2) الغطاء النباتي

تشكل الغابات الموسمية بيئة أكثر انفتاحاً من سابقتَيها، من حيث كثافة النمو الشجري. فمقدار تنافس الأشجار في الضوء أقلّ؛ ولكن كثافة الغطاء النباتي من الطبقات الأدنى أكثر، إذ تكسو الأرض الأعشاب والشجيرات. طول الأشجار وحجمها أقلّ. هناك تنوُّع عديد في الأشجار، وقد يراوح عدد الأنواع، في بقعة صغيرة، بين 30 و40 نوعاً. جذوع الأشجار تمتاز بالضخامة، يبدأ تفرُّعها على ارتفاع منخفض، مقارنة بأشجار الغابات الاستوائية المطيرة.

إن أهم ما يميز أشجار الغابات الموسمية، أنها من النوع النفضي، الذي ينفض أوراقه، خلال الفصل الجاف من السنة؛ ما يجعلها تشبه غابات الأشجار النفضية، في العروض المعتدلة. ومن أبرز أشجار هذه الغابات أشجار الساج (التيك) Teakwood.

(3) التربة

نجم عن انفتاح بيئة الغابات الموسمية وامتدادها الواسع، تُعدُّد تُرَبها. فهناك تُرب الأكاسيد Oxisols، التي تكثر في الغابات المدارية المطيرة؛ والترب الحمضية، غير المشبعة بالقواعد ألتيسولز؛ والترب القلوية، فيرتي سولز Vertisols؛ وترب الغابات المشبعة بالقواعد، ألفيسولز Alfisols.

والترب القلوية طينية، تتمدد مع ازدياد رطوبتها، وتنكمش حين الجفاف؛ ما يسفر عن تشقق سطح التربة، شقوقاً عميقة، تتهدم جوانبها، فتنهال التربة من السطح، نحو أعماقها الواسعة. ويُعَدّ تكرار التمدد والانكماش تقليباً بطيئاً للتربة.

وقد أسهم تشابه الغابات: الموسمية والنفضية، في تخلص الأشجار من أوراقها، خلال فصل الجفاف، في وجود تربة الغابات المشبعة بالقواعد، في هذين النطاقَين، على الرغم من الاختلاف المناخي في درجات الحرارة. وفي هذا النوع من الترب يغطي الأفق السطحي الشاحب أفقاً تحت سطحي، طينياً؛ وترتفع نسبة التشبع بالقواعد.

(4) الحياة الحيوانية

تشبه هذه الغابات الغابات المدارية المطيرة، إلى حدّ بعيد، في حيواناتها؛ إذ تكثر فيها الحيوانات الضخمة، كالفيلة. كما تكثر الحيوانات المفترسة الكبيرة.

د. الغابات الشوكية Thorn forests

(1) الرقعة المكانية

يغطي هذا النوع من الغابات الجهات المدارية القارية الداخلية، في الغالب، التي يطول فيها فصل الجفاف، وتقلّ كميات التساقط المطري. وتمتد الغطاءات النباتية من الغابات الشوكية في نطاق عظيم، في الجهات الداخلية من إفريقيا، بين 10ْ و20ْ جنوب خط الاستواء، وجنوب بحيرة فكتوريا. وتمتد شمال خط الاستواء، على تخوم الغابات الاستوائية المطيرة، وفي نطاق انتقالي، بين السافانا الشجرية والصحراء، على طول دائرة العرض 90ْ شمالاً.

وتمتد في أمريكا الجنوبية، في المناطق الداخلية، شمال البرازيل، وفي باراجواي، وبوليفيا، والأجزاء الشمالية من الأرجنتين. ويضيق امتدادها في المناطق الساحلية لفنزويلا وكولومبيا. كما توجد في النطاق المحصور بين دائرتَي العرض 10ْ و25ْ، شمال خط الاستواء، على السواحل الغربية لأمريكا الوسطى.

وفي آسيا، تغطي الغابات الشوكية قرابة نصف شبه الجزيرة الهندية. وتمتد في المناطق الواقعة في ظل المطر شرق جبال الغات الغربية، وفي الجهات الداخلية من جنوب شرقي آسيا. وفي أستراليا، تغطي هذه الغابات أجزاء من الساحل الشمالي (انظر شكل الرقعة المكانية للغابات الشوكية).

(2) الغطاء النباتي

يتداخل الغطاء النباتي للغابات الشوكية مع إقليم السافانا تداخلاً كبيراً. ففي حين تسود الأشجار، التي تتخللها حشائش السافانا، يطلق على الغطاء النباتي إقليم الغابات الشوكية (انظر صورة الغابات الشوكية). ولكن الأشجار تتناقص، بالتدريج، بالابتعاد عن خط الاستواء، وتتزايد المسافات بينها، ويقلّ عددها، مفسحة المجال لسيادة الحشائش، في ما يعرف بالسافانا.

وأشجار الغابة الشوكية قصيرة، ونفضية الأوراق. وهي، في الوقت نفسه، خشبية الجذع، لها تيجان واسعة الانتشار، يحُول تباعدها دون تشابكها. وتساعدها طبيعتها الشوكية على مقاومة الجفاف.

تبلغ الأشجار ذروة حيويتها، في الفصل الرطب؛ فتنمو البراعم، وتخضر الأوراق. ويفسر تتابع فصول جافة وأخرى رطبة، الدورة الإنباتية الواضحة. إذ تفقد الأشجار أوراقها، وتيبس الحشائش، وتختفي تماماً، فتتحول الغابة إلى اللون البني. والقليل من الأشجار، التي لا تسقط أوراقها، تتأقلم مع الجفاف باكتساء الأوراق بطبقة، شمعية أو صمغية، تحميها من الجفاف، وتقلل النتح؛ ولكنها تصبغها باللون البني أو الرمادي، فيصبح لون الغابة بنياً. وتتأقلم نباتات أخرى مع فصل الجفاف الطويل باختزان الماء في أوراقها الشوكية، مثل أشجار السنط Acacia (انظر صورة أشجار الطلح)، أو في جذوعها، مثل أشجار الباوباب Baobab.

أشجار الغابة الشوكية، لا يتجاوز طولها 7 أمتار. وتظهر في مجموعات، على شكل أدغال متقطعة، من أشجار معوجة، تعلو طبقة من النجيليات المتناثرة؛ يضاف إليها، أثناء موسم الأمطار، النباتات الموسمية Herophytes.

درجة الحرارة عالية في المتوسط. وموسم الأمطار، يمتد من 3 أشهر، على حافات الصحراء، إلى خمسة أشهر. ومعدلات التساقط، تراوح بين 400 و800 ملم. ويصحب سقوط الأمطار انفجار فعلي في مظاهر الحياة: النباتية والحيوانية. فنباتات هذا الإقليم، إذاً، مقاومة للجفاف Xerophytes بوسائل متعددة، مثل: نفض الأوراق، أو تعويضها بالأشواك، أو تغطيتها بمادة، شمعية أو شوكية، لتقلل النتح؛ أو مد الجذور نحو الأعماق.

(3) التربة

ترب الغابات الشوكية غير متطورة، أو هي ضعيفة التطور، وخاصة على حافات الصحراء؛ إذ إنها رهيفة، تفتقر إلى المواد العضوية، غالباً، متصلبة السطح. وكلّما ابتعدت عن تلك الحافات، تتحول إلى ترب حديدية، تتفاوت درجات غسلها، تبعاً لمعدل الأمطار. وبالاتجاه نحو خط الاستواء، يبدأ بالظهور بعض أنواع الترب الأكثر تطوراً، مثل: الترب القلوية، فيرتيسولز؛ والحمضية، غير المشبعة بالقواعد، ألتيسولز؛ وترب الأكسدة، أو كسيسولز.

(4) الحياة الحيوانية

ينتشر في هذه الغابات أنواع من العاشبات، أصغر حجماً، وأسرع حركة من تلك التي تنتشر في الغابات: المدارية أو الموسمية. وتنتشر فيها، في موسم الأمطار، الجواميس والفيلة والحمر الوحشية، التي تتحرك في قطعان وافرة، بحثاً عن العشب. كما توجد الزرافات وأنواع من الظباء، وبعض آكلات اللحوم، من الحيوانات المفترسة، مثل: الأسود، والفهود، والنمور، والكلاب، والضباع.




[1] درجة حرارة صفر النمو: هي درجة الحرارة التي تتوقف عندها أو تحتها النباتات وبذورها عن النمو. ودرجة حرارة صفر النمو للنباتات البالغة هي 42ْ فهرنهايتية، أو 5.6ْ مئوية.

[2] الفيكوسي Ficus: أشجار متطفلة خانقة، تخنق بعروقها الهوائية القوية والكثيفة الأشجار التي تعولها.

[3] الرياح التجارية Trade-Wind: هي رياح سطحية تهب في العروض الدنيا، ضمن الشرقيات المدارية وتهب تجاه خط الاستواء من النطاقين تحت المداريين (30ْ) شمال وجنوب خط الاستواء، عروض الخيل، منحرفة نحو الغرب.

[4] التربة الوردية Terra Rossa: هي ترب بين نطاقية Intrazonal غنية بالكالسيوم Calcimorphic مشتقة من صخور جيرية في الغالب تعرضت للإذابة في الفترات الرطبة، وتراكمت بها أكاسيد الحديد التي تكسبها لوناً أحمر.