إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

خامساً: نباتات البيئات الخاصة

نباتات المرتفعات

إن تضرُّس سطح اليابس، وتباين ارتفاعات بقاعه المختلفة، لهما أثر شديد في الحياة النباتية. فالاختلاف بين ارتفاع أعلى قمة على سطح الأرض، في جبال الهمالايا، في قارة آسيا، قمة جبل إفرست Mt. Everest، التي يبلغ ارتفاعها 8848 متراً فوق مستوى سطح البحر، وبين وادي الموت Death valley، مثلاً، الذي ينخفض عن مستوى سطح البحر قرابة 86 متراً ـ له أثره البالغ في الكثير من المتغيرات المهمة، التي ينعكس أثرها على الغطاء النباتي. وقد لاحظ المهتمون بدراسة ذلك الغطاء، منذ وقت مبكر، تغيُّر أنماطه على السطوح الجبلية تغيُّراً، يشبه، إلى حدّ كبير، تقلُّبها ما بين خط الاستواء والعروض العليا.

يظهر التوافق الواضح، بين أنماط الغطاء النباتي والأقاليم المناخية، مرة أخرى، على سفوح المرتفعات. فالسلاسل الجبلية العظيمة، على خريطة العالم، تسودها ظروف مناخية متغيرة مع الارتفاع. ومن أهم هذه السلاسل الجبلية: سلاسل الجبال الروكي، في أمريكا الشمالية؛ وسلاسل جبال الإنديز، في أمريكا الجنوبية؛ وسلاسل جبال الآلب، في أوروبا وجبال الهمالايا، في وسط آسيا، وما يتفرع منها من سلاسل جبلية، وهضاب؛ ومرتفعات شبه الجزيرة العربية؛ وسلاسل الجبال الممتدة في وسط بورنيو وغينيا الجديدة. وفي إفريقيا، تتمثل المرتفعات في هضبة الحبشة؛ وقمم الجبال، في شرقي القارة ووسطها (انظر شكل السلاسل الجبلية الرئيسية).

ويكون التنوع المناخي، واستطراداً التنوع النباتي، أكثر وضوحاً، على المرتفعات، كلّما قربت من خط الاستواء. وبالابتعاد عنه، أفقياً، نحو القطبَين، تصبح الحدود بين النُّطُق، التي تمتد فيها أنماط الغطاءات النباتية، على السفوح، أكثر وضوحاً من الحدود بين تلك الأنماط نفسها؛ وذلك لسبَبَين:

(1) ارتفاع مستوى خط الثلج الدائم، على قمم المرتفعات، بالقرب من خط الاستواء؛ ما يتيح مجالاً أوسع لتنوع نطاقي: مناخي ونباتي، بالانتقال من ظروف، استوائية أو مدارية، على السطح، إلى ظروف متجمدة، عند قمة المرتفع، إذا كان علوه يسمح بذلك (انظر جدول متوسط ارتفاع خط الثلج الدائم). ويكشف الجدول، أن ارتفاع خط الثلج الدائم، لا يبلغ أقصاه عند خط الاستواء، حيث يكبر علوه؛ وإنما يبلغه قرب مدار السرطان، في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ودون مدار الجدي، في النصف الجنوبي. ويأخذ في الانخفاض، بالاتجاه نحو القطبَين.

(2) التغير السريع في العوامل المناخية، المؤثرة في الحياة النباتية، مع الارتفاع؛ وأهمها الحرارة، التي تنخفض، مع الارتفاع، بمعدل 6.5 درجات مئوية، لكلّ ألف متر ارتفاع، أو 3.6 درجات فهرنهايتية، لكلّ ألف قدم[1]. كما تتغير، مع الارتفاع، معدلات الأمطار؛ إذ تزداد كميات التساقط، وتتفاوت الأقاليم في مستوياته؛ ثم يبدأ بالانخفاض، مرة أخرى.

والتغير السريع في العوامل المناخية، المؤثرة في النبات، يجعل اختلاف الحدود بين أنماط الغطاء النباتي، والانتقال من نمط إلى آخر، أكثر سرعة ووضوحاً، في السفوح الجبلية، منهما في التغير التدريجي من إقليم نباتي إلى آخر، عند التحرك الأفقي ما بين العروض: الدنيا والعليا.

ويؤثر مَيْل سطح الأرض، في السفوح الجبلية، في معدلات تراكم التربة، وسرعة تصريف المياه، ومدى مواجهة تلك السفوح للرياح وأشعة الشمس. لذلك، تختلف ارتفاعات النُّطُق: المناخية والنباتية، على سفوح المرتفع الواحد؛ فما يواجه الشمس منها يرتفع عليه خط الثلج الدائم، ويتبع ذلك زحزحة  نحو الأعلى لكلّ النُّطُق الآنفة (انظر شكل ميل النطاقات النباتية).

يمكن القول، إن أيّ جبل، في أيّ عروض، يرتفع حتى مستوى خط الثلج الدائم، تتدرج على سفوحه جميع النُّطُق: الحرارية والنباتية، ابتداءً بتلك الحرارية، التي يقع فيها ذلك الجبل، إلى القطبَين. لذلك، تتمثل، على سفوح الجبال الاستوائية العالية، التي يعلو قِممها الثلج، جميع المناطق الحرارية، والأقاليم النباتية، الموجودة ما بين خط الاستواء والقطبَين (انظر شكل التتابع الرأسي للنطاقات النباتية).

ولم يَحُل تشابه نُّطُق النباتات: الجبلية والسهلية، دون امتياز أولاهما بصغرها، وبقِلة أصنافها. ومع ذلك، تزهو، في فصل الصيف، سفوح جبال الإنديز، في أمريكا الجنوبية، على ارتفاع ما بين 2700 و3900 متر، بمراعٍ ألبية زاهرة. كما قد توجد في الأقاليم الجبلية نباتات فريدة.

يسفر التغير المحلي السريع، على السفوح الجبلية، في التربة، وفي ظروف التضرُّس، والتصريف المائي، والانحدار، ومواجهة أشعة الشمس، ومواجهة الرياح، عن تغيُّر سريع في أنماط غطاءاتها البناتية، لا يقتصر على المستوى الرأسي، مع الارتفاع؛ وإنما يشمل المستوى الأفقي كذلك؛ إذ تتغير مستويات الأنماط النباتية، نتيجة للمتغيرات السابقة. فمرتفعات السفوح المتقابلة، ترفل، إذاً، بأنماط نباتية مختلفة.

ولازدياد سرعة الرياح، مع الارتفاع، واستمراريتها، أثر مهم في الغطاء النباتي؛ إذ إنها تسلب السفوحن التي تواجهها، غطاءاتها الغابية الشجرية، لتحل محلها شجيرات قزمية أكثر قدرة على مقاومة الرياح، أو تحل محلها مروج عشبية، وأحراج. فغابات الألب، التي تغطي السفوح الجبلية، حتى ارتفاع 2300 متر، تختفي، على ارتفاع 1500 متر، في منطقة جبال لأوفيرن الفرنسية، فتحل شجيرات الزان القزمية الزاحفة، محل أشجار الزان العالية؛ بسبب شدة الرياح. لذلك، فالقمم الجبلية المعرضة للرياح، تسودها مستعمرات نباتية خاصة.

وفي السلاسل الجبلية، الضخمة والعالية الارتفاع، التي تشكل حواجز في طريق الرياح؛ كما في جبال الهمالايا، في الوسط الآسيوي، مثلاً، تغزر الأمطار على السفوح المواجهة للرياح المحملة بالرطوبة؛ ما يزيد كميات التساقط، ويدعم نمواً نباتياً مزدهراً. فعلى ارتفاع، يناهز 3 آلاف متر، على جبال الهمالايا، تتساقط أمطار غزيرة على السفوح الجنوبية المواجهة للرياح الموسمية الرطبة؛ ما يدعم غطاء نباتياً غابياً كثيفاً. وينقطع هذا النمو الغابي، فجأة، عند خط انقسام المياه، على قمم الجبال، لتبدو السفوح الشمالية، الواقعة في ظل المطر، عارية من الغطاء النباتي.

وعلى جبال كلمنجارو، في إفريقيا، وبعض جبال الشرق الإفريقي، يظهر بعض الأعشاب المزهرة الضخمة، مثل زهرة الشيخ. ويعزى نمو هذه الأنماط العملاقة، في البيئة الجبلية المدارية، إلى تخلخل الغلاف الجوي، وازدياد الأشعة فوق البنفسجية.

على الرغم من الثبات النسبي للنمط التتابعي، لأحزمة الغطاء النباتي، على السفوح الجبلية، كقاعدة عامة؛ إلا أن الارتفاعات، التي توجد عليها الأحزمة المتشابهة، تختلف من إقليم إلى آخر؛ كما تختلف الأقاليم، في عرض الحزام النباتي من نمط معين وقوّته؛ فلكلّ نطاق جبلي مناخاته ونُطُقه النباتية الخاصة. فتسود، مثلاً، الغابات المخروطية دائمة الخضرة سفوح جبال الألب الفرنسية، في الطبقة دون الألبية، على ارتفاع، يراوح بين 2400 و2700 متر. بينما تسود إقليم الهضاب الوسطى، على الارتفاعات نفسها، مستعمرات المروج التُّرَع النباتية الألبية. وعلى الارتفاعات نفسها، على جبال المغرب، تنتشر مستعمرات نبات العرار، الملائم للظروف المناخية شبه الجافة.

التربــة

تختلف الترب الجبلية باختلاف اشتقاقها، وأنواع الصخور الأمّ، التي انفتت منها. ويجمع بينها ضعف سمكها، الناجم عن انخفاض معدلات التراكم، الناتج من انحدار السطح. بيد أنها قد تزداد سماكة، مع الاقتراب من سطح الأرض، وفي أحواض المجاري المائية الرئيسية، على السفوح. كما تمتاز الترب الجبلية بسرعة التصريف، الناتج من انحدار سطح الأرض. وقد تتعرض، في كثير من الأماكن، لتعرية وجرف عاليين، ولانزلاق تدريجي، ناجم عن تمدد طبقة التربة وانكماشها، يومياً وموسمياً. وما لا شك فيه، أن الارتفاع يزيد حجم حبيبات التربة، ويرفع معدلات تهويتها وغسلها.

الحياة الحيوانية

معظَم حيوانات الجبال، على قلّتها، حيوانات قادرة على التحرك والقفز في المناطق الوعرة؛ ولذلك، فهي، في الغالب، صغيرة الحجم، خفيفة البنية، وأكثرها من العاشبات. وتتغير أنواعها وفقاً لارتفاع مرتفعاتها؛ ففي جبال المناطق المدارية، يوجد بعض أنواع القردة، في غابات السفوح المنخفضة؛ وفي مستويات أعلى، توجد العاشبات، الخفيفة الحركة، مثل حيوان الياك Yak، في هضبة التبت، بصوفه الكثيف، الذي يحميه من البرد. وفي مناطق أخرى من العالم، توجد حيوانات، مثل: الشموا Chamois، والوعل Ibex، والتيس الجبلي Mountain goat. وفي جبال الإنديز، في أمريكا الجنوبية، توجد حيوانات نقل، من فصيلة الإبل، مثل: اللاما Llama، وألباكا، وفيكونا. وقد يوجد حيوانات أكبر، مثل النمر الثلجي، في جبال الهمالايا؛ إلى جانب أنواع من الطيور.

ومن الصعب، في الواقع، تحديد ارتفاعات معينة، لمناطق عيش هذه الحيوانات، على السفوح الجبلية؛ لأنها تتحرك، في هجرات موسمية، إلى الأعلى وإلى الأسفل، حسب الفصول.

 



[1] الواقع أن درجة حرارة الهواء تنخفض مع الارتفاع بمعدل درجة مئوية واحدة لكل مائة متر من سطح الأرض حتى يبدأ تكاثف بخار الماء، ويعد بداية التكاثف، وانطلاق الحرارة الكامنة للتبخر ينخفض هذا المعدل ليصبح قرابة 6 درجات مئوية لكل ألف متر.