إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

الانتشار الحيواني

إن تحديد مناطق تواجد وانتشار الحيوانات لا يعني وجودها في كل شبر من ذلك النطاق، لأن بيئتها الفعلية التي توفر لها كافة متطلبات الحياة والبقاء هي جزء من تلك المناطق، فضفدع الماء تحدد مناطق انتشاره، مثلاً، في شمال إفريقيا وفي أوروبا وأواسط آسيا، وهو يعيش حول مناطق مائية محدودة داخل هذا النطاق. ثم إن هذه الحدود غير ثابتة على مر الزمان، فإذا ما تغيرت شروط الحياة في موطن نوع حيواني وظهرت شروط أكثر ملائمة له في مناطق مجاورة، فإن هذا النوع لاشك سيهاجر إليها وبذلك تتغير حدود انتشاره.

وعوامل الانتشار الحيواني على قسمين: أحدهما سلبي والآخر إيجابي، والانتشار الإيجابي لبعض الحيوانات وخصوصاً منها الصغيرة، يمكن أن يتم بمساعدة التيارات المائية والهواء، أو الأحياء الأخرى بما فيها الإنسان، أو غيرها. كما يظهر الانتشار الإيجابي في الطبيعة بأشكال متعددة من طريق حركة الحيوانات نفسها، وبهذا الأسلوب انتشر السنجاب السيبيري Mustela Siberian في السنوات العشر الأخيرة نحو الغرب، بينما امتد السنجاب الأصيل Martes Martes وأرنب الحقل Lepus Europaues في الاتجاه المعاكس نحو الشرق.

وعوامل سلبية مؤثرة في الانتشار الحيواني:

وهي تنقسم في قسمين:

ـ عوائق طبيعية:

ـ عوائق حيوية.

ـ عوائق طبيعية

ويشمل كافة العوامل البيئية الطبيعية التي لا تلائم انتشار هذا النوع من الأحياء أو ذاك. ومنها، على سبيل المثال: العوائق المائية البحرية التي تقف عند شواطئها حركة تنقل وانتشار الأحياء البرية. ومناطق الحرارة والبرودة الشديدين والجفاف ودرجات الرطوبة العالية، كما تقف التضاريس العالية في كثير من الأحيان كجدار منيع يحول دون التوسع في انتشار أنواع معينة من الأحياء.

ـ العوائق الحيوية

وهي مرتبطة بالعلاقات بين الحيوانات ومرتبطة أيضاً بخصائص الحيوان الفسيولوجية وقدراته، ويشمل حالة العداء والمنافسة التي قد تظهر في بعض المجتمعات الحيوانية حيث تفترس الأنواع القوية من الحيوانات ضعافها أو تحرمها من غذائها وتطردها من مواطنها أو تفتك بها بإبادتها من طريق إصابتها بالأمراض الجرثومية، كما توجد لدى بعض الحيوانات ظاهرة (الكراهية) وعدم قبول التعايش مع أنواع أخرى من نفس الجنس الذي ترجع أصولها إليه مثل بعض أنواع العندليب ما بين القوقاز وشمالي إنجلترا.

وتؤدي علاقات التطفل والتكافل إلى اقتصار مناطق انتشار الحيوان المتطفل على المناطق التي ينتشر فيها الحيوان العائل فقط. كما أن خواص بعض الحيوانات وقدراتها على التأقلم والتكيف قد تحول بينها وبين الانتشار في بيئات معينة. مثلاً، ذوات الدم البارد ولا تستطيع تحمل درجات الحرارة المنخفضة لذلك تنحسر مناطق انتشارها دون المناطق القطبية المتجمدة. وبالطبع لا يتوقع أن تنتشر الأحياء البحرية على اليابس ولا العكس، لأن الخواص التركيبية لكل منها تقصر انتشارها إما على اليابس أو في الماء. وبشكل أقل وضوحاً فهناك حيوانات تمكنها خواصها من العيش في المناطق الرطبة الحارة، وحيوانات أخرى كالجمال مثلاً، يمكنها العيش في المناطق الصحراوية الجافة والحارة وتتحمل العيش بدون ماء عشرات الأيام، وهكذا بالنسبة لحيوانات المرتفعات وحيوانات المستنقعات.

وانتشار الحيوان، بصورة عامة، يظهر ضمن مناطق متصلة مع بعضها غير أن قسماً كبيراً من أنواع الحيوانات ينتشر في رقاع من الأرض متباعدة ينفصل بعضها عن بعض، دون أن يلاحظ بينها منطقة انتقالية تنتشر فيها حيوانات ذات صلة وتوزيع أي نوع من الحيوانات في مناطق متباعدة يعتبر أساساً لدراسات قيمة في موضوع الجغرافية الحيوية. وقد توجد تفسيرات وإجابات لبعض أنماط التوزيع المكاني للحيوان منذ دراسة الحفريات والشواهد الجيولوجية. ويمكن تعليل وجود مناطق الانفصال باعتبار هذه المناطق كانت مأهولة يوماً ما بهذا النوع ثم تعرضت للانقراض بسبب تبدل الشروط الحياتية فيها، فلم يعد يتوفر فيها ما يحتاجه الحيوان من غذاء أو مأوى أو بسيادة بعض الحيوانات المنافسة للحيوان المذكور.

وتظهر أمثلة كثيرة في الطبيعة لمثل هذا التوزيع المنفصل، ومنها مناطق انتشار ضفدع أوراق الشجر في كل من أوروبا وشرقي سيبيريا وكذلك الأمر لمناطق توزيع سمك البوت المقدس حيث يوجد في شمالي المحيطين الأطلسي والهادي، اللذين يفصل بينهما البحر المتجمد الشمالي واليابس الأوراسي والأمريكي الشمالي. ويفسر العلماء ذلك بسيادة الدفء خلال الزمن الرابع، حيث كانت هذه الأنواع منتشرة في شمالي المحيطين وضمن البحر المتجمد الشمالي الذي تعرضت ثلوجه للذوبان خلال ذلك العصر. وعندما تعرضت منطقة القطب الشمالي للتبرد والتجمد قضت على القسم الأكبر من هذه الأنواع وهاجر قسم منها جنوباً.

وكذلك الأمر بالنسبة لكلاب البحر المنتشرة بشكل متقطع في كل من البحر الأبيض وبحر البلطيق التي أصبحت معزولة عن بعضها بعد ارتفاع اليابسة مشكلة الأراضي الفلندية.

أما أنواع الحيوانات التي يقتصر انتشارها على منطقة ما فيمكن تمييزها عن كثير من الأنواع الأخرى، ويطلق عليها اسم متوطنة Endemiten وهي تقسم بدورها إلى متوطنة من حيث مسقط رأس أنواعها ومستوطنة بعد هجرة، فمن النوع الأول نجد في القوقاز (الدجاج الجبلي) ومن النوع الثاني نجد (الخيول ذات الأصل الأمريكي).

ويلاحظ في التوزيع الحيواني أن الشروط الحياتية المتشابهة في مناطق متباعدة أو متقاربة لا تعني بالمقابل وجود حيوانات من النوع نفسه دوماً، بل قد نجد حيوانات من نوع آخر تتلاءم مع الظروف نفسها يمكن اعتبارها كممثلة للنوع الآخر الذي يعيش في البيئة المشابهة، فالحيوانات التي تعيش في الصحاري الأسترالية تختلف كثيراً عن تلك التي تعيش في صحاري العالم القديم. ويقودنا ذلك إلى النظر إلى أقاليم الانتشار المكاني للحيوان وتقسيم العالم إلى ممالك أو أقاليم حسب أصناف الحيوانات السائدة.