إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

أولاً: تلوث الهواء

1. ملوثات الهواء وأضرارها

هناك العديد من المواد الملوثة للهواء، منها ما هو ذو منشأ طبيعي، ومنها ما هو ناتج عن احتراق الوقود للأغراض الصناعية، والنقل، والطاقة الكهربائية، ومنها ما هو ناتج عن المخلفات الصناعية.

أ. غاز ثاني أكسيد الكربون CO2

يُعد غاز ثاني أكسيد الكربون أحد الغازات المكونة للهواء الجوي، وأحد مراحل دورة الكربون في المحيط الحيوي. ويبلغ متوسط نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون، في الهواء نحو 0.03% بحيث لا تصل إلى الحد الذي يعتبر فيه تلوثاً. لكن الاستهلاك المتزايد، بعد الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر والعشرين، للطاقة الأحفورية (البترول، الفحم الحجري، الغاز الطبيعي)، ينذر بزيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء (انظر شكل ثاني اكسيد الكربون في الهواء).

C

فحم

 

+

 

O2

أكسجين

 

CO2

غاز ثاني أكسيد الكربون

 
 

 

 

 

CH4

غاز طبيعي

 

+

 

O2

أكسجين

 

CO2

غاز ثاني أكسيد الكربون

 

+

 

2H2O

مــــاء

 
 

 

 


وتشير بعض الدراسات إلى أن معدل الزيادة السنوية لنسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء، خلال العقد الأخير من القرن العشرين، بلغ نحو 0.7 من كمية هذا الغاز الموجود طبيعياً في الهواء. ويعتقد بعض علماء المناخ أن الزيادة هذه في نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الغازي للكرة الأرضية قد يؤدي إلى تغير في مناخ الكرة الأرضية ينتج عنه عواقب وخيمة. وهذا التغير في المناخ راجع إلى قدرة جزيئات غاز ثاني أكسيد الكربون على تمرير الطاقة الشمسية القادمة للأرض على شكل موجات قصيرة، بينما يقوم بامتصاص الأشعة تحت الحمراء Infrared أو ما يُعرف بالأشعة الحرارية المشعة من سطح الأرض؛ ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، فيما يُعرف بظاهرة البيوت الزجاجية أو الاحتباس الحراري.

وقد أشارت نتائج بعض النماذج الرياضية، التي تحاكي ما يحدث في الواقع للمناخ العالمي، إلى أن درجة حرارة الأرض سترتفع بمقدار 1.2 ـ 3.5 درجات مئوية بحلول عام 2025. وهذا المقدار في زيادة درجة حرارة الأرض يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بين 10ـ20سم، وذلك من طريق تمدد حجم الماء في المحيطات، وذوبان كميات كبيرة من الثلوج على اليابسة في المناطق القطبية، وقمم الجبال (انظر شكل تقديرات التغير). أما التقديرات التي اعتمدها المؤتمر العالمي للمناخ عام 1988، لزيادة درجة حرارة الأرض بسبب الاحتباس الحراري فهي من 1.5ـ4.5 درجة مئوية خلال القرن الواحد والعشرين.

ومن المؤكد أن آثار ارتفاع درجة الحرارة بسبب الاحتباس الحراري، لن تكون موزعة بالتساوي على سطح الكرة الأرضية، بل ستكون هناك اختلافات إقليمية كبيرة في مدى تأثر النظم البيئية بارتفاع درجة الحرارة، وارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عنها. ويمكن تلخيص أهم التغيرات المتوقعة لارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب الاحتباس الحراري، فيما يلي:

ـ  سيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب تمدد حجم مياه البحار والمحيطات، وذوبان الجليد من المناطق القطبية، وقمم الجبال، الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، إلى غمر مساحات كبيرة من السهول الساحلية، التي تعتبر في كثير من الأحيان أفضل الأراضي الزراعية في العالم، خاصة في مناطق دلتاوات مصاب الأنهار في البحار، كما قد تطمر المياه بعض المدن الساحلية، وتختفي بعض الجزر، ويزداد تسرب مياه البحر المالحة إلى الخزانات الجوفية العذبة.

ـ  ستكون زيادة درجة الحرارة في المناطق شبه القطبية أكثر من المتوسط العام لزيادة درجة حرارة الأرض، مما سيسمح بنمو الحشائش الطويلة والغابات في مناطق التندرا.

ـ قد يكون معدل تغير درجة الحرارة أسرع من معدل تكيف الغابات مع النظام البيئي الجديد، ما قد يؤدي إلى القضاء على الكثير من الغابات.

ب. غاز أول أكسيد الكربون CO

يُعد غاز أول أكسيد الكربون من أشد الغازات الملوثة للهواء سمية، وتقدر زيادة تركيزه السنوية في الغلاف الجوي بحوالي 0.03 جزء في المليون، ولا يتأكسد منه ليتحول لثاني أكسيد الكربون سوى نسبة بسيطة.

وينتج غاز أول أكسيد الكربون من الاحتراق غير الكامل للوقود العضوي، مثل: الفحم والبترول، والغاز الطبيعي:

2C

كربون

 

+

 

O2

أكسجين

 

2CO

غاز أول أكسيد الكربون

 
 

 


ومع أن تأثير أول أكسيد الكربون على النباتات محدوداً إذا لم يزيد تركيزه في الهواء على 100 جزء في المليون، لفترات تزيد على ثلاثة أسابيع متتالية، إلا أن تأثيره على الإنسان والحيوان كبيراً جداً، إذ تؤكد العديد من الدراسات أن ارتفاع تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الهواء تسبب تغيرات فسيولوجية ومرضية في جسم الإنسان قد تؤدي إلى الوفاة. ويتم تأثير غاز أول أكسيد الكربون على جسم الإنسان بواسطة حرمان الجسم من الأكسجين الضروري للحياة، وذلك من طريق اتحاد أول أكسيد الكربون مع هيموجلوبين Hemoglobin الدم مكوناً الكاربوكسي هيموجلوبين Carboxyhemoglobin (COHb) الذي يقلل من اتحاد الهيموجلوبين مع الأكسجين، ما يسبب نقص للأكسجين في الدم، ومن ثم نقص عام للأكسجين في جميع الأجهزة المختلفة بالجسم.

ويتضح مدى تأثير أول أكسيد الكربون على مستوى الأكسجين في الجسم، عندما نعرف أن هيموجلوبين الدم يتحد مع أول أكسيد الكربون أكثر ما يتحد مع الأكسجين بنحو 210ـ250 مرة، وأن أول أكسيد الكربون المرتبط مع الهيموجلوبين لا يتحرر ويتخلص منه الجسم إلا بمعدل متواضع بعد التوقف عن تنفس الهواء الملوث، يبلغ نحو نصف كمية أول أكسيد الكربون المرتبط مع هيموجلوبين الدم كل ثلاث إلى أربع ساعات.

وتبين الدراسات التي أجريت على تأثير غاز أول أكسيد الكربون إلى أنه عندما يبلغ تركيزه في الهواء الذي يتنفسه الإنسان 10ـ15 جزء في المليون، فإن 2.5% من هيموجلوبين الدم يرتبط مع أول أكسيد الكربون في الدم ويتحول إلى كاربوكسي هيموجلوبين، ما يخفض مقدرة الدم على تزويد الجسم بالأكسجين بنحو 15%. وهذه الدرجة من تركيز أول أكسيد الكربون في الهواء يوجد بصورة شبه دائمة في الشوارع المزدحمة بالمدن الكبيرة خلال النهار. وعندما يصل تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الهواء إلى 30 جزء في المليون، فإن نسبة الهيموجلوبين الذي يرتبط معه في الدم مكوناً كاربوكسي هيموجلوبين تبلغ نحو 5% ما يؤدي إلى تأثر القلب والجهاز التنفسي وظهور آلام في الرأس وحاجة كبيرة للنوم (انظر جدول تأثير تركيز كاربوكسي الهيموجلوبين في دم الإنسان).

ويزداد تأثير تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الهواء على الإنسان إذا كان الشخص يعاني من أمراض في الجهاز التنفسي، أو أمراض فقر الدم. لذلك، نجد أن مواصفات جودة الهواء في الكثير من الدول تنص على ألا يزيد تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الهواء عن 3ـ9 أجزاء في المليون.

وتنص مواصفات جودة الهواء Ambient Air Quality Standards من قبل وكالة حماية البيئة Environmental Protection Agency (EPA) الأمريكية، وتتبعها في ذلك الكثير من البلدان العالم، على أنه يجب:

(1) ألا يتعدى متوسط تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الساعة الواحدة، خلال أي مدة طولها 30 يوماً، 40 ملليجرام/ متر مكعب من الهواء (35 جزء في المليون)، أكثر من مرتين في أي موقع.

(2) ألا يتعدى متوسط تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الهواء، في أي ثمان ساعات، خلال أي فترة طولها 30 يوماً، تركيز 10 ملليجرام/ متر مكعب من الهواء (9 أجزاء في المليون)، أكثر من مرتين في أي موقع.

ج. ثاني أكسيد الكبريت SO2

يُعد ثاني أكسيد الكبريت من أخطر ملوثات الهواء، وهو غاز عديم اللون وغير قابل للاشتعال. وعندما تكون نسبة الرطوبة في الهواء مرتفعة،فإن ثاني أكسيد الكبريت، يتحول عن طريق التفاعلات الكيموضوئية إلى ثالث أكسيد الكبريت SO3، الذي بدوره يتحد مع قطرات الماء مكوناً حمض الكبريت H2SO4، وينتج عن ذلك ما يعرف باسم الضباب الدخاني Smog.

وتراوح تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء داخل المدن الكبيرة بين 0.01 و0.2 جزء في المليون، وعندما يصل تركيزة في الهواء إلى 0.1 جزء في المليون، أو أكثر، فإن الرؤية تنخفض إلى حوالي 8 كيلومتر بسبب زيادة التفاعلات الكيموضوئية المكونة للضباب الدخاني.

كما أن زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء الرطب تزيد من تآكل المعادن وتجويتها، فنجد أن الألمنيوم يزداد معدل تآكله في المدن الملوثة بثاني أكسيد الكبريت، عنه في الأرياف بمعدل 14ـ17 مرة. ويرجع التآكل السريع لبعض التماثيل والنصب المصنوعة من الأحجار خاصة الحجر الجيري في المدن الكبيرة، مثل تمثال الحرية في مدينة نيويورك بشرق الولايات المتحدة الأمريكية، والأهرامات حول القاهرة في مصر، إلى ارتفاع حموضة الأمطار والضباب الناتج عن ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت في الجو، كما توضح المعادلات الكيماوية التالية:

S

كبريت

 

+

 

O2

أكسجين

 

SO2

ثاني أكسيد الكبريت

 

ضوء

 

SO2

ثاني أكسيد الكبريت

 

+

 

O2

أكسجين

 

SO3

ثالث أكسيد الكبريت

 
 

 

 

 

 

 

SO2

ثالث أكسيد الكبريت

 

+

 

H2O

مــاء

 

H2SO4

حمض الكبريتيك

 
 

 

 

+

 

HSO4-

بيكبريتات

 
 

 

 

CaCO3

حجر جيري (كالسايت)

 

 

+

 

Ca2+

كاتيون كالسيوم

 

+

 

HCO4-

بيكربونات

 
 

 

 

 


ويدخل ثاني أكسيد الكبريت إلى جسم الإنسان من طريق الجهاز التنفسي، ويتم التخلص منه من طريق البول على هيئة كبريتات. ويظهر أثر غاز ثاني أكسيد الكبريت على الإنسان على شكل تخريش شديد للأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي، ما يسبب السعال الجاف، والألم الصدري، والتهاب القصبات الهوائية، وضيقاً في التنفس. أما إذا تعرض الإنسان لتركيز عالٍ لثاني أكسيد الكبريت في الهواء، فإنه يصاب بتشنجات فجائية واختناق. أما التعرض لمدد طويلة ولو لتراكيز منخفضة من غاز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء، تسبب ظهور أعراض تدني في حاسة الذوق، وحاسة الشم، والتهاب القصبات المزمن، والتصلب الرئوي. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت في مدينة نيويورك على الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 1ـ12 سنة، أن الذين يعيشون في أوساط ملوث هوائها بغاز ثاني أكسيد الكبريت يعانون من التهاب القصبات الهوائية بنسبة تزيد بنحو 20% عن الأطفال في الفئة العمرية نفسها، الذين يعيشون في أوساط هوائها غير ملوث بغاز ثاني أكسيد الكبريت.

وتنص مواصفات جودة الهواء Ambient Air Quality Standards من قبل وكالة حماية البيئة Environmental Protection Agency (EPA) الأمريكية، وتتبعها في ذلك الكثير من البلدان في العالم، على أنه يجب:

(1) ألا يتعدى متوسط تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت في الساعة الواحدة، خلال أي فترة طولها ثلاثون يوماً 800 ميكروجرام لكل متر مكعب من الهواء (0.28 جزء في المليون)، أكثر من مرتين في أي موقع.

(2) ألا يتعدى متوسط تركيز ثاني أكسيد الكبريت في 24 ساعة خلال أي فترة طولها 12 شهراً 400 ميكروجرام لكل متر مكعب من الهواء (0.14 جزء في المليون)، أكثر من مرة واحدة في أي موقع.

(3) ألا يتعدى متوسط تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت في العام 85 ميكروجرام لكل متر مكعب من الهواء (0.03 جزء في المليون) في أي موقع.

أما تأثير غاز ثاني أكسيد الكبريت على النبات فيتمثل بشكل أساسي في زوال اللون الأخضر بين عروق الأوراق، حيث يتحول بالتدريج إلى اللون الأصفر أو البني. وكلما ازدادت كمية ثاني أكسيد الكبريت التي تنفذ عبر الثغور إلى داخل الأوراق، كلما ازداد الضرر الذي يلحق بالنبات، لذلك، نجد أن العوامل التي تزيد تفتح ثغور أوراق النبات تزيد من تأثير ثاني أكسيد الكبريت على النبات، بينما تعمل العوامل التي تقلل من تفتح ثغور أوراق النبات، كالإجهاد المائي، على زيادة مقاومة النبات لتأثير ثاني أكسيد الكبريت.

وتختلف حساسية النباتات لغاز ثاني أكسيد الكبريت من نوع إلى آخر. فالأنواع الحساسة لتركيز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء، مثل: البرسيم الحجازي تتضرر أوراقه ويحدث لها تلف موضعي في أنسجتها حتى ولو كانت تركيز ثاني أكسيد الكبريت أقل من 0.5 جزء من المليون لمدة ثماني ساعات متتالية. أما الأنواع الأقل حساسية لثاني أكسيد الكبريت، مثل نبتة الفليون، فلا تتضرر إلا عندما يصل تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء إلى 2ـ3 جزء في المليون، لمدة ثماني ساعات متتالية.