إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









القسم الأول: الجغرافيا الطبيعية

(6) مدة بقاء العناصر في الدورة المحيطية

متوسط مدة بقاء Residence Time العناصر في المحيط، ليس واحداً. ويمكن حساب مدة بقاء كلٍّ منها، بالمعادلة التالية:

كمية العنصر في مياه المحيطات

مدة البقاء في المحيط =

معدل تغذية مياه المحيط بالعنصر

 

وتعد المحيطات في حالة توازن، بالنسبة إلى عنصر معين، إذا كانت مخرجاتها ومدخلاتها منه متساوية. وتعتمد مدة بقاء أي عنصر في المحيط، على تفاعله في البيئة البحرية؛ فالألمنيوم، مثلاً، مدة بقائه في المحيطات 100 سنة فقط، والحديد 140 سنة فقط، بينما تبلغ مدة بقاء الصوديوم 260 مليون سنة (انظر جدول مدة بقاء بعض العناصر في المحيطات).

أما أهم عنصر في المحيط، وهو الماء، فإن مدة البقائه، تقدر بنحو أربعة آلاف سنة؛ إذ يتبخر منه، كل سنة ما يعادل طبقة، سمكها متر واحد. ولهذا، فإن المحيطات، بمتوسط عمق 4000 متر، سوف تجف، خلال 4 آلاف سنة؛ ، لو أن الماء، الذي يتبخر منها، لا يعود إليها، من طريق التساقط والجريان السطحي.

(أ) الغازات الذائبة في مياه البحار

يذوب ، في مياه البحر، التي تحركها الرياح، وتقلبها الأمواج، بعض غازات الغلاف الغازي، من الطبقة السفلى، الملامسة لتلك المياه. ويقال للماء، إنه مشبع بغاز معين، إذا كانت كمية الغاز الداخلة إليه مساوية لتلك الخارجة منه، عند درجة حرارة، ونسبة ملوحة ثابتتين. وطبقة المياه السطحية، في العادة، مشبعة بغازات الغلاف الغازي، مثل: الأكسجين والنيتروجين.

تحدد درجة حرارة الماء، ونسبة الملوحة فيه، كمية الغاز، التي يمكن أن تذوب فيه، قبل أن يصل إلى درجة التشبع. فكلما ازدادت درجة الحرارة، أو نسبة الملوحة؛ انخفضت قدرة الماء على إذابة الغازات. ومن هذين المتغيرين، درجة الحرارة والملوحة، فإن الأولى هي العامل الأهم.

إن أكثر الغازات الذائبة في مياه البحار والمحيطات، هي النيتروجين N، والأكسجين O، وثاني أكسيد الكربون CO2؛ إضافة إلى غازات أخرى، توجد ذائبة في الماء، بنسب أقل، مثل الهيدروجين. وأهم مصادر الغازات، في مياه البحار والمحيطات، هو الغلاف الغازي. ومن مصادر الغازات الأخرى التفاعلات الكيماوية، التي تحدث في المواد العضوية، في البحر؛ ومياه الأنهار، التي تصب في البحار والمحيطات؛ وبراكين أعماق المحيطات وما يصحبها من غازات.

وبما أن المصدر الرئيسي للغازات، في مياه البحار والمحيطات، هو الغلاف الغازي، فإن المياه، حين تغوص تحت السطح، يتوقف تبادلها للغازات مع الغلاف الغازي. وفي هذه الحالة، هناك احتمالان، بالنسبة إلى محتواها من الغازات الذائبة:

الأول: كمية الغازات الذائبة في الكتلة المائية، التي يغمرها الماء، لن تتغير. والتغير الوحيد، الذي يمكن أن يحصل، في هذه الحالة، هو في انتشار الغازات الذائبة، وانتقال جزيئاتها، وتحركها في حدود الكتلة المائية نفسها (وهذه العملية بطيئة).

الثاني: أن تتغير كمية الغازات الذائبة في الكتلة المائية، بإحدى الطريقتين التاليتين:

-    الاختلاط بكتل مائية أخرى، محتواها من الغازات الذائبة مختلف. وعملية التخالط، تحدث بين الكتل المتقاربة في خصائصها الفيزيائية، وأهمها الكثافة. ويكثر تخالط مياه الكتل المائية، عند هوامش الكتل.

-    بعض الغازات، تدخل في الكثير من العمليات، الكيماوية والحيوية (البيولوجية) Chemical and Biological Processes؛ ما يغير نسب تركُّزها تحت سطح الماء، وفي الأعماق.

وربما كان من الأسهل، النظر إلى تغير نسب الغازات الذائبة في الكتل المائية، تحت السطح، من منطلق التفريق بين الغازات الذائبة التي تتغير نسبها، نتيجة لتفاعلات كيماوية أو حيوية وتلك، التي تتغير نسبها نتيجة لعمليات فيزيائية، مرتبطة بانتشار الغازات في الكتلة المائية الواحدة، أو تبادلها بين الكتل المائية، من طريق تخالط مياه تلك الكتل.

والغازات الذائبة بعمليات فيزيائية، يطلق على نسبها في الكتل المائية "خواص محافظة" Conservative Properties. وتشمل غازات النيتروجين Nitrogen (N)؛ والغازات النادرة، التي توجد بنسب قليلة Rare Gases، وهي: الأرجون Argon (Ar)، والهيليوم Helium (He)، والنيون Neon (Ne)، والكريبتون Krypton (Kr). وتعد الملوحة، كذلك، إحدى الخواص المحافظة؛ إذ إن ماء البحر مشبع، تقريباً، بالنيتروجين والغازات النادرة، في كل طبقاته.

أما الغازات الذائبة في مياه البحار والمحيطات، فيطلق على نسبها في الكتل المائية "خواص غير محافظة" Non conservative Properties. وهي تلك التي تدخل في العمليات، الحيوية والكيماوية، فتغير نسب تركُّزها في المياه؛ ومنها: الأكسجين Oxygen (O)، وثاني أكسيد الكربون Carbon Dioxide. وهذه الغازات تضاف إلى مياه البحر، في الطبقات المختلفة؛ حيث تستهلك بمعدلات متفاوته، ومتغيرة. ويستخدم دارسو البحار والمحيطات تركُّز غاز الأكسجين، الذائب في ماء البحر، في تتبع تحرك المياه السطحية.

يصل الأكسجين إلى مياه البحار والمحيطات، من الغلاف الغازي، أو من عمليات التمثيل الضوئي، التي تقوم بها النباتات البحرية. ويخرج الأكسجين من مياه البحار والمحيطات، عند السطح، للتوازن مع غازات الغلاف الغازي. كما تستهلك الأحياء البحرية جزءاً في عمليات التنفس؛ إضافة إلى عملية الأكسدة. ونتيجة لتعدد عمليات مدخلاته ومخرجاته، في مياه البحار والمحيطات، وتباين عوامل هذه المدخلات والمخرجات أفقياً، على السطح، أو عمودياً مع العمق، فإن تركُّز الأكسجين في مياه المحيطات، يتفاوت أفقياً وعمودياً. ومثل غيرها من الغازات الذائبة في مياه البحار والمحيطات، تتأثر نسبة الأكسجين الذائب في المياه، بدرجة حرارة الماء ونسبة ملحوته. لذلك، ينظر إلى الكتل المائية، في البحار والمحيطات، على أنها ممون للغلاف الغازي بالأكسجين، في فصلي الربيع والصيف، ومستهلك للأكسجين، من الغلاف الغازي، في فصلي الخريف والشتاء. وبطبيعة الحال، فإن عملية تبادل الغازات، بين البحار والغلاف الغازي، تتم في الطبقة السطحية من المياه البحرية. ومن منطلق آخر، فإن عملية التمثيل الضوئي، تنشط، كذلك، في الطبقات السطحية من الماء، التي يصل إليها ضوء الشمس. يزداد تركٌّز الأكسجين في الطبقة السطحية، من مياه البحار والمحيطات، بالاتجاه من خط الاستواء نحو العروض العليا. ففي حين يبلغ معدل نسبة الأكسجين الذائب في مياه البحر، عند خط الاستواء، 5 سنتيمترات مكعبة، في اللتر الواحد، تراوح هذه النسبة بين 7 و8 سنتيمترات مكعبة، في اللتر الواحد، عند الدائرتين القطبيتين. ويشغل الأكسجين بعامة، ما نسبته 36% من إجمالي الغازات الذائبة في المياه البحرية، البالغة 153 مليلتر[29]، في اللتر الواحد، عند درجة حرارة 20ْ مئوية، وملوحة 36 في الألف (انظر شكل الغازات الذائبة في مياه البحار).

يذور ثاني أكسيد الكربون في مياه البحار والمحيطات، بنسب عالية، نسبياً، مقارنة بغازات الغلاف الغازي الأخرى. وذلك ناتج من التفاعلات الكيماوية، التي تحدث في مياه البحار، ويدخل فيها. هذه التفاعلات يمكن تبسيطها كالتالي:

يشير السهم ذو الاتجاهين، إلى أن هذه التفاعلات، يمكن أن تحدث في الاتجاهين. وعلى الرغم من أن معظم ثاني أكسيد الكربون CO2، في البحار والمحيطات، يصل إليها غازاً ذائباً في الماء، فإن لا يبقى منه إلا القليل؛ إذ يتفاعل معظمه مع الماء، وينتج من ذلك التفاعل أحماض كربونية H2CO3. وتتفاعل الأحماض الكربونية، عادة، في مياه البحار والمحيطات، مكونة أيونات بيكربونات HCO3، ومقداراً أقل من الأيونات الكربونية CO3=.

لهذه التفاعلات أهمية كبيرة، في مياه البحار؛ فهي تحافظ على التوازن بين الأحماض Acids، الممثلة، في المعادلة أعلاه، في أيونات الهيدروجين؛ وبين القواعد Bases، ممثلة في الكربونات والبيكربونات.

(ب) العوالق في مياه البحار والمحيطات

إن مصدر معظم العوالق (30%ـ70%)، في مياه البحار والمحيطات، هو المخلوقات البحرية. ويقصد بالعوالق أي مادة، عضوية أو غير عضوية، تظل عالقة بمياه البحر. ولهذه المواد أهمية كبيرة، في كثير من العمليات البحرية، وخاصة التفاعلات، الكيماوية والبيولوجية؛ فهي طعام كثير من الحيوانات البحرية، التي تتغذى بتنقية المياه Filter-Feeding Organisms، وتخلصها، في الوقت نفسه، من كثير من العوالق. وتشكل العوالق بيئة، يتكاثر فيها الكثير من المخلوقات البحرية الدقيقة.

تشكل كربونات الكالسيوم والسيليكا، 25%ـ50% من العوالق البحرية؛ ومصدرها الهياكل العظمية للمخلوقات البحرية. ومعظم العوالق حجمها كبير، نسبياً؛ لذلك، فهي تغوص إلى القاع، بسرعة، قد تصل إلى مئات الأمتار، في اليوم[30]. ومعظم هذه العوالق الكبيرة، مخلفات حيوانات بحرية، تتغذى بالنباتات الميكروسكوبية، التي تكثر حول سطح الماء. وهذه المخلفات، تشكل مصدراً غذائياً لمخلوقات الأعماق البحرية.

ويحتوي ماء البحار والمحيطات، على عوالق صغيرة جداً؛ ما يجعل سرعة ترسبها منخفضة جداً. وقد يستغرق وصولها إلى قاع المحيط سنوات؛ ما يتيح كثيراً من العمليات، الكيماوية والبيولوجية، التي تطرأ عليها، وتغيرها. وكثير من تلك العوالق، تحملها إلى البحار والمحيطات، مياه الأنهار، أو الرياح، على شكل غبار من الصحاري، أو من الغبار الكوني[31] Cosmic Materials.

بعض الحبيبات العالقة، من المواد الأكثر قابلية للذوبان، قد تذوب قبل أن تصل إلى قاع المحيط؛ فتدخل، بذلك، في التركيب الكيماوي لمياهه ، بل تغيره. وتـأثيرها الرئيسي في نقل المغذيات، مثل: مركبات النيتروجين، والفوسفات، والسيليكات، من قرب سطح الماء إلى الطبقات التحتية؛ ما يحد قليلاً من إنتاجية طبقة المياه السطحية، من المادة الحية.

(ج) كثافة مياه البحار

تتأثر كثافة الماء بدرجة حرارته، وبالضغط. ولكن، نظراً إلى وجود الأملاح في مياه البحار والمحيطات، فإن كثافتها، تتأثر بثلاثة عوامل، هي: درجة الحرارة، والضغط، والملوحة؛ فتزداد مع انخفاض درجات الحرارة[32]، وازدياد الضغط أو الملوحة.

وتقاس الكثافة بالجرام، في كل سنتيمتر مكعب (الكتلة على الحجم). وتراوح قياساتها، في المحيطات المفتوحة[33]، بين 1.024 و1.023 جرام، في السنتيمتر المكعب. وكثافة مياه البحار والمحيطات، أكثر تأثراً بدرجات الحرارة، منها بالملوحة أو الضغط، وخاصة في العروض الدنيا، حيث ترتفع معدلات درجة الحرارة. ويقل أثر درجة الحرارة في كثافة المياه في العروض الباردة؛ ففي مياه، ملوحتها، مثلاً، 35 في الألف وعند درجة حرارة 25ْ مئوية، تبلغ كثافتها 1.0235 جرام، في السنتيمتر المكعب؛ وعند درجة حرارة 20ْ مئوية، 1.0247 جرام، في السنتيمتر المكعب؛ وفي ذلك زيادة، مقدارها 0.0012 جرام، في السنتيمتر المكعب.

ولكن انخفاض درجات الحرارة، من 5ْمئوية إلى الصفر المئوي، سيؤدي تغير الكثافة من 1.0277 إلى 1.0281 فقط؛ وفي ذلك زيادة، مقدارها 0.0004 جرام، في السنتيمتر المكعب.

تُعد الكثافة، والملوحة، ودرجة الحرارة، من الخواص المحافظة، في الكتل المائية. وتستخدم في تمييز تلك الكتل بعضها من بعض، وخاصة في الأعماق؛ لأن هذه الخواص، لا تتغير إلا عند الانتشار أو الاختلاط بعضها ببعض.

ولأن القدر الأكبر من التغير في حرارة المياه، وتبادل الطاقة، يحدث في طبقة المياه السطحية، فإن التغيرات الرأسية في الكثافة، مع العمق، أكبر من التغيرات الأفقية، في الطبقة السطحية. وتتأثر كثافة المياه، أفقياً، بالتغير في درجات الحرارة، وخاصة في المحيط المفتوح، بعيداً عن تأثير التدفق النهري في الملوحة. ولكن، في محيطات العروض العليا، حيث درجات الحرارة منخفضة، معظم السنة، تتأثر كثافة المياه بتغيرات الملوحة تأثراً أكبر (انظر شكل التغير الرأسي في كثافة مياه المحيطات).

تمتد تحت الطبقة السطحية، التي لا تشغل سوى 2% من مياه البحار، طبقة متوسطة، في أعماق، تراوح بين 100 و1500 متر. هذه الطبقة تزداد فيها كثافة الماء، مع ازدياد العمق ازدياداً كبيراً. ويطلق على هذه الطبقة طبقة البيكنوكلاين Pycnocline[34]؛ وتحوي قرابة 18% من المياه المحيطية. ولأن كثافة الكتل المائية، تحدد الأعماق، التي تتحرك فيها تلك الكتل، فإن التغير السريع في الكثافة، مع العمق، في هذه الطبقة، يجعلها طبقة مستقرة. فلا يوجد فيها، في الغالب، تقلُّب للمياه، ولا تحرك رأسي للكتل المائية. وتفصل هذه الطبقة المياه السطحية، المنخفضة الكثافة، عن مياه الأعماق، العالية الكثافة، وتحول دون اختلاط إحداهما بالأخرى. ونظراً إلى تأثر الكثافة بالتغير في درجة الحرارة والملوحة، فإن وجود طبقة البيكنوكلاين مرتبط بوجود تغير، مع العمق، في كل من الملوحة هالوكلاين، ودرجة حرارة الماء (ثيرموكلاين[35] Thermocline).

تختفي طبقة البيكنوكلاين، مثل طبقتي الهالوكلاين والثيرموكلاين، في العروض العليا، حيث تتصل المياه العميقة بالمياه السطحية، وتقلّ الفوارق بين كثافتيهما. وفي تلك العروض، تتشكل الكتل المائية، وتكتسب خصائصها، وتغوص إلى أعماق المحيطات، حيث تبقى سابحة في قيعانها، عشرات السنين.

(د) أثر الملوحة في تغير كثافة الماء، مع تغير درجات الحرارة

تزداد كثافة الماء، مع انخفاض درجة الحرارة إلى درجة حرارة 3.98ْ مئوية؛ ثم تأخذ في التناقص، بعد ذلك. وتسمى الدرجة 3.98ْ مئوية درجة حرارة الكثافة القصوى للماء[36] Temperature of Maximum Density. ولكن، مع وجود الأملاح في مياه البحار والمحيطات، يتغير كثير من الخواص الفيزيائية لهذه المياه. ومن هذه الخواص درجة حرارة الكثافة القصوى، التي تنخفض كلما ازدادت الملوحة؛ لأنها مرتبطة ببداية تكوّن البلورات الثلجية؛ ووجود الأملاح الذائبة في الماء، يعوق تكوّن تلك البلورات.

ولا يقتصر ازدياد الملوحة على التأثير في درجة حرارة الكثافة القصوى، بل يتخطاها إلى خاصية أخرى، مرتبطة بها، وهي درجة حرارة التجمد الأولى Initial Freezing Point. فالماء النقي، يتجمد تماما،ً عند درجة الصفر المئوي؛ ولكن ماء البحر، ليس له درجة تجمد محددة، لتغيير معدلات الملوحة. وذلك ناتج من أنه كلما تجمدت كمية من مياه البحر، طردت الأملاح، التي كانت ذائبة فيها، فأصبحت المياه المحيطية بها أكثر ملوحة؛ ما يجعلها تتطلب درجات حرارة أدنى، لكي تتجمد؛ إذ دائماً يبقى محلول ملحي، لا يمكن أن يتجمد، إلا إذا تعرض لدرجات حرارة شديدة الانخفاض Super Cooled.

إن العمليات، التي تخفض درجة حرارة التجمد الأولى، تخفض، كذلك، درجة حرارة الكثافة القصوى للماء، التي تهبط كلما ازدادت الملوحة. وعند نسبة ملوحة 24.7 في الألف، تتساوى الدرجتان عند –1.33ْ مئوية (انظر شكل أثر الملوحة في تغير كثافة الماء). وعند ملوحة أكثر من 24.7 في الألف، ليس للماء درجة حرارة كثافة قصوى؛ إذ تزداد كثافته، باستمرار، مع انخفاض درجات الحرارة. لذلك، فمياه البحار والمحيطات، بمتوسط ملوحتها، الذي يصل إلى 35 في الألف، تقريباً، ليس لها درجة حرارة كثافة قصوى؛ وإنما يطّرد ازدياد كثافتها، كلما انخفضت درجات الحرارة (انظر شكل تبادل الطاقة).

(هـ) درجة الحرارة: السخونة والبرودة

لا تسخن مياه البحار السطحية إلا أثناء النهار، ولا سيما بعد الظهيرة. وكمية الطاقة الممتصة، تعتمد على غطاء السحب المحلي، وزاوية سقوط أشعة الشمس (انظر جدول مدة بقاء بعض العناصر في المحيطات)، والتي تعتمد، بدورها، على دائرة العرض، والوقت من السنة؛ فتزداد الطاقة، عندما تكون الشمس عالية في السماء، وتقل كلما مالت الشمس نحو الأفق. وفي العروض، المدارية وتحت المدارية، تكون الشمس عالية في السماء، في كل الفصول؛ بينما في المناطق القطبية، لا ترتفع كثيراً عن الأفق؛ لذا، فالمناطق القطبية، يصلها كمية أقل من الطاقة. تسخن الأرض، إذاً، في العروض المدارية؛ ويبردها الإشعاع، في العروض القطبية العليا.

الطاقة الواصلة إلى الأرض من الشمس، عند سطح الغلاف الغازي تقريباً، ثابتة، معدلها 0.5 كلوري/سم2، في الدقيقة؛ ولكن، لا يصل منه إلى سطح الأرض، بعد أن يقطع الغلاف الغازي، إلا 0.25 كالوري/سم2/ دقيقة، في معدل 24 ساعة.

لو كان معدل الطاقة، الواصلة إلى سطح البحر، محصور التأثير في الطبقة العلوية منه، والبالغ عمقها متراً واحداً؛ لارتفعت درجة حرارة البحر 3.5ْ مئوية، تقريباً، في اليوم. ولكن معدل التغير اليومي، في حرارة المحيط المفتوح، يراوح بين 0.2ْ و0.3 مئوية. وهذا يوضح، أن الدخل اليومي من الطاقة الشمسية، تمتص بعضه، بسرعة، الطبقات القريبة من السطح؛ وبعضه الآخر، يستأثر به الغلاف الغازي. ولأن الطاقة المكتسبة، تتوزع على طبقة سميكة من المياه السطحية، فإنها لا تفقد كلها، أثناء الليل. لذا، وإضافة إلى السعة الحرارية العالية للماء، فإن عملية الخلط السطحي، تمنع التغيرات اليومية الكبيرة، في درجة حرارة المياه السطحية. ولكن، على اليابس، حيث لا يوجد خلط، تبقى الحرارة على السطح، في النهار؛ فتفقد، ليلاً، بسهولة. ولذلك، فإن المدى الحراري اليومي، على اليابس، أكبر منه في المحيط.

لو احتفظ المحيط بكل الطاقة، التي يمتصها، لوصلت مياه المحيط، في نحو 300 سنة، إلى درجة الغليان. ومن الواضح، أن هذا لا يحدث؛ إذ تظهر بقايا الكائنات البحرية القديمة، المحفوظة في الصخور، أن درجة حرارة المحيطات السطحية، لم تتغير، إلا قليلاً، خلال البليوني سنة الماضية؛ لذا، فإن المحيطات، لا تفقد من الطاقة إلا ما تمتصه من الإشعاع الشمسي، الواصل إلى سطح الماء؛ فهي، إذاً، في حالة توازن حراري (انظر شكل تبادل الطاقة) (انظر جدول التغير في انعكاس الأشعة الشمسية وامتصاصها، مع تغير زاوية السقوط).

الحرارة المفقودة من سطح المحيط، مستمرة، بالليل والنهار، وفي جميع الفصول. وتجري من خلال عدة عمليات:

-        شعاع حراري في الفضاء.

-        سخونة الغلاف الغازي بالملامسة (توصيل).

-        تبخر الماء.

نحو 40% من الإشعاع الشمسي الواصل، يتم فقده، من طريق الإشعاع إلى الفضاء. ومعظم هذا الإشعاع على شكل أشعة تحت الحمراء Infrared، بدلاً من الأشعة المرئية، التي يشعها سطح الشمس، الأشد حرارة.

جزء من الحرارة المفقودة، يذهب إلى الغلاف الغازي، حيث يُحَوَّل بالتوصيل، كما تنتقل الحرارة إلى إناء على موقد. وسطح المحيط، في العادة، أدفأ من الهواء الملامس له، بدرجة مئوية واحدة.

يسهم التبخر بنصف ما يفقده المحيط من الحرارة، تقريباً. هذه الحرارة (الحرارة الكامنة للتبخر) تنطلق في الغلاف الغازي، حينما يتكاثف بخار الماء، ليسقط على شكل مطر أو ثلج. والغلاف الغازي، يكتسب جزءاً كبيراً من حرارته، بهذه العملية.

من آثار تسخين سطح المحيط، هو أنه يسبب البناء الطبقي الثلاثي للمحيط؛ فالخلط السريع، والمستمر، للطبقة السطحية، يؤدي إلى وجود طبقة سطحية متساوية الحرارة  (Isothermal) بالاختلاط. ويفصل بين الطبقة السطحية، التي تسخنها الشمس، والطبقة العميقة الباردة، طبقة الثيرموكلاين Thermocline، حيث تتغير الحرارة، بسرعة، مع العمق. تحت الثيرموكلاين، يتغير درجات الحرارة، ببطء، مع العمق. هذه التغيرات في درجة الحرارة، تولد تغيرات في الكثافة؛ لذا، في معظم المناطق، الثيرموكلاين هو نطاق البيكنوكلاين نفسه (انظر جدول الميزانية الحرارية لسطح المحيط).

تفاوت سخونهة الأرض، يسبب فروقاً كبيرة بين الأقاليم، المدارية والقطبية؛ فالمحيط أدفأ ما يكون (25ـ30ْمئوية) في الأقاليم المدارية؛ وأبرد ما يكون (-1.7ْ مئوية) قرب القطبين. وتمتد أحزمة، من درجات حرارة سطح المحيط المتساوية، بين الشرق والغرب.

خطوط الحرارة السطحية المتساوية Surface Isotherms، وهي خطوط، تصل نقاطاً متساوية الحرارة، في المحيط ـ تنحرف عن محورها الشرقي الغربي، قرب القارات، وبخاصة في شمال غرب الأطلسي وشمال غرب الهادي؛ نتيجة للظروف المناخية القارية، والتيارات البحرية، التي تميل إلى الجريان موازية لسواحل القارات. بعض التيارات، تنقل الماء الدافئ إلى القطبين؛ وبعضها الآخر، ينقل الماء البارد إلى منطقة الاستواء (تيار الخليج وتيار لبرادور).

معدلا درجة الحرارة السطحية للمحيطات، في نصفي الكرة، الشمالي والجنوبي متشابهان، إلى حد ما. إلا أن النصف الشمالي أكثر دفئاً؛ ربما لانتشار القارات فيه. ويصبح بينهما الفرق أكثر وضوحاً قرب القطبين، نحو 60ْ شمالاً وجنوباً، حيث يعظم انتشار اليابس في النصف الشمالي، وتتصل مياه المحيطات بعضها ببعض، في النصف الجنوبي.

(و) الملوحة: التبخر والتساقط

تغير الملوحة، في المحيط المفتوح، هو أقل حدة من تغير درجة الحرارة. وتغيرات الملوحة، سببها الرئيسي، هو التبخر، والتساقط، والتدفق النهري.

قرب القطبين، تسهم الثلوج البحرية في تجمد الماء العذب، وبقاء الأملاح. هذه العمليات، تعمل على سطح الماء، كما تعمل عمليات التسخين والتبريد. والتغيرات الكبيرة في الملوحة، مع العمق، تكون ما يعرف بـ هالوكلاين Halocline (Halo = SaltP Cline = Slope).

تؤثر تغيرات الملوحة في كثافة الماء (انظر شكل كثافة الماء وملوحته ودرجة حرارته)؛ فتغيرها 1%، يؤدي تغيرات أكبر في الكثافة من تغير درجة الحرارة 1ْ مئوية؛ لذا، أينما كان هناك تغير كبير في الملوحة السطحية، بوساطة التساقط، فإن النيكنوكلاين، تكون في نطاق الهالوكلاين نفسه. وعلى الرغم من التأثير المحلي المهم لانخفاض الملوحة، فإن الثيرموكلاين، في معظم أجزاء المحيط، تتحكم في النيكنوكلاين؛ وذلك ناتج نن المدى الحراري الكبير ـ107ْ ـ 30ْ مئوية لمياه البحر؛ بالمقابل، يعد مدى الملوحة صغيراً 33%ـ37%.

التبخر من سطح البحر، يعتمد على:

-        الطاقة الشمسية الواصلة.

-        سرعة الرياح.

-        الرطوبة النسبية للهواء.

نظراً إلى كثافة الأشعة الواصلة في الأقاليم المدارية، فإنها تشهد معدلات تبخر، هي أكبر منها في الأقاليم القطبية.

تبلغ معدلات التبخر أقصاها، في الأقاليم تحت المدارية، قرب دائرة 35ْ شمالاً وجنوباً، حيث تهب الرياح البخارية، طوال السنة، والسماء صافية، والهواء جاف نسبياً. وارتفاع الملوحة في هذه المناطق، يظهر أنها مناطق، يزداد فيها البخر.

قرب خط الاستواء، تقل سرعة الرياح، وتكثر السحب؛ فيقل التبخر، ويزداد التساقط. والتساقط يزداد بعامة، حول خط الاستواء، في العروض العليا؛ وفي المناطق الساحلية، حيث تنخفض ملوحة المياه السطحية.




[1]     ولكن المياه العميقة تبدو زرقاء، لأن الماء يعكس الأشعة الزرقاء.

[2]     وحتى إن كان للماء رائحة أو طعم فلن يميزها الإنسان لوجود هذا السائل في فيه بشكل دائم.

[3]  الارتباط التساهمي Covalent Bond حيث ترتبط الذرتان وتسهم كل منهما بإلكترون مشترك في المدار الخارجي لكل منهما.

[4]  الروابط الهيدروجينية Hydrogen Bonds يقصد بها الترابط بين جزيئين يحويان أيون الهيدورجين الموجب الشحنة وأيون الأكسجين Oxygen O-2 أو أيون النيتروجين Nitrogen N-3، أو أيون الفلور Fluorine F-1 ، والتجاذب ينتج عن الطبيعة القطبية للروابط، ويعد الماء من أبرز أمثلة المواد، التي ترتبط جزيئاتها بالروابط الهيدورجينية.

[5]  الجهد الأيوني Ionic Potential هو نسبة شحنة الأيون إلى نصف قطره.

[6]  كيلوكالوري Kcal يساوي 1000 كالوري أو 1000 سعر حراري.

[7]  السعة الحرارية للمادة هي كمية الطاقة اللازمة لرفع درجة حرارتها، درجة مئوية واحدة، وللماء سعة حرارية عالية مقارنة بالكثير من المواد الأخرى.

[8]  الشحنة الكهربائية Electric Charge من الخواص الأساسية للجسيمات الأولية Elementary Particles وقد تكون الشحنة سالبة، أو موجبة، أو صفر؛ وتقاس الشحنات بما يسمى كولومب Coulomb. ويساوي الكولومب الواحد مجموع الشحنات الكهربائية لعدد 6.25 × 1810 إلكتروناً.

[9]  المجال الكهربائي Electrical Field: الأثر التراكمي للشحنات الكهربائية.

[10] الأيونات: ذرات أو جزيئات مشحونة بشحنات سالبة، أو موجبة ناتجة عن اكتساب أو فقدان إلكترونات.

[11] الروابط الأيونية: يقصد بها القوى الإلكتروستاتيكية التي تربط اثنين أو أكثر من الأيونات ببعضها.

[12] فالنسي شيل Valence Shell: تشير إلى الغلاف الخارجي، وتشير فالنسي Valence إلى قوة الارتباط بين الذرات.

[13] المحلول Solution: هو خليط متجانس من نوعين أو أكثر من الذرات، أو الجزيئات، أو الأيونات.

[14] الحرارة النوعية Specific Heat: ثابت نسبي يربط بين التغير في الطاقة الداخلية للمادة ودرجة حرارتها المطلقة.

[15] التوصيل الحراري Thermal conductivity: مقياس لسرعة انتقال الطاقة الحرارية بين الجزيئات.

[16] الحرارة الكامنة: هي إجمالي الطاقة المستهلكة في، أو الناتجة عن تغير الحالة (الإذابة، التبخر) دون تغير في درجة الحرارة.

[17] السعة الحرارية للمادة هي كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من المادة درجة مئوية واحدة.

[18] الكثافة Density: وتساوي كتلة المادة على حجمها.

[19] يقصد باللزوجة Viscosity: التماسك الداخلي أو خاصية مقاومة التدفق.

[20] باسكال Pascal (Pa): وحدة قياس، وتساوي نيوتن لكل متر مربع.

[21] تستخدم هذه الطريقة لمعرفة الاتجاهات، إذا لم يتوفر بوصلة. وذلك عن طريق وضع إبرة معدنية بعناية على سطح الماء في إناء غير معدني، فتشير إلى الشمال المغناطيسي.

[22] ذرات مشحونة كهربائياً نتيجة لتبادل الإلكترونات.

[23] المياه الأولية Juvenile Waters مياه تظهر لأول على القشرة الأرضية، سواء على اليابس أو في قاع المحيط، ومصدرها باطن الأرض، والصخور البركانية، التي تتدفق من باطن الأرض نحو السطح خلال الشقوق في قشرة الأرض.

[24] أحيد أواسط المحيطات Mid-Oceanic Ridges سلاسل من المرتفعات الضخمة تمتد في أواسط قيعان المحيطات تتباعد قمتها الصفائح التكتونية مفسحة المجال لصخور باطنية جديدة للظهور على قشرة الأرض.

[25] التي لا تتصل بالمحيطات إلا اتصالاً محدوداً.

[26] البحار الداخلية Inland Seas: هي البحار التي تمتد داخل اليابس.

[27] باب المندب Bab el-Mandeb: مضيق يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، عرض في أضيق نقطة لا يتجاوز 12.5 كيلومتر.

[28] هالوكلاين Halocline: هي الطبقة المتوسطة من مياه المحيطات، تنحدر فيها الملوحة بسرعة مع الارتفاع نحو سطح المحيط. في العروض العليا، ويحدث العكس في العروض الأخرى. والتسمية مشتقة من الكلمتين هالو Halo بمعنى ملوحة، وكلاين Cline بمعنى انحدار. ولا يوجود لهذه الطبقة في العروض العليا.

[29] مليلتر Millilitre = 1000/1 من اللتر = سنتيمتر مكعب CM3.

[30] تتفاوت سرعة ترسب Fall Velocity العوالق في المياه حسب وزنها، وحسب حركة المياه.

[31] الغبار الكوني Cosmic Dust: حبيبات غبارية منتشرة في الفضاء الخارجي، قد يدخل بعضها الغلاف الغازي للأرض، فيتساقط بفعل الجاذبية الأرضية نحو السطح.

[32] علاقة عكسية.

[33] علاقة إيجابية.

[34] البيكنوكلاين Pycnocline: طبقة التغير السريع في كثافة الماء، وتفصل بين الطبقة السطحية والمياه العميقة، وهي مركبة من الكلمتين بيكنو Pycno: بمعنى كثافة، وكلاين Cline بمعنى انحدار أو تغير.

[35] ثيرموكلاين Thermocline: طبقة تحت المياه السطحية في المحيطات تنحدر فيها درجات حرارة المياه مع العمق بسرعة. وتمتد في الأعماق بين 100 متر و1500 متر تحت سطح الماء. وتسميتها مشتقة من كلمتي ثيرمو Thermo حراري، وكلاين Cline انحدار.

[36] درجة حرارة الكثافة القصوى للماء Temperature of Maximum Density: هي درجة الحرارة التي يبلغ عندها الماء أقصى كثافة وتساوي 3.98ْ مئوية.