إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









القسم الثالث: الجغرافيا الإقليمية Regional Geography

أ. العوامل الطبيعية

وتشتمل دراسة العوامل الطبيعية للإقليم على العناصر التالية:

(1) الموقع  Location

من الأسس الطبيعية الرئيسية التي يهتم بها الجغرافي، وعادة ما يبدأ في دراسته لأي إقليم. وتتعدد أنماط[1] المواقع الجغرافية ومن أهمها الموقع الفلكي Situation،  ويحدد هذا النمط من المواقع الخصائص المناخية السائدة في الإقليم، ويُعد الموقع الجغرافي من أهم أنماط المواقع، وترجع أهميته إلى أنه يؤثر بصورة مباشرة في المظاهر البشرية والحضارية، وبخاصة فيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للسكان، وكثافتهم، وتركيبهم، وتحركاتهم، ومستواهم، ونشاطهم الاقتصادي، ولتأكيد ذلك كان الموقع الجزري للجزر البريطانية دور كبير في تطور سكان هذه الجزر واختلافهم حضارياً بشكل واضح عن سكان جمهوريات آسيا الوسطى رغم وقوع النطاقين على نفس دوائر العرض تقريباً.

وتتباين طبيعة الموقع الجغرافي حتى في الدولة الواحدة، ففي المملكة العربية السعودية تختلف النطاقات المطلة على الخليج العربي في الشرق، حيث تتركز حقول النفط، عن الأجزاء الداخلية من البلاد، وخاصة في نطاق هضبة نجد. وفي جمهورية مصر العربية تختلف كذلك الأقاليم الواقعة في وادي النيل اختلافاً واضحاً، في كافة المظاهر الطبيعية والبشرية، عن الأقاليم البعيدة عن الوادي.

والموقع الجغرافي عنصر غير ثابت، حيث تتغير أهميته من فترة لأخرى نتيجة لعدة عوامل، أهمها تطور وسائل النقل المختلفة وبخاصة النقل البحري، الذي أعطى أهمية كبيرة لموقع المحيط الأطلسي وجنوب القارة الأفريقية، كذلك أكسب شق قناة السويس البحرين المتوسط والأحمر أهمية كبيرة، كما أعطى للعديد من الموانئ أهمية كبيرة، لموانئ بورسعيد، والسويس، وجدة، وعدن، ومالطة، وتغيرت كذلك أهمية موقع السواحل الغربية للأمريكتين بعد شق قناة بنما.

أمّا بالنسبة للموقع الإستراتيجي فهو ينقسم إلى قسمين:

الأول: موقع الدولة أو الإقليم وسط منطقة التوتر الدولي، مثل العالم العربي، وأوروبا، وجنوب شرق آسيا، حيث يقوم الصراع بين الدول الكبرى على السيطرة عليها لما تتمتع به من موارد طبيعية ومصادر ثروة ضخمة من جهة، ولأهميتها في سهولة الخروج إلى البحار الدولية والمحيطات من جهة أخرى. ونتيجة لهذا، تعرضت هذه الأقاليم لحروب عدة، فقد شهدت أوروبا العديد من الحروب، أهمها الحربان العالميتان الأولى والثانية، ومر العالم العربي بحروب عديدة، وكذلك جنوب شرق آسيا، التي مرت بسلسلة من الحروب، استمرت ما يقرب من ثلاثين عاماً.

الثاني: وتمثله المضايق البحرية، التي تصل بين مسطحين مائيين، مثل مضيق جبل طارق، وباب المندب، والبسفور، والدردنيل، وقناة السويس، وقناة بنما، ونظراً لأهميتها الإستراتيجية، أصبحت محط اهتمام الدول الكبرى، وبالتالي أصبحت الدول، التي تقع فيها هذه المضايق عرضة للغزو الاستعماري والاحتلال الطويل، مثل مضيق جبل طارق وقناة بنما.

وكان للموقع الجغرافي دور مباشر في تمتع العالم العربي بتكامل بيئي، أسهم في تحديد ملامح شخصيته الجغرافية، وفي تفاعله مع الأحداث والقوى العالمية طوال التاريخ.

موقع العالم العربي الجغرافي وأهميته

تمثل دائرة العرض 30 َ 37ه  شمالاً أقصى امتداد للعالم العربي شمالاً (خط الحدود الشمالي لسورية مع تركيا)، وتمثل دائرة العرض 2ه جنوباً أقصى امتداد للأراضي العربية ناحية الجنوب (خط الحدود الجنوبي للصومال مع كينيا)، ومعنى ذلك، أن العالم العربي يمتد من الشمال إلى الجنوب  في حوالي 30َ  39ه دائرة عرضية، أي يمتد لمسافة تزيد على 4500 كيلومترٍ، كما تمتد الأراضي العربية بين خطي طول 15ه غرباً (عند رأس نواذيبو في موريتانيا) و60ه شرقاً (عند رأس الحد في سلطنة عُمان)، أي أن الأراضي العربية تمتد في حوالي 75ه خط طول، مما يمثل مسافة تقدر بنحو 7500 كيلومتر، كما توضح (خريطة موقع العالم العربي).

وتبلغ مساحة العالم العربي حوالي 13943488 كيلومتر مربع، موزعة بين قارتي أفريقيا (10148000 كيلومتر مربع بما يعادل 72.06 % من جملة مساحة العالم العربي)، وآسيا (3895488 كيلومتر مربع تمثل 27.94 % من جملة مساحة الأراضي العربية).

ومن تتبع خريطة العالم العربي، (خريطة موقع العالم العربي) يمكن ملاحظة الحقائق التالية:

امتداد الأراضي العربية في شكل كتلة متصلة من الأرض، تتوزع على قارتي أفريقيا وآسيا، ولا يفصل بينهما سوى البحر الأحمر، الذي لا يتجاوز أقصى اتساع له 350 كيلومتراً تقريباً، وذلك فيما بين ميناء بورسودان وشمال القنفدة على الساحل السعودي، وبذلك يتمتع العالم العربي بميزة إستراتيجية، لا يمكن التقليل من شانها، وهي ميزة الامتداد والاتصال، التي تؤدي إلى سهولة الاتصال Accessibility بين الأراضي العربية.

أ-

 

عدم تداخل اليابس والماء بصورة كبيرة، حيث لا يتخلل الأراضي العربية سوى مسطحين مائيين، هما البحر الأحمر والخليج العربي. لذا، لا يوجد في المنطقة العربية سوى شبه جزيرة واحدة هي، شبه الجزيرة العربية، التي تأتي في المركز الثاني بين أشباه الجزر الآسيوية بعد شبه القارة الهندية.

ب-

 

قلة عدد الجزر الممتدة أمام السواحل العربية، مثل جزر تيدره في موريتانيا، والزعفران في المغرب، وجزر قرقنة في تونس، وجزر شاكر، والجفتون، وسانت جون في البحر الأحمر في مصر، وجزر صنافير، وثيران، وفرسان في المملكة العربية السعودية، وسوقطرة (سوقطرى) والحنيش الكبير في اليمن، وكوريا موريا (الحلاينات) في عُمان، وفيلكة وبوبيان في الكويت، وجزيرة البحرين، إضافة إلى جزر طُنب الكبرى، وطُنب الصغرى، وأبو موسى، التي استولت عليها إيران[2].

وتتسم بعض هذه الجزر بأهمية إستراتيجية خاصة بحكم موقعها الجغرافي، مثل جزر صنافير وثيران، التي تتحكم في مدخل خليج العقبة، وجزر اليمن، التي تتحكم في باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر[3]، وجزر كوريا موريا في بحر العرب، والجزر، التي تتحكم في مضيق هرمز مدخل الخليج العربي، الذي يمثل مساراً رئيسياً لناقلات النفط المتجهة من منطقة الخليج العربي إلى الأسواق العالمية.

ج-

 

تطل الأراضي العربية على بحرين هامين للملاحة البحرية العالمية، هما البحر المتوسط والبحر الحمر، إضافة إلى الخليج العربي، الذي تعد منطقته أهم مناطق العالم المنتجة والمصدرة للنفط، وقد نتج عن ذلك تحكم بعض الدول العربية في ممرات بحرية هامة وذات تأثير على خطوط الملاحة العالمية، وأهم هذه الممرات قناة السويس، مضيق ثيران، مضيق باب المندب، ومضيق هرمز.

د-

 

تتفق معظم الحدود السياسية للعالم العربي مع حدود وظاهرات طبيعية، مما يزيد من قوة حدوده، ففي الشمال تتفق الحدود مع مرتفعات طوروس، التي تفصله عن تركيا في الجناح الآسيوي، ويمثل البحر المتوسط الحد الشمالي في الجناح الأفريقي، وتتفق الحدود الشرقية مع مرتفعات زاجروس، وكردستان، والخليج العربي، وتتفق الحدود الغربية مع المحيط الأطلسي، الذي تطل عليه كل من المملكة المغربية وموريتانيا. وتمتد الحدود الجنوبية من الشرق إلى الغرب مع المحيط الهندي، وهضبة الحبشة، والصحراء الكبرى على الترتيب.

هـ -

 

يقع العالم العربي في النطاق المناخي الجاف، لذا، لا توجد دولة عربية تخلو أراضيها من الصحراء، باستثناء الجمهورية اللبنانية لصغر مساحتها (انظر ملحق مساحة الدول موزعة على جناحي العالم العربي الآسيوي والأفريقي، ونسبتها المئوية وجملتها)، لذا، يسود الجفاف معظم الأراضي العربية، عدا الأطراف الشمالية والجنوبية، التي تسقط عليها الأمطار، وبالتالي، تتركز المراكز العمرانية في النطاقات، التي تتوافر فيها المياه الجوفية، وبخاصة الواحات، التي تشغل نطاقاً عرضياً، يمتد من الجزائر غرباً إلى المملكة العربية السعودية شرقاً.

و-

 

وكذلك أكسب الموقع الجغرافي، بحقائقه السابقة، العالم العربي عدة خصائص مميزة، أهمها:

سيطرة المنطقة العربية على الطرق الملاحية الرئيسية في العالم طوال التاريخ، وفي الوقت الحاضر، خاصة أن العرب يسيطرون على عدة ممرات ومضايق، تسيطر على أهم الخطوط الملاحية في العالم، وقد تجلت أهمية هذه المضايق خلال فترات الحروب، خاصة الحرب العالمية الثانية، وحروب العرب مع إسرائيل عامي 1967، 1973، إضافة إلى تأثير هذه المضايق المباشر في تحديد حجم الوجود البحري للقوى العالمية، خاصة في المحيط الهندي القريب من منابع البترول في جنوب غرب آسيا، والبحر الأحمر، الذي تجلت أهميته الإستراتيجية خلال الحربين العراقية الإيرانية، التي اندلعت سنة 1980، وحرب الخليج سنة 1990.

أ-

 

كان للموقع الجغرافي للعالم العربي، وامتداده في نطاقات سهلية، ومجاورته لعدد من المسطحات المائية، أكبر الأثر في ظهور الحضارات وانتشارها منذ القدم في جهات عديدة من العالم العربي، حيث انتشرت الحضارة الفرعونية في مصر، وبابل وآشور في العراق، والفينيقية في ساحل الشام، وقرطاجنة في تونس، وحمير، وسبأ، ومعين في اليمن.

ب-

 

أثر الموقع الجغرافي المتوسط للعالم العربي، بين قارات العالم القديم، في انتشار حرفة التجارة بين العرب منذ القدم، حيث مثلت الأراضي العربية، خلال العصور القديمة والوسطى، ممراً رئيسياً لمحاور طرق التجارة القديمة بين قارتي آسيا وأوروبا.

ج-

 

يتميز العالم العربي بموقعه الجغرافي المتوسط بين أسواق التصريف الرئيسية للبترول في العالم، والتي تتمثل في أسواق اليابان، وغرب أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، مما أدى إلى تعاظم أهمية المنطقة العربية، وتزايد ثقلها الاقتصادي والسياسي في عالمنا المعاصر.

د-

 

أسهم الموقع الجغرافي في إكساب سكان المنطقة العربية خصائص جنسية خاصة، وتأثرها بعناصر سلالية مختلفة، أهمها.

 العنصر النوردي: وهو أحد أقسام المجموعة القوقازية، وموطنه شمال أوروبا، ويتركز في الشمال الشرقي من العالم العربي، حيث يوجد الأكراد، وفي الشمال الغربي من بلاد المغرب العربي، حيث يوجد البربر، الذين تظهر شخصيتهم اللغوية والحضارية في النطاقات الجبلية في المملكة المغربية.

ـ

العنصر الأرمني: وهو من  أقسام المجموعة القوقازية أيضاً، وموطنه هضاب أرمينيا (شرق الأناضول)، وتظهر صفات هذا العنصر في الجهات الساحلية لبلاد الشام، وبعض جهات متفرقة من الخليج العربي.

ـ

 العنصر الزنجي: ويتركز في الأطراف الجنوبية من السودان، والصومال، وليبيا، والجزائر، والمغرب، وجيبوتي، وموريتانيا، وبعض جهات متفرقة في شبه الجزيرة العربية.

ـ

 العنصر المغولي: موطنه أواسط آسيا، ويظهر في منطقة مكة المكرمة، وبعض النطاقات الجنوبية والجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة العربية، وانتشر هذا العنصر في المنطقة الأولي (مكة المكرمة)، عن طريق الحجاج الآسيويين، الذين تخلفوا بعد أداء فريضة الحج، في حين انتشر في النطاقات الأخرى عن طريق التجار العرب، الذين كان لهم نشاط تجاري مع أقاليم جنوب شرق آسيا، مما أعطى الفرصة لعدد كبير منهم للتزاوج مع العناصر الأسيوية.

ـ

هـ-

 

(2) التركيب الجيولوجي  

يعد التركيب الجيولوجي العنصر الثاني، الذي تتم من خلاله دراسة الأقاليم، وهو من العوامل، التي تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في إكساب الإقليم بعض خصائصه، مما يؤثر في أنماط استغلال الأرض Land Use، فالعناصر المعدنية المختلفة تدخل في تركيب التربة، وخاصة أكاسيد الحديد، والكالسيوم، والأذون، والفوسفور، والبوتاسيوم، والمنجنيز، وتؤثر في نمط الاستغلال الزراعي، وفي تحديد نوع المحاصيل المزروعة والنبات الطبيعي، الذي يؤثر بدوره في الثروة الحيوانية، وقد تحوي الطبقات الجيولوجية ثروة معدنية، تغير من نمط استغلال الأرض في الإقليم كما هو الحال بالنسبة لدول الخليج العربي بعد اكتشاف البترول.

وتهتم دراسة التركيب الجيولوجي بدراسة ما تحويه الطبقات الأرضية في الإقليم من صخور ومعادن، وتنقسم صخور القشرة الأرضية إلى ثلاث مجموعات رئيسية هي:

(أ) الصخور النارية Igneous Rocks   [4]

وتعرف باسم صخور الصهير  Magmatic، لأنها كانت منصهرة في بداية تكوينها، ثم تصلبت بعد تأثرها بالبرودة، وتتسم بصلابتها الشديدة وعدم مساميتها، ومن أشهر أنواعها الجرانيت، الذي يوجد بكثرة في منطقة الدرع العربي Arabian Sheild   بالمملكة العربية السعودية، وخاصة في جبال أجا وسلمى في منطقة حائل، وبالقرب من مدينة الرس ورياض الخبراء في القصيم.

وتتعدد أهمية الصخور النارية، فيستخدم البازلت في رصف الطرق، والجرانيت في بناء المنشآت الضخمة، ويرتبط بالصخور النارية بعض المعادن الفلزية كالحديد، والنحاس، والقصدير، والرصاص، والكروم، والنيكل.

(ب) الصخور الرسوبية Sedimentry Rocks

سُميت هذه المجموعة من الصخور بهذا الاسم، لأنها تتكون نتيجة لعمليات الإرساب، وهي تتجمع على شكل طبقات متعاقبة فوق بعضها، لذا يطلق بعض الجيولوجيين اسم الصخور الطباقية Stratified Rocks، ويطلق عليها البعض الآخر الصخور الثانوية Secondary Rocks، وذلك لأن معظمها عبارة عن حطام وفتات الصخور النارية الأولية.

وتحتوي الصخور الرسوبية، بصورة عامة، على المعادن اللافلزية، كزيت البترول، والفحم، والكبريت، والفوسفات، والبوتاس، وقد تضم بعض المعادن الفلزية، التي كانت في الصخور النارية.

(ج) الصخور المتحولة Metamorphic Rocks

وكانت في الأصل صخوراً نارية أو رسوبية، لكن نتيجة لتعرضها للحرارة والضغط الشديدين، تحولت من صورتها الأصلية إلى مجموعة صخرية أخرى، بعد أن اكتسبت خواص طبيعية وكيميائية جديدة، ومن ثم يطلق عليها اسم الصخور المتحولة.

وتضم هذه المجموعة الصخرية عدة معادن فلزية، مثل الذهب، والحديد، والنحاس، والكروم، والنيكل، وغير فلزية مثل الجرافيت والاسبستوس.

(3)  تضاريس الأرض Relief

يحتاج  الجغرافي إلى الإلمام الكامل بأشكال السطح، كالمرتفعات، والوديان، ودرجات الانحدار، وزوايا ميل المنحدرات، والأودية النهرية، ويحتاج كل شكل من هذه الأشكال إلى دراسة تفصيلية، لمعرفة أهميته ودوره في المظاهر الطبيعية، والبشرية، والاقتصادية المختلفة.

ولأشكال السطح تأثير كبير في النشاط البشري وتطوره، وخاصة ما يتعلق بالإنتاج الاقتصادي، وتعد السهول أكثر أشكال السطح ملائمة للنشاط البشري من الجهات الجبلية، وبالتالي، أكثر استيعاباً لأعداد كبيرة من السكان، وعلى العكس من ذلك، يقل السكان في المناطق الجبلية، لوعورتها، وشدة انحدارها، وصعوبة اتصالها بالجهات المجاورة، وارتفاع تكاليف إنشاء الطرق المختلفة بها، لعدم انتظام السطح، وضرورة إنشاء الممرات في بعض الأحيان، إضافة إلى انجراف التربة بصفة مستمرة.

وتتوافر في المناطق السهلية كل الظروف، التي تلائم الإنتاج الاقتصادي، وتساعد على تجمع السكان، فاستواء السطح يساعد على حفظ التربة، التي تتسم بجودتها، وخصوبتها، خاصة الفيضية منها، والتي توجد بجوار المجاري النهرية، مما يساعد على قيام الزراعة، ويؤدي تبعاً لذلك، إلى استقرار السكان بأعداد كبيرة، كما يسهل في هذه المناطق، مد الطرق المختلفة التي تعمل على ربط المناطق العمرانية، وتسهل انتقال السكان، لذا، نشأت الحضارات القديمة، وتطورت في مناطق السهول في كل من مصر، والعراق، والهند، والصين.

ويعد التعدين، وقطع الأشجار، والرعي، والسياحة أهم الحرف، التي يمارسها الإنسان في المناطق الجبلية، فالجهات الجبلية أماكن مثالية لاستخراج الموارد المعدنية، لعدم انتظام سطحها، وتضرسه، مما يؤدي إلى سهولة ظهور الخامات المقعرة، على جوانب الأودية. لذا، تعد الجهات الجبلية أساساً مناطق لإنتاج المعادن. وتكسو الغابات بعض السفوح الجبلية، مما ساعد على انتشار حرفة قطع الأشجار، وإنتاج الأخشاب، والورق، والحرير الصناعي، كما هو الحال في جهات كثيرة من قارتي أمريكا الشمالية وأوروبا، وقد تنتشر الحشائش، مما يساعد على ازدهار حرفة الرعي. وتعتبر السياحة حرفة هامة في الجهات الجبلية، حين تنتشر الغابات، وتتساقط الثلوج، التي تكون غطاء دائماً من الجليد، يساعد على ممارسة هواية التزحلق على الجليد، مما يجذب أعداداً كبيرة من السياح. وفي مثل هذه المناطق، تساهم السياحة بدور كبير في الاقتصاد القومي كما في سويسرا ولبنان.

وتؤثر المناطق الجبلية أثراً مباشراً في تكوين جهات صحراوية جافة، وذلك عندما تعترض الرياح المحملة ببخار الماء، والتي تسقط أمطاراً غزيرة، ثم تصبح جافة، عندما تصل إلى الجهات الواقعة في ظلها، مثال ذلك، النطاق الصحراوي الواقع خلف جبال أطلس في المغرب العربي، وحوض تاريم في آسيا، والنطاق الصحراوي في وسط وغرب استراليا.

وقد أدى تباين مظاهر السطح، وما يتبعه من اختلاف في مظاهر النشاط الاقتصادي، إلى قيام حركة تبادل تجاري بين الأقاليم السهلية والجبلية، كما هو الحال في بعض جهات من سويسرا وإيطاليا.

(4) المناخ Climate

يتناول هذا العنصر دراسة الإقليم من خلال عناصر المناخ، من حرارة، وضغط جوي، ورياح، وأمطار، كما يهتم بتحليل العوامل المختلفة، التي تؤثر في هذه العناصر.

ويأتي المناخ في مقدمة العوامل الطبيعية، التي تؤثر في الإنتاج، وأكثرها تحكماً في النشاط البشري، ومرجع ذلك أن قدرة الإنسان على التحكم في هذا العامل محدودة للغاية، وتكاد تقتصر جهوده على التقليل من تأثير العناصر المناخية ومحاولة التكيف معها.

وللمناخ تأثير مباشر في تخلف الإنسان في الأصقاع القطبية، حيث تنخفض درجة الحرارة طوال العام، وفي المناطق المدارية، حيث تقترن الحرارة المرتفعة مع الرطوبة العالية، مما يقلل من قدرة الإنسان على العمل والإنتاج، ويضعف طاقته الذهنية، كما تساعد على انتشار الأوبئة والأمراض المختلفة، التي تصيب الإنسان والحيوان على السواء، ويظهر الأثر غير المباشر في فقر معظم التربات في النطاق المداري، لاحتوائها على نسب محدودة من العناصر العضوية، التي تذوب بصفة مستمرة، بفعل الأمطار الغزيرة.

ويؤثر المناخ أيضاً في توزيع السكان، وتحديد كثافتهم على سطح الأرض، ويتضح ذلك من مقارنة خريطة لتوزيع الكثافة السكانية بأخرى، موضح عليها أقاليم المطر والغطاء النباتي، إذ يتضح انخفاض كثافة السكان بشكل واضح في الأقاليم الصحراوية الجافة، وفي الأقاليم المدارية التي تتسم بغزارة الأمطار وكثافة الغطاء النباتي، بينما على العكس من ذلك، ترتفع كثافة السكان في المناطق المعتدلة.

 



[1]  يمكن تصنيف الموقع إلى سبعة أنماط رئيسية هي أ. الموقع الجغرافي: ويُقصد به موقع الإقليم بالنسبة للظاهرات الطبيعية "ظاهرات تضاريسية كبرى، مسطحات بحرية". ب. الموقع الفلكي، وهو الموقع بالنسبة لخطوط الطول ودوائر العرض، وهو يعطي صورة عن الخصائص المناخية السائدة وما يتبعها من أقاليم النبات الطبيعي. ج. الموقع البؤري Focal Location، ويرتبط بالأرض السهلية، حيث تتجمع فيه خطوط النقل في بؤرة واحدة، كما هو الحال في مدينة باريس. د. الموقع المعقدي Nodal Location، ويقصد به الموقع عند تلاقي بعض الظاهرات الطبيعية كالممرات الجبلية أو الوديان أو عدد من الأنهار. هـ. الموقع المدخلي Gateway (Portal) Location: ويقصد به موقع المدينة عند مدخل الإقليم، مثل الموانئ. و. الموقع المركزي Central Location: وفيه تختل المدينة الوسط الهندسي للإقليم، كما هو الحال بالنسبة لموقع مدينة الرياض بالنسبة للمملكة العربية السعودية. ز. الموقع الهامشي Marginal Location: ويقصد به موقع المدينة في نقطة متطرفة عن الإقليم، وغالباً ما يكون لهذه المدن الوظيفة الدفاعية، مثل مدينة مرسى مطروح في مصر، وحفر الباطن في المملكة العربية السعودية.  

[2]بعد انسحاب الاحتلال البريطاني من منطقة الخليح العربي عام 1971، سارعت إيران إلى احتلال جزيرة أبوموسى، وكانت تابعة لإمارة الشارقة، ثم احتلت جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، التابعتين لإمارة رأس الخيمة.

[3]  يعني لفظ باب المندب، باب الحزن، نظراً لخطورة الملاحة فيه، خلال العصور القديمة لضيقة من ناحية، وكثرة الشعاب المرجانية به من ناحية أخرى.

[4] اتخذت الصخور النارية Igneous اسمها من الكلمة اللاتينية Ignis، ويطلق عليها بعض الجيولوجيين اسم الصخور الأولية Primary Rocks، ذلك لأنها أول صخور ظهرت على سطح الأرض، وتكونت منها قشرة الأرض، في حين يطلق عيها البعض الآخر اسم الصخور المتبلورة Crystalline Rocks، لأنها تتعرض للبرودة التدريجية، مما يساعد على تبلور المعادن.